كيف تحدد السلوكات الإدمانية وتتخلص منها؟

ثمَّة أوقات تحتاج فيها إلى أنشطة تجلب لك الاسترخاء وتسمح لك بالتخلُّص من التوتُّر والضغوطات، مثل ممارسة التمرينات الرياضية، والكتابة، واللعب، والابتكار، والقراءة، والتي تُعَدُّ جميعها سلوكات صحية تنتشلك من الواقع، ولكن لا ينبغي أن تتجاوز حداً معيناً.



حيث يمكِن أن تُكلِّفك هذه المساعي الكثير إذا تحوَّلَت إلى سلوك ضار أو استخدمتَها كآلية للتكيف أو الهروب أو أصبحتَ مهووساً بها بصورة غير صحية؛ لذا إذا وجدتَ نفسك تتَّبِع سلوكات إدمانية؛ فقد حان الوقت لإحداث تغيير إيجابي.

فيما يلي بعض النصائح حول كيفية التعرُّف إلى السلوكات الإدمانية والتخلص منها:

1. انتبِه للتحذيرات:

يجب أن تنتبه للعلامات التي تنذر بأنَّك أنت أو أي شخص تعرفه منخرطاً لا إرادياً في سلوكٍ ضار؛ لذا، إذا وجدتَ أنَّ السلوك الذي تفعله إدماني ويضر بصحتك وحياتك؛ فيجب أن تذهب على الفور إلى اختصاصي نفسي؛ إذ تتطلب بعض السلوكات الإدمانية التي تستدعي علاجاً متكاملاً أكثر من آليات المساعدة الذاتية، ويجب دائماً أن يعالجها شخص متخصِّص.

2. حدِّد ماهيَّة السلوك الإدماني:

إذا كان السلوك الإدماني شيئاً يمكِنك إدارته بنفسك؛ فيجب أن تحدِّده أولاً، على سبيل المثال: الإفراط في الأكل، أو الإفراط في العمل، أو قضاء الكثير من الوقت في ممارسة هواية على حساب التزامات أخرى، فهذه بعض الأمثلة القليلة على السلوكات الإدمانية.

ورغم أنَّ هذه السلوكات أيضاً تتطلب عادةً دعماً احترافياً، إلَّا أنَّه ثمَّة بعض الأنشطة التي قد تساعدك على التعامل مع الأمر، والخطوة الأولى هي أن تبدأ بتحديد هذا السلوك الإدماني، على سبيل المثال: إذا شعرتَ بالضغط ووجدتَ أنَّ تناول الطعام يمنحك ملاذاً ممتعاً، فقد يتطور هذا الإفراط في تناول الطعام إلى سلوكٍ إدماني، أو إذا صرتَ تستخدم هاتفك باستمرار أو تُتابِع منصات التواصل الاجتماعي طوال اليوم بلا مبرِّر؛ فقد يكون ذلك علامة على سلوك إدماني آخر.

شاهد بالفيديو: 6 علامات تبين أن شخصيتك مضطربة وليست عادية

3. افهم السلوك الإدماني:

الخطوة التالية في التخلص من السلوك الإدماني هي فهم ما إذا كان إدماناً أصلاً أم مجرَّد عادة سيئة، وإذا كان هذا السلوك جذَّاباً بصورةٍ مبالغ فيها لدرجة أنَّك لا تستطيع إبعاد نفسك عنه لفترة طويلة؛ فمِن المحتمل أنَّه إدمان يتطلب دعم اختصاصي.

على سبيل المثال: إذا كنتَ تستطيع إغلاق هاتفك لأيامٍ عدَّة دون الشعور بالقلق أو الاكتئاب أو عدم الارتياح؛ فقد يكون هذا شيئاً يمكِنك التحكُّم فيه؛ لذا، إذا اكتشفتَ أنَّ سلوكك مجرد عادة سيئة؛ فعليك أن تتمرَّن على عدم فعل هذا السلوك لفترات طويلة حتى تتوقف عن اللجوء إليه كوسيلة هروب فورية من الضغط أو التوتر.

