ماذا لو كُنْتَ مثلاً على وشك التقاعد؟ وكان أمامك، وَلْنَقُل، من سنتين إلى ثلاث سنوات قبل أن تصل إلى "الموعد النهائي" لسن التقاعد، فهل قمت بكل ما تريد القيام به خلال الثلاثين إلى الأربعين سنة الماضية؟ وهل لديكَ أيَّة أهداف أو أحلام لم تتحقق؟ هل أنت راضٍ عن حياتك وجميع القرارات أو المخاطر التي اتخذتها إلى الآن؟
لا بُدّ من أنَّ الكثيرين منَّا قد بدأوا العمل بعد التخرج من الجامعة على أمل تأمين معيشةٍ جيَّدة؛ أي من أجل أن يكونوا مستقرِّين ماليَّاً وبمقدورهم عيش حياةٍ يفضلونها. نحن نبدأ بتأسيس مسيرتنا المهنيَّة، ومع مرور الوقت نقوم بتحقيق بعض الطموحات من جملة ما نطمح إليه. انظر إلى العامين الأخيرين ثمّ حاول الإجابة على الأسئلة: ما مقدار الوقت الذي قضيته في فعل الأمور التي تستمتع بها وتحبها، تلك الأمور التي تعطيك إحساساً كبيراً بالاكتفاء، وبأنَّها تستحق ما بذلت من أجلها؟ هل أصبحت عبداً للمال أم لعملك؟ أم عبداً لعائلتك؟ أم أنَّك قد أوجدتَ توازناً ما بين العمل والبهجة؟
متى يكونُ ما قد حقَّقته كافياً فعلاً؟
يعيش الكثير منا -للأسف- لكي يعملوا. قد يجادل الواقعيون بأنَّه إذا كنت تريد حقاً أن تعمل من أجل أن تعيش، فلا تزال بحاجة إلى الموارد المالية لدعم ذلك. فالمال له كلمته، وهكذا يسير العالم اليوم. لذا إن كنت لا تكسب ما يكفي من المال، سيصعبُ عليك أن تستمتعَ بالحياة؛ وبالتالي من الصعب أن تكون سعيداً بدون مال. لذا وفي سعينا لتوفير ذلك، سينتهي الحالُ بالكثيرين منا وهم يمضون حياتهم بأكملها وهم يسعونَ وراء الثروة والمكانة الاجتماعيَّة، والوصول إلى الرغبات المادية. لكن هل سيكفيهم ذلك؟ وهل هناك شيء يشبه وجود الكثير من المال؟ وما تكلفة ذلك؟
لقد اتفق العديد من رواد الأعمال الأثرياء والمليونيرات وحتى المليارديرات على أنَّ الأموال لا تجلب لك كُلَّ السَّعادة في هذا العالم. إنَّه لَمِنَ الجيد أن تمتلكَ المال، بل ومن الضَّروري حتَّى، لكنَّه لا يلبي جميع الرغبات في الواقع. إذ قد يأتي عليكَ وقتٌ تمتلك فيه "كُلَّ شيء" تريده أو لا تريده، وستبقى تشعر بالفراغ: فجوةٌ كبيرة يجب ملؤها، ليس بالمال أو بالممتلكات المادية.
إذاً فالسؤال هو كالتَّالي: ما هو أكثر ما يمكن أن نعيش لتحقيقه إن لم يكن للاستقرار المالي أو المكانة الاجتماعية أو الممتلكات المادية؟ وكيف نجعل العمل جزءاً من الحياة، بدلاً من أن يستهلك حياتنا بالكامل؟ ربما علينا أن ننظر إلى معنى كلمة الحياة من جديد.
ما هي غايتك من هذه الحياة؟
ما هي طبيعة الحياة؟ وماذا تعني لك الحياة؟ وهل هناكَ غرضٌ من هذه الحياة؟
إذا ما بحثنا عن وظائف، فكل ما سنجده هو وظائف. ولكن إن كان لدينا شعور بأنَّ هناكَ غايةٌ تكمن في كيفية إنتاجنا؛ بمعنى أنَّنا إن سَعَينَا وراءَ رسالةٍ نُقدمها، فسنجد أكثر من مجرد وظيفة. إذ سنجد مساهمتنا التي سنقدمها للبشريَّة، وسوف نجد المزيد في هذه الحياة.
لقد أظهرت الأبحاث أنَّ وجود غرض ومعنى في الحياة يزيد من السَّعادة والرضا عن الحياة بمفهومهما العام، ويحسن الصحة العقلية والبدنية، ويعزز القدرة على التَّكيف واحترام الذات، ويقلل من فرص الاكتئاب. لكن تجدر الإشارة إلى أنَّ السعادة في الحياة لا تكفي دائماً، لأنَّ الإحساس بالسَّعادة هو موجة من العواطف التي لا تدوم. وبدلاً من ذلك، يصبح من الأهم إيجاد معنىً لهذه الحياة.
مغزى الحديث لا يقتصر فقط على تجاوز الذات، بل يتعداه إلى تجاوز اللحظة الحالية. ففي حين أنَّ السَّعادة هي إحساس نشعرُ به زمانياً ومكانياً، إلا أنَّ ذلك الشُّعور يتلاشى في نهاية المطاف، تماماً كما يحصل لكل المشاعر على اختلافها؛ أي أنَّ مشاعر السُّرور عابرة. كما أنَّ مقدار الوقت الذي يشير فيه الناس إلى أنَّهم يشعرون بالرضا أم السوء، يرتبط بالسعادة؛ ولكن لا يرتبط أبداً بمعنى الحياة.
هل سبق وأن وجدت نفسك في سعيٍ لا طائل منه؟
إنَّه لمن المفارقة أنَّ السَّعي بشدة وراء السعادة، يجعل الناس أقلَّ سعادة. يقول طبيب الأعصاب النمساوي فيكتور فرانكل: "إنَّ البحث عن السعادة بعينه، هو ما يَحُوْلُ بيننا وبين السَّعادة".
لذا انظر مرةً أخرى إلى عبارة "الحياة هي أكثر من مجرَّد.........؟". هل أجبت على هذا السؤال بالشكل الأمثل؟
إن كُنتَ قد قرأت هذا الأمر بتمعُّن، وتتساءل الآن عن كيفية اتخاذ الخطوة الأولى للتعرف على هدفك الحقيقي في الحياة، فلا تقلق؛ فهناك العديد من المهارات لتساعدك على إعادة صياغة عقلك وأفعالك، حتى تتمكن من البدء في رحلة إيجادِ معنىً حقيقي لحياتك. فكُل ما يمكنك القيام به وإنجازه في الحياة، يَحُدُّه 7 مهارات أساسية. والتي تُعتبر الأسس الحقيقيَّة اللازمة لتحقيق التَّميّز، إذ ستضعك تلك الأسس على دربٍ يفضي إلى معنى ورضا كبيرين في هذه الحياة. وأفضل ما فيها أنَّها موجودة بالفعل في كل شخصٍّ منا، لكنَّنا لا نستفيد دائماً إلى أقصى حدٍّ منها، أو في بعض الأحيان لا ندرك قدرةَ تلك المهارات على مساعدتنا في هذه الحياة.
إنَّ كلَّ مهارة منهم هي مهارةٌ فريدةٌ من نوعها، ويمكن أن تساعدك في مراحل مختلفة من الحياة. ولكن كمجموعة كاملة، ستمنحك هذه المهارات الأساسيَّة السبع تحولاً كاملاً في أيِّ موقف. وبغضِّ النَّظر عن مرحلة الحياة التي تعيشها، أو ما تسعى جاهداً لتحقيقه، أو ما تشعر أنَّك تفتقر إليه؛ سيكون سعيك للحصول على معنىً لحياتكَ أسرعَ بكثير. وذلكَ عندما تكون قادراَ على الاستفادة من جميعِ تلكَ المهارات الأساسية السَّبع.
7 مهارات أساسيَّة:
سنقدّم لك إذاً لمحةً عمَّا تكون عليه تلك المهارات السَّبع.
1. الإبداع
يُمَكِّنُكَ الإبداع من إيجاد حلولٍ فريدة للمشاكل، ورؤية الأمور بطرقٍ لا تتوقعها. إنَّه يتجاوز الانطباعات الفنية والجمالية، وهو لِبنَةٌ أساسيَّة في التغيير.
2. التَّعلُّم
بدون التَّعلُّم، لن تكون قادراً على الارتقاء والتَّقدم في هذه الحياة. ومع ذلك، يتخلّفُ كثيرٌ منَّا على الدَّوام، ليس لأنَّهم لا يمتلكون القدرة الفكرية على التَّعلم، ولكن لأنَّهم لا يعرفون كيف يتعلمون بفعالية.
3. الذَّاكرة
ومن ثم تأتي الذاكرة، والتي هي إحدى المكونات الأكثر أهميَّة، لأنَّه وبدون وجود ذاكرة، لن يكون لديك ما يمكنك الارتكازُ إليه، ولن يكون لديكَ ما تكسبه من كل التَّعليم أو الخبرات التي تكسبها على هذه الأرض. ومع وجود كمية متزايدة من المعلومات المتاحة، كيف يمكنك تخزين أكبر قدر ممكن من المعرفة من دون أن تتعرض لحملٍ زائد؟
شاهد بالفيديو: ست خطوات ذهبية تساعد على تقوية الذاكرة
4. التَّركيز
مع أيِّ شيء ومع كل أمرٍ تقوم به، تقومُ بإعطاءِ قدرٍ مُعيَّنٍ من التَّركيز دائماً. فسواءً أَكَانَ السُّلّم الوظيفي الذي تتسلقه، أم مسؤولية كونك والداً، فإنَّ التَّركيز هو تيارٌ يتيح لكَ أن تدفع بنفسكَ نحو التقدم الذي تسعى جاهداً لتحقيقه. فمن دون تركيز، نجد أنفسنا ضائعين، وغير متحفزين وعالقينَ في عاداتٍ يصعب علينا تغييرها.
5. الدَّافع
كثيرون منا ليسوا سعداء في هذه الحياة أو بوظائفهم ومسؤولياتهم، لأنَّهم يفتقرون إلى الدافع والغرض الشامل كما ذكرت سابقاً. يساعد الدافع في دفعك قُدُمَاً، ويمنحك التَّركيز على تحقيق هدفك.
6. العادات
إنَّ كل يوم جديد يأتي مشبعاً بالروتين. فسواءً أكان الاستعداد للذهاب للعمل في الصباح، أم وضع أطفالك في الفراش في المساء، أم تخصيص وقت خلال عطلات نهاية الأسبوع من أجل الأسرة والنشاطات الأخرى؛ فكلها تحدث كنتيجة للعادات التي كَوَّنْتَها بمرور الوقت.
لذا تملأ العادات حيَّزاً كبيراً من حياتك. والسَّعي من أجلِ تحقيق السعادة أو جني المال أو إيجاد معنىً لحياتك؛ يعتمد على عاداتك. وإذا وجدت نفسك خاضعاً لسيطرة العادات السيئة أو السلبية، فعلى الأرجح أن يعيقك ذلكَ عن أن تكون منتجاً، وأن تصل بنفسكَ إلى تلك الأهداف.
7. الوقت
يفضي بنا هذا أيضاً إلى سوء استغلالنا للوقت، أو سوء إدارته. فقد تشعر أنَّك لم تبنِ مهنة مستقرة بعد، لأنَّك تفتقر إلى إدارة مناسبة للوقت. وقد تجد نفسك تقضي الوقت الكثير في الانشغال بالعمل، ومع ذلك تعودُ على نفسكَ بنتائج قليلة. أو ربما أنَّ بعض العادات قد تستهلك وقتاً يمكنك استخدامه في مهامٍ أكثر إنتاجية. وربما تكون في طريقك للتقاعد، وتشعر أنَّه قد فات أوان إيجاد معنىً جديد لحياتك، وأنَّه لم يتبق لديكَ الكثير من الوقت للشروع في رحلة جديدة مرة أخرى.
هل أنتَ على استعدادٍ لعيشِ حياةٍ أفضل؟
الحقيقة هي أنَّه إذا كان بإمكانك شحذ هذه المهارات السَّبعِ الأساسية، فسوفَ تُدركُ أنَّ إيجاد معنىً في هذه الحياة، أو الوصول إلى الأهداف والطموحات التي حددتها لنفسك بغض النظر عن المرحلة التي تعيشها في حياتك، هو أمرٌ سهلُ المنال للغاية.
لا توجد طريقة سحرية لفهم معنى الحياة. ودائماً ما كانت هذه المهارات موجودة منذ اليوم الأول، وما عليك سوى معرفة كيفية استخدامها لتحقيق أفضل فائدة لك. ونحنُ هنا في موقع النَّجاح نت من أجل أن نُرِيَكَ كيف يمكنك فعل ذلك. إذ يُعنىَ موقعنا بتزويدك بأفضل الطرق وأكثرها فعالية لزيادة الإنتاجية والتحفيز والتَّركيز، من أجل تحقيق غرض حقيقي في هذه الحياة، في أقلِّ وقتٍ ممكن.
لذا انطلق معنا في رحلة تغييرٍ نوضح لك فيها كيفية تعلّم وتحسين مهاراتك السَّبع الأساسيَّة، لكي تَخرُجَ شخصاً جديداً مستعداً لمتابعة أهدافك الحالية بمعدل أسرع بكثير، أو لكي تعثُرَ على أهدافٍ جديدة وتسعى ورائها من دون أن تُقيَّد بوقتٍ أو بعُمرٍ أو بالمسؤوليات التي تقع على كاهلك.
إن كنت تريد التغيير، أو إذا ما وجدت نفسكَ عالقاً في عاداتٍ لا طائلَ منها، فهذه هي فرصتك للبدء في المضي قدماً نحو التقدم مرَّةً أخرى.
أضف تعليقاً