كيف تحصل على أفضل العملاء من خلال إظهار مواطن ضعفك؟

على الرغم من أنَّ الضعف أمام الآخرين قد يكون صعباً في البداية، إلا أنَّه قوة فاعلة يمكن أن تساعدك على تحقيق أقصى قدرٍ من النجاح المهني.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "سيمون لوفيل" (Simon Lovell) والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في استثمار الضعف للحصول على عملاء مميَّزين.

تعلَّمتُ أول درس عظيم عن الرابط بين الضعف أمام الآخرين وجذب العملاء المثاليين منذ حوالي ست سنوات عندما اعترتني لحظة شجاعة نادرة، وكتبتُ حينها منشوراً في مدوَّنتي عن إدماني، وقبل تلك اللحظة، كان من المستحيل أن أبوح بذلك، لكنَّ شيئاً ما حرَّك مشاعري، وشعرتُ بصوتٍ بداخلي يناديني لإنقاذ حياة الناس.

كان جلُّ خوفي يتركز حول خسارة عملي، فإذا عرف الناس حقيقتي، فإنَّهم سيهربون بعيداً وسينهار كل شيء، وقد ينتهي بي الأمر بالعيش مع والديَّ، واستمرت قصص السيناريوهات الأسوأ تراودني بلا توقف، ولكن بعد بضع ساعاتٍ من نشر المقال ومشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأتُ بتلقِّي رسائل عديدة مثل "أنا أمرُّ بالشيء نفسه، لقد ساعدني ذلك حقاً"، فكنتُ أخشى ألا يتم توظيفي، ولكن حدث العكس، فالثقة التي خلقها ضعفي أمام الآخرين كانت بمنزلة مغناطيس.

إقرأ أيضاً: 6 طرائق لجعل الناس يشاركون المحتوى الخاص بك

لقد كانت نقطة تحوُّلٍ كبيرة؛ وذلك لأنَّها سمحَت لي بالتعامل مع الناس بشكلٍ مختلف، والأهم من ذلك كله، أنَّها غيَّرَت طريقة تفكيري، فبينما كنتُ أخشى أن يحكم عليَّ الآخرون، كنتُ في الواقع أحكم عليهم، ومثال واقعي على ذلك: عدم إظهار الضعف أمام الآخرين.

دعنا نفكر في سيناريو واقعي يحدث في عالم الأعمال الآن يومياً أكثر مما تعتقد؛ حيث تدير "سارة" شركة تسويقٍ في "نيويورك"، وعن طريق أحد معارفها، دُعيت للمشاركة في مدوَّنة صوتية ناجحة مع وجود حوالي 500000 مستمع للدردشة حول نموها المهني؛ لقد بدَت ذكيةً، وكانت تجلس مقابل المضيف، وبدؤوا بالتحدث عن الشركة.

كانت "سارة" سعيدةً كونها تتحدث عن أمور مألوفة لها، ولكن بعد ذلك طرح المضيف سؤالاً غير متوقع: "هل يمكنكِ أن تخبريني عن بعض التحديات الشخصية التي اعترضَت طريقكِ في أثناء تطوير الشركة؟".

كان سؤالاً غير متوقعٍ بالنسبة إلى "سارة"، فبدأ جسدها يتجمد، وردَّت: "حسناً، إنَّها الأمور العادية كما تعرف"، ولكونه مضيفاً متمرساً، فقد سأل بشكلٍ أعمق: "مثل ماذا؟"، ولكنَّه عندما رأى علامات الدهشة تعلو وجهها، أراد إخراجها من هذا المأزق، فسألها: "هل هو تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟"، فأجابت: "نعم"، ثمَّ تابعا الحوار.

إليك كيف يمكن للمحادثة أن تجري بصورة دورية.

السؤال ذاته: "هل يمكنكِ أن تخبريني عن التحديات الشخصية التي اعترضَت طريقكِ في أثناء تطوير الشركة؟"، أجابت "سارة": "حسناً، لقد كنت في بداية الجائحة أمرُّ بالكثير من الصعوبات مع الشركة ومع عائلتي، وبذلتُ ما في وسعي لأكون مع زوجي، وكدنا أن ننفصل، وكلُّ ما أراده هو أن أكون حاضرةً معه ومع الأطفال".

في هذه اللحظة، يتردد صدى عبارة "حاضرةً مع العائلة" في داخله، ومن ثمَّ يتواصلون بعمقٍ أكبر.

تستمر الحلقة عادةً لمدة 60 دقيقة، لكنَّ هذه الحلقة استغرقَت ساعتين، وهي أطول حلقة له حتى الآن، ونتيجةً لذلك، يتغير العنوان الرئيس المحدَّد للمدوَّنة الصوتية، وينتهي بملاحظة المستمعين لجانبٍ مختلفٍ لكلٍّ من المضيف والضيف، وبدلاً من وجود 500000 تنزيل للمقطع، تحصل الحلقة على 1.5 مليون تنزيل.

يمتلئ البريد الوارد لـ "سارة" برسائلٍ من رواد أعمالٍ آخرين يمرُّون بالتجربة نفسها، وتحصل على طلبات محادثاتٍ فردية على منصة "زووم" (Zoom) من ثلاثةٍ منهم، ويصادف أن يكون أحدهم الرئيس التنفيذي لشركة ترفيه - وهو عميل الأحلام الذي اكتسبَته - وبعد مرور عام، ظهرَت "سارة" في فيلمٍ وثائقي تلفزيوني عن القيادات النسائية، ولديها الآن قائمة انتظار وتحتاج إلى تعيين خمسة مديرين تنفيذيين آخرين للتسويق.

إقرأ أيضاً: أسلوب قيادة نقاط القوة: فهم نقاط القوة ونقاط الضعف

عندما نعترف بمشاعرنا، ينبغي ألا نخفي ضعفنا، إذاً ما الفارق بين المثالين؟

في المثال الأول، لم تكن "سارة" متصالحةً مع نفسها تماماً، ففي حين أنَّها قدَّمت نفسها على أنَّها واثقةٌ من نفسها، أثار سؤال المضيف خوفاً عميقاً من الحكم عليها وخوفاً من خسارة العمل، فهي لم ترغب في التحدث عما هو حقيقي وصحيح لأنَّه سيكشف ضعفها، وهذا يخيف غرورها (الذات الزائفة)، وعلى الرغم من أنَّها لا تدرك ذلك، فقد عادت إلى اللحظة التي كانت تبلغ فيها من العمر عشر سنوات في المدرسة عندما سخروا منها بسبب صدقها في مسألة ما، وقد أدى هذا الموقف إلى إحجامها عن التحدث بصراحة عندما أصبحَت بالغة.

في المثال الثاني، قامت "سارة" بالعمل على تطوير ذكائها العاطفي، وتحمُّل مسؤولية قصتها والتعامل مع المشاعر من ماضيها، وقد اتخذَت خطواتٍ شجاعة لعلاج الفتاة الصغيرة التي بداخلها والتي كانت تنفعل باستمرار من التهديدات العاطفية، وهذا مثالٌ يؤكِّد أنَّ الاهتمام بأنفسنا والقيام بالعمل الجاد والصادق للتعافي من ندبات الماضي يساعدنا على إجراء محادثاتٍ تُظهر ضعفنا دون خوف.

عندما نعترف بمشاعرنا، لا يغدو الضعف "شيئاً" ينبغي تجنُّبه؛ بل حتى لا يُعَدُّ مشكلةً في معظم الحالات، فهو أسلوب حياة؛ وذلك لأنَّ التعبير عن الذات يصبح المعيار الجديد عوضاً عن كبت المشاعر بسبب الخوف، ومن الصعب عليك استيعاب ذلك ما لم تُجرِّب الكشف عن ضعفك، فكان ذلك أكبر إنجازٍ بالنسبة إليَّ، والآن بالنسبة إلى عملائي؛ حيث إنَّني أساعدهم على عيش حياةٍ حقيقية لأنفسهم.

إنَّ النتيجة العرضية لتجسيد هذه الحياة هي أنَّك ستجذب العملاء الذين يشبهون شخصيتك الحقيقية وليس تلك الشخصية التي تُظهرها لحماية نفسك، ولقد رأيتُ مؤخراً مسوِّقاً معروفاً يتحدث بصراحة وضعف عن إيمانه بالله ويقول إنَّه كان يخشى من حكم جمهوره عليه إذا تحدَّث عن ذلك، ولذلك انتقلتُ من الإعجاب به إلى احترامه، ونتيجةً لذلك، بدأتُ بشراء منتجاته، وكان الفيديو الخاص به صادقاً لأنَّه نبع من أعماق قلبه، ولم يكن الهدف منه عقد الصفقات؛ بل كان نتيجةً لصدقه مع نفسه؛ حيث يستشعر الكثير من الناس عندما يُستخدَم الضعف كوسيلة لتحقيق غايةٍ ما.

إنَّ العملاء الذين يعملون معك لأنَّك ضعيف هم عملاء الأحلام؛ ذلك لأنَّهم عادةً ما يكونون أكثر انفتاحاً وصدقاً ويتواصلون دون خوف ويجعلون التعامل معهم أسهل بكثير؛ حيث أصبح مستقبل الأعمال التجارية أكثر واقعيةً، فإن كنتَ تجد صعوبةً في التعامل بواقعية مع الآخرين، فإنَّ تذليل هذه العقبة، سيساعدك أنت وعملك التجاري مساعدةً كبيرةً، فافعل ذلك دائماً من أجل مصلحتك، والآن، ربما أصبحتَ تشعر بالمزيد من الحماسة للكشف عن ضعفك بعد أن عرفتَ أنَّه يحقق لك نجاحاً باهراً.

المصدر




مقالات مرتبطة