كيف تحافظ على المكاسب الصحية بعد رمضان؟

يخرج الصائم من شهر رمضان سليم النفس قوي الإرادة، عطوفاً، ولمس ما يعانيه الفقير والمحتاج عند الجوع والعطش، فتتربّى داخل نفسه سمة العطف على البائس والمحروم والقدرة على التحكّم في نفسه الأمّارة بالسوء والبعد بها عن الملذات والشهوات، فتتسامى النفس عن الرذائل والخبائث ويشعر الإنسان بتغلّبه على نفسه وقهره إياها فتقوى شخصيته ويصبح ذا نفع للمجتمع، وفي الصيام يحفظ الإنسان لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها ويعودها على ذلك.



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: إذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ».

فيجب على المسلم القوي أن يحرص على دوام كسبه الصحي من صوم شهر رمضان، ففي حرصه خير برهان على إيمانه بأنّ كل ما فرضه الله تعالى علينا خير، وأنّ في طاعته سبحانه وتعالى كل الخير، ففي صوم رمضان كسب لطاعة الله وكسب لصحة الإنسان، فما من فرض فرضه الله علينا إلّا وفي أدائه مكسبان، مكسب في الآخرة من طاعة الله وفي هذا خير الثواب، ومكسب في الدنيا، فكلّ فرض من فروض الله لا يخلو من مكسب يعم علينا في دنيانا.

1. أمراض القلب:

ومن هذه الفروض صوم شهر رمضان، ذلك الصوم الذي ينعم على كل فرد منّا، المريض قبل السليم بالكسب الصحي الذي لو حرص عليه الإنسان لازداد تمتّعه بدنياه قبل آخرته، وازداد تقرّبه لله تعإلى.

إقرأ أيضاً: أهم النصائح لمرضى القلب والكلى والسكري في رمضان

فالمؤمن القوي البنية والصحة هو المؤمن القادر على أداء فروض الله تعإلى من صلاة وصيام، وبذلك نرى أنّ في السعي للخير كل الخير، ففي صيام المؤمن لشهر رمضان طاعة لله سبحانه وتعالى وكسب لبدنه وصحته، فمريض القلب مثلاً لو سمح له بالصيام من الطبيب لكان له كل الكسب بجانب القليل من الدواء، وربما قد يستغني عنه فجميعنا يعلم أنّ الإفراط في الطعام يُلحق أكبر الضرر بالجسم فلو أحدث ذلك سمنة بالجسم لكان عبئاً على القلب.

وفي رمضان يخف الافراط في الطعام فيرتاح القلب، وكذلك تقليل الملح في الطعام والدهون والشحوم والبيض، وإلى جانب ما تسبّبه هذه المواد من ارتفاع في كوليسترول الدم، فإنّها تسبب ارتفاعاً في ضغط الدم وبالتالي زيادة تحميل على عضلة القلب.

إذاً فصوم شهر رمضان يعمل على تخفيض ضغط الدم المرتفع وتخلّص الجسم من الشحوم المتراكمة وتقليل كوليسترول الدم، وفي كل هذا كسب للقلب المريض فما بالك من تأثير ذلك على القلب السليم.

ولو التزمنا جميعاً، ومريض القلب خاصة، بروح شهر رمضان وتجنّبنا الإفراط في الطعام لتحسّنت صحة مريض القلب واستغنى تماماً عن الدواء، وجنّبنا القلب السليم عناء التخمة والافراط في الطعام وما لهما من اثر سيئ على القلب السليم قبل المريض.
فلنقتد بروح ذلك الشهر ولنستفد منها باقي اشهر السنة.

إقرأ أيضاً: كيف تُحافظ على ثبات معدّل ضغط الدم في رمضان؟

2. آلام المفاصل:

وتعم فائدة صوم شهر رمضان على مريض الروماتيزم، خصوصاً مريض الروماتيزم المفصلي العظمي، حيث تلعب زيادة وزن الجسم دوراً رئيسياً في حدوثه، وما يحدث في شهر رمضان من نقص في الوزن يكفي لإحداث تحسّن في حالة المفصل حيث الاحتكاك بين الغضاريف فيقل التهابها.

والأمراض الروماتيزمية التي تصاحب مريض السكر تتحسّن كثيراً في رمضان بفضل الالتزام بتنظيم الأكل في هذا الشهر، فلو التزم هؤلاء المرضى بروح شهر رمضان طيلة اشهر السنة لقلت شكواهم وقلت حاجتهم للدواء إلى جانب ان حالة مفاصلهم تتحسن فعلا.

3. الأمراض الصدرية:

ومريض الصدر وأكثرهم شيوعاً مرضى الربو لو التزم بروح شهر رمضان وتجنب الإفراط في طعامه وامتلاء معدته لحال دون ارتفاع الحجاب الحاجز ممّا يحدث ضيقاً في الحيز الصدري، وكذلك فإنّ تنظيم الوجبات الغذائية يحول دون حدوث السمنة في جدار الصدر ممّا يلعب دوراً في إحداث «الكرش» أكثر لدى مريض ربو الصدر، وهذا أيضاً له أثره الواضح على الأصحاء.

وبتقليل التدخين في شهر رمضان تتحقّق أكبر الفائدة لمريض الصدر وتتحسّن حالته، ولو التزم مريض الصدر بروح هذا الشهر في باقي أشهر السنة وتغلّب على نفسه وتحكّم في رغبته في التدخين لتحقّقت الفائدة وقلّت حاجته للدواء ولامتلأت رئتاه بالاوكسجين بدلاً من الدخان.

إقرأ أيضاً: 24 خطوة فعّالة للإقلاع عن التدخين في رمضان

وتنظيم الغذاء يلعب دوراً في تقليل نسبة الأملاح في البول وما لأثرها على نسيج الكلى، والالتزام بروح شهر رمضان وتنظيم الوجبات الغذائية وعدم الإفراط في ملح الطعام والدهون والشحوم يخفّف من ضغط الدم المرتفع، وبذلك نحمي نسيج الكلى من الاثر السيئ لضغط الدم المرتفع.

ولو التزمت السيدة الحامل بروح شهر رمضان ونظمت وجباتها الغذائية كماً ونوعاً لأفادها ذلك كثيراً في الحيلولة دون حدوث تسمم الحمل وارتفاع ضغط الدم في الأشهر الثلاثة الأخيرة من فترة الحمل.

إقرأ أيضاً: أسئلة وأجوبة حول صيام الحامل في رمضان

4. الشيخوخة:

الإفراط في الطعام يسرع بك إلى الشيخوخة، فهو يحدث إجهاداً في غدد الجسم الصماء وتتأثّر وظيفتها وتحدث بالجسم تغييرات كيميائية تسرع بالجسم إلى الشيخوخة.

ولو التزمنا بروح شهر رمضان وتجنّبنا الافراط في الطعام لتأخّر وصول يد الشيخوخة إلينا، وحرصنا على توافر صحة تمكّننا من الاستمرار في أداء فروض الله وطاعته ونسعد بصحتنا بعيداً عن الهرم.

5. الأمراض الجلدية:

وتجنّب الإفراط في الطعام من دسم وملح يحول دون حدوث أكزيما الجلد والتهاباته الحادة وحساسيته وانتشار حب الشباب بالجسم، ونجد أنّ في شهر رمضان تتحسّن إصابات الجلد هذه، فما بالك لو التزمنا بهذه الروح طيلة السنة، فلو حدث ذلك لانعدمت نسبة الاصابة بالامراض الجلدية.

إقرأ أيضاً: نصائح للوقاية من الوقوع في خرف الشيخوخة

6. أمراض السكري:

كما أنّ في تجنب الإكثار من الطعام والافراط فيه كماً ونوعاً يحول دون حدوث مرض السكري، لما ينجم عن الافراط الحاق الاجهاد بخلايا البنكرياس التي تفرز هرمون الأنسولين الذي يلعب دوراً في تنظيم استغلال السكر بالجسم، ويلعب تنظيم الغذاء دوراً كبيراً في إحداث الشفاء التام لمريض السكر الذي يصيب الإنسان في سن ما بعد الأربعين، وقد لا يحتاج المريض إلى دواء فيكتفي فقط بتنظيم الوجبات الغذائية.

والتزمناً جميعاً بروح شهر رمضان باقي أشهر السنة لوقينا أنفسنا شر السمنة الزائدة في الجسم وما لها من أثر سَيِّئ على الصحة بالأثقال على القلب واجهاد مفاصل الجسم مثل مفاصل الركبتين والسلسلة الظهرية.




مقالات مرتبطة