كيف أعرف نمط شخصية طفلي؟ وكيف أتعامل معها؟

تُعَدُّ معرفة نمط شخصية الطفل أمراً في غاية الأهمية، ولا يجوز تجاهلها؛ إذ يتوقَّف نجاحك في تربية طفلك على معرفتك بنمط شخصيته واختيارك لأسلوب التعامل الذي يُناسبه، وسنعرض في هذا المقال أنماط شخصيات الطفل وطرائق التعامل مع كل منها.



أولاً: العوامل المؤثرة في نمط شخصية الطفل

بحسب علماء النفس تتكوَّن شخصية الطفل خلال السنوات الخمس الأولى من عمره؛ إذ تبدأ شخصيته بالظهور من عمر 6 أو 9 أشهر، وتُصبح واضحة تماماً ببلوغه السنة الخامسة من عمره.

تتأثر شخصيته في العوامل الآتية:

  1. ظروف الحمل: يتأثر الجنين بحالة أمه النفسية والضغوطات التي تتعرَّض إليها خلال الحمل؛ إذ تنتقل إليه حالة التوتر والعصبية التي تعيشها الأم، وتُنتِج طفلاً شديد العصبية.
  2. العوامل البيولوجية: تؤثِّر العوامل البيولوجية أو الوراثية بنسبة 40% في تكوين شخصية الطفل؛ من طباع وصفات ومظهر جسدي.
  3. طريقة التربية: تُعَدُّ طريقة التربية التي يتعامل بها الوالدان مع الطفل العاملَ الرئيس في تكوين شخصيته، فالتربية القائمة على الحب والحوار واحتواء الطفل تعطي طفلاً متوازناً، بينما تعطي التربية القائمة على العنف والتوبيخ والضرب طفلاً عنيفاً عصبياً أو ضعيف الشخصية.
  4. البيئة الاجتماعية: تؤثِّر البيئة الاجتماعية في شخصية الطفل بشكل كبير، فالطفل الذي يُخالِط الكثيرين من الأشخاص ويلعب معهم، تنمو قدراته العقلية والاجتماعية بشكل أكبر بكثير من الطفل الذي تنحصر بيئته على والديه فقط.

ثانياً: كيف أعرف نمط شخصية طفلي؟

لا بدَّ أنَّكِ تتساءلين كغيرك من الأمهات عن كيفية معرفة نمط الشخصية التي يمتلكها طفلك، ويمكنكِ معرفتها من خلال ما يأتي:

1. مراقبة طفلك باستمرار:

حتى تتمكَّني من اكتشاف نمط شخصية طفلك؛ عليكِ مراقبته باستمرار والتركيز فيما يحب وما يكره، وفي السلوكات والنشاطات التي يُمارسها، كأن تُلاحظي ما يأتي:

  • نوع الألعاب التي يُفضِّلها طفلك، هل هي ألعاب حركيَّة أم ألعاب الذكاء والتركيز؟
  • هل يميل إلى اللعب وحده أم إلى اللعب مع أطفال غيره؟
  • هل يؤدي دور القائد في المجموعة أم أنَّه يُفضِّل أن يكون تابعاً؟
  • هل يتحدث ويتكلم بطلاقة مع الكبار أم أنَّه يخجل ويتهرَّب من الكلام؟
  • هل ردود فعله هادئة أم أنَّه عنيف وعصبي؟
  • التحدث إليه باستمرار.

لا تستهيني بالتحدُّث إلى طفلك، فهذه خطوة في غاية الأهمية لما لها من دور في توطيد علاقتكما وزيادة وعيه ونضجه ومحاكمته العقلية، بالإضافة إلى مساعدتك على اكتشاف نمط شخصيته من خلال طريقة كلامه وتعبيره عن مشاعره.

