كيف تطور استراتيجية عملك؟

أصبح السوق أكثر تقلُّباً، والسفر يتباطأ، وتعمل شركات مثل "لايفت" (Lyft) و"غوغل" (Google) و"أبل" (Apple) على تأجيل خطط العودة إلى العمل في المكاتب، فكيف تستطيع الشركات في خضم كل هذه الفوضى أن تكون قادرة على تشكيل استراتيجية عمل واحدة والالتزام بها؟



الإجابة المختصرة غير المُرضية هي أنَّهم لا يستطيعون القيام بذلك، وربما كانت استراتيجية العمل التي وُضِعَت في شهر كانون الثاني بحاجة إلى مراجعة جادة بحلول شهر تموز، فمن المتوقَّع أن يكون هذا الأمر حقيقياً في العام المقبل كما كان في هذا العام؛ إذ إنَّ جائحة كوفيد-19 لن تزول في الوقت القريب، ولا زالت الشكوك تكثر حول ذلك، فحان الوقت لتطوير استراتيجية عملك من أجل الاستجابة للتوجهات السائدة، وإليك فيما يلي كيفية القيام بذلك:

1. مواكبة آخر أخبار جائحة كوفيد-19:

هذا هو ما يجب أن نفعله كلما حان الوقت لاتخاذ قرار بشأن استراتيجية العمل، في حين أنَّه من غير المرجَّح أن تعود شركات الاقتصاد الكبرى إلى عمليات الإغلاق القاسية التي جرت في أوائل عام 2020، إلَّا أنَّ المسار المستقبلي لـ كوفيد-19 هو أمر يراقبه الكثير من المستهلكين بحذر، فوفقاً لدراسة استقصائية أجرتها شركة "ديلويت" (Deloitte)، فإنَّ نحو 51% من العملاء مهتمون بسلامتهم البدنية عندما يتعلق الأمر بنشاطاتهم، بعد أن كانت النسبة 47% في الشهر السابق.

لقد تراجع عدد كبير من الشركات عن التصدي لـ كوفيد-19، وتوجد قطاعات كبيرة من المستهلكين الذين يتولون زمام الأمور بأنفسهم عندما يتعلق الأمر بسلامتهم، وإذا بدأَت الحالات في الارتفاع، فقد يكونون أكثر تردداً في السفر، أو أداء العمل بشكل شخصي، وبدلاً من العمل على مراعاة هذه التفضيلات كلما نشأَت، راقِب عن كثب وضعك، وعدِّل عاداتك وفقاً لذلك، وإذا لم تكن على استعداد لاتخاذ الخطوات اللازمة لجعل عملائك يشعرون بالأمان والحماية، فسوف يجدون نشاطاً تجارياً آخر.

2. إكمال التحول الرقمي الخاص بك:

كانت العديد من الشركات تصل إلى أفضل المستويات قبل عام 2020، لكنَّ أحداث ذلك العام زادت الوضع سوءاً؛ إذ إنَّ معظم العام الماضي، كانت تطورات مثل ظهور العمل عن بعد، أو العمل الهجين، أو التواصل الافتراضي في مقدمة محور استراتيجيات الأعمال لمعظم الشركات، ولكنَّ إعادة فتح الاقتصاد في عام 2021 شهدَت توقُّف بعض الشركات عن تحوُّلها الرقمي في الوقت الحالي وهذا خطأ كبير.

في حين أنَّ العالم قد يبدو وكأنَّه يعود إلى طبيعته في الوقت الحالي، فمن المؤكَّد أنَّ مصير العمل في المستقبل سيكون عن بُعد؛ حيث تحتاج الشركات إلى الانتقال إلى وضع أفضل إذا أرادت أن تكون مستعدة للمرحلة التالية من التجارة الرقمية.

على سبيل المثال: تقدِّر شركة "بلوم" (Plume)، والتي تُقدِّم الحلول للشركات الصغيرة أنَّه سيكون هناك 8.4 مليار مساعد صوتي رقمي في العالم بحلول عام 2024 إذا كان عملك لا يزال مرتبطاً بعمليات بسيطة، فما مدى فاعليتك في أن تكون قادراً على الاستجابة لقاعدة من المستهلكين الذين تتمثل طريقتهم الأساسية في الشراء والبحث في المساعدة الصوتية الرقمية؟ يجب تسريع التحولات التي حدثَت في عام 2020، وليس إيقافها مع اقتراب عام 2022.

إقرأ أيضاً: 4 عناصر تحدد التوجه الرقمي في عام 2021

3. عدم المراهنة على الأسواق المزدهرة:

عندما انهار سوق الأوراق المالية في آذار ونيسان من عام 2020، بدا الأمر وكأنَّ الاقتصاد العالمي سوف يبقى في حالة سيئة لبعض الوقت، فلا يمكن لأي شخص أن يتوقع إلى أي مدى قد ينتهي هذا الوضع غير المريح، فقد استمرَّ الركود عام 2020 في نهاية المطاف لمدة شهرين فقط، وهو أقصر فترة ركود في تاريخ الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين، كان النمو في اتجاه تصاعدي حاد، وبات العديد من قادة الأعمال يستبقون توقُّع استمرار هذا النمو لسنوات قادمة.

إنَّ التكهُّن بمسار الاقتصاد والأسواق يكاد يكون مستحيلاً، ويوجد من الأسباب ما يدعونا إلى الشك في أولئك الذين وضعوا التوقعات؛ فتوقعت شركة "جي إم أو" (GMO) لإدارة الأموال مؤخراً أن يفقد مؤشر "إس وبي 500" (S&P 500) نصف قيمته المُعدلة حسب التضخُّم بحلول عام 2028 على سبيل المثال.

لا تبنِ استراتيجية عمل على أساس التفاؤل وحده؛ بل أنشِئ مسارات العمل ومبادئ التشغيل التي يمكن أن تعمل في كل من الأوقات الجيدة والسيئة، وسوف تكون أعمالك قادرة على مواجهة التحديات التي تعترضك.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتضمن سير عملك في ظل انتشار فيروس كورونا

4. مقابلة عملائك أينما كانوا:

في عام 2020، كان يجب على الشركات أن تكون قادرة على الوصول إلى عملائها وهم في المنزل، إذا أرادوا أن يحظوا باهتمامهم، ومن ثم في عام 2021، كان العملاء أكثر حرصاً من أي وقت مضى على الخروج من المنزل والتوجُّه إلى الشركات مباشرة، فأيٌّ من هذه المسارات أكثر احتمالاً لعام 2022؟ وكيف يمكن أن تتوقع الشركات أن تتأقلم مع حالة عدم اليقين التي تحيط بسلوك المستهلك؟

التمسك بواجهة متجرك قد يسبب في النهاية مشكلات أكثر مما تستحق، ففي الواقع ذكر تقرير "بلومبيرغ" (Bloomberg) أنَّ مجال التجارة الإلكترونية قد تتجاوز قيمته 16 مليار دولار بحلول عام 2027، مع وجود مؤشرات قليلة على حدوث تباطؤ في النمو بعد ذلك.

لا حرج في العودة إلى طبيعة عملك لفترة من الوقت في الأرباع القليلة القادمة من السنة، ومع ذلك، لا تُراهِن كثيراً على العودة على الأمد الطويل؛ بل شق طريقك إلى المكان الأفضل، وسيكون عملاؤك في انتظارك هناك.

5. التكيُّف مع الممارسات الجديدة في وسائل التواصل الاجتماعي:

استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في ازدهار مستمر، ومع ذلك هذا لا يعني أنَّه يمكنك فقط نشر المحتوى التقليدي وتوقُّع مستويات مشاركة أعلى من قبل، فمع ازدياد عدد المستخدمين، تتطور التوجُّهات والممارسات على وسائل التواصل الاجتماعي، فالمنشورات التي جمعَت تفاعلاً كبيراً في عام 2018 قد لا تُحدِث النوع نفسه من التفاعل في عام 2021.

ربما يكون هذا أكثر صدقاً في عالم المؤثرين المتنامي على وسائل التواصل الاجتماعي، فقبل بضع سنوات فقط، كان معظم أقسام التسويق موضع إعجاب أو سخرية، لكنَّ الشركات ترفضهم على مسؤوليتها الخاصة.

توصَّلت دراسة استقصائية أجرتها شركة "إبسوس" (Ipsos) بتكليف من "غوغل" إلى أنَّ 40% من مستخدمي موقع "يوتيوب" (YouTube) من جيل الألفية يقولون إنَّ مُنشئ المحتوى المفضل لديهم يفهمهم بصورة أفضل من أصدقائهم، ومن المرجح أن يجذب هذا المستوى من الثقة والمشاركة انتباه العملاء أكثر من التغريدات التي يُروَّج لها.

6. الاستجابة لتغيير أولويات الموظفين:

ليس المستهلكون والأسواق فقط هم الذين تغيرَت مساراتهم بحلول العام الماضي؛ إذ من المحتمل أنَّ موظفيك مروا ببعض التغييرات بأنفسهم؛ حيث تُفضَّل جودة الحياة بشكل متزايد على الرواتب الكبيرة، والعمل المرن على العمل في المكاتب التقليدية.

في الواقع، قد تؤدي محاولة إعادة الانتقال بسرعة إلى ما كانت عليه الأمور من قبل إلى قدر كبير من الذعر بين أعضاء فريقك؛ حيث وجد استطلاع حديث أجرته مجلة "ذا مورنينغ كونسيلت" (The Morning Consult) أنَّ 39% من العمال قد يفكرون في الاستقالة إذا أجبرهم رؤساؤهم على التخلي عن العمل عن بُعد والعودة إلى العمل في المكتب، وهذا لا يرتبط بالموظفين الحاليين فحسب، وسيتوقع الموظفون المحتملون أيضاً ذلك عندما يتعلق الأمر بخيارات العمل عن بُعد والمرونة.

7. التفكير عالمياً، والعمل محلياً:

أصبح من السهل طوال الوقت التواصل والقيام بأعمال تجارية عبر الحدود، على الأقل كان الوضع كذلك قبل أن تحل جائحة كوفيد-19؛ حيث أدَّت الاضطرابات التي حدثَت في قطاع السفر والشحن الدولي إلى حاجة الشركات مرة أخرى إلى إعادة تركيز جهودها على الأسواق المحلية.

ماذا عن عام 2022؟ هل يجب على الشركات أن تعتمد على إعادة فتح الحدود وازدهار الأعمال التجارية الدولية، أم أن تتعامل بأمان مع الأسواق القريبة؟ ليس من المستغرب أنَّ الإجابة هي قليل من الاثنين، فلا تتخلَّ عن عملياتك المحلية على أمل أن تتسع آفاق عملك التجاري في المستقبل القريب، وبدلاً من ذلك استمر في رعاية جميع علاقاتك القائمة مع العملاء، وافعل ذلك في أثناء انتظار الوقت المناسب لبدء التوسُّع في أماكن أبعد من ذلك.

تأكَّد من أنَّ استراتيجية عملك تعكس ذلك من خلال التأكيد على أنَّ العمليات التي تعرف أنَّها يمكن أن تستمر في المستقبل في أثناء بحثك عن الفرص المحتملة في المستقبل، فأيُّ شخص يقول لك إنَّه يعرف كيف سيبدو عام 2028 هو كاذب؛ إذ إنَّ حالة عدم اليقين التي سادت عامي 2020 و2021 لن تختفي، ويجب أن تضع استراتيجية عملك وفقاً لذلك؛ لذا جهِّز شركتك لمواجهة كل ما قد يأتي، وتوقَّع نمواً قوياً في المقابل.

المصدر




مقالات مرتبطة