كيف تكون قائداً محبوباً؟

المواعيد النهائية والضغط والأرقام والاجتماعات كلها تشغل تفكيرك وتقطع اتصالك بمشاعرك، وحتى في المنزل أنت تفكر فيها، وتقضي وقتك على هاتفك وتستجيب للمزيد من الطلبات، فهذه هي حياة المدير التنفيذي؛ لذا من السهل فهم سبب فشل المديرين التنفيذيين في فهم معاناة موظفيهم وتخصيص الوقت الكافي لمساندتهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش التنفيذي "سيمون لوفيل" (Simon Lovell) والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربة أحد عملائه ليصبح قائداً أفضل عبر التواصل مع نفسه.

 ببساطة، "الأنا" المتمثلة بالنفس الزائفة لا تهتم، والمشكلة في هذا أنَّها تُنفِر الناس منك، فتخسر لاعبين رئيسين من فريقك دون أن تحصل على تغذية راجعة صادقة عن السبب، وهذه هي الحلقة المفرغة التي يعلق فيها المدير التنفيذي الذي يبدو أنَّه لا يكترث لأمر موظفيه، ولكن في حقيقة الأمر هو منفصل عن نفسه وعن محيطه.

من الصعب أن تكون متعاطفاً إذا لم تكن على اتصال بجسدك؛ لذا فإنَّ أول شيء يجب أن تقرره هو ما إذا كنتَ جاداً بشأن تغيير أسلوبك في القيادة ومستعداً لإدراك كمية العمل التي يجب عليك إنجازها يومياً لإنعاش الاتصال بمشاعرك.

أحد عملائي، وسأدعوه هنا "مايك" (Mike)، هو المدير التنفيذي لشركة اتصالات تبلغ قيمتها 30 مليون دولار سنوياً ويعمل فيها حوالي 200 موظف، وطلب مساعدتي لأنَّه كان يشعر بالإرهاق وأنَّه لم يَعُد يهتم بشركته ولأنَّ علاقته مع شريكه كانت تتداعى، وكان أهم الموظفين يغادرون الشركة، وشعر بأنَّه عاجز.

قال لي: "سيمون، لا يستمع الموظفون لي، ويُشعِرُني ذلك بالإحباط الشديدخسر "مايك" احترام فريقه، فهو لم يتمتع باتصال عميق مع جسده، ولهذا لم يكن في مقدوره الإصغاء إلى إشارات جسده حين أخبره بأن يأخذ إجازةً ويعيد شحن طاقته، كان مصدر مطالبه من فريقه هو عقله، ونتيجةً لذلك، كانوا يقطعون اتصالهم به، فكانوا يعملون، لكنَّهم لم يكونوا متصلين به؛ وذلك لأنَّه لم يكن متصلاً بنفسه.

شاهد بالفديو: 8 صفات يتفرّد بها القائد المتميّز

لتطوير تعاطف "مايك" وذكائه العاطفي، وفي النهاية، اتصاله مع الآخرين، طلبتُ منه ممارسة جلسات تأمل مصممة خصيصاً للقيادة مدتها ستة أسابيع يرتفع مستواها يومياً، وكانت جزءاً من روتين يهدف إلى دفعه ليبدأ نهاره بطاقة مختلفة، بحيث يكون متصلاً مع نفسه، فمن الشائع جداً أن يبدأ المديرون التنفيذيون نهارهم مستغرقين تماماً في أفكارهم، فيعملون دون وعي من لحظة اتصالهم بأجهزتهم، لكنَّ هذا خطير للغاية؛ وذلك لأنَّ عادة الانفصال غير الصحية هذه تزود سوءاً مع مرور الوقت وتصبح الحالة الطبيعية، ولا يعود لديك مرجع لتقارنها به، فتصبح أنت هي وتطغى على شخصيتك.

