كيف تقلل مشاكل العمل من توترك؟

الحياة مُجهدة، ونحن البشر نحاول أن نبذل قصارى جهدنا، فنحن نتحمَّل فوق طاقتنا، ونحاول إخفاء توترنا بكثير من الطرائق، لكن يبقى التوتر ظاهراً علينا. قد نشعر دائماً بالتوتر في كل وضع، وهذا يعود إلى طبيعتنا الفيزيولوجية؛ الكر أو الفر، فلقد بنينا مجتمعاً عن أنفسنا يرفض آليتنا التطورية؛ إذ نكون دائماً في حالة مستمرة من الشعور بقليل من التوتر، وبعد ذلك، عندما تسوء الأمور، ترتفع مستويات التوتر لدينا إلى أعلى مستوى، فمن المُمكن الحد من هذا التوتر الخفيف؛ بالتأمُّل، والشعور بالامتنان، والمجتمع، والوعي العام.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، يُحدِّثنا فيه عن كيف أنَّ مشكلات العمل تقلِّل من توتر أعصابك.

لكنَّنا سنتحدث في هذا المقال عن التوتر الذي لا يسمح لك بالنوم في الليل، ويوقظك في الساعة الثانية صباحاً، مشوَّشاً، معتقداً أنَّك نسيت أن تفعل شيئاً، فقط لإدراك أنَّه ليس شيئاً واحداً، لكن وضع حياتك بالكامل هو الذي يزعجك.

من حيث الجوهر، هو نوع التوتر الذي يظهر في أي وقت نتخذ فيه قراراً يغيِّر حياتنا، أو لا نتَّخذ قراراً عندما نعلم أنَّه يجب علينا ذلك، وبالنسبة إلى أولئك الأشخاص المغامرين، يمكن أن يكون هذا النوع من التوتر حدثاً يومياً، لكن مثل القدرة على تقليل مستوى التوتر المنخفض بممارسة تأمُّل اليقظة الذهنية، يجب أن تكون هناك طريقة يمكننا عن طريقها مكافحة هذا النوع من التوتر الشديد، لكن كيف؟

إليك هذه الخطوات الثلاث:

1. محاولة حل المشكلة:

عندما نشعر بتوتر شديد، فعادةً ما يكون ذلك بسبب مشكلة معيَّنة لها تداعيات جذرية على حياتنا، فتكون الخطوة الأولى لتقليل التوتر هي تحديد هذه المشكلة، ومن المدهش كم من الوقت يُمضي الناس دون محاولة تحديد سبب توترهم، أو عدمه، فكيف يمكننا إيجاد حل لمشكلة لا نعلم أنَّنا نواجهها؟

إذ إنَّ التوتر الشديد هو نتيجة حتمية للحياة التي تتَّجه نحو نتيجة غير معروفة يمكن أن ينتهي بها الأمر إلى فشل كبير؛ إذ تتصوَّر عقولنا التي تشعر بالقلق كل مأزق محتمل في المستقبل، وتتسبَّب في قلقنا بشأن مسار حياتنا؛ ولذلك، من أجل التفوق على أنفسنا، نحتاج إلى تحديد هذا التوتر، ثمَّ العمل على تجنُّبه؛ إذ إنَّ بدء استثمار ذي مردود أمرٌ مرهقٌ، وبدء أي عمل تجاري أمر مرهق.

لكن بما أنَّني بدأت مع شركات ذات مجموعة متنوعة من التدفقات النقدية، فسألتزم بما أعرفه؛ إذ إنَّه عادة ما تؤدي المخاطرة في إدارة الأعمال بدوام كامل إلى انخفاض الدخل، وأحياناً ينخفض إلى الصفر.

وعلى الرَّغم من أنَّ الدخل لم ينخفض إلى الصفر؛ إذ كان لدينا عميل أو اثنان منذ البداية، فقد انخفض جداً، وقلقنا بشأنه، وبعد ذلك، كما ذكرت من قبل، استغرق العمل وقتاً أطول بكثير ممَّا توقعنا للبدء بكسب المال ولفت نظر العملاء، ولكنَّنا ما نزال في طور لفت انتباه العملاء، وسنظل دائماً على الأرجح.

هذا يعني، أنَّ مدخولي كان يأخذ وقتاً أطول للارتفاع إلى المستوى الذي كنت أكسبه سابقاً والذي كان مرهقاً جداً، وجعلني أتساءل عمَّا إذا كانت الشركة ستعمل على الإطلاق، وجعلني ذلك أعتقد أنَّني قد أضطر إلى مغادرة مدينة "سان فرانسيسكو" (San Francisco) بحثاً عن مدينة ذات تكلفة معيشية معقولة.

كما أجبرني ذلك على إعادة النظر في شغفي بإدارة الأعمال؛ فلم أكن أريد أن أكون الرجل الذي لا يستطيع دفع الإيجار، وكان جميع أصدقائي يدفعون ثمن المنازل، ولكنَّني عرفت في أعماقي أنَّ نمط حياة الوظيفة التقليدية لا يناسبني، ولقد حاولت ولم يعجبني الأمر.

بالتأكيد، كان في إمكاني التوقف عن التذمُّر والانضمام إلى رتب الشركة، والرجوع إلى نمط الحياة الروتيني؛ إذاً ما العمل؟ لقد واجهت مشكلة حقيقية؛ إذ إنَّه قد ينفد منِّي المال قبل أن يصبح عملي ناجحاً؛ فقد تسبَّبت هذه المشكلة في كثيرٍ من التوتر، ومع ذلك، كنت أعلم أنَّ المشكلة الحادة التي كانت تسبب توتري الشديد كانت ملاءتي المالية.

شاهد: كيف نتخلص من التوتر في ظل الأجواء الصعبة التي نعيشها؟

2. البداية من نقطة النهاية:

عندما تواجه مشكلة مُسبِّبة للتوتر، فعادة ما يكون ذلك أمراً تقلق بشأنه في المستقبل؛ أي هل سأكون مفلساً؟ وإذا كانت هذه هي الحالة، فمن الأفضل أيضاً تحديد هدفك بوضوح، بالإضافة إلى مشكلتك، وغالباً ما يكون السعي وراء نفس الأهداف هو الذي يُظهِر المشكلة في المقام الأول؛ ولذلك، من الهام معرفة ما إذا كنت تتَّجه إلى هدفك أم لا.

فإذا كنت تتَّجه نحو هدفك، فقد يكون من الممكن تجنُّب المشكلة، لكن كن صادقاً مع نفسك؛ وذلك من أجلك، فلا تتوقَّف في سعيك فقط لوجود عقبة تقف في وجهك، ومع ذلك، هذا لا يغير ضرورة تحديد هدفك، فحدِّد حياتك المثالية، وكيف تبدو؟ وما الذي سيجعل حياتك ناجحة، بالنسبة إليك؟ والجواب هو أهدافك، وعندها تبدأ المشكلات.

فالمشكلة الأولى هي أن تكون شجاعاً لمتابعة أهدافك فعلياً، وكتابة السيناريو الخاص بك، لكن هذا سهل، ولنفترض أنَّنا تجاوزنا هذا النموذج؛ لذلك، في أثناء رحلتك في تحقيق هدفك، ستواجه بالتأكيد المشكلات التي لم تكن مرئية في البداية، فما هي تلك المشكلات؟

عليك أن تقوم بتحديدها، فابدأ بالتفكير فيها على أنَّها مواقف أو ألغاز يتعيَّن حلها؛ إذ سيكون بعضها بسيطاً ويمكن تفاديها بسهولة، وبعضها الآخر سيكون معقَّداً، وتُعَدُّ أسباباً للفشل.

بالنسبة إليَّ، كانت المشكلات البسيطة تتمثَّل في أشياء؛ مثل: لا أعرف كيفية إجراء مكالمة مبيعات، أو أفتقد وجود زملاء في العمل، وهذه المشكلات حلولها بسيطة، فكل ما كان عليَّ فعله هو استئجار مساحة عمل مشتركة، وإجراء المزيد من مكالمات المبيعات في وقت قصير بقليل من الانتباه، وهكذا يتم العمل.

لكنَّ المشكلات المعقدة كانت أصعب بكثير؛ مثل: كيف ستنجح شركتي؟ وكيف يمكنني تحمُّل تكاليف العيش في مدينة "سان فرانسيسكو" (San Francisco)؟ وتُعَدُّ هذه مشكلات من الممكن أن تغيِّر حياتك، ولكنَّ المشكلات - بصرف النظر عن الحجم، وبحكم التعريف - لها حلول؛ فكل ما عليك فعله هو إيجاد هذا الحل.

إقرأ أيضاً: النجاح في تحقيق الأهداف: 8 طرق تسهّل عليك الطريق لتحقيق أهدافك

تقلُّص مدخراتي المالية:

إذا أخذنا مثالي مرة أخرى؛ فقد كنت قلقاً من تقلُّص مدخراتي المالية قبل أن تصبح شركتنا قادرة على الوفاء بها، ويتألَّف الموقف من مشكلتين: كيف يمكنني زيادة مدخراتي لأمنح نفسي المزيد من الوقت؟ ومشكلة ثانية، ما هي الخطوات التي يجب أن أتخذها لبناء شركة ناجحة؟

المشكلة الأولى كانت أسهل في الحل ممَّا كان متوقعاً؛ إذ إنَّني أكتب مقالات مالية لموقع "إنفيستوبيديا" (Investopedia) مدفوعة الأجر، وإذا تعاملت معها وكأنَّها وظيفة جانبية، فمن الممكن أن أزيد مدخولي جيداً، وحين لم أتمكَّن من التركيز عليها لساعات؛ فقد كان هدفي الأول هو إدارة شركة ناجحة، فإنَّ الوظيفة الجانبية، إلى جانب مدخراتي واستثماراتي وتقاعدي، أعطتني مجالاً لمدة عام واحد، وعلى افتراض أنَّني عملت على شركتي كعمل بدوام كامل، وهذا أيضاً على افتراض أنَّ شركتي لم تحقِّق أرباحاً، لكن في الحقيقة كنت أستعد للأسوأ.

لكن، نظراً لإيماني بنفسي، كنت أعلم أنَّ عاماً واحداً كان متحفظاً جداً، وهو أمر منطقي بصفتي رجلاً مالياً بسبب خبرتي في التجارة؛ ولذلك، تمكَّنت من حل المشكلة الأولى؛ إذ كان لديَّ عام لحل المشكلة الثانية، التي من شأنها أن تحلَّ المشكلة الأولى تلقائياً؛ إذاً كيف نبني شركة قادرة على إعطاء مردود؟ لذلك، بدأت من نقطة النهاية.

إقرأ أيضاً: 12 تطبيقاً تساعد في تخفيف الشعور بالقلق والتوتر

3. فهم النتائج المركَّبة:

لقد اكتشفتُ في وقتٍ مبكِّرٍ جداً، أنَّ ما كنت أفعله لبناء شركتي يعطي النتائج المطلوبة، وكانت المشكلة الوحيدة هي أنَّ دورة المبيعات تستغرق وقتاً أطول من المتوقَّع، لكن طالما كانت دورة المبيعات أقل من عام؛ وهو ما كانت عليه، ويمكن التعاقد مع أكثر من عميل واحد، وهو ما يمكنني فعله، فربما كان لدي عمل تجاري ناجح، وأيضاً مردود مالي غير محدود قبل نفاد المال.

وهذا يعني أنَّني اضطررت إلى الاستمرار في إجراء مكالمات المبيعات هذه، والاستمرار في تقبُّل الرفض، ومواصلة التعلُّم، ومحاولة الحصول على مكالمات مبيعات أفضل، والتعاقد مع العملاء، ومن ثمَّ تقديم القيمة، فهل أعترف أنَّني لم أحل المشكلة في ذلك الوقت؟ نعم أظنُّ ذلك، فقد وضعت تاريخ انتهاء محدد وخارطة طريق، لكن ليس حلاً فورياً، لكن هل قلَّلت من توتري وجعلتني أشعر بالسيطرة؟ بالتأكيد قلَّلت من توتري.

لذلك، عندما تواجه توتراً شديداً، اكتشف المشكلة، وحدِّد القيود، وشُقَّ طريقك، فما الذي يمكنك أن تفعله اليوم، هو الذي سيمنحك بداية سريعة غداً، والذي سيجعلك أكثر نجاحاً في اليوم الثالث، وهكذا حتى تحقق هدفك.

المصدر




مقالات مرتبطة