كيف تعيش بفرح وتتخلص من الحزن؟

كلنا معرضون للخسارة في هذه الحياة، وللخسارة نوعان إما خسارة البشر أو خسارة الأشياء. ولكنَّ الحياة عجلة تدور ولا تتوقف مع الزمن؛ لذلك علينا أن نكون مرنين في التعامل والتعاطي وأن نتمتع بالليونة والقدرة على مواكبة التطورات والأشياء الجديدة واستقبال الحياة بثغر باسم وروح مرحة لا تعرف اليأس أو الاستسلام، وكما قلنا آنفاً، الحياة للأقوياء وليست للضعفاء.



أربع حاجات أساسية لا بد من امتلاكها حتى نواجه الخسارات بشتى أشكالها بطاقة إيجابية مطلقة:

1. تقبل حقيقة أنَّنا خسرنا شيئاً ما لدينا:

من الصحي والطبيعي أن نواجه الخيارات بقلب صلب ثابت شجاع وروح جميلة عذبة.

هكذا يفعل الأشخاص الأقوياء؛ لأنَّ الاستسلام لليأس والشجن والقهر وذرف الدموع لا يغير شيئاً سوى أنَّه يزيد حالتنا سوءاً ويضعفنا ويضعف عزيمتنا وإرادتنا.

لذلك، تقبُّل الحقيقة كما هي برضى وتسليم وإيمان مطلق تشكل أول خطوة في سياسة العيش بسعادة أبدية.

2. اختبار المعاناة من الألم والحزن:

الإنسان ليس خشبة أو حجراً؛ بل هو كتلة من الأحاسيس والمشاعر والعاطفة المتدفقة، والإنسان بطبعه يتأثر بمحيطه وبالأحداث والقضايا، ومن ثمَّ يتأثر بالخسارات الكبيرة والفادحة.

ولكن علينا أن نكون حذرين وألا نسلم العاطفة زمام الأمور؛ بل على العكس تماماً، يجب أن يكون العقل هو المسيطر والمتحكم بالحالة النفسية العاطفية ويحدد كيفية الاستجابة للخسارة والتعامل معها بوعي واتزان وحذر.

المقصود هنا؛ أن نمتلك ميزة الذكاء العاطفي؛ بمعنى أن نوجه عاطفتنا بذكاء وأن نكون محنكين نعرف كيف نضبط منسوب العاطفة والحزن والسعادة.

3. التأقلم مع خسارة أحد الأصدقاء:

كثير من البشر يفقدون أعز ما يملكون من أشخاص كانوا موجودين بدائرة حياتهم وكانوا يقضون معهم أغلى اللحظات الجميلة.

من المؤكد أن نقول إنَّ الفقد مؤلم ومفجع ومن الطبيعي أن نتأثر في البداية؛ لأنَّنا نكون مصدومين ومذهولين بالحقيقة المرة القاسية.

لكن مع مرور الزمن، يهدأ الجرح ويبدأ دور الوعي بأن يتوصل الإنسان إلى نتيجة هامة، وهي أنَّ كل إنسان معرض لخسارة ما، ووجود الأشخاص في هذا الكون أمر مؤقت لأنَّنا كلنا سنرحل ولا أحد سيدوم أو سيقطع صك الخلود.

لذلك، يجب على الإنسان أن يساير الحياة ويمشي معها على الخط نفسه، ويتأقلم مع الفراغ الذي تركه الأحبة وأن يشكر الله على نعمه الكثيرة ويصلي له ويدعو للأحبة الغائبين.

فالله حين يبتلي عبده بشيء غايته عز وجل أن يمتحن صبره وقدرته على التحمل.

وكلٌّ حسب إيمانه، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف؛ لذلك الإيمان نقطة جوهرية في التصدي للأحزان بقلب واعٍ وعقل فطن وروح عذبة.

