الكلام والحديث مع الآخرين ليس فنَّاً فحسب، بل هو صناعة؛ إذ يمكن أن يفتَح الكلام قلوب الآخرين أو يُدمِّر الشخص المتلقِّي؛ ولكن، كيف لنا أن نتعلَِّم طريقة الكلام والحوار والحديث مع الآخرين؟
سنقدِّم لكم في هذا المقال نصائح لتعلُّم هذا الفنِّ وإتقانه.
نصائح لتعلُّم فنِّ الحديث والحوار مع الآخرين:
1. التحلِّي بالشجاعة:
كُن شجاعاً بما يكفي لقول ما تُفكِّر به، ولا تخجل من إبداء رأيك في الأمور التي يُمكنك التحدُّث فيها؛ لكن لا تتدخَّل بشكلٍ عنيف، ولا تفرض وجهة نظرك على الآخرين.
2. التواصل البصري:
سيُساعدك التواصل البصري في أثناء التحدُّث أو الإصغاء على جذب انتباه الآخرين، ويجعل أداءك أكثر نجاحاً؛ ومع ذلك لا تُبالِغ، إذ يجب عليك قطع هذا التواصل كلَّ فترة، ولمدة ثوانٍ وجيزةٍ لا تتجاوز 5 إلى 15 ثانية.
3. حُسن الإصغاء:
يمكِّنك الإصغاء من رؤية العالم من عيون الآخرين؛ لذا دعهم يُعبِّرون عن مشاعرهم وأفكارهم، وانسَ رأيك الشخصي للحظة، وتأكَّد من انتهائهم تماماً من التحدُّث قبل أن تبدأ الكلام.
4. طبقة الصوت ونبرته:
إذا كنت تتحدَّث بسرعة، فسيظُنُّ الآخرون أنَّك مُتوترٌ وتفتقر إلى الثقة بالنفس؛ وإذا كنت تتحدَّث ببطءٍ شديد، فقد لا يُسمَح لك بإنهاء الجمل. لذا تكلَّم بصوتٍ عالٍ وببطء كلَّما كنت تناقش نقطةً خاصةً أو تُلخِّص شيئاً ما، فطبقة صوتك هامَّةٌ لجذب اهتمام المستمعين إلى كلامك.
5. الوضوح:
قل كلماتك بوضوح، ليسهل على الأشخاص فهمك بسهولة، وإذا كان يُطلَب منك دائماً تكرار ما قلته، فابدأ بتحسين نطقك مباشرةً؛ ولتسهيل الأمر على المُستمعين، يمكنك استخدام عباراتٍ وكلماتٍ أبسط، بدلاً من الكلمات الأكثر تعقيداً.
6. النطق:
تجعل معرفة الكلمات التي تستخدمها الناسَ يثقون بك، وأفضل الطرائق وأكثرها فعاليةً لتحسين مُفرداتك هي القراءة التي تُساعدك في معرفة كلماتٍ جديدة، أو الاستماع إلى الكتب الإلكترونية الصوتية الذي يُساعدك في تعلُّم نُطق الكلمات بشكلٍ صحيح.
7. الإيماءات وحركات اليد:
قد تقول الإيماءات وحركات اليد الكثير عنَّا؛ لذا يجب أن تكون إيماءاتك تحت السيطرة، حتَّى تتعلَّم كيف ومتى وأين تستخدمها، فقد تكون بعض إيماءات اليد جيدةً للغاية في إثارة أفكارك، في حين قد يُسيء بعضها للمُستمعين، مثل: الإيماءات المُغلقة التي تهدف إلى إيقاف المُحادثة.
لاحظ أنَّ الإيماءات الطبيعية البطيئة والثابتة هي الأكثر فاعليةً ووضوحاً.
8. عدم تأخير الرد:
لا تدع الآخرين ينتظرون ردَّك؛ فعندما نُرسل رسائل شخصيةً إلى شخصٍ ما، فعادةً ما نتوقَّع منهم الردَّ بمُجرَّد تلقِّيها؛ فإذا لم تردَّ على الفور بعد قراءة رسالةٍ ما، فقد يعتقد الذين تتحدَّث معهم أنَّك غير مُهتم، وننصحك هنا بالاعتذار عن التأخير، والردَّ في أقرب وقتٍ ممكن.
9. تجنُّب مُقاطعة الشخص المُتكلِّم:
من مُخالفات آداب الحديث مع الآخرين، مُقاطعتهم في أثناء حديثهم؛ حيث تُعدُّ هذه من العادات غير المُناسبة، وغير المُتوافقة مع قواعد الحديث والتواصل مع الآخرين؛ فإذا أردت أن تبدأ الحديث، فيتوجَّب عليك استئذان المُتكلِّم أولاً.
في حال كنت أنت المُتحدِّث وقاطعك أحدهم، أو كان غير مهتمٍّ لحديثك؛ فيجب عليك أن تتوقَّع أنَّ حديثك لا يُعجبه، ويجب أن تغيِّره بالتدريج، أو بإمكانك -كحلٍّ آخر- أن تُبدِّل أسلوب حديثك، فمثلاً: إذا كان أسلوبك سردياً، فيمكنك أن تبدِّله باستخدام أسلوب السؤال، وإشراك المُستمع في الحديث.
10. اتباع قاعدة "خيرُ الكلام ما قلَّ ودل":
يجب عليك تجنُّب الإطالة في كلامك، ومراعاة عامل الوقت في حديثك، حتَّى لا يملَّ المُستمع؛ كما عليك إشراك المُستمع بالحديث، وتجنُّب أن تستأثر الكلام لنفسك.
11. اختيار الكلام المُناسب في الوقت المُناسب:
يتوجَّب عليك أن تكون حريصاً في اختيار أسلوب الكلام الذي تقوله، تبعاً للأشخاص والأوقات المناسبة، فعلى سبيل المثال: لن يكون باستطاعتك توجيه الكلام الذي يمكنك قوله لصديقك المُقرَّب لمديرك في العمل؛ ولا يمكن أن يكون أسلوب الحديث والمُزاح الذي تتبعه بينك وبين صديقك في البيت، هو نفسه الذي تتبعه في الأماكن العامَّة.
12. تجنُّب الاستبداد في الرأي:
لا يُفسد اختلاف الرأي للودِّ قضية، فكلٌ منا له آراؤه وأفكاره، ولا يعني تبادل أطراف الحديث فيما بيننا، أن نفرض أفكارنا وآراءنا على الأشخاص الآخرين؛ إذ يمكن أن نتوصَّل في نهاية الحديث إلى إقناع أحدٍ منَّا الطرف الآخر؛ وإن لم يحدث ذلك، فلا مُبرِّر للغضب أو خيبة الأمل.
13. دعم الحديث بالأمثلة والحقائق:
يدعم استخدامك الأمثلة في حديثك مع الآخرين ما تقوله، ويجعلهم مُقتنعين بحديثك وأفكارك؛ كما يجعل إدراج الأمثلة بالحديث المُستمعين يتذكَّرونه بأكبر قدرٍ ممكنٍ من التفاصيل، ويبقيه عالقاً في أذهانهم.
14. القُدرة على الوصول إلى عقول الناس:
وذلك على اختلاف ثقافاتهم، وتحصيلهم العلمي، وفهمهم؛ إذ يجب أن يكون حديثك مفهوماً لاستيعاب المُستمع، وإلَّا لن تجد من يستمع إليك.
15. تجنُّب الخوض في أحاديث لا تعرفها:
تجنَّب الدخول في حوارٍ أو حديثٍ ليس لديك معرفةٌ مسبقةٌ به، ولا تمتلك أيَّ معلوماتٍ حوله؛ كما يجب عليك ألَّا تدافع عن أيِّ فكرةٍ أو معلومةٍ إن لم تكن مُقتنعاً بها تماماً.
16. محاولة إيجاد نُقاطٍ مُشتركةٍ بينك وبين المُستمع:
وذلك لكي تُشعره بأنَّها فكرته هو أيضاً، فيكون الحديث فيما بينكما مُتكافئاً.
17. عدم الشعور بالخجل من جهلك بأشياء لا تعرفها:
يجب ألَّا تخجل من عدم معرفتك لموضوعٍ ما قد تُسأَل عنه أو تُستشار فيه.
18. الإصغاء باهتمام:
إذا كنت مُستمعاً، فيجب عليك أن تنصت باهتمام؛ وإذا أردت أن تُحاور الشخص المُتحدث، فيجب عليك أن تحاوره بلباقةٍ مُتجنِّباً أسلوب التحدِّي في النقاش.
19. عدم الخلط بين الفكرة وقائلها:
إذا كنت مُستمعاً، فيجب ألَّا تُسيء إلى المُتحدِّث إن أردت إبطال فكرته، إذ يجب عليك التمييز بين الفكرة وقائلها.
20. عدم الخروج عن السياق الرئيس للحديث:
إذا كنت مُتحدِّثاً، فيجب عليك مُراعاة استمرار الحديث في سياقه؛ وإذا ظهرت أيُّ تداخُلاتٍ بعيدةٍ عن صُلب الموضوع، فعليك تجاوزها، والعودة إلى السياق الأساسي.
21. الالتزام بقاعدة لكلّ مقامٍ مقال:
هناك أحاديث للجلسات الخاصَّة مع الناس المُقربين، وهناك أحاديث عامة، وهناك أحاديث خاصَّةٌ لمجالس الرجال، وأحاديث خاصَّةٌ لمجالس النساء؛ لذا عليك أن تطرح الحديث المناسب في الوقت والمكان المناسبين.
22. ضبط النفس والسيطرة عليها:
إذا كنت المُتحدث، فيجب أن تكون لديك قدرة السيطرة على النَفْس؛ لأنَّكَ من المُحتمل أن تواجه أشخاصاً يُحبِّون الجدال وإفشال الآخرين؛ ولهذا يجب عليك أن تكون هادئاً دائماً، وأن تسيطر على نفسك وغضبك.
23. الالتزام باللباقة وآداب الحديث:
يجب على المُتكلِّم ألَّا ينسى الالتزام باللباقة وآداب الحديث، حتَّى مع أكثر الأشخاص قُرباً منه؛ لأنَّ نسيان المُجاملة والذوق والتشجيع، يؤدِّي في نهاية المطاف إلى قلَّة احترامهم له.
24. التفريق بين الجدال والنقاش:
يجب عليك كمُتحدِّثٍ أن تُفرِّق بين الجدال والنقاش؛ فالهدف من النقاش: الوصول إلى حقيقةٍ أو نتيجةٍ مُرضيةٍ لجميع أطراف الحديث؛ بينما الهدف من الجدال: أن ينتصر شخصٌ على آخر دون الاهتمام بالحقيقة، أو التوصُّل إلى نتيجةٍ مُرضية.
25. التوقُّف عن النقاش:
في حال وجدت نفسك في نقاشٍ وحوارٍ لا فائدة منه، فالأفضل في هذه الحالة التوقف عنه.
أجمل ما قيل عن الحوار والكلام مع الآخرين:
- الهدف من الحوار والجدال مع الآخرين ليس تحقيق النصر عليهم، بل دفعنا إلى التقدُّم. (جوزيف جوبرت).
- إنَّه لمن المُستحيل هزيمة رجلٍ جاهلٍ في النقاش. (وليام ماكدو).
- الحوار صورةٌ للعقل. (مثل لاتيني).
- إنَّ الألفاظ هي الثياب التي ترتديها أفكارنا، فيجب ألَّا تظهر أفكارنا بثيابٍ بالية. (لورد تستر فيلد).
- عندما تدخل في نقاش، حافظ على هدوء أعصابك؛ أمَّا منطقك، فإذا كان سليماً، فسيعتني بنفسه. (جوزيف فاريل).
- تستطيع أن تعرف شخصية الإنسان ممَّا يقوله عن الآخرين، أكثر ممَّا يقول عنه الآخرون. (ليو إيكمان).
- إذا تكلَّم الناس، فأصغِ بتركيز، إذ لا يصغي معظم الناس. (إرنست همنغواي).
- اتجه بجسمك كلِّه نحو من يتحدَّث إليك، فإن لم يكن، فبوجهك على الأقل؛ لأنَّ المُتحدِّث يتضايق، ويحسُّ بأنَّك تهمله إن لم تنظر له أو تتجه ناحيته. (يوسف كامل).
- انتبه فالكلمات نوعان، نوعٌ كالورود الجميلة التي تُنعش الآخرين بعطرها، ونوعٌ كالقنابل التي تنفجر في وجوه الحاضرين.
- لا يجب أن تقول كلَّ ما تعرف، لكن يجب أن تعرف كلَّ ما تقول.
- امزج حديثك بالفكاهة، واجعلها تأتي بشكلٍ طبيعي غير مُصطنع. (ديل كارنيجي).
- أصعب ما في النقاش ليس الدفاع عن وجهة نظرك، بل معرفتها. (أندريه موروا).
- إذا كان الشخص المُقابل قد اتخذ الجانب الصحيح من النقاش، فلا تتخذ الجانب الخاطىء. (بالتزار جراسيان).
- لكي تتعامل وتتحاور مع الإنسان الخشن، حاول أن تستخدم معلوماته وأفكاره. (ديل كارنيجي).
- الإنسان العاقل هو الذي يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم.
- اجعل جُملك قصيرة، واختر كلماتٍ بسيطةً، وليست مُعقدة.
- حتى لو كان حديثك جميلاً وآسراً، عليك ألَّا تُكرِّر ما تقوله؛ لأنَّ الناس إذا تناولوا وجبةً شهيةً، سيُفقدها التكرار شهيَّتها ومذاقها.
- لا تُجادل أحمقاً، فقد يخطىء المُشاهدون في التمييز فيما بينكما. (سلفادور دال).
- إذا بدأ المُستمع هزَّ رأسه موافقةً دون أن يتكلَّم، فاعرف أنَّ عليك التوقُّف عن الكلام. (هنري هاسكتر).
- كثيرأ ما نرفض فكرةً ما لمجرَّد أنَّ النبرة التي قيلت بها تثير النفور. (فريدريك نيتشه).
أضف تعليقاً