كيف تتخلص من كرهك لعملك؟

عندما تتحول خيبات الأمل في العمل إلى ضغينة، ستقع في فخ انعدام الإنتاجية الخطير.



ربما أُقصيتَ عن مشروع هام، أو أنَّ أحد الزملاء يقاطعك باستمرار في أثناء الاجتماعات التي تعقدها مع العملاء، أو أنَّ شخصاً ما يتحدث متباهياً بمشروعه متجاهلاً العمل الذي قدَّمه فريقك في أكثر من مناسبة.

لا يمثِّل التفكير في هذه الإهانات مرة أو مرتين أيَّة مشكلة، ولكن عندما يعيد عقلك الحدث مراراً وتكراراً، يتولد كرهك للعمل؛ لذا إن أردت المضي قُدماً، فوظِّف ذكاءك العاطفي توظيفاً صحيحاً.

ما يميِّز الضغائن هو الشعور المستمر بالحقد أو الاستياء الناجم عن شيء حدث في الماضي، وهذا أمر شائع جداً في أماكن العمل، كما تقول نانسي كوليير (Nancy Colier)، المعالجة النفسية ومؤلفة كتاب "قوة الإيقاف" (The Power of Off): "عندما تضمر ضغينة، فإنَّك تتجول في عالم تدمير الذات الذي بنيته بيديك، وعندما تكون في هذا المكان، لا يمكنك إظهار أفضل ما لديك (إبداعك أو لطفك أو إنتاجيتك)، ويغدو هذا الاستياء عقبةً أمام قيامك بعمل جيد؛ إذ هو أشبه بإشعال نار في نفسك وتوقع وفاة الشخص الآخر بسبب استنشاق الدخان".

وفقاً لموقع مايو كلينك (Mayo Clinic)، يمكن أن تكون آثار الضغينة خطيرة؛ إذ قد يؤدي ذلك من الناحية الذهنية إلى حرمانك الاستمتاع باللحظة، وفقدانك التواصل مع الآخرين، وشعورك بأنَّ حياتك دون هدف؛ كما يمكن أن تؤدي الضغائن من الناحية الجسدية إلى الاكتئاب، واضطراب توازن معدلات الكورتيزول والأوكسيتوسين في الجسم، وهو أمر -كما يوضح علم النفس- مرتبط بالمرض.

تقول كوليير (Colier) أنَّ تجاهل الضغينة تجاه العمل، يمكن أن يعزز المشاعر الإيجابية التي تُحسِّن عملية صنع القرار والأداء المعرفي ونوعية العلاقات في مكان العمل.

فيما يلي 5 طرائق لاستعادة التحكم والمضي قدماً:

1. تحديد أسباب الإهانة:

إن لم تُستشر بشأن قرار له أثر كبير على فريقك مثلاً، فتقَصَّ عن السبب الذي جعل هذه الإهانة مؤلمة في صميمك؛ فلربما ينبع هذا الإحساس من مشاعر عدم الكفاءة أو عدم الأهلية الذي أحسست به في وقت سابق في حياتك (على سبيل المثال).

توضح كوليير (Colier) أنَّ السبب الرئيس لألمك الحالي غالباً ما يكون حوادث ومشاعر قديمة؛ وتقترح قائلة: "اسأل نفسك ما سبب شعورك بالظلم، ولماذا يستفزُّك لهذه الدرجة؛ وعد إلى الوراء لمعرفة السبب، فلربما تُشعرك هذه الإهانة أنَّك لست على قدر كافٍ من الأهمية أو الذكاء. غالباً لا يكون الجرح الأساسي عميقاً إلى هذه الدرجة".

"إنَّ معرفة ما تشعر به حيال ما حدث بالضبط، والقدرة على توضيح ما المشكلة في الموقف، يُعَد أمراً أساسياً للمضي قدماً"؛ وفقاً لفريدريك لوسكين (Frederic Luskin)، مدير مشروعات التسامح في جامعة ستانفورد (Stanford Forgiveness Projects)، كما ويقترح عند قيامك بذلك بالتفكير في عرض تجربتك على عدد من الأشخاص الموثوق بهم.

