ومن الجدير بالذكر أنَّ أحد إنجازات أيزنهاور الأطول أمداً لم يأتِ من رئاسته، على الرغم من تأثيره في عمله، كجنرال في الجيش الأمريكي وفي مناصب قيادية عسكرية أخرى، طوَّرَ أيزنهاور نظاماً ساعده على ترتيب مهامه يوميَّاً حسب الأولوية، وجعله هذا الترتيب الفعال للأولويات قائداً أفضل للجيش ولبلده.
ستساعدك مصفوفة الهام والعاجل (The Urgent-Important Matrix)، المعروفة أيضا باسم مصفوفة أيزنهاور (Eisenhower Matrix)، على ترتيب قائمة المهام حسب الأولوية وزيادة كفاءتك وإنتاجيتك اليومية؛ لذا دعنا نوضِّحُ كيف تعمل وكيف يمكنك تنفيذها في حياتك الخاصة:
تعرَّف إلى الأرباع:
تعمل مصفوفة أيزنهاور من خلال تقسيم المهام إلى أربعة أجزاء، وتساعدك الصفوف والأعمدة على تحديد موقع المهام؛ حيث تمثِّل الأعمدة مهاماً عاجلة وغير عاجلة، بينما تُشير الصفوف المرافقة إلى مهام هامة وغير هامة، وبجمع الأعمدة والصفوف معاً، تحصل على هذه الأرباع الفريدة:
الربع الأول، افعل:
يحتوي الربع الأول على جميع المهام الأكثر أهمية في اليوم، يتقاطع هنا العاجل مع الهام، وهذا هو المكان الذي سيَنصَبُّ عليه اهتمامك في المقام الأول، ومن ثم، هذا هو ربع "الفعل"؛ مما يعني أنَّه يجب تنفيذ هذه المهام في أسرع وقت ممكن؛ حيث ستنتقل المواعيد النهائية المحددة مسبقاً إلى هذا الربع - خاصة تلك التي لا تتمتع بأي مرونة - وسيشمل ذلك الاجتماعات مع العملاء أو رحلات جوية مجدولة أو مواعيد نهائية لمهام التحرير؛ هذه المهام هي أولى المهام التي يجب عليك الاهتمام بها كل صباح.
يمكن أيضاً إدراج المهام غير المخطط لها غالباً في هذا الربع، ويجب أن تكون مستعداً لها، فعلى سبيل المثال، إذا فقد مكتبك الاتصال بالإنترنت بالكامل، فسوف يتعين عليك إفساح مجالٍ لهذه الحالة الطارئة في جدول أعمالك من خلال تغيير أولوياتك بسرعة.
الربع الثاني، قرِّر:
قد يخلط بعض الناس بين المهام الهامة والعاجلة، وسوف يساعدك هذا الربع الثاني على الفصل بين الاثنين، ففي حين أنَّ هذه المهام مهمة بالتأكيد بالنسبة إليك، إلا أنَّه يمكن جدولتها في الوقت المناسب بدلاً من وجودها في أي وقت متاح في التقويم الخاص بك.
فعلى سبيل المثال، يُعَدُّ الحفاظ على صحتك البدنية أمراً هامَّاً، ولكن قد لا يكون عاجلاً مثل مشروعٍ له موعدٌ نهائيٌّ محدد؛ فلذا أَضِف هنا مهمة الذهاب إلى النادي الرياضي، وسيساعدك هذا على ضمان تخصيص وقت لصحتك الجسدية دون السماح لها بالتحول إلى عبءٍ عليك.
يمكنك وضع الوقت الإضافي الذي ترغب في قضائه مع عائلتك في هذا الربع، أو وقتٍ لممارسة هواية شخصية، أو حتى قراءة كتاب للاسترخاء في فترة بعد الظهر.
الربع الثالث، فوِّض:
بعض المهام عاجلة ولكنَّها ليست بالأهمية نفسها لتلك المهام التي تملأ الربع الأول، فهذه هي المهام التي يجب عليك تفويضها إذا أمكن إلى شخص آخر، فبالنسبة إلى أولئك الذين يمتلكون قدراتٍ قيادية، من الهام التركيز على هذا الربع بشكلٍ خاص؛ حيث يمكن أن ينشغل العديد من القادة بالتفاصيل، لدرجة أنَّهم يقضون وقتاً طويلاً في ملء الربع الأول بينما هم قادرون على نقل بعض المهام إلى الربع الثالث؛ لذا فكر فقط في أنواع المهام التي ستُسندها إلى مساعد أو رئيس قسم.
على سبيل المثال، قد تكون جدولة المواعيد في التقويم الخاص بك أمراً عاجلاً، ولكنَّها لن تكون بالأهمية نفسها للاجتماع الذي أنت في طريقك لحضوره، فيمكن تفويض مسؤولية الجدولة إلى سكرتير بدلاً من ذلك.