2. اختباره:

اختبري طفلك من خلال وضعه في مواقف معيَّنة، ومراقبة استجابته ورد فعله؛ كأن تطلبي منه مثلاً أن يطلبَ هوَ من البائع ما يريد شراءه، وتراقبي هل سيتكلم بثقة أم أنَّه يتلعثم ويخجل؟

ثالثاً: أنماط شخصية الطفل

يختلف كل طفل عن الآخر في نمط شخصيته، وهذه أبرز أنماط شخصيات الأطفال:

1. الطفل الحساس:

يمكن معرفة أنَّ طفلك يمتلك نمط شخصية حساسة من كونه طفلاً خجولاً، مُرهف الحس يتأثر عند توبيخه أو انتقاده ويحزن كثيراً لأبسط الأسباب، ويحتاج إلى وقت للاندماج وتكوين الصداقات.

طريقة التعامل معه:

  1. حاولي مراعاته قدر الإمكان، وتجنَّبي المواقف التي تثير حساسيته.
  2. ادعميه وأشعِريه بالتعاطف معه وبأنَّكِ تتفهَّمين شعوره؛ كأن تقولي له: "أنا معك وأشعر بك"، "لا تقلق كل شيء سيكون على ما يرام".
  3. تجنَّبي توبيخه أو نهره أمام الآخرين، فهذا من أشد المواقف المؤلمة للطفل الحساس.
  4. احرصي على مدحه وزيادة ثقته بنفسه، وعلِّميه تجاوز الأمور التي لا تستحق.

2. الطفل النشيط:

ليس من الصعب اكتشاف نمط شخصية الطفل النشيط؛ وذلك من كثرة حركته وطاقته الكبيرة للَّعب وتكوين الصداقات، وكرهه للنظام والانضباط.

طريقة التعامل مع الطفل النشيط:

  1. شجِّعيه وامدحيه دائماً، فهو يحب المدح والثناء، وإلَّا سيُصاب بالإحباط.
  2. كلِّفيه بأعمال تناسبه؛ من خلال توظيف حركته بشكل إيجابي.
  3. أَشرِكيه بنشاطات رياضية كالسباحة وكرة القدم.
  4. لا توبِّخيه لكثرة حركته ونشاطه؛ بل أَشغليه بأشياء وألعاب تُفيده.

3. الطفل السلبي:

قد يكون طفلك من نمط الشخصية السلبية؛ ويُمكنك اكتشاف ذلك من كونه غير مُبالٍ لا يشعر بالحماسة، ولا يتفاعل أو يُبدي رأيه بما حوله، ويصعب عليه التعبير عمَّا بداخله.

طريقة التعامل مع الطفل السلبي:

  1. اطلبي منه التعبير عن رأيه، ولو لم يكن يرغب في ذلك.
  2. احذري التعامل معه بعنف أو توبيخه أو مقارنته بغيره.
  3. شجعيه على المشاركة في اللعب مع غيره والتعرُّف إلى الأصدقاء.
  4. حفزيه بنشاطات جديدة لم يكن يعرفها من قبل.
  5. كوني صديقته وطوِّري علاقتك به؛ وذلك حتى يشاركك ما بداخله وتكتشفي أسباب سلبيته.

4. الطفل الأناني:

كثيراً ما نجد نمط الشخصية الأنانية لدى الأطفال؛ إذ يُحب الطفل الأناني الاستحواذ على كل شيء، ولا يُشارك غيره في أشيائه وألعابه، ويسعى إلى لفت النظر وجذب اهتمام من حوله.

طريقة التعامل مع الطفل الأناني:

  1. الحذر من تدليله وإعطائه كل ما يطلب، فهذا يزيد من حبه لنفسه ويُعوِّده على الأنانية.
  2. علِّمي طفلك معنى المشاركة والعطاء وكيف يُكسِبه ذلك محبة الآخرين، على عكس الأنانية التي تجعله يخسر أصدقاءه ويصبح وحيداً.
  3. أَشركيه بلعبة رياضية جماعية حتى يتعلَّم معنى التعاون وروح الفريق، وأنَّ اللعب الجماعي أجمل وأفضل.
  4. تجنَّبي التعامل معه بقسوة أو توبيخه على سلوكه الأناني؛ لأنَّ ذلك يزيد من أنانيته ويجعله يتمسَّك بطبعه أكثر.

