كيف تحسن حياتك من خلال تطوير عقلية إيجابية؟

يمكن أن تحوِّل العقلية الإيجابية الحياة العادية إلى حياة رائعة؛ إذ إنَّ سلوكك ينبثق مما تشعر به على مدار اليوم، وعندما تشعر غالباً بالرضى عن نفسك، فإنَّك تختبر حياةً ذات جودة عالية تكون جميلة وواضحة.



لن يقتصر الأثر الإيجابي لهذا النمط من التفكير على نفسك فقط؛ بل سوف يتعداه ليشمل الأشخاص من حولك؛ إذ ستؤثر في الآخرين بموقفك الإيجابي، فامتلاكُ موقف إيجابي سيجعل الآخرين يرغبون في صحبتك، وهذا النمط من التفكير يفتح لك الأبواب على إمكانات وآفاق جديدة.

هذه المعلومات ليست جديدة، فنحن جميعاً نعلم أنَّ الشخص الإيجابي ينبض بالحيوية وجميعنا نشعر بالسرور لوجوده بقربنا، لكن ما الذي يجعل الكثيرين يقعون في فخ التفكير السلبي؟

الجواب هو أنَّ تطوير نمط تفكير إيجابي ما هو إلَّا عادة مثل العادات الأخرى التي يتطلب تكريسها بعض الجهد الواعي وقليلاً من الوقت، ولكنَّ النتائج تستحق منك بذل بعض الجهود، وبمجرد أن تتمكن من تطوير عقلية إيجابية، فإنَّ الحفاظ عليها يصبح أمراً يسيراً ويتيحُ لك جَنيَ فوائدها والتمتع بحياة أفضل.

في هذا المقال سنتناول 7 نصائح تساعدك على تطوير موقف أكثر إيجابية تجاه الحياة:

1. تذكَّر أنَّ الجميع يفشل:

الجميع يفشلون في معظم الأشياء في الحياة، حتى أولئك الذين يُثيرون إعجابك يكونون سيئين عند القيام بمعظمها؛ وما نعنيه هنا أنَّ الكمال أمر مستحيل، لذا من الطبيعي أن ترتكب الأخطاء وتكون شخصاً غير كامل.

ينكفِئ معظم الناس في حياتهم؛ وذلك لأنَّهم يخشون الفشل، وإذا كنت من هؤلاء الأشخاص، فسيصبح اتخاذ أيَّة خطوة نحو الأمام أمراً مرعباً بالنسبة إليك وسيكون من الصعب عليك أن تمضي قدماً.

ليس عليك أن تكون مثالياً وتنجح في كل شيء، وإذا كنت تعتقد بوجوب النجاح في كل شيء، فأنت تحمل عبئاً ثقيلاً لستَ مضطراً إلى حمله.

ولنتذكَّر معاً، مَن هم أكثر الأشخاص نجاحاً في العالم؟ هم الأشخاص الذين ارتكبوا الأخطاء أكثر من 99% من سكان العالم وبعض الأمثلة عن هؤلاء الأشخاص:

  • "توماس أديسون" (Thomas Edison): الذي اخترع المصباح الكهربائي بعد العديد من المحاولات الفاشلة.
  • "والت ديزني" (Walt Disney): الذي رُفِضَت أفكاره أكثر من مرة، ثم تحولت هذه الأفكار إلى نجاحات باهرة مثل "ميكي ماوس" (Mickey Mouse)، ثمَّ أسَّس أكبر مدينة ألعاب معروفة في يومنا؛ وهي "مدينة ديزني" (Disney Land).
  • "أريانا هافينغتون" (Arianna Huffington): التي رُفِضَت من قِبل 36 ناشراً قبل أن تحقق نجاحها.

من المؤكَّد أنَّ الأمر يتطلب شجاعة ولكن يمكنك القيام به، ومهما يكن ما تنوي القيام به حاول فعله بأفضل طريقة، وعندما تحدث الأخطاء لا تدعها تُحبطك؛ وذلك لأنَّها الفرص التي تتعلم منها.

يساعدك تغيير وجهة نظرك على اكتساب موقف ذهني إيجابي.

2. عِش من أجل هدف:

سيكون من الصعب امتلاك موقف إيجابي من الحياة دون شيء تركز فيه وهدف تتجه نحوه والسبب سهل؛ فدون توجيه هادف يصبح من السهل أن تسيطر عليك المشتتات، وللأسف غالباً ما تكون الظروف الخارجية السلبية أكثر تأثيراً من الظروف الإيجابية.