4. تعرَّف إلى المخاطر التي تنجم عن هذا السلوك:

يُعَدُّ ضعف الصحة، وتدهور الوضع المادي، وانهيار العلاقات بعض الأمور المرتبطة بالسلوكات الإدمانية، ويُعَدُّ فهم هذه المخاطر أحد أكثر الأسباب إقناعاً للتغيير؛ لذا، إذا واجهتَ صعوبةً في تحديد سبب ضرورة التغيير؛ فتحدَّث إلى شخصٍ ما ودَعه يساعدك على معرفة مدى خطر هذا السلوك إذا تُرِك دون رادع.

إقرأ أيضاً: المخدرات: أضرارها، أسباب إدمانها، وأهم النصائح للوقاية منها

5. افهم السبب:

ربما يبدو العمل لساعات طويلة نشاطاً نبيلاً، ولكنَّه قد يشير أيضاً إلى تجنُّبك للالتزام بالأنشطة الأخرى في حياتك؛ ممَّا قد يعني ذلك أنَّك غير منظَّم أو تفتقر إلى الثقة في قدراتك. في الواقع، يُعَدُّ ملء الفراغ في حياتك بالعمل والأنشطة إمَّا علامةً على فقدان شيء ما أو هروباً من مواجهة الحقيقة، وقد تساعدك مراجعة اختصاصي مدرَّب على فهم السبب ومعالجة المشكلة التي قد تسبب السلوك الإدماني معالجةً صحية.

6. تجنَّب الناس السامة:

يتفاجأ الناس غالباً عندما يكتشفون أنَّ العلاقات أيضاً قد تكون سلوكات إدمانية، ولكن هذا صحيح تماماً؛ إذ ربما تصبح العلاقات العميقة مع الأصدقاء أو الأحباء الذين يقومون بسلوكاتٍ إدمانية غير صحية منزلقاً يدفعك نحو تبنِّي هذه السلوكات من خلال رغبة لا واعية في الشعور بالانتماء، أو من خلال ضغط الأقران أو التأثُّر فيهم.

بالإضافة إلى ذلك، قد تكون العلاقة في حد ذاتها علاقةً سامَّة، وربما يؤدي السماح باستمرار علاقة مع شخص سلبي أو مدمن إلى سلوك إدماني أو ألم عاطفي.

7. حدِّد المحفِّزات التي تُؤثِّر فيك:

قد تكون المحفزات داخليةً أو خارجية، وقد تَحدث في أي وقت وفي أي مكان لتعزيز الإدمان، وربما تسبِّب التوتُّر الذي يثير السلوك الإدماني الذي يعمل كآلية تكيُّف تهدئ الجهاز العصبي.

على سبيل المثال: إذا كان المرء حساساً بشأن وزنه؛ فقد يؤدي الحديث الداخلي والخارجي السلبي إمَّا إلى الإفراط في تناول الطعام أو تجنُّب تناوله تماماً، وعلى نفس المنوال، قد يكون التوتُّر المرتبط بالعمل - مثل وجود مشرف متغطرس - هو المحفِّز الذي يتسبَّب في الإفراط في العمل أو في الهروب منه أو في ضعف في الأداء.

في الواقع، لا تتسبَّب المحفزات دائماً في ردود أفعال عنيفة أو كارثية عند إثارتها، ولكنَّها قد تؤدي إلى السلوك الإدماني بمرور الوقت؛ على سبيل المثال: يقول أحد الأشخاص أنَّه يتناول معظم وجباته في أثناء مشاهدة التلفاز؛ فنظراً لأنَّه يعيش بمفرده، يساعده ذلك على الاسترخاء وعدم الشعور بالذنب لأنَّه يفعل شيئاً ما بدلاً من الاستلقاء على الأريكة، ولكن بمرور الوقت، أصبح التلفاز محفِّزاً أيضاً، وصار يتوق إلى مشاهدته كلما أراد أن يأكل؛ ممَّا جعل تناول الطعام ومشاهدة التلفاز سلوكات إدمانية ينبغي معالجتها.

إقرأ أيضاً: 5 أنواع من الحديث مع النفس يُحبِّها العقل أكثر من غيرها

8. جِد بديلاً:

هناك بعض السلوكات التي يَصعُب على المرء التخلُّص منها، مثل استهلاك الكافيين والسكر وما إلى ذلك، ورغم أنَّك قد لا ترى الجوانب السلبية فوراً، إلا أنَّ عدم مراعاة الآثار طويلة الأمد للإفراط في تناول الطعام أو الكافيين قد يسبِّب آثاراً ضارة؛ لذا، يُعَدُّ استبدال القهوة الخالية من الكافيين أو الشاي أو الفاكهة بدلاً من الحلوى من حينٍ لآخر طريقةً جيدة للتخلص من السلوك الإدماني بدلاً من الامتناع التام المفاجئ عنه.

9. ابحث عن الدعم:

كما يُقال: الناس للناس، وعندما يتعلق الأمر بالسلوكات الإدمانية، يصبح دعم الآخرين أفضل طريقة للتخلص منها، وفضلاً عن العلاج المختص، قد يكون التواصل مع الآخرين الذين يشاركونك السلوك الإدماني نفسه أمراً مريحاً وداعماً.

قد يوجد أشخاص في منطقتك وعبر الإنترنت يدعمونك في التغيير الإيجابي ويساعدونك على تحمُّل مسؤولية أهدافك، بما فيهم أصدقائك وعائلتك، ورغم أنَّهم قد لا يشاركونك السلوكات الإدمانية نفسها، إلا أنَّهم سيساندونك عندما تحتاج إليهم.

10. طبِّق التقنيات العلاجية:

يمكِن إدارة بعض السلوكات الإدمانية البسيطة بنهجٍ مدروس دون دعم الاختصاصيين، لكنَّك يجب أن تفهم أولاً سبب وجود هذه السلوكات، وعندما تُحدِّد الأسباب الأساسية، قد تجد تقنيات علاجية معدَّة لتساعدك في التغلب عليها.

لنضرب مثالاً على إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؛ فبالنسبة إلى بعض الناس، قد يمكِن التخلُّص من هذه العادة من خلال الممارسة والخضوع للمساءلة وإيجاد البدائل والحصول على الدعم، ولكن إذا تعمَّقتَ أكثر، فربما تجد أنَّ السبب الرئيس لهذا السلوك هو الحاجة إلى الشعور بأنَّك محبوب؛ لذا، قد يساعد تطبيق الحديث الذاتي الإيجابي، والارتجاع البيولوجي، وتقنيات التحفيز الإيجابي، والتمرينات الرياضية، وممارسة التأمل في تعزيز ثقتك بنفسك وصورتك الذاتية.

11. عزِّز قوة إرادتك:

سيساعدك محاولة التغلُّب على التحديات البسيطة، ثمَّ الاستمرار على نحو تدريجي في بناء إرادة قوية تمكِّنك فيما بعد من التغلُّب على السلوكات الإدمانية. تمر القوات البحرية باختبارات وتحديات وتمرينات مرهقة لبناء قدرتها على التحمل وقوة الإرادة؛ بحيث تصير مهيأة للاستجابة على مستوىً عالٍ عند مواجهة الخصوم في الوقت الفعلي، ورغم أنَّك لستَ مضطراً إلى أن تصبح جندياً في القوات البحرية للتغلب على السلوكات الإدمانية، قد تساعدك تمرينات بناء قوة الإرادة البسيطة على إدارة تحديات أكبر بمرور الوقت.

في الختام:

أهم شيء يجب مراعاته عندما تحاول التخلُّص من السلوكات الإدمانية هو الحصول على الدعم الذي تحتاجه، ويبدأ ذلك بتحديد ما إذا كان السلوك يحتاج إلى علاج اختصاصي أم لا؛ وإذا كان الأمر كذلك، فيجب تعزيز تلك الرعاية المهنية من خلال استخدام استراتيجيات الإدارة الشخصية، مثل تلك المطروحة أعلاه.

تذكَّر، إذا تركتَ الأمر دون رادع، فقد تصبح هذه السلوكات الإدمانية أكثر ترسُّخاً؛ ممَّا يضاعف الخسائر المترتبة عليها بمرور الوقت؛ لذا من الهام التعرف إليها مبكراً والعمل على التخلُّص منها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة