كيف تزيد إنتاجيتك؟

الإنتاجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسعادة؛ حيث وجد بحث أجرته "كلية سعيد لإدارة الأعمال" (Saïd Business School) في "جامعة أكسفورد" (Oxford University) أنَّ إنتاجية العمال تزيد بنسبة 13% عندما يكونون سعداء؛ ونتيجة لذلك يزداد معها الاندماج والولاء، كما أنَّ صحة الموظفين السعداء أفضل، وطبيعة السعادة تعني أنَّها ستنتشر من شخص إلى أنحاء شركتك جميعها. والأفضل من ذلك أنَّ هناك أموراً صغيرة وسهلة مثل الخطوات التسع التالية، والتي يمكنك اتِّخاذها لتصبح أسعد، ومن ثم تزيد إنتاجيتك:



1. التصرف على سجيتك دون تكلُّف:

تقول الكوتش "جيس ستيوارت" (Jess Stuart): "نحن نعيش في عالم تحيطنا فيه المثل العليا من كل جانب، ونميل إلى مقارنة أنفسنا بالآخرين، فلا عجب بأنَّ الكثيرين منا يشعرون أنَّهم ليسوا جيِّدين بما فيه الكفاية.

لقد كنتُ أقول في نفسي إنَّ الكتابة هواية وليست وظيفة حقيقية، وسعيتُ إلى إثارة إعجاب الآخرين عبر الحصول على الترقيات والنجاح والمكانة الاجتماعية، ولكن لم يسعدني أيٌّ من ذلك، وللعثور على السعادة، يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ونعيش أحلامنا ونفخر بكوننا فريدين؛ لذا عوضاً عن مقارنة نفسك بالآخرين، يجب أن تعرف ما إذا كنت تحقق إمكاناتك بشكل يتفق مع قيمك".

بالطبع قد تصبح سعيداً إذا استقلتَ من وظيفتك الحالية وانطلقتَ في طريق جديد، لكنَّ هذا الخيار ليس ممكناً بالنسبة إلى الجميع، وعوضاً عن ذلك، ركِّز في الأمور الصغيرة التي تشجعك على أن تكون على طبيعتك، على سبيل المثال: إذا كنتَ تُفضِّل السهر، فلستَ مضطراً إلى إجبار نفسك على الاستيقاظ مبكراً لمجرد أنَّ الجميع يخبرونك أنَّه يجب عليك فعل ذلك.

2. تحديد فترة استخدام الأجهزة الإلكترونية:

كان متوسط الوقت الذي يقضيه الأمريكيون على وسائل الإعلام يومياً في عام 2019 هو 12 ساعة و9 دقائق، وحتى قبل جائحة كوفيد-19، كان من المتوقع أن يزداد هذا الوقت بمقدار 4 دقائق إضافية، وذلك مثير للقلق؛ لأنَّ قضاء وقت طويل على هاتفك يُولِّد مشاعر القلق أو الاكتئاب، ويمكن أن يؤذي أيضاً عادات نومك، كما يمكن أن يؤثر سلباً في أدائك في العمل؛ حيث وجدت الأبحاث أنَّ تقليل الوقت الذي تقضيه أمام الشاشات في العمل، له الآثار التالية:

  • يعتقد 75% من الأشخاص أنَّهم ينجزون أكثر ويكونون أعلى إنتاجية.
  • ذكر 57% أنَّهم يتحمسون لبذل قصارى جهدهم.
  • يشعر 51% بمزيد من الثقة.
  • أفاد 49% أنَّهم يكونون أسعد.
  • يقول 44% إنَّهم يقدمون نتائج أفضل.

في الوقت نفسه، تجنُّب استخدام هاتفك وحاسوبك ليس بالأمر السهل، ولكن إليك بعض النصائح للبدء:

  • خصِّص وقتاً لاستخدامها: خاصةً فيما يتعلق بالبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وخصِّص وقتاً في الصباح وبعد الظهر وفي وقت مبكر من المساء للبقاء على اتصال، وأوقِف تشغيل الإشعارات خارج تلك الأوقات.
  • حدِّد مناطق خالية من التكنولوجيا: امتنع عن استخدام الأجهزة الإلكترونية في غرفة نومك وحمامك وعلى مائدة الطعام.
  • ابحث عن طرائق لإلهاء نفسك: افعل شيئاً آخر غير تصفح وسائل التواصل الاجتماعي عندما تشعر بالملل، مثل ممارسة هواية أو الخروج في نزهة أو التنظيف أو القراءة.
  • احذف تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي: وسائل التواصل الاجتماعي سامة ومُسبِّبة للإدمان، لكن إذا كنتَ بحاجة إلى استخدام هذه العلامات التجارية أو الشبكات، فليقتصر الأمر على تسجيل الدخول من حاسوبك خلال أوقات محددة.
  • التقِ بالناس شخصياً أو تحدَّث إليهم عبر الهاتف: حدِّد مواعيد للمزيد من اللقاءات الشخصية أو أَجرِ مكالمة هاتفية عوضاً عن الاعتماد على تطبيقات الدردشة أو البريد الإلكتروني.
  • اترك هاتفك في المنزل: لا تأخذ هاتفك معك عندما تذهب في نزهة أو إلى التسوق من البقالة.

3. التعبير عن الامتنان:

في حين أنَّ الحد من الوقت الذي تقضيه أمام الشاشات قد يكون مفيداً وحده، ولكن يمكنك أيضاً استثمار ذلك الوقت لصالحك، على سبيل المثال: لممارسة الامتنان وتقوية العلاقات، يقول "شون أكور" (Shawn Achor) الباحث المتدرب في "جامعة هارفارد" (Harvard University) ومؤلف كتاب "قبل السعادة" (Before Happiness): "اكتب بريداً إلكترونياً لدقيقتين أو تغريدة أو منشوراً على موقع "فيسبوك" (Facebook) أو رسالة نصية تمدح أو تشكر شخصاً تعرفه؛ وذلك أمر في غاية البساطة لا يستغرق أكثر من دقيقتين، بطول جملتين أو ثلاث، وستكون بعده شخصاً مختلفاً لمدة 21 يوماً".

وجد بحث "أكور" أنَّ ممارسة هذه الخطوة لمدة ثلاثة أسابيع، زادت سعادة الفرد الذي يمارسها، والأهم من ذلك شعر هذا الفرد أيضاً بالدعم الاجتماعي القوي؛ حيث قال "أكور" خلال ظهوره في برنامج "سوبر سول سندي" (Super Soul Sunday): "والدعم الاجتماعي مؤشر قوي على طول العمر كما السمنة وارتفاع ضغط الدم والتدخين".

يقول "أكور": "نحاول التغلب على السلبيات طوال الوقت، لكنَّنا ننسى أن نخبر الناس عن فاعلية رسالة إلكترونية إيجابية تحتاج إلى دقيقتين فقط لكتابتها"، ولا تستبعد أساليب الاتصال القديمة؛ حيث يقول "أكور": "المكالمات الهاتفية أفضل، ومن الأفضل أكثر أن يكون التواصل وجهاً لوجه".

كما يُحسِّن التعبير عن الامتنان عبر كتابة رسائل الشكر عافية كل من الشخص الذي يكتبها والذي يتلقاها؛ إذ يقول الدكتور "أميت كومار" (Amit Kumar) الذي بحث في فوائد رسائل الشكر المكتوبة بخط اليد: "وجدنا أنَّ كتابة مثل هذه الرسائل المدروسة والصادقة لا يستغرق سوى دقيقتين، لكنَّ فوائده أكبر مما يتوقعه الناس".

يمكنك أيضاً ممارسة مزيج من الخيارات السابقة، على سبيل المثال: عند التحقُّق من بريدك الوارد قبل العمل، أرسل بريداً إلكترونياً لشكر موظف على عمله الشاق أو تهنئة صديق على ترقية.

شاهد بالفديو: 5 فوائد مثبتة للشعور بالامتنان
 

4. تخصيص وقت للتنفيس عن المشاعر:

إذا كنتَ تشعر بالقلق أو التوتر بشأن مشروع قادم أو الوضع الحالي للعالم، أو تعاني من الأرق بسبب موعد نهائي أو قرار عليك اتخاذه، أو إذا كانت الموازنة بين التزامات العمل والحياة تسبب لك التوتر؛ فذلك أمر طبيعي، ولكن يجب أن تجد طريقة للتعامل مع هذه المشاعر، وإلا ستُعرِّض إنتاجيتك وحتى عافيتك عموماً للخطر.

إحدى الطرائق البسيطة لتحقيق ذلك هي تخصيص وقت "التوتر"، وقد يبدو هذا غريباً، لكنَّ تخصيص دقيقتين بضع مرات كل أسبوع يسمح لك بحل هذه المشكلات، وقد تُدرِك حتى أنَّ الكثير مما يضغط عليك هو إما غير منطقي أو ليس تحت سيطرتك، حينها يمكنك تجنُّب هدر الوقت والطاقة على هذه الأفكار.

ننصحك بفعل هذا في الصباح، فهي بداية رائعة لنهارك، وتسمح لك بتصفية ذهنك حتى تتمكن من التركيز في أولوياتك، أما إذا قمتَ بذلك قبل النوم، فقد تواجه مشكلة في الخلود إلى النوم؛ وذلك لأنَّ عقلك سيكون نشطاً بعدها.

5. ممارسة النشاط الجسدي:

توقَّف عن التذرُّع بعدم وجود وقت لممارسة الرياضة؛ إذ أظهرَت دراسة حديثة أنَّ 11 دقيقة من التمرينات المعتدلة لا أكثر، كفيلة بأن تُطيلَ عمرك، علاوة على ذلك، النشاط البدني هو وسيلة مثبتة لتحسين مزاجك وتعزيز طاقتك، وأبسط الخيارات هي نزهة سريعة أو استخدام جهاز المشي، لكن يمكنك أيضاً ممارسة اليوغا أو الرقص أو أي نوع من التمرينات الرياضية.

6. اختزال مدة الاجتماعات:

كتبَ المؤلف والمُتحدِّث "جيف هيدن" (Jeff Haden) في مقال على موقع (Inc.com): "أهدرَ الشخص الذي ابتكر برامج التقويم الوقت، وقسَّمه افتراضياً إلى فترات مدة كل منها ساعة الملايين من ساعات الناس"، وذلك صحيح، فغالبية الاجتماعات ليست منتجة؛ بل حتى إنَّها مكروهة؛ وذلك لأنَّها طويلة جداً.

يضيف "هيدن": "يمكن التعامل مع معظم الأمور خلال 30 دقيقة فقط، حتى إنَّه يمكن التعامل مع معظمها خلال 15 دقيقة، خاصةً إذا كان الحاضرون كلهم يعرفون أنَّ الاجتماع سيستغرق 15 دقيقة فقط"، ثم ينصح: "لا تعتمد على الوضع الافتراضي لأدوات التقويم، وخصِّص ساعة كاملة للموعد فقط إذا كنتَ تعرف حقاً أنَّك ستحتاج إليها".

إقرأ أيضاً: إدارة الاجتماعات الناجحة

7. الضحك:

الضحك هو أفضل دواء؛ ولهذا السبب عندما تحتاج إلى جرعة من السعادة، يكفي مشاهدة فيديو مضحك، ولكنَّ استنكار الذات له العديد من الفوائد الأخرى أيضاً.

تذكُر قناة "إن بي سي نيوز" (NBC News): "وُجِدَ أنَّ أولئك الذين يُروِّحون عن أنفسهم بالضحك، يمكنهم النظر إلى أنفسهم أو الأخطاء التي ارتكبوها من وجهة نظر الآخرين"، ويمكن أن يحميك هذا من أمراض القلب ويساعدك على تحمُّل الألم بشكل أفضل، ويعزز ذاكرتك قصيرة الأمد، والأهم من ذلك يزيد الضحك مرونتك ويُحسِّن قدرتك على التكيُّف مع الشدائد.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعدك إطلاق الدعابات على التخفيف من التوتر وتعزيز التعاطف الذاتي والتفكير في التحديات بطريقة مختلفة، ويمكن أن تساعدك النظرة المتفائلة على تكوين علاقات أكثر إيجابية، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي وحل المشكلات.

8. مكافأة نفسك:

قال أحدهم: "لا يمكن للمال شراء السعادة، لكن يمكنه شراء المثلجات؛ وهما الشيء نفسه تقريباً"، ولا يعني ذلك أن تشتري المثلجات حرفياً؛ بل يشجعنا هذا الاقتباس على مكافأة أنفسنا بأمور صغيرة؛ إذ تُظهر الدراسات التي تستخدم "مقياس الرضا عن الحياة" (Satisfied With Life Scale) أنَّ المُتَع الصغيرة العادية لها تأثير أقوى من المُتَع الكبيرة، وإليك بعض الاقتراحات لمكافآت صغيرة:

  • اللَّعب مع حيوانك الأليف: وجدت الأبحاث أنَّ الوجود بالقرب من الحيوانات الأليفة، يزيد من مستويات هرمون "الأوكسيتوسين" (oxytocin)، وأنَّ وجودها في مكان العمل، يخفف التوتر ويزيد الرضا الوظيفي.
  • شراء الزهور لنفسك: وجدَت دراسة أُجرِيَت عام 2005 أنَّ ذلك يُحسِّن مزاجك لمدة تصل إلى 3 أيام.
  • ممارسة العناية الذاتية: وُجِد أنَّ أخذ قيلولة يزيد السعادة، وأظهرت دراسة أخرى أنَّ الاستحمام يبعث فينا الحيوية والبهجة.
  • الاستمتاع بقهوتك المفضلة: يزيد الكافيين من مستويات الطاقة؛ وذلك لأنَّه يمنع مرور الناقل العصبي الذي يسبب النعاس، كما تُحسِّن القهوة وظائف الدماغ وتُخفِّف الاكتئاب.
  • التصرُّف بكرم: إنَّ القيام بشيء يفيد الآخرين مثل "التبرُّع"، هو طريقة مُثبَتة وفعالة للشعور بالسعادة، وحتى التصرف بكرم ولو قليلاً كافٍ.
إقرأ أيضاً: 9 طرق بسيطة لمكافأة نفسك والقضاء على التراخي

9. استثمار التسويف في تعزيز الإنتاجية:

كلٌّ لديه أسبابه للتسويف، ولكن إذا أصبح ذلك عادةً متكررة، فقد يؤدي إلى تفويتك لمواعيد هامة؛ مما يزيد توترك، لكن قد يكون التسويف مفيداً في بعض الأحيان؛ حيث يجد بعض الأشخاص أنَّ المماطلة تُحسِّن عملية صنع القرار، وتساعدهم على ملاحظة الأشياء وتحفِّز الإبداع.

كل ذلك مُتعلِّق باستخدام الوقت بكفاءة أكبر؛ مما يعني أنَّك إذا لم تتمكن من استجماع تركيزك، فلا يعني ذلك أن تقضي وقتك في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وعوضاً عن ذلك أنجِز عملاً روتينياً منزلياً، أو مارِس تمريناً سريعاً، أو اقرأ شيئاً مفيداً، لكن لا تجبر نفسك على أن تكون سعيداً.

يوجد فارق بين محاولة إسعاد نفسك وإجبارها على ذلك، وكما ذكرنا آنفاً، إذا كان مزاجك معكراً، فقد تفيدك مشاهدة شيء مضحك أو إلقاء دعابة غير مؤذية عن نفسك، حتى إنَّ "سوزان ديفيد" (Susan David) عالمة النفس والمُؤلِّفة في "جامعة هارفارد" (Harvard University) تعتقد بأنَّ التفكير الإيجابي القسري لن يجعلك سعيداً تلقائياً؛ بل قد يجعلك في الواقع غير سعيد، وعوضاً عن ذلك، لا تتجاهل مشاعرك، واعترف واستمِع لما تشير إليه؛ إذ إنَّ المشاعر السلبية مفيدة وتعمل مثل تحذير يرشدك لاتِّخاذ إجراء.

المصدر




مقالات مرتبطة