4. النهوض من الحزن والبدء بحياة جديدة:

بعد مرور أيام وليالٍ على الحزن والألم والبكاء والمرض ونحول الجسد، يجب أن ندرك حقيقة هامة؛ وهي أنَّ هؤلاء الأشخاص الذين رحلوا الغاية من غيابهم كانت استمراراً لحياة أخرى ولمسيرة أشخاص آخرين، فكل شخص يرحل يترك مساحة لشخص آخر وهنا تبدأ رحلة جديدة ودرب جديد.

أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي هذا لا يعني أن ننكر غياب الأعزاء علينا؛ بل على العكس هذا السلوك نابع من إيماننا المطلق بأنَّ الغياب شيء حتمي وهذه سنة الحياة.

إليك 16 نصيحة سهلة وهي عبارة عن وصفة سحرية للتخلص من الألم والبكاء:

1. خذ نفساً عميقاً واسترخِ قليلاً وبعدها أطلق زفيراً منساباً هادئاً عميقاً:

هذه الطريقة كفيلة بأن تخفف عنك أوجاع الهم ومتاعب الحزن والبكاء والدخول في وضع الاسترخاء والتأمل.

2. ساعد الآخرين ولا تتردد:

مساعدة الآخرين ولو بأشياء صغيرة تمنحك شعوراً بالسعادة والرضى.

لذلك، ساهم بإسعاد الآخرين والاستماع لمشكلاتهم ومعاناتهم، عندها تهون مشكلتك وتصغر أمام آلام الآخرين، واكسب محبة الغير، وكن عوناً ونصيراً للضعيف والمسكين والفقير والمحتاج.

3. احتفظ بالذكريات السعيدة:

لعل أصدقاءك وعائلتك يشكلون المساحة الجميلة المضيئة في حياتك حين ينتابك شعور بالضجر أو اليأس أو حتى البكاء.

اجمع هذه التفاصيل اللطيفة في مخيلتك وطالعها تفصيلاً ثم تفصيلاً، وافتح ألبوم صور وذكريات مع الناس المحبين وتأمل الصور والأشخاص والابتسامات، وسترى المحبة والنور يتدفقان من قلبك وأنَّ حياتك انقلبت من حزن لسعادة.

والذكريات الجميلة تتولد من حفلة عيد ميلاد أو حفلة زفاف أو حفلة تخرج أو تكريم لنجاح أحد الأصحاب، وتذكَّر جيداً أنَّ الذكريات تأتي من أصغر الأشياء وأجملها حتى لو كانت من حلقة دبكة.

شاهد بالفديو: 19 نصيحة للعثور على السعادة في الأوقات العصيبة

4. راقب ضحكات الأولاد:

إن كنت تسكن في حي أو قرية، فراقب الصغار وهم يلعبون الكرة في الساحة، واقتبس منهم الضحكات وبريق العينين والغمازات الساحرة، واحتفظ بها ولا تنسها، فالأطفال هم جنة الحياة وزينة الدنيا وسبب أعيادها.

5. مارس هواياتك المفضلة:

الحياة ليست فقط عملاً وواجبات، فكل إنسان لديه هوايات ونشاطات يحب أن يمارسها من وقت لآخر للتسلية والمتعة وجلب الفائدة والسعادة وتفريغ الطاقة السلبية.

ادمج نشاطات عدة في اليوم الواحد، واقرأ، وتثقف، وارسم، واعزف بيانو أو أيَّة آلة، واكتب مذكراتك أو أي شي آخر، واسمع موسيقى كلاسيكية، وأَعِدَّ وجبة عشاء لذيذة، واصنع الكيك وتمتع بمذاقه، ورتب ملابسك، وتعلَّم التطريز.

6. تناول الأطعمة اللذيذة:

كُلْ كلَّ ما يشتهي قلبك من مأكولات شهية، فالوجبات اللذيذة قد ترفع منسوب السعادة لديك، واذهب إلى عشاء عمل، أو ادعُ صديق لك على الغداء في مطعم يقدم مأكولات لذيذة، أو كافئ نفسك بوجبة بيتزا أو باستا شهية أو بشطيرة جبنة أو بوجبة البطاطس المقلية مع السمك والأرز.

7. تجاوز العقبات:

لا تتوقف عن السير عندما تواجه مطباً؛ بل على العكس تجاهل المصاعب واشحن نفسك بالإرادة والطاقة كلما أصابك اليأس، وحصن نفسك من الأسى بالنسيان، فالنسيان نعمة من نعم الله تكرم بها على الإنسان.

8. سافر لبلاد أخرى:

السفر هو الحل الأمثل لتغيير الروتين والخروج من الاكتئاب المزمن والمزاجية المفرطة، فاذهب لوحدك أو مع أحد ما تحبه إلى بلاد أجنبية كأستراليا مثلاً؛ حيث الطبيعة الساحرة والأجواء الملائمة لتحصل على قليل من الراحة والسكون.

9. استمع للموسيقى:

الموسيقى الهادئة واللحن الجميل من شأنه أن يهدئ الأعصاب ويصعد بك إلى حالة من النشوة والسعادة بعد أن كنتَ غارقاً باليأس والهم، فانتقِ الموسيقى بعناية، فإنَّها دواء الروح.

إقرأ أيضاً: 10 أشياء عجيبة تحدث لجسمك عند الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية

10. مارس الرياضة:

أفضل الأوقات للعب التمرينات الرياضية هي فترة ما بعد الاستيقاظ، فلا داعي لإهمال الرياضة والقيام بحركات لطيفة تفيد الجسم وتعيد له النحافة، كما أنَّها تعدل مزاجك وتنظف عقلك من الأفكار السلبية المزعجة.

11. شاهد فيلماً سينمائياً رومانسياً ولطيفاً:

من الجيد والصحي أن تبقى على اطلاع مع السينما، وتعاصر أهم الأفلام والمنتوجات.

احرص على مشاهدة أفلام الحب، فإنَّها تشعرك بالطمأنينة والهدوء، واصنع لنفسك كيك بالشوكولا وأنت تتابعه حتى تخلق جواً مسلياً لك.

12. تعامل مع شريك حياتك بذكاء وحنكة:

إن كنتَ متزوجاً، فكن حنوناً وليناً ولطيفاً مع شريكك، وحاول أن تطيع أوامره، فينفذ لك رغباتك ويلبي لك احتياجاتك.

لذلك، دلل شريكك، واحرص على رضاه، وكن رومانسياً معه، فإنَّه يزداد حباً وتعلقاً بك.

13. تجنب كل ما هو مزعج لك:

إذا كان في حياتك أشخاص غير مريحين أو حسودين أو نمامين أو حقودين أو هدفهم إزعاجك لأسباب مجهولة، فقم بالتخلي عنهم وأخرجهم من دائرة حياتك بلطف وهدوء.

14. سجل النعم والعطايا التي تكرم الله عليك بها:

اجلب ورقة وقلم واكتب عليها الأشياء التي منحك الله إياها، فكلنا نملك هبات وعطايا جميلة من الخالق تكسبنا شعوراً بالسعادة والرضى؛ كوجود الأهل في حياتنا أو الأصدقاء أو التفوق، أو أشياء أخرى وهبنا إياها؛ كالملكات والمهارات والقدرات الإبداعية.

15. استحم وضع عطراً جميلاً:

إن كنت تعيش أجواء من التوتر، فأسرع وقم بحمام هني لطيف واغمر جسدك بمياه ساخنة، فالحمام يجلب لك الاسترخاء والهدوء.

اشترِ زجاجة عطر ذات رائحة لطيفة ومثيرة تبعث فيك الشعور بالرغبة وجذب الآخر وتشعرك بجمالك.

إقرأ أيضاً: 6 أخطاء شائعة ترتكبها عند رش العطر

16. تحدَّث إلى صديق قديم لم تسمع أخباره منذ مدة:

كلنا يراودنا شعور الحنين للماضي ولأصدقاء لطيفين كانوا موجودين بخريطة حياتنا ولم نعد نراهم منذ زمن طويل.

لذلك، تكلم على الهاتف وسلم على صديق قديم، ستجد ردة فعله بسعادة، واسأله عن أخباره وأحواله وماذا فعل في هذه السنين الماضية.

الحزن أمر طبيعي يحدث بالفطرة وحتى الاستعداد للبكاء أمر فطري وحاجة ضرورية؛ لأنَّ الحياة مؤلمة أحياناً نكابد فيها خسارات كبيرة، فقد يصل إلينا الأمر لأن نخسر صحتنا أو مالنا أو حتى أولادنا الذين هم أفلاذ أكبادنا ومهجة فؤادنا.

خطوات للتغلب على الحزن الأسود الذي قد يعتريك:

1. البكاء بصوت عالٍ:

انظر أمام المرآة، وعرِّ نفسك من الداخل، وأظهر كل مشاعرك الحقيقية وكبتك المدفون، ترى الدموع تنهمر من عينيك بشدة، وبعد ذلك تسترخي؛ لأنَّ هرمون السعادة يبدأ بالنشاط.

هناك مقولة شائعة تقول بأنَّ البكاء للضعفاء، وهذا قول خاطئ؛ إذ إنَّ البكاء يحتاج إلى الجرأة والقدرة على تعرية المشاعر وكشف الجراح على العلن وإظهار الآلام على حقيقتها دون أي زيف.

2. الهروب إلى الموسيقى:

أثبتت الدراسات والإحصائيات في العقود الثلاثة الماضية أنَّ الموسيقى مهدئ للأعصاب ومنوم للجسم، وأنَّها توصف كعلاج من قِبل الأطباء النفسيين.

فهناك أناس مغرومون بالموسيقى ويؤمنون بأنَّها العلاج الحقيقي للحزن العميق، فالجأ للموسيقى الغربية، وخاصة الكلاسيكية، واسمع سيمفونيات "بيتهوفن" و"موزارت".

3. ممارسة اليوغا:

إلى جانب الرياضة، هناك تمرينات مخصصة للاسترخاء وترك فسحة للتأمل والهدوء والتفكير المنطقي السليم، فمارس التمرينات التي تعطيك فرصة للتأمل والتركيز وتفتح لك آفاقاً جديدة.

إقرأ أيضاً: اليوغا: تعريفها، وفوائدها، وتحذيراتها، وأهم وضعياتها

4. تثقيف نفسك:

كلنا نحتاج إلى أن نتزود في حياتنا بالعلم والمعرفة، ووحدها المعرفة بستان الحكمة؛ لذلك، طالع وتثقف واقرأ الصحف والمجلات، فإنَّها تساهم في تغيير حياتك وتشكيل عالمك الداخلي.

في الختام:

السعادة هي من صنع الإنسان تبدأ بقرار ذاتي واعي ومسؤول، وتحتاج إلى إرادة والقدرة على تجاهل الصعوبات مهما كانت في العمل، وفي العائلة، وفي الحياة عموماً.

اصنع سعادتك كما لو أنَّك تصنع قالب حلوى واحرص على أن تكون المكونات صحيحة والطريقة سليمة، فبذلك تحصد حياة جميلة ومتزنة وهادئة تنعم فيها بالراحة والسكون النفسي وتقطف ثمار النجاح.

ولا تدع الحزن يأكل روحك ويقضي على عزيمتك ويضعف من شخصيتك، فلا تكن ضعيفاً ولا تستسلم، فالحياة معركة مستمرة وصراع دائم بين الخير والشر، وآمن بمقولة أنَّ القوي هو من ينتصر بالنهاية ولا شيء يعلو فوق الحق ومن اتكل على الله فلا يعش خائباً مخذولاً في حياته.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة