كيف تتغلب على الخوف من المسؤولية وتحقق المزيد من النجاح في حياتك؟

نتوقف جميعاً عند نقطة معيَّنة عن اتخاذ الخطوات التي دفعتنا إلى الأمام ونستكين إلى الراحة ولا نسعى إلى تحدي الوضع الراهن، وتكون كل الأمور جيدة جداً إلى أن يحدث شيء غريب؛ إذ يستيقظ دافعك الداخلي وتدرك أنَّك قد توقفت عن النمو.



وأنَّ الخوف من المسؤولية قد سيطر عليك، ويمكن أن يكون شعورك بالاستسلام للخوف والشك والقلق تجربة مزعجة، وخاصةً حين تكتشف أنَّ هذا الاستسلام يمنعك عن السعي إلى أعظم قدراتك والتعبير عن الذات.

سنوجز في هذا المقال بعضاً من خطوات العمل الأكثر قوة التي يمكنك اتِّخاذها لتمنح حياتك على الفور دفعة كبيرة في الاتجاه الصحيح لتختار الطريق الصعب وتتغلب على التحديات وتوسع قدراتك؛ وذلك حتى تتمكن من البدء بتقبُّل المسؤولية، وسيُساعدك تنفيذ واحدة من هذه الاستراتيجيات على التغلُّب على الخوف من المسؤولية وتحقيق المزيد من الإنجازات في الحياة.

اجعلهُ شعارك:

نشأ اليوتيوبر الأسطوري "إيفان كارمايكل" (Evan Carmichael) طفلاً خجولاً ومبتكراً في كندا، وواجه في منتصف العشرينيات من عمره خياراً كبيراً في الحياة؛ وهو إمَّا أن يعمل في وظيفة تقليدية براتب محدود، أو أن يأخذ منحى جديداً ويصبح رائد أعمال، فاختار "إيفان" الخيار الثاني، وسترى من خلال كتاباته ومنشوراته على تطبيق "إنستغرام" (Instagram) أنَّه اشتُهِر بقول: "لكلمةِ F.E.A.R "الخوف" معنيان، إمَّا مواجهة كل شيء والارتقاء أو نسيان كل شيء والهروب".

اعترفَت مجلة "فوربس" (Forbes) به بصفته واحداً من أفضل 40 مسوِّقاً اجتماعياً الآن، والشعار الذي يشاركه "إيفان" هو: "أنا أفعل الأشياء الصعبة".

سيُساعده قراره بتنفيذ هذه العقيدة على أنَّها شعاره مدى الحياة، على اتِّخاذ الإجراءات والذهاب إلى المجهول على الرغم من الخوف الذي يعتريه؛ إذ إنَّه قادر الآن على التغلب على الخوف من المسؤولية بسبب إدراكه ووعيه لذاته.

إنَّ القيام بالأشياء الصعبة هو حرفياً "إيفان"؛ إذ إنَّها جزء من هويته ومن خلال تحديده هذه الجملة بذكاء لتكون خطته المستقبلية، فإنَّه يفعل الأشياء التي تخيفه بشجاعة؛ ونتيجة لذلك، يحقق المزيد.

السؤال الكبير هو: ما هو المبدأ أو الشعار الذي قد تضعه لنفسك وفي إمكانك من خلاله الذهاب إلى مواجهة الحياة بشجاعة يومياً؟

الشيء المذهل الذي يترافق مع قيامك - وبشكل متكرر - بأشد ما يُخيفك، هو أنَّه يُحفز اندفاع هرمون الإندورفين الذي يجعلك تنجح في التحدي التالي.

تصبح الأمور الصعبة عادةً نظراً لأنَّها أضحت جزءاً من هويتك، وكونك تحتفل بالمكاسب الصغيرة بشكل يومي، فإنَّك تعزز هذه السلوكات؛ وهذا يجعل عقلك يبحث وبشكل منهجي عن المزيد من الفرص لدفع الأمور إلى الأمام ومضاعفة الجهود.

ستبتعد - كنتيجة لذلك - عن خوفك من المسؤولية متجهاً نحو الشعور بقدرة أكبر على تحمُّل المسؤوليات التي كنت تتهرب منها سابقاً، فاعلم أنَّه عادةً ما توجد المكافأة الأكبر خلف أكثر باب نخشى فتحه، ويمكن أن تكون الهدية على شكل كسب عملاء جدد أو تكوين علاقات جديدة أو ببساطة، اكتشاف مواهب جديدة لدينا لم نكن نعرفها من قبل.

