كيف تبدأ حياتك من جديد بعد أن يبدو لك أنَّ الأوان قد فات؟

هل سبقَ لك أن سمعتَ مقولةَ "التَّغيير هو الثابت الوحيد"؟

يَمرُّ الجميع بلا شكٍّ بتغييرات في حياتهم سواءً أَكانت حالةً جسدية من الشَّيخوخة، أم حالةً ذهنية من النُّضج العاطفي، أم التَّردي في بعض الحالات. ومع ذلك، تدلُّ جميع تلكَ الحالات على التَّغيير، إلا أنَّ البعض منَّا يبدو وكأنَّه يتقبَّلُ ذلك بشكلٍ أفضل من الآخرين.



عليَّ أن أعترف أنَّه عندما يتعلق الأمر بالتَّغيير، فأنا لست أكثرَ من يُرحِّب به. لا تُسئ فهمي؛ فأنا أحبُّ التَّحدي، ولست من النَّوعِ الذي يجلس بخمول. ومع ذلك، فإنَّ الشُّعور بالطُّمأنينة لوجودي في "منطقة الرَّاحة" الخاصَّة بي هو شعورٌ يصعبُ عليَّ تغييره، ولا سيما عندما يكون التَّغيير الذي أنا على وشك القيام به ليس بذاكَ الأمرِ الهيِّن، أو ربما أمرٌ لا أرغب به أصلاً. إذ ما إن يبدأُ الشُّعور بعدم اليقين بالظُّهور عندي، حتى أبدأ بالتَّساؤل فيما لو كانت تلك التَّضحيات التي عليَّ تقديمها هي أمرٌ مبالغٌ فيه. أو ربما أنا أفضلُ حالاً في بقائي في الوضع الذي أتواجد فيه. هل يبدو ذلك مألوفاً لديك؟ هل سبق لك أن مررت في موقفٍ اتَّضح لك فيه أنَّ الأمور لا تجري على ما يرام؟ فسواءً أكان ذلك في علاقاتك الشخصية أو تطوُّرِكَ المهني، فأنتَ لا بُدَّ أنه سبق لك وَكنتَ غيرَ سعيدٍ بالطَّريقة التي تسير بها الأمور، وشعرتَ بالقلق إلى حدٍّ ما. لذا تكون بحاجةٍ للقيام بذلك التَّغيير. ومع ذلك، فأنت تخاف من اتخاذ قرارٍ واعٍ بالمُضي به، لأنَّك ربما لستَ واثقاً مما يجب عليكَ تغييره أصلاً! أو تخشى أنَّه قد فات الأوان لبدء بدايةٍ جديدة للبدء من جديد.

ربما تكون قد عملتَ مع نفس الشَّركة وفي نفس المنصب على مدار الخمسة أعوامٍ الماضية، وتقوم بنفس الأمر ولا تكره عملك. لكنَّ التَّفكير في القيام بذاتِ الشيء خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة يخيفك، وتريدُ أن تفعلَ ما هوَ أكثر أو ربما شيء مختلف بالكامل جملةً وتفصيلاً. أو ربما تكون قد قطعتَ شوطاً لا بأس به في مرحلة النُّضوج؛ حيث أنشأتَ مساراً مهنياً لا يستهانُ به، ولديك الكثير لتقلقَ بشأنه، كالأُسرة التي تقع على كاهلكَ مغبَّةَ الاعتناء بها. فأنت مستقرُّ مالياً وربما في طريقكَ للحصول على ترقية. لكنَّكَ وبشكلٍ ما، لستَ راضياً تماماً عمَّا قد حقَّقته، إذ هناك أمرٌ أساسيٌّ تفتقده في حياتك. ومع ذلك، يبدو أنَّه قد فات أوانُ تركِ كُلِّ ذلك الاستقرار وراء ظهرك، والشُّروعَ في رحلة اكتشافٍ جديدة كُليَّاً.

لماذا يَجد الكثير منَّا أنفسهم وهم يضيّقون بابَ الفرص والإمكانات عليهم، فقط لأنَّهم يعتقدون أنَّ الوقت قد فاتَ للبدء من جديد؟ أو أنَّهم لم يعودوا صغاراً لكي يبدأوا شيئاً ما؟ إذاً كيف تُقلع بحياتكَ من جديد؟

إقرأ أيضاً: 7 نصائح ذهبية تساعد على تحقيق الاستقرار المادي.

تعرَّف على جاك:

لدي صديقٌ اسمه جاك. يبلغ من العمر 37 عاماً، وهو واحدٌ من كبار المدراء في إحدى الشّركات الأربعة الكبرى (أكبر أربع شركات محاسبة وخدمات مهنيَّة في العالم)، ويعمل في قسم تدقيق الحسابات لأكثر من 15 عاماً. إنَّه يتقاضى راتباً ضخماً، ويمتلك شقتَهُ الخاصَّة ويتمتّع بأفضل الأشياء بالحياة؛ ولكن ليس من دون المتطلّبات الثقيلة التي يفرضها عليه عمله. على السَّطح، يبدو أنَّه قد أمَّنَ حياته، وأنَّ خطوته التالية ستكون ترقيةً إلى منصب مدير، أو تسويةً مع شخصٍ ما. ومع ذلك، عندما طرحت عليه سؤالاً بسيطاً قبل بضعة أشهر، لم أتفاجأ أبداً من سماعي لإجابته. إذ سألته عمَّا إذا كان سعيداً بعمله، حيث كان يشكو سابقاً من بعض المسائل المتعلقة بالعمل. لقد تردد قبل أن يُجيبني بأنَّه يتمنى في بعض الأحيان أن يتمكن من الاستقالة من وظيفته لصالح شيءٍ أقلَّ إرهاقاً. لكنَّه اعتاد بالفعل على نمط الحياة هذا، ويشعر أنَّه قد فات أوان التَّخلي عنه من أجل أن يسعى لممارسة مهنةٍ أو طموحٍ جديد. فالمُخاطرة في وضعه عالية جداً، لدرجة أنَّه اختار قبولَ وضعه الرَّاهن رغم كلِّ مشقَّاته.

تتمثَّل الصُّعوبات الخارجية التي يواجهها جاك في الاستقرار المالي والتأثيرات الاجتماعية من أقرانه، ونمط الحياة المُسرف الذي يعيشه، والمكانة أو الاعتراف الذي يحصل عليه من استمراره في ذلكَ المنصب.

أمَّا داخلياً، فيواجه جاك خطرَ فقدانِ ما بناه على مرِّ السِّنين. كما أنَّ كونَهُ مدققاً مالياً يجعله أكثر حذراً عند اتِّخاذ القرارات الهامَّة، ولا يبدو منطقياً بالنِّسبة له، أن يتخلَّى عن هذه الوظيفة من أجل السَّعيِ وراءَ بديل؛ فقط لأنَّ ذلك البديلَ سَيُعطي "معنىً" أكثرَ لحياته.

ربما قد تصادف سيناريو مشابهاً لسينَاريو جاك، أو ربما تكون أنت "جاك" بنفسك. فإذا كنتَ مثله؛ فأنتَ الآن تواجه جداراً. سواءً أكان ذلك عبارةٌ عن ضغوطٍ أو متطلباتٍ في عملك، أو عدم الرضا الذي تشعر به تجاهه، أو ذاكَ الشُّعورَ الكامنَ بعدم قدرتكَ على تسلُّق سُلَّمِ النَّجاح، عليك أن تقرر ما إذا كنت تريد هدم ذلكَ الجدار أم الاستمرار بالسَّماح له بأن يُطبقَ عليك.

لم يَفُتْ الأوانُ بعد:

حسناً؛ الخبر السَّار هو أنَّه مع استمرار تطور مجتمعنا بوتيرةٍ سريعة، فهذا يعني أيضاً أنَّه لدينا مزيدٌ من الفرص للقيامِ بأمورٍ كانَ يُعتَقَدُ سابقاً أنَّها مستحيلة إذا كنتَ في عُمرٍ معيَّن، أو تجاوزتَ مرحلةً معيَّنة من الحياة. ففي أيامنا هذه، يقومُ عددٌ أكبر من الأفراد بتخطِّي الحدود وكسرِ الصُّوَرِ النَّمطيَّة. وأنا لا أتحدث هنا عن العمر وحسب. فالعمرُ ليس سوى حالة ذهنية، بناءٌ اجتماعي لا ينبغي أن يُحدِّدَ أو يَحُدَّ من قدراتك وطموحاتك. لكن هناك أمرٌ يتجاوز العوامل الخارجية مثل الوقت والعمر. أمرٌ يتعلَّقُ بكَ وبقدرتكَ على قبولِ التَّحديات، وامتلاكِ العزم الكافي للخروج من وضعك الحالي.

قد يكون سبب شعورك أنَّ الوقتَ قد فات للبدء من جديد، لأنَّك وببساطة تقارن نفسك بالآخرين. إذ أنَّكَ تُقارن نفسك بأفرادٍ أصغرَ سناً أو أكثرَ نجاحاً، في الوقت الذي يجب أن تقارن فيه نفسكَ مع ذاكَ الشَّخصِ الذي قد كُنتَ عليه.

بالعودة إلى قضية جاك، فقد عَرَضتُ عليه حلاً لمُعضلته. لم يكن بذاكَ الحل الدراماتيكي، إلا أنَّه كان الأمرَ الذي قد سمحَ له بإجراء تحوُّلٍ كاملٍ في حياته، وذلك من دون الحاجة إلى المخاطرة بالوقت أو الجهد أو تكبُّد العناء. حلَّاً لم يتطلب منه ترك عمله أو المخاطرة بأيِّ أمرٍ آخر. لقد قدمت له ببساطة، 7 مهاراتٍ أساسية من شأنها أن تمنحه السَّيطرةَ الكاملة على تصرفاته وحياته مرَّةً أخرى، مما يعزز من قدرته من الدَّاخل على التَّحكم في إجراء التغييرات اللازمة على حياته، والتي من شأنها أن تهدم ذلك الجدار الذي كان يُطبق على حياته.

شاهد بالفيديو: 20 شيئاً ستندم عليها إذا لم تفعلها الآن:

الحل: 7 مهارات أساسيَّة:

لم تكن تلك المهارات السَّبع جديدةً بالنِّسبة لهُ. هو فقط لم يكن يعرف كيفية إقامة الرَّوابط الصَّحيحة بين كُلِّ مهارة، أو أنَّه لم يتعمَّق بما يكفي لاكتشاف إمكاناته الكاملة. بعد خوضه في تلك المهارات الأساسيَّة، أدرك جاك أنَّ هناك العديد من الجَّوانب الجديدة لرؤية الأمور والقيام بها! لقد أصبح شيءٌ بسيط مثل "تعلُّم كيفية التَّعلم"، مهارةً هامَّةً قادراً على استخدامها. كما أنَّ جاك لم يسبق له أن رأى نفسَهُ أبداً على أنَّه شخصٌ مُبدع، خاصَّة في الصِّناعة التي يعمل بها. على الرَّغم من أنَّكَ قد تَظُنُّ أنَّ الأمر ليسَ بتلكَ الأهميَّة، ومع ذلك، سُرعانَ ما اكتشفَ جاك أنَّ الإبداع أكثرُ بكثيرٍ من كونه عبارةً عن محضِ موهبةٍ "طبيعية". لقد أصبح قادراً الآن على تسخير إبداعه لتحطيم ذاكَ الجدار الذي كان يواجهه. لم يعد جاك كامداً أو متراجعاً، بل أصبحَ الآن قادراً على تسخيرِ إبداعه في المضي بمسيرته المهنية قدماً. وفجأةً، أصبحَ لديه خياراتٌ خارج وظيفته الحالية، والتي بإمكانها أن تُضاف إلى نمطِ حياته الحالي.

إنَّ كُلَّ شيءٍ في حياتك -سواءً أَكانت مهنتك أم علاقاتك أم حتى صحتك- يكونُ مدفوعاً بـ 7 مهارات أساسية. هذه المهارات عبارةٌ عن 7 صفات، إذا امتلكتها، يمكن أن تجعلكَ تتغلَّبُ على أيِّ شيءٍ في الحياة. وهي ما سيساعدك على الخروج من روتينِ حياتك بغضِّ النَّظرِ عن عمرك. أكثر من 30 ٪ من البالغين يعانون أزمةً من ذلكَ القبيل. لذا احذر من أن تَندَرِجَ ضمن تلكَ الفئة. ولا تُصبِح ذلك الشَّخص الذي يسمح للحياة بتجاوزه ويَندم عليها لاحقاً عندما يتقاعدُ أو يصل إلى سنِّ الشَّيخوخة. لا تدع حياتك تسير على وتيرةٍ واحدةٍ رتيبة، أو تذوي في معمعة الحياة اليومية على مدار العشرين عاماً القادمة. ولا تتخلى عن الإمكانات التي لا يزال يخفيها ويبعدها عنكَ وضعك الحالي.

 لذا كُن عند تجاوزك لِسِنِّ الأربعين، أكثر فاعليَِّةً بعشرة أضعاف مما كنت عليه في سنِّ العشرينَ. وابدأ بالسَّعي نحو الأمورِ التي تريد القيام بها طوالَ حياتك، دونَ التَّخلي عن أدوارك ومسؤولياتك الحالية. استرجع نظرتك واستحضر طاقتك وَحافزك للحياة التي كانت ولا تزال، مليئةً بالأحلام والإمكانات. لكن هذه المرَّة، ابدأ بِتحقيقها فعلاً.

المصدر




مقالات مرتبطة