الربع الرابع، تجاهَل:
هذا الربع الأخير في مصفوفة أيزنهاور، مهام هذا الربع ليست ملِحَّة ولا مهمة، وعلى هذا النحو، ينبغي نسيانها؛ حيث سيُطلق بعض الأشخاص على هذا القسم "لا داعي للقيام بها" أو حتى قسم "الحذف"؛ حيث إنَّ لديك ثلاث أرباع أخرى من المهام الأكثر أهمية التي ينبغي عليك التفكير فيها أولاً؛ لذا بعض هذه المهام لن تصل حتى إلى التقويم الخاص بك، مثل تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو أخذ قيلولة، فهذه المهام ليست مهمة أو عاجلة إجمالاً، حتى لو كانت جذابة، وجزء من سبب نجاح مصفوفة أيزنهاور؛ هو أنَّها تُحوِّل انتباهك بعيداً عن عوامل التشتيت هذه إلى مشاريع أكثر إنتاجية.
شاهد بالفديو: 18 نصيحة سريعة لاستثمار الوقت بفاعلية
ابدأ مع المصفوفة الخاصة بك:
سيكون لكل شخص مصفوفة مختلفة اعتماداً على وظيفته وأقدميته والمهام ذات الأولوية، على أي حال، هذه بضع نصائح تستطيع من خلالها بدء وضع مصفوفتك:
1. دوِّن مهامك:
ابدأ بتدوين كل مهمة تأمل في إنجازها في الأيام القادمة، وضَع قائمة بالمواعيد النهائية والأهداف والمواعيد الهامة، فلا تتردد في إضافة حتى أصغر العناصر إلى هذه القائمة، فهي ستُراجَع لاحقاً؛ ولأنَّك في مرحلة التعود على استخدام مصفوفة لتحديد المهام ذات الأولوية، فلا تشغل تفكيرك الآن في الأرباع التي تنتمي إليها كل مهمة، وبدلاً من ذلك، ركِّز أولاً على التأكد من وضع جميع مهامك أمامك؛ حتى تتمكن من تحديد كيفية تنظيمها كلَّها.
2. ابدأ من الأكثر أهمية:
الآن بعد أن وَضعتَ قائمة مهامك، حان الوقت لرسم مصفوفة أيزنهاور الخاصة بك؛ حيث يمكنك رسم واحدة في دفتر ملاحظات أو استخدام برنامج عبر الإنترنت مثل "مايكروسوفت إكسل" (Microsoft Excel) أو "غوغل شيتس" (Google Sheets) للقيام بذلك.
ستتكون المصفوفة من أربعة مربعات تشكل مع بعضها مربعاً كبيراً؛ حيث يُوضَع الربع الأول، ربع "العمل"، في الزاوية اليسرى العليا، والربع الثاني إلى يمينه مباشرةً، وسيكون الربع الثالث أسفله مباشرةً، وسيشغلُ الربع الرابع والأخير البقعة المتبقية في الزاوية اليمنى السفلية، وبمجرد الانتهاء من الرسم البسيط، ابدأ بملء كل ربع بالمهام المناسبة، فابدأ بالمهام العاجلة والهامة أولاً، ثم انتقل تدريجيَّاً إلى باقي الأرباع، وكلَّما أصبحتَ أكثر إلماماً بعمل المصفوفة، ستُنظِّم مهامك بشكل أفضل بهذه الطريقة.
3. احتفظ بهذه المصفوفة معك:
لا تُعَدُّ مصفوفة أيزنهاور من النوع الذي يظلُّ محفوراً في الذاكرة ما لم تكن لديك ذاكرة لا تشوبها شائبة، فعندما تبدأ، احتفظ بالمصفوفة معك؛ حتى تتمكن من الرجوع إليها طوال اليوم، فيمكن القيام بذلك بسهولة، إذا كنت تتبعه عبر الإنترنت ويمكنك الوصول إلى المصفوفة الخاصة بك من أي جهاز إلكتروني، وهذه خطوة مهمة؛ حيث ستكون هناك أوقات قد تحتاج فيها المصفوفة إلى التعديل، كما ذُكِر آنفاً في حالة حدوث أزمة غير مخطط لها، وبالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تساعد الإشارة إلى المصفوفة على ضمان التزامك بالمعلومات التي تحددها لكل مهمة.
الآن بعد أن أصبح لديك فكرة عن كيفية إنشاء مصفوفة أيزنهاور، فقد حان الوقت للاستفادة منها؛ لذا أجرِ اختبار خلال الأسبوع المقبل؛ لتعرف كيف سيُغيِّرُ تحديد الأولويات في العمل نهجك ويؤثر في إنتاجيتك.
أضف تعليقاً