حين بدأ "مايك" يثق بي، بدأ بإخباري عن بعض التحديات الأخرى في حياته، وواحدة منها إدمانه؛ إذ من الشائع أن يحتاج المديرون التنفيذيون الذين تشغلهم أفكارهم إما إلى تعاطي مواد مدمنة أو السعي إلى الحصول على جرعة من الدوبامين أياً كان مصدرها لتخفيف آثار القلق والضغط والتوتر في أجسادهم؛ وذلك لأنَّهم لا يعرفون طريقةً أخرى لفعل ذلك، وبما أنَّ نقيض الإدمان هو الاتصال، فبمجرد أن اتصل "مايك" بجسده لم يَعُد بحاجة إلى الأدوية التي كان يتناولها وتوقَّف عن تناولها خلال فترة زمنية قصيرة.

حين بدأنا العمل على تعبيره عن نفسه وعلاج ماضيه وتفحُّص معتقداته، بدأتُ أتعلم أنَّ "مايك" وجد صعوبةً كبيرة في التعبير عن مشاعره بهدوء لموظفيه، وبسبب الضغط وتراكم آثار انفصاله عن مشاعره وتركيزه على عقله، كان يبدو شخصاً عدوانياً، فصَعُب على "مايك" أن يكون هادئاً في جسده وصادقاً ومنفتحاً، فهي طريقة تصرُّفٍ لم يختبرها حقاً في حياته بسبب طفولته وتربيته.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لكي تعبر عن مشاعرك بالطريقة الأمثل

حين بدأ "مايك" بالانفتاح والتحدث عن الأمور التي كانت تحصل في الشركة وسمح لنفسه بأن يكون ضعيفاً، بدأ يكتشف الأمور التي كانت تُحدِث حقاً مقارنةً بالأمور التي شعرَ فريقه بالأمان لإخباره بها، فهناك مفعول سحري حين يبادر الشخص بالانفتاح؛ حيث يستريح الناس ويبدؤون بالتحدث بصراحة، ومن هنا، يمكنك حقاً العمل على حل المشكلات واتخاذ قرارات فعالة، فيجتمع الجميع ويعملون معاً لنقل الشركة إلى حيث يجب أن تكون لأنَّهم يهتمون أكثر، ويجب أن يهتم المدير التنفيذي بما هو أكثر من الأرقام والأهداف، فالانتباه للآخرين وملاحظة المشكلات التي قد يعانون منها هو مفتاح المدير التنفيذي الواعي، لكنَّك لا تستطيع ببساطة أن تلاحظ الآخرين ما لم تكن على اتصال بجسدك أنت أولاً.

يغادر الموظفون الشركات لأسباب عدة، لكنَّك حين تفتقر إلى التعاطف ستخسر موظفيك لأسبابٍ خاطئة، فإذا لم يشعر الموظفون بالحرية في التعبير عن معاناتهم بسبب رد الفعل العاطفي السلبي المحتمل من مديرهم التنفيذي، فسوف يغادرون في النهاية بحثاً عن قائد يريد فهمهم والاستماع والتواصل معهم بطريقة صحية.

إذا كنتَ تواجه صعوبةً في الإحساس بمشاعرك والتواصل مع الآخرين، فاعلم فقط أنَّه يمكنك ذلك، لكنَّك لم تستثمر قدرتك هذه بَعْد، لكن بمجرد فعلك ذلك، سيشجع سلوكك الجديد موظفيك على بذل طاقتهم كاملةً؛ وذلك لأنَّهم سيتمكنون من التحدث مع مدير تنفيذي حاضر معهم في اللحظة ومُتفهِّم ويبدو مهتماً حقاً بحياتهم.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتعزيز مهارات التواصل مع الآخرين

تبدأ الأعمال القائمة على المشاعر والقيادة الواعية من القمة وتنتشر حتى تصل إلى بقية الشركة، وفي النهاية، ستكون أنت أيضاً أسعد؛ وذلك لأنَّنا جميعاً نتوق إلى الاتصال، حتى حين لا نعرف كيف نحصل عليه.

المصدر




مقالات مرتبطة