شاهد: كيف تزيدين من الثقة بالنفس عند طفلك؟

5. الطفل العنيد:

يُعَدُّ الطفل العنيد من أصعب أنماط شخصيات الأطفال؛ إذ نجده يرفض تنفيذ الأوامر ويصر على ما يريد، ويستخدم البكاء والصوت العالي، ويكون سريع الانفعال والعصبية وكلمة "لا" دائمة على لسانه.

طريقة التعامل مع الطفل العنيد:

  1. أهم نصيحة للتعامل مع الطفل العنيد هي ألَّا تُقابلي عناده بالعناد.
  2. تكلَّمي معه بهدوء وبصوت مُنخفض حتى يتعلَّم منك هذا الأسلوب.
  3. استخدمي معه أسلوب الحوار حتى يقتنع بوجهة نظرك، ولا تفرضي عليه الأمر فرضاً دون شرح الأسباب له.
  4. انظري في عينيه في أثناء التحدُّث إليه؛ وذلك حتى يشعر بأنَّكِ مهتمة به وتشعرين به.
  5. تجنَّبي إكثار كلمة "لا" في كلامك معه؛ وذلك حتى لا يتعلمها ويجعلها رده على أي طلب تطلبينه منه.
  6. احرصي دائماً على منحه خيارات ولو كانت قريبة من بعضها؛ وذلك حتى يشعر بأنَّ لديه حريَّة الاختيار؛ كأن تُخيِّريه هل يريد النوم الآن أم بعد 10 دقائق.
  7. كوني ذكيَّة في توجيه الطلب إليه بطريقة دبلوماسية، واستخدمي التمهيد المُسبق له لفعل أشياء غير مُحبَّبة له؛ كأن تُخبريه بأنَّه سيذاكر بعد ربع ساعة.
  8. لا تُدللي طفلك العنيد وتستجيبي إلى طلباته دائماً، فكثرة الدلال تزيد من عناده.
  9. اعقدي معه الاتفاقيات؛ كأن تَعِديه بهدية يحبها في كل مرة لا يعاند فيها؛ وذلك حتى يتخلى عن هذا الطبع شيئاً فشيئاً.
  10. امدحيه وأثني على إيجابياته، ولا تُسلِّطي الضوء على عناده، ولا تكرري أمام الآخرين مقولة "إنَّه طفل عنيد"، على العكس من ذلك قولي: "إنَّه طفل مُطيع".

6. الطفل ضعيف الشخصية:

يُمكنك ملاحظة ضعف شخصية طفلك من كونه شديد الخجل ويخاف المواجهة، ولا يُدافع عن نفسه، ولا يُعبِّر عن نفسه، ويخضع أو يخاف من أقرانه الأقوياء.

طريقة التعامل مع الطفل ضعيف الشخصية:

  1. ثابري على مدحه وتشجيعه وذكر إيجابياته لزيادة ثقته بنفسه.
  2. اطلبي منه مصارحتك بكل المواقف التي يتعرَّض إليها وماذا شعر فيها، وعلِّميه كيف يتصرَّف في المرات القادمة، وكيف يُدافع عن نفسه عند تعرُّضه إلى الهجوم ويرفع صوته في وجه المعتدي عليه، وكيف يكون رده على الإساءة.
  3. لا تعلِّميه الاستكانة والاستسلام وتقبُّل إيذاء أقرانه له والتنازل عن حقه من خلال منعه عن المشاجرة أو السكوت عند تعرُّضه إلى الظلم.
  4. اتركيه يعتمد على نفسه ويأخذ القرارات بنفسه.
  5. علِّميه كيف يُعبِّر عن نفسه ويُبدي مشاعره.

7. الطفل الفضولي:

الطفل الفضولي هو طفل كثير الأسئلة والاستفسارات عن كل ما يرى أو يخطر في باله، ولا يتوقف عن الكلام والسؤال طوال الوقت وفي أثناء مشيه.

طريقة التعامل مع الطفل الفضولي:

  1. جاوبي عن أسئلته ولا تتذمَّري أو تتأفَّفي من كثرتها، فهي ناتجة عن حبِّه للتعلُّم والاستكشاف، وأي امتعاض منك يجعله يفقد الثقة بنفسه ويمتنع عن التفكير والتساؤل.

8. الطفل الخجول:

يمكن ملاحظة نمط الطفل الخجول بكل سهولة؛ إذ إنَّك تجدينَه لا ينفصل عنك، ولا يُبادر ولا يتجاوب مع من يفتح حديثاً معه، ويخجل من اللعب مع غيره.

طريقة التعامل مع الطفل الخجول:

  1. شجِّعيه على الظهور أمام الناس وشاركيه الكلام معهم؛ كأن تنادي له وتطلبي منه إخبارهم بقصة القطة التي أنقذها مثلاً.
  2. احرصي دائماً على مدحه وزيادة ثقته بنفسه وخاصَّة أمام الغرباء.
  3. شاركيه في النشاطات الجماعية والتجمعات.

9. الطفل الجاد:

يُمكنك تمييز هذا النمط من الشخصية لدى طفلك من كونه طفلاً جاداً لا يحب اللعب والشقاوة كغيره من الأطفال، ويميل إلى الهدوء واللعب ألعاباً مفيدة، ويحب الترتيب والنظام ويكره الفوضى.

طريقة التعامل مع الطفل الجاد:

  1. اهتمِّي به وأصغي إلى أفكاره وإيَّاكِ الاستخفاف بها مهما كانت.
  2. لا تنتقدي جديَّته، وشجعيه أيضاً على اللعب وممارسة هوايات ممتعة.
  3. عبِّري له عن حبِّك وعانقيه أو احضنيه كثيراً، فالتواصل الجسدي يُقوِّي علاقتكما، ويساعد على منح الطفل الإشباع العاطفي الذي يحتاج إليه.
إقرأ أيضاً: 8 نصائح هامة لمعالجة الغيرة بين الأطفال

ثالثاً: نصائح لتنمية شخصية الطفل من أي نمط كانت

  1. اهتمي بالإشباع العاطفي لطفلك، وعبِّري له عن حبِّك دائماً بالأحضان والعناق والكلام الدافِئ.
  2. عزِّزي ثقته بنفسه وامدحي إيجابياته وأفعاله الجيدة، ولا تركِّزي في سلبياته حتى لا تترسخ في ذهنه.
  3. لا تُقارنيه مع غيره من الأطفال، فالمقارنة من أكثر السلوكات المؤذية للطفل.
  4. ابتعدي عن أسلوب فرض الأوامر، واتَّبعي أسلوب الحوار والإقناع.
  5. خصصي وقتاً محدداً لاستخدامه للأجهزة الإلكترونية؛ إذ أُثبِتَ تأثيرها السلبي في نموِّه العقلي والاجتماعي.
  6. شجِّعيه على تحمُّل المسؤولية؛ وذلك من خلال الاعتماد على نفسه في تدبير أموره؛ كترتيب غرفته وتفريش أسنانه وأداء واجباته المدرسية.
  7. تجنَّبي التوبيخ والصراخ والضرب؛ وذلك لآثاره السلبية في الطفل؛ بل اشرحي له عواقب أخطائه وأسباب منعك له.
  8. لا تُفرِطي في تدليله؛ فالدلال الزائد يُعلِّمه الأنانية والاتكالية.
  9. خصِّصي وقتاً لطفلك يومياً؛ لتلعبين معه، وتقرأين قصة له، وتستمعين لقصصه ولو كانت من صنع خياله.
  10. كوني قدوة حسنة له، فالطفل يُقلِّد والديه.
  11. اعملي على تنمية مواهبه وشخصيته، من خلال الرسم والموسيقى والرياضة.
إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعد على بناء شخصية الطفل

في الختام: كوني صديقته

مهما كانت شخصية طفلك سواء كان خجولاً أم عنيداً أم أنانياً أم أياً كان؛ مفتاح التعامل معه هو أن تكوني صديقته، فاتبعي أسلوب الحوار الدائم معه، وافهمي ما يدور في ذهنه وما يشعر به، وكوني صبورة، فالتربية تحتاج إلى صبر حتى تنجحي في كسب طفلك، وترويض طباعه وعاداته السيئة، وجعل شخصيته أكثر توازناً وإيجابية.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة