كيف تعثر على الفرح في أوقات التغيير؟

قلتُ لزوجي على العشاء ذات مرة: "أنا أمرُّ في حالة تغيير، لكنَّني لستُ متأكدةً من طبيعة هذا التغيير وما هي نتائجه، أعلم أنَّني تركتُ حياةً ورائي، لكنَّ الحياة الجديدة غير واضحة المعالم"، استغربتُ من طريقة تعاملي مع هذا الأمر؛ إذ ليس من السيِّئ أن أشعر بالحيرة، كما أنَّني لم أكن أطلب المساعدة أو النصيحة، وكنتُ فقط أذكر ببساطة الأمر الذي يزداد وضوحاً بالنسبة إليَّ، وأنَّ التحول الذي أمرُّ به عميقٌ، وغالباً ما يكون خفياً وفوضوياً بعض الشيء، ولا يزال قيد التطوُّر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "إنغريد فيتيل لي" (Ingrid Fetell Lee)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن تجربتها في العثور على الفرح في أوقات التغيير في الحياة.

في شهر تموز، عدتُ إلى مدينتي لأول مرة منذ عام ونصف، وكان من الصعب تصديق أنَّ كل هذا الوقت الطويل قد مرَّ، ولكن مع ولادة ابني وعدم وجود مربية للأطفال في معظم فترات الجائحة، شعرتُ بأنَّ الابتعاد ليوم كامل شيء متعب جداً، ثم شعرتُ بأنَّ المدينة مليئة بالضجيج ولكنَّها مختلفة.

تجوَّلتُ في منطقتنا، وشعرتُ بألم الحزن بسبب الإغلاق الذي حدث خلال الوقت الذي كنتُ فيه بعيدة، وشعرتُ بلحظات من الراحة في بعض الأحيان لرؤية مَن نجا من الجائحة، ولكن بدلاً من الشعور بالسعادة بالعودة إلى مكان أحببتُه لفترة طويلة، شعرتُ بأنَّني كنتُ أزور مكاناً غريباً.

يتحدَّث الكثير من الأشخاص عن "عودة الحياة إلى طبيعتها"؛ إذ إنَّه بالنسبة إليهم، قد أوقفَت الجائحة حياتهم، وعندما تنتهي ستستأنف الحياة سيرها كما كانت من قبل، لكنَّني أدركتُ مؤخراً أنَّ حياتي الآن لا تشبه أبداً ما كانت عليه قبل 18 شهراً.

انتقلنا من الشقة التي عشنا فيها لمدة 6 سنوات قبل تفشي الجائحة، ولم نفرش بعد الشقة التي كنا نُجدِّدها عندما بدأ الأمر، وبعنا المنزل الذي كان ملاذنا في عطلة نهاية الأسبوع في شهر آذار، وانتقلنا إلى منزل جديد في حي مختلف، لقد تغيَّر عملي، من السفر إلى وجهات مختلفة لإجراء المقابلات، إلى إجراء تلك المقابلات في الغالب أمام الكاميرا في مكتبي في المنزل؛ إذ ليس من المنطقي العودة إلى تلك الحياة بعد الآن.

يمرُّ كل صديق تحدثتُ إليه مؤخراً بمشكلات مماثلة؛ إذ تزوج أحدهم في أثناء الجائحة، وخرج من فترة الحجر بمجموعة مختلفة تماماً من الأولويات، وتوجد صديقة أخرى تشبهني، من سكان المدينة القدامى وتحاول اتِّخاذ قرار ما إذا كانت تريد الاستمرار في العيش في البلاد على الأمد الطويل.

يخشى آخرون العودة إلى العمل في المكتب، ويتساءلون عما إذا كانوا يريدون تغيير وظائفهم أو حتى مجال عملهم بالكامل، وقال أحد الأصدقاء: "بدأ الجميع العودة إلى طبيعتهم، ولكن ماذا لو لم أرغب في العودة إلى طبيعتي؟".