شاهد بالفديو: كيف تستمر في مواجهة التحديات عندما تزداد الحياة صعوبة؟

تحمُّل المسؤولية الشخصية:

يبدأ كل شيء عندك حين يكون الحديث عن المسؤولية، فلا أحد يستطيع أن يجعلك تشعر بأي شيء حتى وإن كان حقيقياً، إلَّا في حال اخترت أنت قبول هذه المشاعر على أنَّها حقيقتك، والطريقة الصحيحة لتجاوز الأمر هي تحمُّل المسؤولية الشخصية عن كل ما يحدث في حياتك؛ الأمر الذي يعني أنَّ مستوى تحضيرك لمقابلة التوظيف، وازدحام المرور الذي يتسبب في تأخيرك، والانخفاض غير المتوقع لبطارية الحاسوب المحمول، كلها مسؤوليتك.

إنَّ هذا التغيير السلوكي يمنحك المسؤولية الكاملة عن حياتك، فعندما تتعامل مع الموقف بهذه العقلية، تتحول طاقتك الداخلية وتبدأ نيران الشغف والغاية والوجهة بالاشتعال مرة أخرى، كما أنَّ إلقاءَك - على سبيل المثال - اللوم على رئيسك في العمل لأنَّه جعل حياتك بائسة وكلفك بالعمل الإضافي، ولكونك أصبحت تضمر مشاعر الاستياء والغضب، يجعلك تُفوِّت فرصة اكتساب ثقة تُغذيها معرفتك الداخلية بأنَّ الأمر برمته متمحور حولك أنت.

إنَّ هذه التجارب مُقوِّية وليست منهكة، وسُتحرِّك عجلة النجاح من خلال اختيارك التركيز في سلوكك والأمور التي في إمكانك التحكم بها على الرغم من المشكلات التي تواجهها، وعندما تسلك هذا المسار وتأتي إلى عملك مبكراً بدلاً من الاستياء من حقيقة أنَّه عليك العمل، فإنَّك تحوِّل طاقتك إلى الفرصة الموجودة أمامك؛ الأمر الذي يُعَدُّ تغييراً لقواعد اللعبة.

عوضاً عن شعورك بأنَّك مضطر إلى العمل، أصبحتَ ترى الآن أنَّ عملك هو امتياز، ويتعيَّن عليك بذل قصارى جهدك يومياً وينتهي بك الأمر - كنتيجة لذلك - إلى مضاعفة إنتاجيتك، فتمنح عندئذ نفسك الاستقلالية التي تريدها بشدة، والأمر الذي يُسهل العملية هو أنَّك أنت رئيس نفسك وتتَّبع خطواتٍ وضعتَها بنفسك.

تغيير وجهة النظر:

عندما يكون العطاء مهمتك، فإنَّك توقظ جميع حواسك لكي تعيش حياة هادفة؛ إذ إنَّ العامل المساعد على التغيير هو وجهة النظر التي تتطلع إلى تقديم المزيد وخدمة الآخرين، بصرف النظر عن مدى صغر حجم ما يُقدَّم.

على سبيل المثال، تُعرَض عليك فرصة إلقاء خطاب هام، ولكنَّك تخشى أن تفسد الأمر؛ فلذلك، تقرر رفض العرض، وعندما تأخذ العطاء كمهمة، فأنت تعمل من هذا المبدأ مُخبِراً نفسك: "سأُلقي هذا الخطاب لأنَّني أعمل على مساعدة هؤلاء الذين يحتاجون إلى المساعدة، وإن استطعتُ تغيير حياة شخص واحد، فسيكون الأمر استحقَّ المحاولة".

عندما يكون هذا مقياس النجاح بالنسبة إليك، سيتلاشى الخوف وتعود مهمتك لتظهر أمامك بوضوح؛ وذلك لأنَّ الأمر لم يَعُد يتعلق بك وبشكوكك؛ بل أضحى أكبر من ذلك؛ إذ إنَّه يرتبط الآن بالقضية والعطاء والخدمة على مستوى أعمق، فعندما يكون العطاء هو محور ما تفعله، فإنَّه يعطي معنى وهدفاً للنضال، وصحيح أنَّه لا يقضي على الخوف، ولكنَّه يمنحك القوة الكافية للاستمرار.

يمنعك العطاء عن التفكير المستمر والتحليل والقلق ويمكِّنك من عيش حياة ذات هدف صريح، وهنا تشعر بالحياة مرة أخرى، فماذا يمكنك أن تمنح اليوم؟ وكيف يمكنك خدمة الآخرين من خلال القيام بشيء تخشى فعله؟ وما هي المسؤولية التي تتجنبها والتي قد تكون إن فكرت فيها تفكيراً أكبر، تجد أنَّها فرصة للعطاء؟

إقرأ أيضاً: درجات العطاء: القيادة بسخاء

"أكل الضفدع" وفعل ما تكره القيام به:

عندما تشعر بأنَّك عالق بالتفكير فيما لم يأتِ بعد، فأنت لستَ موجوداً تماماً في الوقت الحاضر، كما أنَّك تسرق المتعة من حياتك من خلال القلق بشأن ما سيأتي لاحقاً، فعندما تلتزم بتقنية "أكل الضفدع" وتفعل الأشياء التي تكرهها، فهذا يعني أنَّك تتعامل مع الأشياء الصعبة أولاً وتزيحها من الطريق مبكراً.

استيقظ واذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، وابدأ بإنشاء هذا العرض التقديمي على الفور، وأرسِل هذا البريد الإلكتروني الصعب، وخُض تلك المحادثة الصعبة؛ إذ ستكون المحصلة النهائية شروعك في الحركة والبدء باتِّخاذ الإجراءات، وعندما تشهد بنفسك على اتِّخاذك لإجراءات بشأن أشياء تخيفك، وتؤدي واجبات وأدوار خارج منطقة راحتك، فأنت تُظهِر لنفسك أنَّك تحترم وتقدر كل شيء يتعلق بك.

إنَّ الثقة بالنفس هي الجزء السحري الذي يُترجِم كل هذا الجهد إلى تقدم متسارع وثقة عميقة بالنفس، فإنَّ الثقة بالنفس هي شيء هام جداً؛ إذ إنَّه من الهام للغاية الحفاظ بأي ثمن كان على الالتزامات التي تتعهد بها لنفسك، وسيتضاعف قيامك بما تقول إنَّك ستفعله والوفاء بالوعود التي تقطعها وسيبني ثقتك وإيمانك بنفسك لمنح المزيد؛ كقولك على سبيل المثال: "سأتواصل اليوم مع 20 عميل جديد في عملي".

ستمارس الأمر يومياً من خلال استخدامك لطريقة أكل الضفدع، وستزيح عند بداية كل يوم المهام الصعبة من طريقك، كما أنَّك ستفوز شخصياً من خلال اتِّباعك لهذه الطريقة وستحقق المزيد بشكل ملحوظ.

شاهد بالفديو: 5 أسئلة تساعدُكَ على تحديد الأولويات

اختيار "الجري مع الأُسُود":

قد تفكر أنَّ هذا الأمر غريب بعض الشيء قائلاً: "لماذا قد أختار السباق مع ملك الغابة؟" ولكنَّ ما أود الوصول إليه هو أن تُحيط نفسك بأولئك الذين يمكِّنونك ويبنونك ويرون إمكاناتك، فإذا كنتَ تشعر بالانزعاج أو بأنَّك مُقيَّد باستمرار من الآخرين وأنَّك تمتص الطاقة السلبية من الأشخاص الذين هُم أنفسهم تسيطر عليهم عقلية القيود والنقص والمشكلات، فإنَّ هذا الأمر يستنزف الطاقة بشكل كامل.

انتبه إلى الأشخاص الذين تقضي الوقت معهم، وخاصة إذا كنتَ تُدرك أنَّك بدأت تدخل في دوامة الخشية من المسؤولية؛ إذ إنَّ هذه علامة كبيرة على أنَّك بحاجة إلى أن تحمي دائرتك الداخلية عن كثب؛ لأنَّ هؤلاء الأشخاص قد يضرون بك أكثر مما ينفعونك.

في الحقيقة، قد تكون هذه هي مشكلتك باختصار؛ لذلك احرص على أن تُصنِّف خوفك من المسؤولية كمشكلة أنت وحدك مَن صنعها، فقد يكون الأمر ببساطة هو أنَّ الوقت قد حان للعثور على طاقم مختلف للعمل معه.

إنَّ الحياة فوضوية ونحن جميعاً مشغولون، ومن الممكن أن تقودنا الأفكار أو الأهداف السابقة إلى ممارسة عادات غير صحية، كعدم تغيير الوجهة عند الحاجة، وستشعر عندما تقوم بتحديث للبيئة المحيطة بك ولأولئك الذين تسمح لهم بالتأثير فيك يومياً بشكل أساسي، بفيض من الطاقة الجديدة التي ستندفع إلى حياتك، فاستفِد وتعلَّق بتلك الحالة عندما يحدث هذا الأمر.

بالمثل، فإنَّ شعورك بفائض من الطاقة، وبثقة وسلام أكبر عندما تكون بالقرب من أشخاص معينين، يُخبرك بشيء: لا تخف من اتِّباع حدسك وإجراء بعض التغييرات إن احتجت إلى ذلك.

بعد كل ما قيل، فإنَّ الشعور بالخوف من المسؤولية والتغلب عليها حتى تتمكن من تحقيق المزيد في الحياة، يرتبط ببذل جهد واعٍ لتكون على دراية بهذا الخوف عندما تشعر به وباتخاذ الإجراءات بسرعة لمعالجته.

المصدر




مقالات مرتبطة