يظهرُ هذا الأثر لانعدام الهدف من الحياة عندما تبدأ بالغضب من توافه الأمور، ولكن عندما تعيش حياة هادفة، فإنَّك تُركِّز جهودك في هدف محدد، ولا تعود الأشياء الصغيرة تُسبِّب لك الانزعاج؛ وذلك لأنَّك تعلم أنَّك تسعى إلى إنجاز مهمة أكثر أهمية؛ إذن، امتلاك توجُّه واضح في الحياة يساعدك على البقاء إيجابياً.

البداية الجيدة للقيام بذلك هي أن تحاول القيام بمهامك بأفضل ما يمكنك، إذا كنت مثلاً تعمل في شركة اتصالات، فحاول أن تكون أفضل موظف في الشركة وساعد الآخرين أيضاً بكل ما تستطيع من قدرات.

بغض النظر عما تقوم به، حاول أن تضع كل استطاعتك في العمل الذي تؤديه، وحدِّد أهدافاً لنفسك؛ بل ربما سيكون من الأفضل أن تضع هدفاً كبيراً جداً لنفسك يجعلك تواظب على العمل لسنوات من أجل تحقيقه.

هذه الخطوات تجعلك تمتلك مشاعر جيدة عن نفسك، ويمكن أن تقودك إلى المزيد من النجاح، وفي جميع الأحوال فإنَّ هذين الأمرين يكملان بعضهما ويقودان إلى العديد من الفوائد الأخرى.

شاهد بالفديو: 8 طرق لتدريب العقل على التحلي بمزيدٍ من الإيجابية

3. أحبَّ نفسك:

أهم علاقة في حياتك هي علاقتك مع نفسك، وإذا كانت علاقتك مع نفسك سيئة، فلن تجعلها أيَّة علاقة أخرى تتحسن، ومع ذلك يسعى الكثير من الناس إلى إقامة علاقات مع الآخرين كمحاولة للحصول على الحب والسعادة، والأسوأ من ذلك أنَّهم يرون قيمتهم الشخصية من خلال تقييم الشخص الآخر لهم، الأمر الذي يقودهم إلى شعور كارثي بكل معنى الكلمة، ناهيك عن أنَّهم يُحمِّلون الطرف الآخر أعباء ثقيلة.

تعكس العلاقات عالمك الداخلي وتجعل أثره يفيض إلى الخارج؛ مما يعني أنَّك عندما تشعر بالرضى عن نفسك، فإنَّك تشع بالطاقة الإيجابية، وهذه الآلية صحية على عكس محاولتك العثور على قيمتك من خلال العالم الخارجي.

هذا النمط من الشعور والتفكير يسمح لك بتبادل الحب الحقيقي مع الآخرين ويُحسِّن من علاقاتك بطرائق عدَّة، وكي تحب نفسك يجب أن تدرك أولاً أنَّ الحياة ليست مُخيفة كما تعتقد، فلا تقسُ على نفسك، وحاول أن تبذل أقصى طاقتك وتعلَّم من أخطائك.

وإليك هذه النصيحة العملية: عندما تبدأ الشعور بالرضى عن نفسك، فإنَّك ستضحك من أخطائك وسترافقُك الابتسامة معظم الوقت، لكن لماذا لا تقوم بالأمر بطريقة عكسية وتبدأ الابتسام من هذه اللحظة؛ إذ قد يبدو الأمر سهلاً حقاً؛ ولكنَّ العلم يثبت أنَّ الابتسام يجعلنا أكثر سعادة.

وإليك نصيحة أخرى سهلة ولكنَّها عملية: ابدأ نهارك بترتيبِ سريرك، فعلى الرغم من سهولة هذا الإنجاز، إلَّا أنَّه يمنحك شعوراً بالراحة ويعطيك حافزاً كي تبذل أقصى استطاعتك.

4. فكِّر بإيجابية:

الأفكار فوضوية بطبيعتها؛ إذ تأتي الفكرة وتذهب لتحل محلها فكرة أخرى وهكذا دواليك، ولا بدَّ أنَّك اختبرتَ فوضوية الأفكار وما ينتج عنها من تقلبات هائلة في المزاج والعواطف؛ والسبب في هذا أنَّ الأفكار تُولِّد المشاعر، ومن ثم تحدِّد المشاعر كيف ترى الحياة من حيث جودتها.

لهذا السبب يتأمَّل الأشخاص الذين يمارسون اليوغا كثيراً، فهم يسعون إلى تجاوز منظور العقل واختبار تجربة السلام الداخلي؛ إذ إنَّهم يسعون إلى استعادة السيطرة على أذهانهم من خلال وضعية السكون في أثناء التأمُّل.

