كيف تتجاوزين أزمة الانفصال عن الشَّريك؟

يعدُّ الوقوع في الحبِّ أحد أكثرِ المشاعر التي تبعث على البهجة، إذ يشعر المرء وكأنَّه قد امتلك جناحين كي يحلق بهما عالياً في السَّماء. لكن حين ينتهي ذلك الحب، يتحوَّل شعور المحب إلى شعور من يسقط في هاوية، لأنَّه يحاول التَّمسك بأيِّ شيء يتشبث به كيلا يسقط في قعر هذه الهاوية ويتحطم. سواءٌ أكان السَّبب في ذلك الانفصال عن الحبيب أم الحبُّ من طرفٍ واحد، فهذا لا ينفي أنَّ الأمر مؤلم. مؤلمٌ لدرجةٍ أنَّه يجعلنا نتصرف عكسَ سجيتنا.



ملاحظة: هذا المقال مترجم عن المُدَوّنَة تينا سو من موقع TSN.

يكون الألم النَّاتج عن ضياع الحبِّ شديداً لدرجة أنَّه يمكن أن يَهُزَّ أسُسَ نظرتنا للحب والرومنسية. لأنَّه حين لا تلتئم تلك الجراح العاطفية بشكلٍ سليم، فإنَّها تتحول إلى أوزارٍ عاطفية نحملها معنا إلى علاقتنا التالية.

بواعث الحب والألم:

قبل الغوص في طريقة تجاوز حالة الانفصال، دعونا ننظر أولاً إلى ماهية الحب، وما هي بواعثه، ولماذا نشعر بالألم حين يزول.

الحب عبارةٌ عن طاقة متجذِّرة في البشر جميعاً؛ لأنَّه شعورٌ يكمن في قلب كلِّ واحدٍ مِنّا؛ فعندما نكون في حالة من الصَّفاء والوئام، تصبح مشاعر الحب الغامرة واضحة بشكلٍ لا لبسَ فيه، وتتخذ أفكارنا وأفعالنا الحبَّ والصِّدقَ ركائزَ لها.

كما أنَّنا جميعاً مرتبطون بهذه الطاقة الأساسية في الحياة، إذ نعيش بين الفينة والأخرى قبساتٍ من ذلك الارتباط عبر العديد من الأحداث العرضية، مثل:

  • محادثة ممتعة وودية مع شخص آخر.
  • أشكال التَّعبير الإبداعي مثل الاستماع إلى الموسيقى والكتابة والرسم.
  • التَّواصل مع الطَّبيعة أثناء النُّزهات، أو عند الجلوس على ضفة نهر متدفق.

حين نقع في حبِّ شخص آخر، فإنَّنا نعيش الحبَّ الذي يكمن داخلنا طوال الوقت. ويلعب من نحبه دور مرآةٍ تعكسِ روحنا. إذ نحن في حقيقة الأمر لا يمكننا أن "نقعَ" في الحب، لأنَّنا قد نشأنا على الحب. أمَّا الشخص الآخر فهو المحفز الذي يسمح لنا بالتَّعرف على الجمال الكامن بداخلنا.

وبسبب افتقارنا لفهم أنَّ الحب موجود فينا، فإنَّنا نَنْسُبُ ذلك إلى الشِّخص الآخر. هذا الشُّعور قويٌّ لدرجة أنَّنا نصبح مدمنين ومحبين للتَّملك؛ بحيث نسعى للتَّمسك بذلك الشعور والإبقاء عليه للأبد.

ونظراً لأنَّنا نَنْسُبُ الحبَّ لشخص آخر سوانا، فإنَّ الألم يحدث حين نحاول وبقوة، قتل ذلك الحُبّْ. والذي هو موجود فينا في حقيقة الأمر.

نستنتج إذاً أنَّ أصل الألم هو قتلنا وبكل قسوة، ذلك الحب الذي يكمن فينا. فعندما نقوم بذلك، نشعر وكأنَّ أحدهم قد طعننا في قلوبنا، مسبباً لنا بذلك ألماً شديداً. لكن في واقع الأمر؛ نحن من يطعن أنفسنا، لأنَّنا نحاول قطع اتصالنا الفطري بالحب.

الحب والحرية العاطفية:

نصيحتنا لكم من أجل الشفاء من جراح الحب الضائع هي نصيحتنا ذاتها من أجل الوقوع في الحب: أن تحبوا أنفسكم أولاً. إذ اعتدنا أن نعتمد في علاقاتنا السابقة على الشريك كي نكون سعداء، وكي نشعر بالتَّميز والكمال. لأنَّنا كنا نعتقد أنَّ أهميتنا تتلخص في مقدار الاهتمام الذي يمنحه لنا الشريك. وهي معادلة "خاسرة" تعمل ضد سعادتنا الشخصية، لأنَّها تعتمد اعتماداً كبيراً على ظروف خارجية لا سلطة لنا عليها. ظروفٌ لا تستمر على المدى الطويل.

إلا أنَّنا قادرون وحدنا على توفير الأمان الذي نحتاجه لأنفسنا، وذلك عبرَ حبِّ أنفسنا أولاً، وتقبُّلها ثانياً. إذ نحن من خلال قيامنا بذلك لا نحرِّرُ أنفسنا من القيود التي تبقينا في حالة ألمٍ عند انتهاء العلاقة وحسب، بل ونجعل أنفسنا أكثر قدرةً على جذب الأشخاص الآخرين إلينا.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح بسيطة لتجاوز علاقة الحب الفاشلة

النَّصائح السَّبعُ لتجاوز أزمة الانفصال عن الشَّريك:

1. تَخلَّي عن الأمر:

ماذا ستفعلين إذا إحترق منزلك وتحول لأنقاض هو وكل شيء تملكينه؟ نحن على ثقةٍ من أنَّك ستشعرين بالغضب والإحباط في البداية. لكن وفي الوقت عينه، لن يؤدي أيُّ قدرٍ من الغضب إلى تغيير ما حدث. فما حصل قد حصل، وأفضل حلٍّ من أجل تجاوز تلك الأزمة هو المضي قدماً والعمل على بناء منزل جديد.

وبالمثل، حين تنتهي العلاقة ستحتاجين إلى التَّخلي عن الأمر كي تبدأ مرحلة الشفاء بسرعة. وإذا كنتِ الطَّرف الذي قد تمَّ التَّخلي عنه، فلا تفكري إن كان سيعود إليكِ أم لا. إذ طالما أنَّه قد انفصل عنك، فعلى الأرجح أنَّ هناك خللٌ في علاقتك معه، وستكونين موضع تقديرٍ في علاقةٍ أخرى مع شخصٍ آخر. وحتى لو عاد إليكِ مجدداً، فمن غير المرجح أن تستمر تلك العلاقة.

كوني على ثقة بأنَّ كلَّ شيء في هذه الحياة يحدث لسبب ما، وأنَّ ما حدث هو خيرٌ لكِ؛ خيرٌ سوف تكتشفينه لاحقاً.

2. تخلصي من التَّوتر الذي تشعرين به:

نحن نمتلك جميعاً تلك الحاجة إلى التعبير عن أنفسنا من أجل إيصال ما نفكر به بشكلٍ واضح. وسواء أكنتِ أنتِ من بدأت عملية الانفصال، أم كنت من تمّ التخليَ عنه، فغالباً ما ستشعرين بتوترٍ مبعثه مشاعرَ دفينة في نفسك.

