كيف تعزز مشاركة الموظفين من خلال العمل التطوعي

يُعَدُّ التطوع - في جميع الأوقات - أفضل طريقة شائعة للشركات لإثارة اهتمام الموظفين بأهدافها، فهو لا يمنح الموظفين إحساساً بالتأثير الشخصي والاجتماعي فحسب؛ بل ويساعد الشركات على تعزيز ثقافة تربط الموظفين ببعضهم بعضاً من خلال تعزيز رغبتهم في فعل الخير.



بالإضافة إلى ذلك توجد الكثير من الفوائد التجارية، بما في ذلك الفرص المتاحة للموظفين لبناء مهارات جديدة حول القيادة وتطوير المواهب الوظيفية المتعددة التي قد لا تكون جزءاً من أدوارهم اليومية، وزيادة التعاطف والانتماء، ولكن في هذا الوقت من التباعد الاجتماعي يُعَدُّ التطوع إحدى النشاطات العديدة التي عمَّتها الفوضى.

منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن جائحة "كوفيد-19" (COVID-19) العالمية في شهر آذار/ مارس، شهدت شركة "بينيفتي" (Benevity) انخفاضاً في معدل تطوع الشركات، وعند فحص البيانات من أكثر من 500 شركة بين 1 شهر آذار/ مارس و30 شهر نيسان/ أبريل، وجدنا أنَّ ساعات العمل التطوعي التي سجلها الموظفون انخفضت بنسبة 12% في شهر آذار/ مارس و20% في شهر نيسان/ أبريل؛ وهذا يعكس تأثير التباعد الاجتماعي في النشاطات الشخصية التقليدية.

توجد بعض التحديات التي تواجه المنظمات غير الربحية والشركات في تطوير برامجها لإيجاد طرائق أكثر إبداعاً للتطوع، وفي الوقت نفسه تحتاج المنظمات غير الربحية والمجتمعات الضعيفة إلى المساعدة بشكل عاجل أكثر من أي وقت مضى، ووفقاً لتقرير جديد صادر عن منظمة "غايد ستار" (GuideStar)، تعمل 50% من المنظمات غير الربحية على أقل من شهر واحد من الاحتياطيات المالية.

تحتاج الشركات التي ترغب في إشراك موظفيها في مبادرات قائمة على الهدف إلى تغيير استراتيجياتها. وفيما يأتي بعض النصائح العملية لإشراك الموظفين في التطوع والحفاظ على استمرار البرامج، حتى في ظل التباعد:

1. أصغِ أولاً ثم تصرَّف:

من الطبيعي أن يتوق الموظفون إلى المساعدة في أوقات الأزمات، ولكن قبل الانطلاق في العمل من الهام أن تتوقف الشركات لفترة كافية لتفهم بوضوح ما هو الأفضل لموظفيها ومنظماتها غير الربحية، وهذا يتطلب أن يصغوا أولاً.

ما الذي تحتاج إليه المنظمات غير الربحية الآن على وجه التحديد؟ وماذا ستحتاج في الأشهر الثلاثة القادمة وفي العام القادم؟ ستكون الإجابات عن هذه الأسئلة مختلفة حسب المنظمة، وبالنسبة إلى بعض المنظمات غير الربحية، فإنَّ التطوع الافتراضي ليس بالأمر الجديد، وستكون سعيدة بوجود متطوعين جدد على الفور.

ربما ما يزال بعضها الآخر يجد صعوبةً في تطبيق الأنظمة والعمليات التي تُمارِس عن بُعد تطبيقاً صحيحاً، وقد يشعر بعضها بسهولة بالارتباك الشديد في الوقت الحالي للتواصل مع الشركاء من الشركات حتى يُتاح لهم بعض الوقت لمعرفة الخطوات التالية، في ندوة إلكترونية تطوعية افتراضية حديثة شملت قادة برامج من شركة "أكسنتشر كندا" (Accenture Canada) و"مختبرات دولبي" (Dolby Laboratories) ومنظمة "فولنتير ماتش" (VolunteerMatch)، اتفق المشاركون جميعهم على أهمية الإصغاء والسعي إلى الحصول على آراءٍ من كلٍّ من الموظفين والشركاء غير الربحيين، وتختلف المرحلة التي وصل إليها كل شخص نحو التكيف مع الواقع الجديد، وفي ظل ذلك يُعَدُّ الصبر وتُعَدُّ المرونة مفتاحَين أساسيَّين.

2. قدِّم المكافأة للمشاركين بالتطوع الافتراضي:

يميل الكثير منا إلى التفكير في التطوع كنشاط شخصي مثل تقديم وجبة في مطبخ محلي أو القراءة للأطفال في مكتبة، ولكنَّ هذا ليس هو الحال دائماً، وتوجد الكثير من الطرائق التي يمكن للأشخاص من خلالها مشاركة مهاراتهم أو التبرع بوقتهم افتراضياً؛ سواءً كان ذلك من خلال شيء مثل التدريس أم خدمات المنتورينغ عبر الإنترنت أم من خلال مساعدة المنظمات غير الربحية على المهام التي يمكن إجراؤها عن بُعد، مثل تصميم الويب أو خدمات الترجمة.

وتقدِّم بعض الشركات بالفعل نشاطات افتراضية كجزء من برنامجها التطوعي؛ وهذا يُسهِّل للمتطوعين تقديم خدماتهم الهامة، وخاصة الذين اعتادوا بالفعل على العمل عن بُعد في المقام الأول، ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين قد يكون هذا جديداً عليهم، فإنَّ أفضل نصيحة هي أن تبدأ بعمل صغير وسهل؛ فاختبر بعض النشاطات التي لا تتطلب جهداً كبيراً في التعلم، وابدأ من هناك.

وجد تقرير شركة "بينيفتي" (Benevity) الأخير أنَّ عدد الأماكن المتاحة للمتطوعين الافتراضيين يرتفع باطِّراد، مع إتاحة 44 ألف فرصة من 26 شهر آذار/ مارس، ومع تزايد سرعة الشركات والمنظمات غير الربحية في العمليات الافتراضية، ستكون هناك المزيد من الفرص للتطوع للانتعاش، وستساعد مكافأة المتطوعين على وقتهم من خلال برامج مثل "المكافآت للفاعلين" على تعرُّف الأشخاص لجهودهم التطوعية وتحفزهم أيضاً على رد الجميل للمؤسسات الخيرية التي يختارونها.

وتُظهِر بيانات شركة "بينيفتي" (Benevity) أنَّه من بين الموظفين المتطوعين يتبرع 72% أيضاً من خلال برنامج العطاء في مكان العمل لشركتهم، وتزداد نسبة الاحتفاظ بالموظفين الأكثر مشاركة في العطاء والعمل التطوعي في مكان العمل بنسبة 57% في الاحتفاظ بهم.

3. خذ في حسبانك أنَّ الجميع يعمل تحت الضغط:

تحتاج الشركات إلى إدراك حقيقة أنَّ موظفيها - تماماً مثل شركائهم غير الربحيين - يمرون بمراحل مختلفة من التعامل مع الضغط الناجم عن التطوع، ويعاني عدد متزايد من الأشخاص من تحديات الصحة العقلية، وبينما لم يسلم أحد من مخاطر "كوفيد-19" (COVID-19) والآثار المرتبطة به ويتأثر الجميع تأثيراً مختلفاً، فهذا ينشر التنوع والإنصاف والصحة والفجوات المتأصلة بعمق في المجتمع.

في حين أنَّ بعض الأشخاص قد يرغبون في المشاركة مباشرة والمساعدة، فقد يحتاج الآخرون إلى مزيد من الوقت للتكيُّف، وتحتاج الشركات إلى هيكلة برامجها التطوعية؛ فلا تمثل عبئاً إضافياً؛ بل تقدم منفذاً مُرحباً به للإلهام والهدف والمشاركة والتواصل.

في الواقع، يمكن أن تساعد تجربة الارتباط بإحساس أكبر بالهدف على تحسين الصحة العقلية؛ وذلك نظراً لأنَّنا أُمرنا بالتباعد فعلياً لمنع أن نكون جزءاً من المشكلة، فإنَّ منح أي شخص فرصة العطاء بأيَّة طريقة يمنحه فرصة ليكون جزءاً من الحل.

شاهد: فوائد العمل التطوعي

4. وسِّع نطاق تعريفك للعطاء:

أخيراً مع وجود الكثير من المحتاجين في الوقت الحالي، فقد ترغب الشركات في التفكير في توسيع نطاق جهودها إلى ما وراء المشهد غير الربحي التقليدي، وقد يعرف الجميع شخصاً يحتاج إلى المساعدة حالياً، سواءً كان أحد أفراد العائلة يعمل في مجال الرعاية الصحية ويتأثر بنقص معدات الحماية أم جاراً مسناً قد يحتاج إلى المساعدة في المهمات وشراء الأغراض.

ويمكن لأرباب العمل إظهار دعمهم لموظفيهم من خلال توفير الموارد لهم لتنظيمِ نشاطاتهم التطوعية نيابة عن الجيران والأسر والمجتمعات المحلية؛ وذلك من خلال تمكينهم من المساهمة بخبراتهم ومعرفتهم حيثما وأينما دعت الحاجة، ومن خلال السماح لهم بتتبع وقت التطوع وكسب مكافآت لهذه الأنواع من النشاطات بالطريقة نفسها التي يفيدون بها في التطوع التقليدي.

على سبيل المثال، يستعمل عدد من عملاء شركة "بينيفتي" (Benevity) - بما في ذلك مختبرات "دولبي" (Dolby Labs) و"إكستنشر كندا" (Accenture Canada) - منصة المهام الخاصة لتوفير الفرص؛ إذ يمكن للموظفين مشاركة المهارات ذات الصلة - مثل خياطة الكمامات أو الدروس الخصوصية - مع زملائهم في العمل.

ونشهد أيضاً اهتماماً متزايداً بصناديق إغاثة الموظفين؛ وهذا يُسهِّل على الموظفين التبرع لصندوق لمساعدة زملائهم في العمل الذين تأثروا في الجائحة، وتستفيد المزيد من الشركات من موظفيها كسفراء "على أرض الواقع"؛ وهذا يساعدهم على إشراك زملائهم في الفريق في النشاطات والعطاء وفرص التطوع؛ وذلك من خلال السماح لموظفيها بأخذ زمام المبادرة، وتستفيد الشركات من ذلك في تقديم مساعدة يصعب على الفرق التي تعاني من نقص الموارد تحقيقها.

في حين أنَّ واقعنا الحالي قد لا يسمح بسبب الجائحة بالتجمعات الكبيرة والفعاليات الشخصية، فإنَّ هذا لا يعني أنَّ الشركات مضطرة إلى تأجيل برامج المتطوعين. وفي الواقع، من الهام أكثر من أي وقت مضى إيجاد طرائق لمساعدة الموظفين على البقاء على تواصل والتفاعل مع بعضهم بعضاً ومع رب العمل ومجتمعاتهم، فمن خلال التعديلات المدروسة والاستراتيجية يمكن للشركات الاستمرار في تمكين وإلهام موظفيها من خلال برامج التطوع ذات المعنى والهدف.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة