كيف تتغلب على خوفك من الرفض وتتقبل الإخفاق؟

لا أحد يحب أن يتعرض للرفض، أليس كذلك؟ يتعامل بعض الناس مع الأمر بشكل أفضل من غيرهم بالتأكيد، كأن تكون مندوب مبيعات، ويثير الرفض حماسك لإيجاد طريقة أخرى لإتمام صفقة؛ ولكنَّ هؤلاء الناس نادرون.



بالنسبة لمعظمنا، فإنَّ سماع كلمة "لا"، أو "لست جيداً بما يكفي"، أو أي كلام من هذا القبيل يمكن أن يكون له تأثير يتراوح بين الانزعاج الخفيف، والأفكار الكارثية التي من شأنها أن تغير حياتك.

يتعامل كل منا مع الأمر بشكل مختلف؛ ولكنَّنا سنكون أفضل حالاً إذا تعلمنا كيف نتغلب على خوفنا من الرفض، وتمكنَّا من التعامل مع ما تلقيه الحياة في طريقنا.

ولكن أولاً، دعنا نتحدث عن كلمة "الإخفاق".

ما الذي يعنيه الإخفاق بالضبط؟

يعدُّ معظم الناس الإخفاق كلمةً مسيئة؛ فهي أسوأ كلمة من الممكن أن ترتبط بك؛ إذ من منا يرغب بأن يُصنَّف بأنَّه مُخفق؟ أو أن يتعرض لإخفاق واحد في حياته؟

فلنكن واقعيين، يتعرض جميعنا للإخفاق بين الفينة والأخرى، وتحمل كلمة "الإخفاق" في ثناياها معنىً سلبياً يوحي بأنَّ ثمة خطب ما، أو أنَّك قمت بأمر ما بطريقة خاطئة.

ليس هناك خطأ متأصل في أي أحد منا؛ فكل منا مختلف ومتفرد، ويتمتع بمواهب خاصة؛ لذا، بدلاً من أن تعرِّف الإخفاق بأنَّه أمر مخجل، اعتبره تجربةً تتعلم منها.

على سبيل المثال: فلنفترض أنَّك تطلقت؛ فقد يصنف بعض الناس هذا الأمر كإخفاق، ويطلقون عليه اسم "زواج مخفق"، صحيح أنَّ نهاية الزواج كانت الطلاق، ولكن لِمَ قد يكون ذلك إخفاقاً بشكل تلقائي؟ ستعلِّمك هذه التجربة أموراً عن نفسك، وعن الزواج، وعمَّا بإمكانك تحسينه في حياتك الزوجية القادمة.

إذاً، بإمكانك أن تحول الإخفاق إلى تجربة تتعلم منها لتكون حياتك أفضل.

وأما الآن، وبعد أن أدركت أنَّ الإخفاق ليس نهاية العالم، ويمكن أن يكون أمراً إيجابياً، دعنا نلقي نظرةً على السبل التي تمكِّنك من تجاوز خوفك من الرفض، كي لا ترى نفسك مخفقاً:

شاهد بالفديو: الاخفاق سرّ النجاح... كيف تحول فشلك إلى نجاح؟

كيف تتغلب على خوفك من الرفض؟

1. أعِد تعريف الرفض:

كما أعدنا تعريف "الإخفاق"، علينا أن نعيد تعريف "الرفض" أيضاً، يعتقد معظم الناس أنَّ التعرض للرفض يعني أنَّك "لست جيداً بما يكفي"، ولكن ما الذي يعنيه ذلك بالضبط؟ لا تنمُّ هذه الجملة عن الصدق والموضوعية أبداً، بل هي بعيدة كل البعد عنها.

على سبيل المثال: فلنفترض أنَّك خرجت في موعد مع أحدهم لأول مرة، ولم يعاود ذلك الشخص الاتصال بك، لديك خياران هنا: إما أن تنظر للأمر على أنَّه رفض، وأنَّك لست جيداً بما يكفي لترضيه، وإمَّا أن أن تعتبر الأمر كنعمة؛ اشكر الله على أنَّ ذلك الشخص رفضك كي يحررك ذلك، ويقودك نحو شخص آخر يحبك بصدق. هل رأيت الفرق بين الحالتين؟

2. تفحَّص حالات الرفض التي تعرضت لها في الماضي:

لكلٍّ منا ماضيه؛ إذ يبدأ الأمر منذ طفولاتنا، بعض الناس محظوظون وقد ولدوا في أُسَرٍ متحابة تبني ثقتك بنفسك، وتجعلك تشعر بالرضا عن نفسك، ولكن لم يحظَ الجميع بهذه النعمة؛ إذ يولد الكثير من الناس في أُسَرٍ تحطم نفسياتهم، وتجعلهم يشعرون بأنَّهم "ليسوا جيدين بما يكفي"؛ ونتيجةً لذلك، من المحتمل أن تتحول تلك الصفات التي يُنعَتُون بها دون أي أساسٍ من الصحة إلى قناعاتٍ راسخةٍ في أذهانهم.

سواء كان الأمر يتعلق بعدم حصولك على الوظيفة التي ترغب فيها، أم قبول الإساءة من شريكك، فإنَّ حالات الرفض التي تعرضت لها في الماضي ترتبط ارتباطاً مباشراً بكيفية تعاملك مع الأمر.

3. تحقَّق مما تفعله (أو ما لا تفعله):

أحياناً، قد نؤدي دوراً في تعرضنا للرفض، هذا لا يعني أنَّنا أشخاص سيئون أو مخفقون، بل يعني فقط أنَّه بإمكاننا التحقق من سلوكنا لنرى كيف يمكننا تغييره حتى نكون أكثر نجاحاً.

على سبيل المثال: ربما انفصل شخص ما عنك؛ لأنَّك كنت تلاحقه، وكنت كثير التطلب والإلحاح، أو أنَّك لم تحصل على وظيفة ما؛ لأنَّ مهاراتك في المقابلة لم تكن في المستوى المطلوب، لا مشكلة، يمكنك تغيير كل ذلك!

شاهد بالفديو: 6 نصائح للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل

4. توقَّع الرفض:

إنَّ هذا لا يعني أن ترى نفسك بوصفك شخصاً مُخفقاً ومرفوضاً دائماً، وأن تتقبَّل الأمر؛ بل يعني أنَّنا أحياناً نشحن خوفنا بالكثير من المشاعر السلبية، بعبارة أخرى، إذا تخيلت أنَّك تتعرض للرفض من قبل شخص ما (أو جهةٍ ما)، فيمكنك حينئذٍ التعامل مع الأمر بأريحية.

عندما تتوقع أسوأ احتمال، فلن تصاب بالخيبة الشديدة عندما يحدث ذلك، وقد يكون تطبيق هذا الأمر، والتحلي بالإيجابية صعباً؛ ولكنَّه ليس مستحيلاً.

5. تخلَّص من عقلية الضحية:

ثمة أشخاص يشعرون أنَّهم دائماً الضحية، ودوماً هم المستهدفون دونما الجميع والمصدومون من خذلان البشر؛ فتراهم دائمي الشكوى قائلين: "لماذا أنا؟ لماذا تحدث الأشياء السيئة دائماً معي؟" إنَّ هذا ما يُعرَف باسم "عقلية الضحية"، يشير هذا الأمر ضمنياً إلى أنَّك شخص ضعيف في الحياة، ولا حول لك ولا قوة، ولا تستطيع التحكم بما يحدث معك.

إنَّ طريقة التفكير هذه خاطئة تماماً، صحيح أنَّه لا يمكننا التحكم في كل ما يحدث في حيواتنا، ولكن يمكننا التحكم في كيفية تفاعلنا مع ما يحدث، وكيف نفكر بالأمر، وكيف نستفيد من التجربة في المستقبل. تُعدُّ جميع هذه الأمور ضمن نطاق سيطراتنا؛ ولكن إذا كنت تمتلك عقلية الضحية، فلن يهنأ لك عيش أبداً.

إقرأ أيضاً: أقوال مُلهمة تساعدك على الانتقال من الفشل إلى درب النجاح

6. كوِّن توقعات منطقية:

لنفترض أنَّك تخرَّجت للتو من الجامعة، وتقدمت بطلب للحصول على وظيفة براتب كبير تتطلب عشر سنوات من الخبرة ولم تتمكن من الحصول عليها. إنَّ هذا الأمر منطقي للغاية؛ فخبرتك لا تتوافق مع المتطلبات؛ لذا، فأنت لم تتعرض للرفض بشكل حرفي، كل ما في الأمر أنَّ توقعاتك لم تكن منطقية.

ينطبق هذا الأمر على أي شيء آخر في الحياة؛ فجميعنا نحلم بأشياء نتمنى لو تحدث يوماً، ولكن لا يمكننا التحكم في مسار ما يحدث معنا.

7. انظر إلى الحياة على أنَّها سباق طويل عليك أن تقطعه بروية، وليس بسرعة كبيرة:

أحياناً، قد نكون طموحين أكثر من اللازم، ولا نصبر على تحقيق الأشياء التي نرغب بها؛ إذ إنَّنا نعيش في ظل ثقافة يريد فيها الناس إشباعاً فورياً لمتطلباتهم.

ولكنَّ الحياة لا تسير بهذه الطريقة، وكما يقول المثل: "تأتي الأشياء الجيدة لأولئك الذين ينتظرون"، لا يعني تعرضك للرفض الآن أنَّ ذلك سيحدث معك دائماً، بل يعني أنَّه ليس الوقت المناسب بعد.

8. تقبَّل الرفض بوصفه جزءاً من تنميتك الشخصية:

يمكنك أن تتعرض للرفض، وتغرق في مشاعرك السلبية، ولا تتغلب عليها أبداً، أو يمكنك النظر إليه بوصفه وسيلةً لتنمية شخصيتك؛ فماذا تعلمت من الرفض؟ وكيف يمكنك تحسين طريقة تفكيرك أو ما تفعله؟

إذا سمحت للرفض بأن يدمر نفسيتك، ولم تستخدم التجربة لتنمية شخصيتك، فلا بد أن يتكرر الأمر معك.

9. ثِق بأنَّ الرفض يقرِّبك مما ترغب في تحقيقه:

لمجرد أنَّ شخصاً لا يريدك، أو أنَّه لم يُقدَّر لك الحصول على شيء ما، هذا لا يعني أنَّ العالم انتهى، ولم يعد هناك أي أحد أو شيء آخر؛ فكل رفض تواجهه سيقودك نحو طريق مختلف أفضل مما خططت له سابقاً؛ لكن المشكلة هي أنَّه لا يمكنك أن تدرك مدى روعة الرفض إلا عند الالتفات إلى أحداث الماضي، بعد أن تكون قد اكتسبت بعض البصيرة عندما أصبح كل شيء من الماضي، إنَّ هذا ما سيحدث معك بالتأكيد إذا اتخذت الموقف الصحيح.

10 ثِق بنفسك بما يكفي لتدرك أنَّك ستنجو:

من المفارقات الغريبة هي أنَّ الرفض في بعض الأحيان لا يكون الخوف الحقيقي؛ فالخوف الحقيقي هو عدم القدرة على التعامل مع الرفض؛ إذ تعتقد أنَّ عالمك سينهار، وستنهار شخصيتك معه.

ولكن فكر في الأمر؛ كيف ستختلف حياتك عما كانت عليه بالأمس إذا تعرضت للرفض؟ لن تختلف أبداً؛ فما حدث معك كان مجرد اختلاف في توقعاتك، لقد نجوت من قبل، وستتمكن من الخروج منها بقوة هذه المرة أيضاً.

11. تذكَّر أنَّ من يخف صعود القمم، يعِش أبداً بين الحفر:

ثمة أغنية رائعة لغارث بروكس (Garth Brooks)، تُدعى: "الوقوف خارج النار" (Standing Outside the Fire)، والتي تقول بعض كلماتها: "لن تذق طعم الحياة مادمت تقف خارج النار؛ بل ستحيا بلا هدف فحسب"؛ إنَّه يتحدث عن الحياة هنا؛ فلن تمنحك الحياة كل ما تحب، وستواجه التحديات ما حييت، ولكن إذا تجنَّبت المجازفة لأنَّك تخشى الرفض، فستفوتك جميع الفرص الجيدة أيضاً.

حينما تتجنب تجربة أي أمر خوفاً من الرفض، فأنت لا تخبَر جوهر الحياة؛ بل تحيا فحسب.

إقرأ أيضاً: 11 نصيحة للتخلص من التفكير في إخفاقات الماضي والتفكير في المستقبل

الخلاصة:

كما ترى الآن، فإنَّ الرفض يكمن في عقلك؛ إذ لا يمكن لشعور الرفض بأن يجتاحك ما لم تسمح لنفسك بالشعور به في المقام الأول، قد يبدو الأمر جنونياً، ولكنَّه صحيح للغاية.

لذا لا تأخذ الرفض، أو ما يسمى بـ"الإخفاق" على محمل شخصي؛ فجميعنا مررنا بمثل هذه الظروف،  والفرق بين الأشخاص الذين يتسمون بالمرونة تجاهه ويستمرون في العمل، والذين لا يتعاملون معه، هو ببساطة اختلاف في المنظور.

المصدر




مقالات مرتبطة