غيَّرت الجائحة رؤيتي لما هو طبيعي، وعلى الرغم من أنَّني حزنتُ على بعض الخسائر، إلَّا أنَّني وجدتُ أنَّ الخسائر حرَّرَتني أيضاً؛ حيث لم أُدرِك مدى تأثير كلمة "طبيعي" في طريقتي في الحياة حتى لم يَعُد أي شيء على طبيعته دون تلك العلامات الإرشادية المألوفة، فما مدى إمكانية إنشاء حياة مختلفة - ونفس مختلفة - عن تلك التي كنتُ أتخيلها آنفاً؟

لذلك أنا في خضم التحول، وعلى الرغم من أنَّه مخيف في بعض الأحيان ومُربِك في بعض الأحيان الأخرى، إلَّا أنَّه في الغالب مسعى متحرر وخلاق وفوق كل شيء بهيج، لكن عندما أنظر إلى ثقافتنا بحثاً عن مراجع أعتمدُ عليها، فلا أرى هذا ينعكس عليَّ مرة أخرى.

في الغالب، أرى التحول والنمو على أنَّهما تجربة صعبة، هناك قصص قديمة تؤكِّد على أنَّ الأبطال عادةً ما يكونون غريبين ومختلفين عمن حولهم، ويرتكبون أخطاء شنيعة حتى يكتشفوا أخيراً ذواتهم الجديدة، مثل فلم "ديرتي دانسينغ" (Dirty Dancing)، وفلم "ثيرتين غوينغ أون ثيرتي" (13 Going on 30)، وفلم "ليدي بيرد" (Lady Bird).

هناك قصص أخرى عن التحول من خلال التجربة؛ حيث تتطوَّر شخصية البطل من خلال سلسلة من المصاعب المفروضة ذاتياً أو المفروضة من الخارج، والتي تساعد على الكشف عن الذات الجديدة، مثل قصة "ريس ويذرسبون" (Reese Witherspoon) في دور "شيريل سترايد" (Cheryl Strayed) في فلم "وايلد" (Wild)، أو مثل فيلم "أوفربورد" (Overboard)، أو فيلم "بيبي بوم" (Baby Boom).

ثم هناك قصص أولئك الذين يقاومون التغيير، وربما يفقدون الكثير من الأشياء الهامة لهم في هذه العملية حتى "يستيقظون" أخيراً ويتعرَّفون إلى ذاتهم الجديدة، مثل فيلم "أباوت إي بوي" (About a Boy)، أو "سويت هوم ألاباما" (Sweet Home Alabama).

ورغم أنَّني أحبُّ العديد من هذه الأفلام، إلَّا أنَّه لا يشبه أي منها ما أمرُّ به الآن، وربما يرجع ذلك إلى أنَّ التحول البطيء والهادئ واللطيف لا يصنع فيلماً جيداً جداً، فما الذي سنراه باستثناء الكثير من المشي لمسافات طويلة، والتعليقات الصوتية للرواية التي تُكتَب في دفتر يومياتها، والنقاشات غير المجدية مع الشركاء والأصدقاء؟

كما أنَّ ثقافتنا لا تُفضِّل كثيراً عملية التحول الفوضوية؛ إذ إنَّنا نكره التجديد، لكنَّنا نحبُّ النتائج النهائية، ونجد التدريب مملاً، لكنَّ الأداء مبهر، نحن نحب الوصول إلى الوجهات؛ ولكن نكره الرحلات، ونحاول الإسراع والوصول بسرعة، ويجعلني هذا أتساءل: هل أصبح التحول الشخصي أكثر صعوبة لأنَّنا نتوقع أن يكون على هذا النحو؟ وهل نحن مستعدون إلى الاعتقاد بأنَّ النمو يجب أن يكون مؤلماً، وهل يمنعنا هذا من رؤية الفرح فيه؟

في وقت سابق من هذا الأسبوع، شاركتُ بعض الأفكار حول هذه السطور على "إنستغرام" (Instagram)، وبعد أكثر من 100 تعليق، اتَّضح لي أنَّني لستُ الوحيدة التي تشعر وكأنَّها في فترة تحوُّل، وأنَّني لستُ وحدي أيضاً في تعطُّشي إلى لغة أكثر إيجابية لوصف هذه التجربة.

من أحد التعليقات التي لفتَت انتباهي على وجه الخصوص تعليقاً كتبَتهُ "لاتويا جي ويليامز" (Latoya J. Williams) رداً على شخص آخر علَّق مستخدماً كلمة "شديد" لوصف التغيير، كتبَت: "أعتقدُ أنَّ الألم والشدة وعدم الراحة والحزن وما إلى ذلك، ما هي إلا بضع كلمات من بين مجموعة من الكلمات التي نستخدمها لوصف "التباين" أو "الفجوة" بين ما نحن فيه والمجهول الذي نتَّجه إليه خلال أوقات التطور الفردي في حياتنا.

إذ لا يجب أن تكون العملية "مؤلمة"، ووجدتُ أنَّ العملية عادةً ما تكون "شديدة" في بعض الأحيان، عندما أصبحُ حاضرةً تماماً مع اللحظة ومع جسدي، وأعتقدُ أنَّ هذا طبيعي؛ حيث ربما تكون الشدة أو الإحساس بالتباين هي الطريقة الرئيسة التي نعرف بها أنَّنا نتغير".

أنا أحبُّ الطريقة التي غيَّرتُ فيها الوصف من مؤلم إلى شديد؛ حيث ذكَّرَتني بالبحث الذي يُظهِر أنَّه عندما نعيد صياغة القلق الذي نشعر به قبل العروض التقديمية التي نقدمها ونستبدله بالحماسة، ينتهي بنا الأمر بالشعور بقلق أقل ونؤدي في الواقع بشكل أفضل، فالقلق والحماسة كلاهما مُتجذِّر في الأحاسيس الفسيولوجية لليقظة الذهنية، لكنَّ الطريقة التي نفسر بها هذه اليقظة تُحدِث فارقاً كبيراً في تجربتنا.

هل يمكننا أن نفعل الشيء نفسه مع النمو؟ من خلال التفكير في المشاعر القوية التي نختبرها خلال فترة التغيير ونعدُّها شديدة، بدلاً من تصنيفها على أنَّها مؤلمة، هل يمكننا التخلص من ألم التجربة؟ وهل يمكننا الانفتاح على أنفسنا لرؤيتها والشعور بها بعمق أكبر؟

أنا شخصياً أجد الاستعارات مفيدةً لهذا، فهي تساعد على إخراجي من تجربتي وقلبها، والنظر إليها من منظور مختلف؛ لذلك سأشارك ست استعارات عن التغيير، العديد منها مستوحى من منشوري على "إنستغرام" الذي ساعدني على العثور على منظور جديد في أوقات التغيير، فلا يمكن تطبيق كل استعارة في كل موقف، لكنَّني أتمنَّى أن تجد واحدةً أو اثنتين تساعدانك.

1. اكتشاف ما في داخلك؛ كأنَّك كتلة حجرية في داخلها تمثال جميل:

غالباً ما نفكر في التغيير كعملية إضافة، مثل إنشاء نفس جديدة؛ حيث يمكن أن يجعلنا هذا نشعر كأنَّنا عمال بناء لم يتلقوا أبداً مخططات المهندس المعماري، ونعلم أنَّه من المفترض أن نصنع منزلاً، ولكن ما نوعه؟

في هذه الحالة، قد يكون من المفيد التعلُّم من الرسام والنحات مايكل أنجلو (Michelangelo)، والذي قال: "كل كتلة حجرية فيها تمثال بداخلها، ومهمَّة النحات اكتشافها"، فماذا لو كانت مهمتنا هي اكتشاف ذاتنا الجديدة بدلاً من بنائها؟ بدلاً من البدء بموقع عمل فارغ ومحاولة تشكيل هيكل ما، نبدأ بما نحتاج إليه، ونهدف إلى إزالة ما هو غير ضروري حتى نتمكن من العثور على ما في داخلنا.

أصبحتُ أكثر فضولاً؛ إذ يتعلَّق الأمر بكشف الغموض - على حدِّ تعبير أحد المعلقين - ويُنمِّي التنبؤ على حد تعبير آخر، وكما ذكرَت القارئة "جينا جوينت" (Jenna Guenett): "أُنشِئَت ارتباطات إيجابية في ذهني متعلقة بعدم اليقين والتغيير، مثل صباح عيد الميلاد أو اليوم الأول من الإجازة، فأنت لا تعرف ما سيكون عليه الأمر، لكنَّك تعلم أنَّه سيكون جيداً"؛ إذ عندما يُوفِّر التغيير إمكانية الاكتشاف، فمن الأسهل بكثير أن تكون متحمساً لما سيحدث.

إقرأ أيضاً: كيف تتغلب على خوفك من التغيير وتغير حياتك؟

2. استيعاب مبدأ وأهمية الراحة، فهي كفصل الشتاء تحتاج إليه الكائنات جميعها لتعود وتزدهر في الربيع:

أدركتُ لأول مرة فكرة الشتاء من خلال حديث سمعتُه ذات مرة عن المواسم الإبداعية، والفكرة هي أنَّه بصفتك شخصاً مبدعاً، فإنَّ إنتاجك يتماشى مع مواسم الأرض، ففي الربيع الذي يثير الإبداع، تبرعم الأفكار وتزهر، ونشعر بنشاط الإلهام الجديد.

في الصيف، يتطور عملنا ويتعمَّق، وفي الخريف نحصد ما زرعناه ويكتمل العمل ويبدأ بالظهور، وقد نبدأ الشعور بالتعب أو الملل، ونبدأ التوق إلى شيء جديد، ثم في الشتاء، نرتاح، ولا ترتبط هذه الفصول بالضرورة بالمواسم المادية؛ إذ يمكن أن تحدث هذه الدائرة في أي وقت من العام، ويتعلق الأمر بشكل أكبر بمشاعر الموسم.

بدأتُ قراءة كتاب "كاثرين ماي" (Katherine May)، "وينترنج" (Wintering)، في ربيع هذا العام، وشعرتُ بغرابة بأن أبدأ القراءة بينما كانت الأزهار تعود إلى الأشجار، ولكن كان لدي شعور بأنَّني بحاجة إليه.

تصف "ماي" ضرورة فصل الشتاء الدوري بهذه الطريقة: "النباتات والحيوانات لا تقاتل الشتاء، ولا تتظاهر بعدم حدوثه ولا تحاول الاستمرار في عيش الحياة نفسها التي عاشَتها في الصيف، فهي تتحضَّر، ثمَّ تتكيَّف، ثمَّ تتحوَّل تحولات استثنائية لتتجاوز هذا الفصل؛ حيث إنَّ الشتاء هو وقت الانسحاب من العالم، وتعظيم الموارد الشحيحة، والقيام بأعمال ذات كفاءة هائلة، والاختفاء عن الأنظار، ولكنَّه الفصل الذي يحدث فيه التحول، فالشتاء ليس موت دورة الحياة؛ بل هو بوتقتها".

قد نعتقد أنَّ شيئاً لا يحدث في الشتاء، ولكنَّ الحقيقة ليست كذلك، فتحتَ التربة السطحية المجمدة، تستعد البذور للإنبات، وتتمسك البراعم بالفعل على الأشجار في انتظار الوقت المناسب لتتفتَّح، وتستريح كائنات الأرض، وتوفِّر طاقتها للربيع.

إذا فكرنا في الأمر بهذه الطريقة، فإنَّه يحوِّل انتباهنا من الخسارة إلى القدرات الكامنة، ويخلق مساحة تسمح لهذه الإمكانية بالظهور، بدلاً من الشعور بالحاجة إلى إجبارها على الوجود، كما لا يمكن استعجال مجيء الشتاء ولا يمكن استعجال التحول.

3. فهم المرحلة الفاصلة بين مرحلتين، فهي تشبه تخلِّي بهلوان السيرك عن أرجوحته العالية للتمسك بالأرجوحة الأخرى:

هذه استعارة جديدة بالنسبة إليَّ، ولكن كوني قفزتُ بضع قفزات من الأرجوحة المعلقة عالياً في الهواء قبل عشرين عاماً، فهمتُ هذه العبارة على الفور؛ إذ إنَّ هذه العبارة مستوحاة من عنوان كتاب "بين أرجوحتي البهلوان" (Between Trapezes) للكاتب "جيل بلانك" (Gail Blanke)، والذي يَعُدُّهُ دليلاً لأولئك الذين يحاولون مواجهة تغييرات الحياة.

يشرح "بلانك" (Blanke) الاستعارة بهذه الطريقة: "السبب في استخدامي لاستعارة أرجوحة البهلوان؛ هو أنَّنا جميعاً نمرُّ بمرحلة انتقال في بعض مجالات حياتنا، ولأنَّ الشيء الرائع في هذه الأرجوحة هو أنَّه لا يمكنك التمسك بالاثنتين في الوقت نفسه، عليك أن تتخلى عن القديمة - النظرة القديمة والطريقة القديمة والفكرة القديمة واللقب القديم - قبل أن تتمكن من الوصول إلى الفكرة الجديدة وفهمها، وبين هاتين المرحلتين، لا تتمسك بأي شيء.

وهذه المرحلة من أفضل الأوقات؛ وذلك لأنَّها المرحلة التي تكتشف فيها مَن أنت الآن، وما الذي يثير حماستك الآن، وما هو ممكن الآن، ويمكنك حتى اكتشاف مواهب جديدة وأشخاص جدد وأفكار جديدة حتى تتمكن في الواقع من إعادة اكتشاف نفسك، لكنَّنا جميعاً نحبُّ أن نعرف ما ستؤول إليه الأمور؛ لذلك من الصعب الخروج إلى هذا المجهول الشاسع.

نحن نطير عالياً في الهواء، الأمر الذي قد يكون مخيفاً، ولكن في تلك اللحظات نكون أيضاً غير مُقيَّدين بالقيود المفروضة علينا؛ حيث يُعَدُّ الطيران ممتعاً بطبيعته، وكما تشير القارئة "ميغان إدواردز" (Megan Edwards) التي اقترحَت هذا الكتاب، حتى في ضعفنا، لدينا شبكة أمان أسفلنا.

تعجبني فكرة توضيح شبكات الأمان لدينا، سواءً كانت علاقات أم ممارسات أم نقاط ارتكاز أخرى في الحياة، وتذكير أنفسنا بها حتى نتمكن من التركيز على تلك اللحظة المرعبة بين الأرجوحتين الأولى والثانية.

شاهد بالفديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

4. النهضة الشخصية:

ذكر عدد قليل من المعلقين هذه الفكرة، وربطها أحدهم بالكاتبة والممثلة الأمريكية آمي بولر (Amy Poehler)، على الرغم من أنَّني لم أتمكَّن بعد من العثور على أفكارها المحددة حول هذه الفكرة، فعصر النهضة يعني حرفياً الولادة الجديدة، ولكنَّه يشير أيضاً إلى فترة ازدهار الفن والثقافة في التاريخ الإيطالي بعد العصور المظلمة، فالنهضة الشخصية ليست مجرد فرصة لبداية جديدة إذاً، ولكنَّها انبثاق طاقة إبداعية جديدة.

بالنسبة إليَّ، فإنَّ هذه الاستعارة تُسلِّط الضوء على الجانب التوليدي للتحول؛ إذ إنَّ النهضة الشخصية لا تضمن أيَّة نتيجة معيَّنة، لكنَّها وقت مفعم بالحيوية، ومثلما كان عصر النهضة فترة قلبت الافتراضات طويلة الأمد رأساً على عقب، مثل إعلان "كوبرنيكوس" (Copernicus): أنَّ الأرض تدور حول الشمس، أو دحض "فيزاليوس" (Vesalius): أنَّ المرأة لديها ضلع إضافي، فإنَّ النهضة الشخصية تستلزم تحولاً ثورياً في نظرتنا إلى العالم، وفي مكاننا فيه.

5. العودة إلى أنفسنا:

قالت "دوروثي" (Dorothy) في فيلم "ويزارد أوف أوز" (Wizard of Oz): "لا يوجد مكان مثل المنزل"، وهذه الاستعارة تُقدِّم فكرة مُريحة عن التغيير، فغالباً ما ننظر إلى التغيير على أنَّه رحلة تأخذنا بعيداً عن الذات المعروفة نحو مجهول قد يكون شاقاً؛ بل ومخيفاً.

عندما نغير وظائفنا أو منازلنا أو جوانب أخرى من الحياة، نشعر بأنَّنا نغامر بالدخول في أرض مجهولة وإلى مكان غير معروف، ولكن ماذا لو رأينا التغيير على أنَّه عودة لا خروجاً؟ وماذا لو كانت الحالة القديمة أَبعَد عما في داخلنا، وكانت الذات الجديدة أقرب إلى حالة وجودنا الأكثر طبيعية؟

في الواقع، هذا هو الشعور الذي نشعر به بعد أن نكون قد وصلنا إلى الجانب الآخر من التغيير، ونتساءل كيف كُنَّا نعيش بالطريقة القديمة، ثم نشعر بأنَّنا رأينا حقيقة كانت مخفيَّة عنا من قبل، وأنَّ حياتنا الجديدة تتماشى مع هذه الحقيقة على خلاف حياتنا القديمة، ولا يمكننا تخيُّل العودة.

هذه الاستعارة هي طريقة ذكية لمعاينة هذا الشعور، وتُذكِّرُنا أنَّه بغضِّ النَّظر عن مقدار عدم اليقين الذي نشعر به في الوقت الحاضر، فلن نشعر دائماً بهذه الطريقة، وتُسهِّل معرفة أنَّ مستقبلاً زاهراً ينتظرنا الشعور بالصبر على عدم الاستقرار الناتج عن التحول.

إقرأ أيضاً: كيف تبدأ حياتك من جديد بعد أن يبدو لك أنَّ الأوان قد فات؟

6. فهمُ مفهوم الشرنقة:

هذه هي استعارتي الأصلية، وبالنسبة إليَّ، فإنَّها لا تزال تُجسِّد لغز التحول الذي لا يوصَف؛ إذ إنَّ فكرة الشرنقة هي فكرة واقية وهادئة، وهي مساحة سرية للعمل السري، وتشير الاستعارة إلى الانتقال من حالة إلى أخرى، وعلى الرغم من وجود افتراض في بعض الأحيان بأنَّ الفراشة أفضل من اليرقة - نوع من الحكم بناءً على المظهر - إلا أنَّ التغيير في الشكل يتعلَّق في الواقع بالتكيُّف مع كل مرحلة من مراحل الحياة؛ حيث تتغذى اليرقة وتنمو، بينما تهاجر الفراشة وتتكاثر، وكلاهما جيد وضروري.

عندما أفكر في أنَّني في شرنقتي، فإنَّ ذلك يُذكِّرني بأنَّني لستُ مضطرةً إلى الخروج حتى أكون جاهزةً، فلا يجب أن يكون تحوُّلي علنياً، ولا يجب أن يتبع مجموعة واضحة من الخطوات، فيمكنني العيش في الغموض الخاص بي حتى يحين الوقت لفرد تلك الأجنحة الجديدة، فليس عليَّ التسرُّع، سأعرف عندما يحين الوقت.

المصدر




مقالات مرتبطة