يمكنك التَّخلص من هذا العبء عبر القيام بالآتي:

  • التَّحدث عن ذلك مع أقرب صديقاتك.
  • التَّعبير عن مشاعرك بأمانة وصراحة مع الشريك السابق.
  • التَّنفيس عن تلك المشاعر عبر البكاء لمدة 10 دقائق (لا أكثر).
  • الكتابة عن تجربتك تلك على شكل يوميات (سنوضح ذلك في قادم السُّطور).
  • ممارسة التَّمارين الرياضية.
  • التَّأمل.

3. أحبِّي نفسكِ:

إنَّ التَّدرب على حب أنفسنا هو أحد أهم العوامل التي توصلنا إلى السَّعادة والاستقرار على المستوى الشَّخصي والعاطفي. يشتمل ذلك على القيام بأيِّ شيء بمفردك؛ ابتداءً من إعداد وجبات عشاء فاخرة لنفسك، مروراً بقضاء أوقاتٍ تقومين فيها بأشياء تحبينها، ووصولاً إلى الاستماع للموسيقى والخروج للتَّسكع بمفردك. كل أمرٍ قد ذكر له تحدياته وفوائده الخاصة، ويساعدكِ في التَّغلب على الخوف من الوحدة، ويجعلك تشعرين بالفرح جراء نجاحك بذلك.

ولكي نشرح الأمر بشكلٍ أفضل، إليكِ بعض الأفكار الأخرى:

  • اخرجي في موعدٍ رومنسي مع "نفسك": قومي بذلك كما لو كنت تخرجين مع شخصٍ آخر؛ ارتدي أجمل ثيابك، واشتري باقة وردٍ ودللي نفسكِ بشيءٍ لذيذ، واستمتعي بنزهةٍ تحت السَّماء المرصَّعة بالنُّجوم.
  • اعلمي أنَّك أجمل مما تظنين: انظري إلى نفسك في المرآة. انظري إلى عينيك مباشرةً، وابتسمي. وتعوَّدي على أن تكوني مسرورة بما ترينه ماثلاً أمامك. عوِّدي نفسك على أن تري جمال وجهك حين تنظرين إليه، لا أن تُحصِي مساوئه (هذا إن وُجِدَ أصلاً). سيكون الأمر غريباً بعض الشَّيء بالنسبة إليكِ، وغير مريح في البداية. لكن ثقي بنا، واستمري في القيام بذلك لبضعِ دقائق كل يوم.
  • تدرَّبي على القيام بأشياء بمفردك: تَحَدَّي خوفك من أن تكوني وحيدة. فإن كنتِ لا تحبين مثلاً الذهاب إلى المطعم بمفردك، تجاهلي الأمر واذهبي بمفردك لتناول العشاء في مطعمٍ ما. إذ إنَّ مهَمَّتكِ هي إيجاد البهجة في تلك التَّجربة.
إقرأ أيضاً: 9 نصائح تساعدك على إنهاء علاقتك العاطفية

4. أحبِّي الشَّريكَ الذي انفصلتِ عنه:

اسمحي للحبِّ الموجود بداخلك بأن يتدفق منكِ وعبركِ. واغفري وسامحي وافتحي قلبكِ. وتخلَّي عن كُلِّ المعتقدات والأفكار التي تخبرك أنَّ شريكك السَّابق هو أسوء رجلٍ في الوجود؛ فأولاً وأخيراً، لكلٍّ منا حسناتُه وسيئاته. لذا اغفري له تلك الأوقات التي جعلكِ فيها تبكين، وامحِهَا من ذاكرتك؛ فهي لن تُسبِّب لك سوى مزيدٍ من الأذى. واستحضري بدلاً من ذلك الأوقات التي أضحكك فيها، واشكريه عليها.

5. اعلمي أنَّ الوقت كفيلٌ بأن يشفيَ جراحك:

يتطلب الأمر منا جميعاً وقتاً طويلاً لكي نشفى من جراحنا. لذا اصبري، فالعاصفة ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، لتظهر الشَّمس بعد ذلك من بين السُّحب السوداء.

6. اكتبي عن تجربتك تلك:

اجلسي على كرسي مريح في منزلك أو في مقهى، وأفرغي أفكارك ومشاعرك على الورق. إياك أن تقومي بذلك باستخدام الحاسوب أو أيَّة وسيلة رقمية، وإنَّما استخدمي القلم والورقة؛ فذلك يضمن أن تعبري عن مشاعركِ بشكلٍ أفضل.

ابدأي الكتابة بسؤالٍ يبدأ بـِ "لماذا". كأن تسألي نفسكِ: "لماذا حدث ذلك؟ ولماذا أشعر بالألم الذي أعيشه الآن؟". دعي دفق مشاعرك يُجبكِ عن ذلك. إلى أن تتوصلي إلى إجابةٍ صادقةٍ ومقنعة. إجابةٌ تكسبك الوضوح والفهم اللازم لما تشعرين به، وتبعدك عن إلقاء اللَّوم على الطرف الآخر. وبذلك تقدرين على تخفيف آلامكِ التي لم يعد لها أيُّ داعٍ الآن.

بعد أن تتعرفي على الأسباب، يأتي دورُ إيجادُ الدُّروسِ والعِبَر. لذا اسألي نفسك الأسئلة الآتية: "ما الذي قد تعلمته من تلك العلاقة؟ وما الذي قد تعلمته من الشَّخص الآخر؟ وكيف ستجعل الإجابة عن هذين السؤالين حياتي أفضل؟".

دوني تلك الإجابات واجعليها مرجعاً لك من أجل النَّجاح في علاقاتك المستقبليَّة.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لمعالجة قلبك المُحطّم عاطفياً

7. اقرئي كتباً مُلهمة:

اقرئي كتباً تساعدك على تطوير شخصيتكِ، وتساعدك على إثراء ونقلِ حياتك للأفضل. ننصحك في موقع النَّجاح بالكتب الخمسة الآتية، والتي من شأنها أن تساعدكِ على إثراء حياتك:

  1. كتاب "لغات الحب الخمس" للمؤلف جاري تشابمان.
  2. كتاب "الفشل البنَّاء" للمؤلف جون سي ماكسويل.
  3. كتاب "فن اللامبالاة" للمؤلف مارك مانسون.
  4. كتاب "كتاب الرجال من المريخ النساء من الزهرة" للمؤلف جون غراي.
  5. كتاب "مميّز بالأصفر" للمؤلفين إتش جاكسون براون الابن، وروتشيل بينينغتون.

خلاصة ما سبق:

كل علاقةٍ مآلها إلى زوال، عاجلاً أم آجلاً. سواءً أكان ذلك عن طريق الانفصال، أم وفاة أحد أطراف تلك العلاقة. فالعلاقات مثلها مثل الروح؛ لها دورة حياة، إذ تولد العلاقة وتعيش، ومن ثمَّ تموت في نهاية المطاف. حالها حالُ أيّ شيءٍ في هذه الدنيا.

عوَّدتنا مفاهيمنا الاجتماعية أن ننظر إلى نهاية العلاقة نظرةً سلبية، ونلصقها بكلمة "الفشل" على الدوام. لكن ولمجرد أنَّ العلاقة قد انتهت، فهذا لا يعني بالضرورة أنَّ "العلاقة فاشلة". لأنَّه من المحتمل أن يكون كلا الطرفين قد تعلما دروساً هامَّة عن نفسيهما، وعن طبيعة العلاقات بشكلٍ عام، مما يعطيهما أفضليةً للنَّجاح في علاقاتهما المستقبلية.

لذا تمسكي بجمال الوقت الذي قضيته معه، واستفيدي من الدروس الثمينة التي قد تعلمتها، وكوني شاكرةً لحالة الحبِّ التي قد عشتماها سويةً، واعلمي أنَّكِ الآن شخصٌ أفضلَ بسبب ذلك.

المصدر.




مقالات مرتبطة