طبعاً لستَ مضطراً إلى ممارسة اليوغا حتى تحصل على فوائد التأمُّل، وربما هذه النصائح ستحقق لك فوائد هائلة:

  • اجعل الإيجابية جزءاً من عاداتك اليومية، ويمكن في هذا المجال أن تساعدك كتابة قائمة امتنان؛ إذ إنَّ كل ما عليك فعله هو أن تكتب في الصباح ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك.
  • حقِّق إنجازاً فورياً عند الاستيقاظ، مثل ترتيب السرير.
  • انظر إلى نفسك من زاوية مختلفة؛ وهذا يتطلب بعض الشرح:

عندما تبدأ التدريب لتصبح المسيطر على عالمك النفسي الداخلي، فإنَّ هذا سيكون صعباً في البداية كما أنَّ اللحظات التي تتطلَّب ضبطاً للنفس هي أكثر اللحظات التي تُمثِّل تحدياً؛ ولتحقيق هذا الهدف المُتمثِّل في السيطرة على النفس، فإنَّك تحتاج إلى تطوير وعيك الذاتي.

وكبداية في مسيرة تطوير الوعي، يمكنك البدء من خلال التأمُّل في المواقف التي تُشكِّل تحدياً ومراجعة ما حدث.

فكِّر في رد فعلك في أثناء موقف مُزعج، وحاول أن تفهم لماذا تصرفتَ على ذاك النحو واستنتج إذا كان هناك مجال للتصرف بطريقة مختلفة.

عندما تمارس التأمل الذاتي، سيكون من السهل أن ترى تجاربك من منظور مختلف كما أنَّ مشاعرك عندما تستحضر الموقف لا تكون بالشدة نفسها كما كانت عند حدوث الموقف، وهذا التباين يساعدك على أن تصبح واعياً بذاتك، وفي النهاية ستتقن السيطرة على نفسك.

إذا كنت ترغب في إتقان مهارة التحكم بالنفس، فإنَّ التأمُّل وكتابة اليوميات أداتان رائعتان لضبط النفس، وصحيح أنَّ هذه الطرائق تستغرق وقتاً وتتطلب استمرارية وصبراً، ولكنَّها الوسائل الأنجع في تنمية موقف ذهني إيجابي من الحياة.

إقرأ أيضاً: كيف تدرب عقلك على التفكير بإيجابية؟

5. لا تدع الأحداث تحدد واقعك:

يمكن أن يمرَّ شخصان بالتجربة نفسها، ولكن تنتابهُما مشاعر مختلفة حيالها، فما يهم ليس التجربة بحد ذاتها؛ وإنَّما الهام هو ما تأخذه منها من دروس وقيم؛ إذ إنَّ المعنى الذي تعطيه لما اختبرتَه بحواسك، هو ما يحدد شعورك من جراء التجربة، وهذا المعنى الذي تمنحه للتجارب أمر تحت سيطرتك، وعلى الرغم من سهولة هذا المفهوم إلَّا أنَّ إتقانه صعب.

على الرغم من أنَّك لا تتحكم بما يحدث، إلَّا أنَّك تتحكم بمشاعرك تجاه ما حدث؛ وبذلك ستملك القدرة على التحكم بما سيحدث لاحقاً، كما إنَّ فهم هذا المبدأ لا يكفي ليجعلك تتقن تطبيقه، فالأمر يتطلب مسؤولية وشجاعة لرؤية الأشياء من منظور مختلف.

 وإذا بذلت جهداً لتطبيق هذا المبدأ، فتأكَّد من أنَّ النتائج ستكون سحرية، وأفضل وصف لهذه النتائج السحرية هو قصة "فيكتور فرانكل" (Victor Frankl)؛ إذ كان "فيكتور" طبيباً نفسياً ألقى النازيون القبض عليه في الحرب العالمية الثانية وأبعدوه عن زوجته وأولاده ولم يرَهم مرة ثانية، وأمضى ثلاث سنوات في العديد من معسكرات الاعتقال.

وعلى الرغم من وضع "فرانكل" الصعب في معسكرات الاعتقال، إلَّا أنَّه كان قادراً على إيجاد معنى لحياته، حتى إنَّه كان يشعر بالحرية أكثر من السجانين.

هل هذا ممكن؟ طبعاً، عندما تعلم أنَّ عالمك الداخلي ينعكس على عالمك الخارجي، وقد كان "فيكتور" يعلم هذه الحقيقة؛ ولهذا السبب كان قادراً على تجاوز معاناته وتحويلها إلى تجربة ذات مغزى، وعلى الرغم من أنَّ سجانيه كانوا يتمتعون بالحرية الجسدية إلَّا أنَّهم كانوا يعانون نفسياً.

