يُعَدُّ الشحن البحري من أقدم أنواع الشحن على مرِّ التاريخ، حيث كانت البضائع تُشحن عن طريق السفن التجارية، والتي تطوّرت فيما بعد لتصبح تلك السفن العملاقة والبواخر التجارية التي تتحرك بواسطة محركات الديزل أو التوربين البخاري، ناقلة أطناناً من البضائع والمواد من دولة لأخرى ومن قارة إلى أخرى، مُلبِّية حاجات الدول بأقل الأثمان مقارنة ببقية أنواع الشحن؛ لذلك -وبداعي الحاجة- قامت العديد من الدول بإنشاء أساطيل تجارية حتى تضمن سهولة وسلاسة حركة بضائعها التي تُنقلفيما بينها.
تُنقل البضائع بحراً بواسطة الحاويات التي ابتكرها مالكوم ماكلين (مؤسس شركة ميرسك سيلاند)، والذي كان -بحسب قوله- أول من خطرت في باله فكرة النقل عبر الحاويات حين كان ينتظر شحنة آتية له عن طريق البحر، وفي أثناء نقل البضائع من الشاحنة البرية إلى الباخرة تساءل حينها: "ماذا لو أمكن نقل الشاحنة بكاملها إلى الباخرة، ولكن مع بعض التعديلات؟"؛ عندها استلهم السيد مالكوم فكرة الحاوية، وأصبحت الحاويات وسيلة العالم كله -إلى يومنا هذا- عند شحن البضائع عن طريق البحر، حيث أنَّها توفِّر الوقت والجهد.
سنتحدث خلال مقالنا هذا عن أهمية الشحن، وأهم الشركات الرائدة في شحن البضائع والطرود من وإلى أنحاء العالم كافة.
شركات الشحن عبر العالم:
تعتمد التجارة في العالم على ركن أساسي لا يُمكن الاستغناء عنه، ألا وهو الشحن، بل ويعَدُّ شيئاً أساسياً تعتمد عليه الصفقات التجارية الكبيرة منها والصغيرة في عملية الشراء والبيع؛ وفي وقتنا الحاضر ومع ازدهار قطَّاع التجارة الإلكترونية في عالمنا، فإنَّنا نجد قضية الشحن تُناقش في أول الصفقات، وأنَّ عدد العملاء يرتبط بشكل وثيق في قدرة الشركة على شحن منتجاتها إلى دول العالم، لذلك لابدَّ لشركات الإنتاج أن تكون مرتبطة بشركات شحن تضمن وصول بضائعها إلى المشترين من أجل إتمام عملية البيع والشراء.
تقوم شركات الشحن -في وقتنا الحالي- بدور الوسيط بين الشركات التي تنتج أو تبيع المنتجات، وبين العملاء الذين يرغبون في الشراء عن طريق المتاجر الإلكترونية، حيث تتكفل تلك الشركات بإيصال المنتجات إلى العملاء مقابل مبلغ من المال.
وقد تخطَّى دور شركات الشحن توصيل المنتجات من الشركات المنتجة إلى العملاء؛ فأصبحت الضامن في تحصيل الأموال من العملاء وسدادها إلى تلك الشركات التي تشحن منتجاتها.
بعد أن تحدثنا عن أهمية الشحن، لابدَّ لنا من ذكر أهم شركات الشحن على مستوى العالم، والتي تعَدُّ رائدة في هذا المجال ولها تاريخ طويل في تلبية خدمات ملايين الأشخاص؛ ومنها:
شركة دي إتش إل (DHL):
أُسِّست شركة DHL من قبل "أدريان دالسي" و"لاري هيلبلوم" و"روبرت لين"، حيث تعَدُّ أول شركة تقدِّم خدمة تسليم البضائع ونقل الحاجيات حول العالم، وقد عملت بادئ الأمر في نقل مستندات الشحن عن طريق الجو، فكانت فكرة بسيطة أرادوا من خلالها إثبات سرعتهم في الإنجاز، حيث تصل مستندات الشحن إلى الجمارك قبل الشحن، ومع مرور الوقت أصبحت من الشركات العملاقة حول العالم، حيث يُعزى لها الفضل في صناعة الشحن الجوي، كونها تعَدُّ أول الشركات التي اعتمدت على النقل الجوي الدولي.
بدأت شركة DHL بتسجيل النجاح تلو الآخر، واستطاعت بذلك أن تكون أكبر شركة لوجستية على مستوى العالم، حيث يبلغ عدد موظفيها عبر العالم ما يقارب 360000 موظف، وتمتلك مكاتب موزعة بين أكثر من 220 دولة.
حصلت شركة DHL لشحن البضائع على جوائز وامتيازات كثيرة، وذلك يرجع لحرصها على جودة الخدمات التي تقدمها.
شركة أرامكس (Aramex):
تعَدُّ شركة "أرامكس" من شركات الشحن الدولية التي تمثِّل أهم شركات الشحن، حيث أنَّها تحتل مركزاً مهما بين شركات الشحن العالمية، وتقدِّم خدمات توصيل الطلبات إلى كافة أنحاء العالم. لعلَّ القليل مِنَّا يعلم أنَّ شركة أرامكس شركة سعودية الجنسية تقوم بتقديم خدمات التوصيل (خاصة توصيل الطرود والمستندات المهمة) عن طريق الشحن السريع إلى أنحاء العالم كافة، وللعِلم إنَّ شركة أرامكس تعمل بكافة أنواع الشحن سواء الشحن البري أم الجوي أم البحري، كما أنَّ شركة أرامكس تقدِّم خدمات كثيرة منها تتبُّع الشحنة من خلال موقعها الإلكتروني، وبذلك يستطيع أي عميل أن يعرف أين وصل طلبه.
شركة فيديكس (Fedex):
تعَدُّ شركة فيديكس من الشركات الأمريكية (يقع مقرها الرئيس في ولاية "ممفيس" الأمريكية)، وإحدى أهم الشركات المُتخصِّصة في مجال الشحن. تأسست الشركة عام 1971 وهي تغطِّي الآن أسواق العالم كافة، لكنَّ أعمالها تستهدف بشكل خاص السوق الأوروبية والأمريكية.
تعَدُّ شركة فيديكس من أغنى شركات الشحن، حيث يتلقى موظفوها دخلاً مضاعفاً عمَّا يأخذه أي موظف في شركة شحن أخرى.
شركة يو بي إس (UPS):
عندما نسمع بشركة UPS يتبادر إلى أذهاننا العراقة والأصالة، لأنَّها تعَدُّ من الشركات الأقدم في هذا المجال، حيث باشرت شركة UPS عملها بداية القرن العشرين وتحديداً عام 1907.
وكأي شركة ناشئة، بدأت عملها في نطاق ضيِّق جداً يقتصر على نقل الطرود عبر القرى والمدن القريبة من مقرها، وبعد الحرب العالمية الثانية توسعت أعمالها لتشمل العالم كله، ويتركز نشاطها الآن في الشرق الأوسط، وتعَدُّ حالياً من أضخم الشركات، حيث أنَّها تحتوي على ما يقارب الـ 6 مليون موظف منتشرين حول العالم لخدمة العملاء وتوصيل الطلبات.
شركة ستاكري (Stackry):
تعَدُّ شركة ستاكري الأمريكية الأصل (يقع مقرها الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية) من الشركات التي الرائدة في مجال الشحن الدولي، حيث تقوم بتوصيل الطرود إلى أنحاء العالم كافة، وتمتلك خبرات ومهارات في مجال الشحن تزيد عن ال 40 سنة قضتها في خدمة عملائها والأسواق التي تتواجد فيها.
عُرف عن شركة ستاكري أنَّها تواكب التطور الحاصل، وتعمل على تحديث خدماتها من خلال إضافة ميزات لها؛ إذ دخلت في الفترة الأخيرة مجال التجارة الإلكترونية وبدأت تقديم خدماتها عبر الإنترنت، حيث يبلغ عدد عملائها حول العالم ما يزيد عن 65 ألف عميل بجميع أنحاء العالم.
شركة ماي يو أس (MyUS):
تعَدُّ شركة ماي يو إس شركة أمريكية رائدة في مجال الشحن الدولي، وذلك من خلال تجميع الطرود وتوصليها إلى العملاء في أنحاء العالم كافة، وقد ركَّزت شركة ماي يو إس على إضافة عروض وميزات لخدماتها في جميع أنحاء العالم، وبتلك الإضافات أصبحت تحتل شركة ماي يو إس مركزاً متقدماً في مجال الشحن الدولي، حيث أنَّها ومن خلال الميزات التي أضافتها إلى خدماتها في نقل البضائع والطرود، بدأت تقدِّم عروضاً لم يسبق لشركات أخرى تقديمها، مثل تقديم اشتراكات إلى العملاء بطريقة مبتكرة، وذلك بتقديم خدمة مجانية تقوم فيها على شحن وتوصيل طرد واحد فقط من متجر واحد، كما أنَّها ابتكرت نظام Premium حيث يتلقَّى العميل خدمات الشركة مجاناً مدة شهر واحد فقط، وبعد الانتهاء من الشهر المجاني يترتب على العميل لقاء استمرار الخدمة دفع مبلغ بسيط قدره 7$ تقريباً.
شركة تي أن تي (TNT):
تعَدُّ شركة تي أن تي (TNT) من الشركات الرائدة على مستوى العالم، ويقع مقرها الرئيس في هولندا. بلغ عدد موظفيها في أنحاء العالم ما يقارب 75000 موظف، وتمتلك أسطولاً يضم ما يقارب 47 طائرة، كما أنَّ لديها 27000 مركبة برية من أجل النقل البري، وتمتلك أيضاً ما يزيد عن 1000 مستودع، وتعمل في أكثر من 200 دولة حول العالم.
توفِّر الشركة خدمة My TNT2 والتي يستطيع من خلالها العملاء استيراد المنتجات من دول أخرى.
لا شكَّ أن شركات الشحن قد خففت أعباء كثيرة على الأشخاص، وذلك من خلال نقلها طرودهم وبضاعتهم من مدينة إلى أخرى ومن بلد لأخر ومن قارة لأخرى.
وبذلك تحدّثنا في مقالنا هذا عن شركات الشحن، وقد تعرَّفنا على شركات رائدة في هذا المجال؛ والتي تسعى لتحقيق خدمة مميزة يتلقاها العميل بكل ثقة وراحة.
أضف تعليقاً