إقرأ أيضاً: أسباب الإهانة وطرق التعامل معها

2. التفريق بين الإحساس بالإهانة والشخص المسبب لها:

على حد تعبير كوليير (Colier)، تتركز الضغينة حول الأشخاص الذين ظلموك، لكن لا ينبغي أن تحصر تركيزك في ذلك. وتقول: "إنَّ تركيز ألمك وغضبك على الشخص الآخر يقيد تفكيرك، فتجعله بذلك مسيطراً عليك سيطرة كاملة. بدلاً من ذلك، اجعل هذه اللحظة فرصةً لإظهار لطفك مع نفسك، والاعتراف بما حدث ولما أشعرك على هذا النحو".

قد يكون ذلك بسيطاً مثل الاعتراف بأنَّ الحقد تجاه زميلك في العمل قد استحوذ على أفكارك.

إنَّ النظر إلى الأمر بهذه الطريقة أمر ضروري، حيث يقول لوسكين (Luskin): "أدرك أنَّ محنتك الأساسية ناتجة عن الإحساس بالإهانة والأفكار والاضطراب الجسدي الذي تعاني منه الآن، وليس ما أساء إليك أو أهانك قبل دقيقتين أو عشر سنوات".

3. تدوين الحادثة:

توضح كوليير (Colier) أنَّ البشر يميلون إلى استحضار معاناتهم، فمثلاً قد تكون في خضمِّ العمل وفجأةً تتذكر أحد المواقف المزعجة التي صادفتك في اجتماعك الشهري مع الإدارة، فيحاول عقلك حسم الموقف بشكل مختلف.

وتقول: "تتمثل أحد أسباب قيام العقل بذلك في أنَّه يحاول حسم الموقف بصورة مختلفة، كما لو أنَّ بإمكانه إعادة تأطيره".

لإعادة تأطير الموقف بوعي، فكِّر في ما تحتاج إلى سماعه مِن مسبِّب الضغينة لتغيير تجربتك إلى الأحسن؛ دوِّن ذلك ثم تحدث إلى نفسك.

تقول كوليير (Colier): "أخبر نفسك بما تريد سماعه، ثم فكر في ما تشعر به. ما الذي يتحرر في داخلك عندما تسمع هذه الكلمات؟ استخدم هذه التقنية كأداةٍ للتقصِّي".

إقرأ أيضاً: 10 نصائح تدافع فيها عن نفسك في أي موقف

4. التفكير فيما إذا كنت ستتواصل مع زميلك في العمل:

في كثير من الأحيان، لا يعرف الشخص الذي سبَّب لك الضغينة أنَّه قد أساء إليك؛ لكنَّك إن واجهته بالحقيقة، فقد يمنحك العبارات التي تحتاج سماعها للمضي قدماً. فكِّر بعقلانية فيما يمكنك قوله لهذا الشخص كي يمنحك ما تحتاجه. تُعَد سياسة العمل وتقبُّل الشخص وشخصيته عوامل يجب مراعاتها.

إن اخترت التقرب من هذا الشخص، فلا توجه إليه الاتهامات، أعلمه بما حصل وكيف أشعرك هذا، ثم اطلب إليه تغيير سلوكه.

تقول كوليير (Colier): "قد تقول: "مرحباً يا باسم؛ عندما تقاطعني في أثناء اجتماعات مجلس الإدارة، أجد صعوبة في جعل صوتي يلقى آذاناً صاغية، فهل يمكنك لطفاً أن تدعني أنهي كلامي؟".

5. الإقرار بأنَّك تؤذي نفسك:

الضغينة التي تحملها موجودة في مكان واحد فقط، هو ذهنك. تقول كوليير (Colier) أنَّ اجترار الأفكار وإعادة صياغة المواقف وتذكير نفسك بأنَّك تعرضت للأذى مراراً وتكراراً ما هو إلَّا إيذاء للنفس. عندما تجد نفسك قد انجررت مجدداً إلى الضغينة، اطلب إلى نفسك بهدوء أن تكف عن ذلك.

وتتابع: "إنَّ قول هذا بصوت مسموع له قوة هائلة تحول دون تصعيد الأمور. ويُعَد الوعي بحدوث ذلك عنصراً أساسياً في التخلص من الإدمان؛ والضغينة شكل من أشكال الإدمان. يجب علينا تحمُّل مسؤولية الشفاء من هذا الإدمان، وفهم أنَّنا نحن -ولا أحد سوانا- مسؤولون عن سعادتنا. 

 

المصدر




مقالات مرتبطة