كيف تضمن منح أبرز الموظفين الموهوبين في شركتك الإحساس بالراحة؟

سأروي قصة قرأتُها عن فتاة تدعى "جينيفر" (Jennifer). كانت جينيفر تتمتع بموهبة مميزة؛ مزيج نادر من المهارات التحليلية عالية القوة وذكاء عاطفي عالٍ؛ الأمر الذي جعلها متميزة في عملها في عالم تحليل وتصميم التجربة المثالية للموظفين والزبائن.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "ديفيد لي" (David Lee)، ويُحدِّثُنا فيه عن المواهب المميَّزة وعن أهمية تقديرها والاحتفاظ بها.

تحظى "جينيفر" باحترامٍ كبيرٍ من قِبَل أقرانها، وخاصةً بعد أن نظَّمَت تحولاً كبيراً لإرضاء الزبائن في منظمتها بعد فترة وجيزة من تعيينها فقط، ولكن لسوء حظ رب عملها، قدَّمَت استقالتها.

إنَّ قصة "جينيفر" هي قصة تحذيرية لأرباب العمل الذين تتحكم قدرتهم على جذب المواهب المتميزة والاحتفاظ بها بمصائرهم؛ وقد تكون قصتها أيضاً درساً لأولئك الذين يؤمنون حقاً بأنَّ "رأس المال البشري هو أعظم ثرواتنا"، وهم على استعداد لدراسة ما إذا كانت أفعالهم تعكس معتقداتهم.

فشل الاحتفاظ بالمواهب:

دعنا نتعمَّق في قصة "جينيفر" لكي نحلل الأخطاء التي وقعت، وما يمكن لأرباب العمل الحكماء تعلُّمه من فشل الاحتفاظ بالمواهب في هذه المنظمة.

عندما انتقلت "جينيفر" إلى مؤسسة أخرى، تقدَّمت بطلب للحصول على منصب إداري رفيع المستوى في مؤسسات الرعاية الصحية، وعندما سألت معارفها عن هذه المنظمة من أجل الحصول على تغذيات راجعة حولها، حذَّرتها إحدى صديقاتها منها؛ فقد عملت هذه الصديقة مع تلك المنظمة كمستشارة، وشعرت بالفزع من الفوضى ونقص الانتباه ومن الطريقة غير المحترمة في إدارة فريق القيادة في هذه المنظمة، وكيف عاملها الرئيس التنفيذي نفسه.

شاركت المستشارة كيف أنَّ مشاعر الإحباط نفسها ومصادر الغضب - التي جرى التعبير عنها في مقابلات الموظفين التي أجرتها - كانت موجودة بشكل كبير في تفاعلاتها مع المدير التنفيذي، وبما في ذلك:

  1. ضعف التواصل أو غيابه في الغالب.
  2. التحولات المتغيرة في الأهداف والاتجاهات والتوجيهات بعد تحديد مواعيد نهائية مرهِقة لتقديم النتائج؛ وهذا يؤدي إلى جعل العمل عديم الفائدة.
  3. عدم الرغبة في الإصغاء إلى التغذيات الراجعة أو التصرف بناءً على أساسها.

على الرغم من التحذيرات، قبلت "جينيفر" بهذه الوظيفة بسبب قلة الفرص المتاحة. وقد اكتسبت احترام أقرانها بسبب حماستها للتميز وطرائقها اللطيفة واللبقة، وقدرتها على تحقيق النتائج بشكل سريع.

ولكن على الرغم من نجاحها، لم تعطها رئيستها في العمل أيَّة تغذية راجعة إيجابية ولو لمرة واحدة؛ وعلى الرغم من أنَّ هذا في حد ذاته كان مخيباً للآمال، إلَّا أنَّه كان مجرد جزء صغير من صورة أكبر تتمثل في ثقافة الخوف وعدم الاحترام وعدم التفاعل، والتي كانت موجودة في هذه المنظمة.

بعد عامين من بذل قصارى جهدها لتحسين هذا الوضع الرديء، كانت "جينيفر" قد سئمت. وعندما أخبرت رئيستها بأنَّها ستغادر، أصابتها الصدمة وفكَّرت فيما يمكنهم فعله لإبقائها، فعرضت عليها علاوةً كبرى وأخبرتها - أول مرة - عن مدى تقديرها للعمل العظيم الذي كانت تقوم به، ولكنَّها كانت قد تأخرت قليلاً في ذلك. لقد غادرت "جينيفر" ومعها عقود من الخبرة والالتزام بالتميز والقدرة على تحقيق النتائج والقدرة على إخراج أفضل ما في الناس؛ سواءً في أولئك الذين أشرفت عليهم أم من بين أقرانها.

شاهد بالفديو: 7 استراتيجيات لإبقاء موظفيك في حالة تحفيز دائم

درس لجميع المنظمات:

قد يجد القادة في المنظمات التي تتمتع بثقافات جيدة، بأنَّه من السهل أن يتجاهلوا قصة "جينيفر" كونها مجرد مثال آخر لما يحدث عندما تكون القيادة ضعيفة والثقافة سامة، والأمر لا يشكل أهمية بالنسبة إليهم. ولكن مع ذلك، بعد سنوات عدة من إجراء مقابلات مع الموظفين، رأيت قصة مختلفة تماماً، وكذلك تروي الأبحاث التي أُجريَت عن نسبة الموظفين - الذين يعتزمون ترك رب عملهم بمجرد العثور على فرصة أفضل - قصة مختلفة.

من الأفضل أن تنتبه المنظمات إلى هذه القصة التحذيرية، وخاصة المنظمات التي تعتمد اعتماداً كبيراً على قدرتها في اجتذاب المواهب المتميزة والاحتفاظ بها وإثارة تفاعلها؛ ولا سيما في المناصب التي يصعب شغلها، ويجب أن تستعملها كحافز لجمع المعلومات التي تتيح لها معرفة ما إذا كانت:

1. تقدِّم تجربة العمل التي تتطلبها المواهب المتميزة:

يتطلب ذلك معرفة متعمقة بما يأتي:

  • بحوث حالية حول دوافع تفاعل الموظفين وكيفية دمجها في تجربة العمل.
  • القيام ببحوثات عن الطبيعة البشرية والاحتياجات الإنسانية الأساسية التي تؤدي إلى موظفين منتجين وشغوفين وملتزمين عند إشباعها بالعمل.
  • الممارسات التنظيمية والإدارية التي تُنفِّر المواهب المتميزة، والتي تحتاج المنظمة إلى التخلُّص منها.
  • الممارسات التنظيمية والإدارية التي تمكِّن العاملين في مجال المعرفة من تقديم أفضل ما لديهم بشكل دائم دون الإصابة بالاحتراق الوظيفي.
  • مهارات إجراء محادثات بنَّاءة تمكِّن المديرين وموظفيهم من الخروج بأفكار مثمرة، على سبيل المثال: "كيف يمكنني مساعدتك على تقديم أفضل ما لديك، وعلى أن تحب العمل هنا وتساعدنا جميعاً على النجاح معاً؟".
إقرأ أيضاً: 10 استراتيجيات لزيادة تفاعل الموظفين

2. تقدِّم تجربة العمل التي تناسب كل فرد وحده:

إنَّ إضفاء الطابع الشخصي على تجربة الموظفين هو الأمر الذي يتم السعي إليه من أجل زيادة تفاعل الموظفين وتعزيز الأداء. عبَّر الكاتب الإنجليزي "ماركوس باكنغهام" (Marcus Buckingham)  عن ذلك بقوله: المديرون العاديون يلعبون "الضامة"، في حين يلعب المديرون العظماء الشطرنج؛ بمعنى أنَّ المديرين العظماء يدركون أنَّ اتباع نهج "مقاس واحد يناسب الجميع" لا ينجح في الإدارة.

وقد بدأ أرباب العمل الأذكياء يدركون أنَّ إضفاء الطابع الفردي على تجربة الموظف من شأنه أن يؤدي دوراً رئيساً في قدرته على المنافسة للحصول على المواهب وعلى مساعدة كل موظف على تقديم أكبر مساهمة ممكنة.

فكل إنسان هو فرد وكل موظف لديه وصفة فردية خاصة به للتفاعل؛ إذ تتطلب معرفة كيفية إنشاء هذه الوصفة معرفة كيفية إثارة تفاعل الموظفين في محادثات تزوِّد المديرين بالمعلومات التي يحتاجون إليها ليُخرجوا من موظفيهم أفضلَ ما لديهم.

إقرأ أيضاً: 3 تقنيات لتحسين تجربة الموظفين

3. تحدِّد القواعد والعمليات وممارسات التواصل التي تحبط المواهب المتميزة وتتداخل مع قدرتها على تقديم أكبر مساهمة ممكنة، ومن ثم تقللها أو تزيلها عند الإمكان:

لن يسفر تنفيذ التغييرات الإيجابية إلَّا عن الحد الأدنى من النتائج، وإذا وجدت مواهبك المتميزة نفسها تعاني من الإحباط والفشل الدائمين بسبب عدم كفاية الموارد، وبسبب الإجراءات البيروقراطية غير الضرورية والبيروقراطية الخانقة للتميز أو ضعف التواصل، فإنَّ هذه المعوقات وغيرها تمنع المواهب المتميزة من تحقيق نتائج عالمية المستوى، التي تُبقيهم محفزين وتقدم أعلى قيمة لصاحب العمل.

ويتطلب هذا مرة أخرى جمع معلومات من قائمة المواهب المتميزة لمعرفة ما هي مصادر الإحباط هذه، ومن ثم العمل على تقليلها أو إزالتها إن أمكن.

في الختام:

إذا كنت جاداً عندما تقول: "موظفونا هم أعظم الثروات" وتدرك أنَّ مواهبك المميَّزة هي مفتاح نجاحك، فستكتشف مدى سعادتهم وما يمكنكم القيام به معاً لتحقيق تجربة عمل مجزية أكثر، وكيف يمكنك العمل معهم للمساعدة على خلق الظروف التي تمكِّنهم من القيام بعمل عالمي المستوى يبقيهم محَفَّزين وسعداء للعمل من أجلك، وليس من أجل منافسيك.

المصدر




مقالات مرتبطة