6. كن لطيفاً مع الآخرين:

النصيحة سهلة؛ إذ إنَّ التعامل بلطف مع الآخرين يساعدك على تبنِّي موقفٍ إيجابي من الحياة؛ ولنوضِّح هذا من خلال المثال التالي:

تخيَّل أنَّك تقود سيارتك على الطريق السريع وأمامك سيارة تتجاوز سيارة أخرى، ومن ثم سيكون عليك أن تُبطِئ سرعتك بسبب هذا الموقف، وبالنسبة إلى بعض الناس يكون هذا هو الموقف الذي يسبب لهم أقصى درجات الإزعاج ويفقدون سيطرتهم على أنفسهم؛ والسبب في هذا أنَّهم يُعكرون صفو أدمغتهم بالإحباط والسلبية وكل ذلك بسبب موقف تافه.

ليس هذا فحسب؛ فعندما تنقل إحباطك ومشاعرك السلبية إلى الآخرين، ستتكوَّن لديهم مشاعر سلبية تجاهك أيضاً؛ وهذا يعني أنَّ إحباطك سيرتد إليك مرة أخرى، فيتفاقم الوضع أكثر مما كان عليه في بداية الأمر؛ لهذا السبب يكون التعامل بفظاظة مع الآخرين عائقاً أمام تبنِّي موقف ونمط تفكير إيجابي.

دائماً ما تكون الغلبة للمعاملة اللطيفة، حتى لو لم يكن الآخرون لطيفين كما ينبغي، إلَّا أنَّك تفعل ذلك من أجل نفسك وليس من أجلهم، فاللطفُ هو عنصر أساسي من عناصر التفكير الإيجابي.

إقرأ أيضاً: أثر اللطف مع الآخرين في العناية الذاتية

7. ركِّز في المستقبل لا في الماضي:

كل شخص يمرُّ بلحظات عصيبة؛ وقد يكون السبب إجحاف الآخرين في حقك، ولكن ما الفائدة من الاستغراق في التفكير في هذه اللحظات لأيام أو أشهر عدَّة؟

معظم الناس يرتكبون هذا الخطأ؛ إذ إنَّهم يركِّزون في موقف يَعُدُّونه سَيِّئاً، ويستمرون بالتفكير فيه في كل الأوقات حتى في أكثر اللحظات التي ينبغي أن يكونوا فيها سعداء.

لذلك، توقَّف عن التفكير في الماضي ولا تجعله يسيطر عليك، فما حدث قد حدث وما ينبغي القيام به الآن هو أن تمضي قدماً وتقوم بواجباتك وأن تُركِّز في الحياة التي تنتظرك.

ركِّز فيما تريد تحقيقه في حياتك، فالتركيز في المستقبل يساعدك على توجيه طاقتك على الهدف ويجبرك على تحويل تركيزك واتخاذ الإجراءات اللازمة، ويساعدك أيضاً على الخروج من حلقة التفكير في الماضي.

لهذا السبب أصبح الناس يتحدثون كثيراً عن تحديد هدف في الحياة؛ وذلك لأنَّ الحياة دون هدف تفقد معناها، إضافةً إلى أنَّ وجود هدف في حياتك يساعدك على تحويل الماضي إلى تجارب ذات مغزى.

إذا لم تكُن لديك فكرة من أين تبدأ، فقد تكون هاتان الخطوتان نافِعتَين:

  1. وضع أهداف يومية صغيرة: فكِّر فيما يمكنك فعله اليوم لتجعله يوماً رائعاً.
  2. تخصيص بعض الوقت لاكتشاف نفسك: بمجرد أن تصبح أكثر وعياً بذاتك، ضع هدفاً كبيراً لحياتك.

النجاح من خلال تبنِّي موقف تفكير إيجابي:

لنكون واقعيين يجب أن نقول إنَّ النصائح التي ذكرناها تبدو سهلة من الناحية النظرية، ولكن لا يحدث التحوُّل إلى نمط التفكير الإيجابي بضغطة زر، فالأمر يستغرق بعض الوقت والممارسة لتصل إلى عقلية النمو.

وبالطبع فإنَّ قراءة هذا المقال لن تساعدك على التحوُّل إلى نمط العقلية الإيجابية، ولكن بممارسة النصائح الواردة في هذا المقال، فإنَّك حتماً ستشعر بمزيد من الإيجابية وستفكر أيضاً بإيجابية.

إنَّ تطوير موقف ذهني إيجابي هو تجربة تستحق المتابعة، وكخطوة نحو الإيجابية، لِمَ لا تشارك هذا المقال مع صديق يعاني من التفكير السلبي؟

المصدر




مقالات مرتبطة