كيف تستعيد السيطرة على حياتك في عالمٍ يسوده الشك؟

لا يُعَدُّ الاعتراف بأنَّك مرهق أمراً مُخجِلاً، فهذا يحدث لنا جميعاً في مرحلة ما من مراحل حياتنا؛ إذ ليس لدينا الكثير من الوقت والطاقة للتعامل مع جميع مسؤولياتنا الشخصية والمهنية، والأسوأ من ذلك، أنَّ الأحداث المُفاجِئة يمكنها أن تجعلنا نشعر بأنَّنا لا نسيطر على حياتنا على الإطلاق، ولسنا بحاجة إلى تذكيرك كيف تسببَت جائحة كوفيد-19 (COVID-19) في اضطرابات في حياتنا كلها.



ولكن ثمَّة بعض الأخبار الحسنة هنا، فحتى في هذا العالم غير المستقر، يتمتع كل واحد منا بالقدرة على استعادة السيطرة على حياته، ويمكنك جعل ذلك ممكناً عن طريق اتخاذ الخطوات الآتية:

1. استخدام التقويم الخاص بك:

يقترح "ليو باباوتا" (Leo Babauta) الكاتب والمُدوِّن في موقع "زينهابيتس" (ZenHabits) "أولاً، خصص وقتاً للحصول على السيطرة، صحيحٌ أنَّ هذا سيستغرق ساعة أو ساعتين، لكنَّك لست مشغولاً جداً في الواقع؛ لذا تستطيع تخصيص وقتٍ لذلك في جدول أعمالك، وإن لم تستطع العثور على الوقت في يوم العمل الخاص بك، فاستيقِظ في وقت مبكر، أو قم بذلك بعد العمل مباشرةً"، وإذا أعطيتَ الأولوية لنفسك، تستطيع أن تعثر على وقتٍ لذلك في جدول أعمالك.

أما إذا كنت لا تزال تؤجل هذا، فقط ذكِّر نفسك بأنَّ هذا أمرٌ ضروري لصحتك العامة وسلامتك، ولكن، كيف يمكنك استعادة السيطرة على حياتك خلال مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن؟ بدايةً، ركِّز على أهدافك ورتِّبها حسب الأولوية، ولنفترض أنَّك تريد السفر أكثر أو بدء عملك الخاص، فمن أجل تحقيق هذه الأهداف، عليك أن تصبح أكثر استقراراً من الناحية المالية، وستحتاج إلى وضع خطة عمل، مثل سداد الديون وكسب دخل إضافي، لجعل ذلك ممكناً.

2. إعداد قائمة بما يمكنك التحكم به:

سواء أعجبك ذلك أم لا، هناك الكثير من الأشياء في الحياة التي لا يمكنك السيطرة عليها، مثل كيفية تصرُّف أحد أفراد الأسرة، أو نتيجة حدث رياضي، أو الظروف الجوية الحالية، أو الجائحة التي تغزو العالم؛ لذلك فمحاولة تغيير ما لا يمكنك تغييره مضيعة للوقت والطاقة.

بدلاً من ذلك، اكتب ما يمكنك التحكم به، ولا يهم إذا كتبتَه على قطعة من الورق أو في تطبيق مثل "إيفرنوت" (Evernote)، فالفكرة هي أنَّ هذا سوف يساعدك على إنفاق وقتك على أهم الأولويات، وإذا خرجتَ عن المسار الصحيح، فيمكنك الرجوع إلى هذه القائمة أو استخدامها كرسالةٍ تذكِّرك بما يجب عليك أن تفعل عند النظر إليها، وبعض الاقتراحات التي يمكنك كتابتها:

  • ساعات عملك وساعات استراحتك.
  • الوجبات التي ستأكلها هذا الأسبوع.
  • كيف ستقضي وقت استراحتك مثل تنظيف منزلك أو القراءة أو التخييم.
  • الأشخاص الذين ترغب في قضاء بعض الوقت معهم.
  • كيفية إعداد مكتبك ومساحة العمل.
  • الكلمات المحفزة والشعارات التي يمكنك استخدامها لتشجيع نفسك واستعادة الدافع.

3. اتِّباع مبدأ الوقاية والاستعداد والتخطيط:

ما لم تكن بحاجة إلى قرض لمساعدة شركتك على الاستمرار خلال جائحة كوفيد-19 (COVID 19)، فهذا يعني العمل على مبدأ الوقاية والتأهب والتخطيط.

  • الوقاية: ممارسة الوقاية من أكثر الطرائق فاعلية لتجنب عدم اليقين، ومن الأمثلة على ذلك العناية بصحتك حتى لا تمرض أو الحفاظ على سيارتك حتى لا تتعطل.
  • الاستعداد: من غير المعقول أن نكون مستعدين لكل سيناريو غير متوقع، ولكن من أوضح الأمثلة على الاستعداد الجيد، الحصول على تأمين أو الاحتفاظ بمبلغ من المال لحالات الطوارئ أو إضافة بعض الوقت بين اجتماعاتك حتى لا تتأخر عليها.
  • التخطيط: خطِّط للأسبوع منذ بدايته وحاول إضافة أولوياتك إلى التقويم لكي تضعها على جدول أعمالك قبل أي شيء آخر، وفي الوقت نفسه، اترك أيضاً أجزاءً فارغةً من الوقت حتى تتمكن من تعديل جدول عملك إذا كان عليك ذلك.

شاهد بالفديو: ملخص كتاب سيطر على حياتك للدكتور إبراهيم الفقي

4. التخلي عن بعض الأشياء:

من الصعب جداً أن تتجاوز الماضي، وأحد أسباب ذلك هو أنَّه يوفر لنا اليقين، وهو "واحد من الحاجات البشرية الأساسية الست التي تتعلق تعلقاً أساسياً بغريزة النجاة"، كما يشرح "توني روبنز" (Tony Robbins).

وهناك سبب وجيه آخر، وهو أنَّنا لا نتذكر الأشياء جيداً عندما لا يكون هناك ارتباط عاطفي بها، فإنَّ الوقوع رهائن الماضي يجعل التقدُّم مستحيلاً، وهذا يعرِّض صحتنا وسعادتنا للخطر، ولحسن الحظ، يمكنك استخدام الاستراتيجيات الآتية للتحرر من الماضي:

  • تحديد ما يعوقك وتكوين هدفٍ واضحٍ للتقدُّم.
  • الاعتراف بمشاعرك وتدريب نفسك لتصبح أكثر إيجابية.
  • تطوير عقلك عن طريق تغذيته بالمعرفة.
  • اختلاق طقوس تمكين، مثل ممارسة الامتنان.
  • إعادة النظر في القائمة التي وضعتَها للأشياء التي لا يمكنك التحكم بها.
  • العمل على النمو الشخصي.
  • إحاطة نفسك بأشخاص إيجابيين وداعمين.
  • رد الجميل للآخرين.

وجدنا أيضاً أنَّ اليقظة الذهنية هي وسيلة بسيطة للحفاظ على تركيزنا على الوقت الحاضر.

5. إدارة العواطف والمعتقدات الخاصة بك:

كتب الدكتور "أنتوني راو" (Anthony Rao) والطبيب النفسي "بول نابر" (Paul Napper): "في الكثير من الأحيان، نتعامل مع أمور الحياة انطلاقاً من المعتقدات اللاواعية، كأن تعتقد مثلاً أنَّك أكبر بكثيرٍ من أن تتعلم مهارة وظيفية جديدة أو أنَّه لا أحد يريد أن يكون صديقك، ونفعل هذا دون أن نكون واعين إلى أنَّ هذا يحبطنا ويمنعنا من محاولة أشياء معينة.

فعندما نكون مدفوعين بالعواطف اللاواعية مثل الخوف أو الحزن أو القلق، يمكن أن يقلل هذا من طاقتنا ويجعلنا نشعر بالفشل أو الإرهاق؛ مما يضر أيضاً بنا ككل؛ أي بالقدرة على تجاوز كل ما يزعجنا، وإيجاد التوازن العاطفي والجسدي، والتفكير بشكل أكثر وضوحاً، والدفاع عن أنفسنا حتى نتمكن من اتخاذ مسار العمل المناسب منطقياً لنا.

كما أنَّ زيادة وعيك بكيفية تحكُّم مشاعرك ومعتقداتك بتفكيرك، وتأثيرها في سلوكك وقراراتك، سيساعدك على التقدم في الحياة بثقة أكبر، وفي حين أنَّ الكشف عن هذه الأفكار الداخلية والعواطف قد يستغرق جهداً، إلا أنَّ التفكير في الذات يساعدك على البقاء قوياً عن طريق التريث في التفكير"، على سبيل المثال: في المرة القادمة التي تشعر فيها بالغضب، لا تقبل تلقائياً تلك العاطفة الضارة ولا تدعها تسيطر عليك؛ بل أوقِفها واسأل أسئلةً عنها، مثل:

  • لماذا أشعر بهذا الشعور؟
  • هل أضغط على نفسي أكثر من اللازم؟
  • هل معتقداتي وتوقعاتي تحتاج إلى بعض التعديل؟

وينصح "راو ونابر" الناس: "يمكنك أن تبدأ بالتريث في التفكير، ثمَّ أخذ أنفاس عميقة بطيئة بينما تكون في مكان هادئ؛ لذا تخلَّ عن التوتر المتراكم في أنحاء جسمك، في حين أنَّ هذا التمرين بسيط، إلا أنَّه سيمنحك الاسترخاء وسيبقيك أكثر وعياً بنفسك، وهذا بدوره سيعزز كل شيء في حياتك من خلال جعلك أكثر مسؤولية عما تشعر به وتفكر فيه".

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي والشخصية الناجحة

6. التصرف بأنانية عندما يتعلق الأمر بوقتك:

يقول لاعب كرة السلة الشهير الراحل "مايكل جوردان" (Michael Jordan): "لكي تكون ناجحاً عليك أن تكون أنانياً، وإلا فلن تُحقق النجاح أبداً، وبمجرد أن تصل إلى أعلى المستويات عليك أن تصبح غير أناني، فامنح الأشخاص القدرة على التواصل معك وابقَ على تواصل معهم، ولا تنعزل".

على الرغم من كل السلبيات المتعلقة بهذا، إلا أنَّ "مايكل جوردن" على حق، ولكن كيف يمكنك أن تكون أكثر أنانية؟ تتعلق المسألة تحديداً بكنزك الأكثر قيمة ألا وهو "وقتك"، فأولاً، ضع الحدود واجعلها غير قابلة للتفاوض، فإذا كنت لا تعمل بعد الساعة 5 مساء فلا تعمل بعدها وأنهِ عملك؛ إذ يمكنك إعلام الآخرين بذلك عن طريق تغيير حالتك في برامج الدردشة أو حظر برنامج عملك من التقويم المشترك.

ثانياً، كن مرتاحاً عند الرفض، والطريق الأسهل لذلك أن تكون صادقاً وشفافاً، فقد يشعر آخرون بخيبة أمل، لكنَّها الطريقة الوحيدة التي يمكنك أن تحصل من خلالها على المزيد من الفرص، وأدرك أنَّه ليس كل شيء أولويةً، فهذه ليست مهمةً سهلة، ولكن يمكنك استخدام مصفوفات الأولويات، مثل مصفوفة أيزنهاور الشهيرة، لتحديد ما تحتاج إلى القيام به الآن، إضافةً إلى ما يمكن تأخيره أو تفويضه أو حذفه.

7. التصرف بتلقائية:

قال عالم الرياضيات "ألفريد نورث وايتهيد" (Alfred North Whitehead) ذات مرة: "تتقدم الحضارة من خلال توسيع عدد العمليات التي يمكننا القيام بها دون التفكير فيها"، ويعني هذا خلق طقوسٍ تحفِّز سلوكاً معيناً تلقائياً في الوقت نفسه؛ لذا فكِّر في عاداتك الصباحية مثلاً، تستيقظ في الوقت نفسه ثم تطبق الروتين الخاص بك نفسه دون التفكير في ذلك، وهذا مفيد لأنَّه يوفر الطاقة وقوة الإرادة، وهما أمران محدودان، وبتوفيرهما يكون لدينا ما يكفي منهما لمعارك أكثر أهمية، مثل إخماد الحرائق.

8. التوقف عن طلب الإذن والسعي إلى نَيل قبول الآخرين:

بصفتنا بشراً، نحن نرغب في الحصول على قبول الآخرين من حين لآخر، وفي الواقع، في العصور القديمة، كان هذا حيوياً لبقائنا، وربما لهذا السبب نحن ندمن بشراهة على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم.

يقول المؤلف ومقدِّم المدونات الصوتية "كريس بروك" (Chris Brock): "ولكن في الكثير من الأحيان نجد أنفسنا نغير ما نقوم به، وكيف نعيش حياتنا، أو حتى نمتنع عن اتخاذ قرارات هامة، فمن أجل نَيل رضا الآخرين وقبولهم، نحن نعيش وفقاً لما نعدُّه قيم الآخرين، ولكنَّهم لن يعيشوا حياتك، وطالما عشت حياتك وفقاً لما يعتقدون أنَّه هام بالنسبة إليهم، فلن تعيش حياتك.

وعندما لا تعيش حياتك، تعيش كذبةً؛ لذلك توقَّف عن الاهتمام بما يعتقده الآخرون وتوقَّف عن السعي إلى الحصول على قبولهم وموافقتهم قبل أن تتصرف، وتعلَّم كيف تتخذ القرارات دون أخذ الإذن من أحد، وستكبر ثقتك بنفسك مباشرةً وستصبح أكثر حزماً وستحظى بالمزيد من القوة والقدرة على التحكم بوضعك".

إقرأ أيضاً: السعي لإرضاء الآخرين: تعريفه، وأسبابه، وأضراره، وطرق التخلص منه

9. إنجاز المهام واحدةً تلو الأخرى:

لا نقصد بهذا التحدث على الهاتف في أثناء طي الغسيل؛ بل نقصد عدم الرد على البريد الإلكتروني في أثناء العمل، والسبب في هذا بسيط جداً، فتعدُّد المهام أسطورة لا أساس لها من الصحة والتنقل بين المهام يمكن أن يكلِّفك الكثير، على سبيل المثال: نحتاج إلى 25 دقيقة لمتابعة مهمة ما بعد الانقطاع عنها؛ لذلك أنجِز المهام واحدةً تلو الأخرى، وابتعِد عن مصادر تشتيت الانتباه كالهاتف، وأغلِق باب المكتب في أثناء العمل على المهام الهامة.

المصدر




مقالات مرتبطة