ما هو الربو؟
يُعرَّفُ الربو طبيَّاً على أنَّهُ: مرضٌ مُزمنٌ، يُصيبُ الرئة نتيجةَ التهاب الممراتِ الهوائية (الشُعب الهوائية) وتضيُّقِها، ممَّا يؤدِّي إلى قِلَّةِ تَدفُّقِ الهواءِ إلى هذهِ الممرات، ومنعِ وصوله في بعضِ الأحيان. فيتسبَّبُ ذلكَ بنوباتٍ مُتكررةٍ من ضيقِ التنفسِ المُترافقِ مع صفير الصدرِ، وغالباً ما يكونُ مصحوباً بالكحّة والبلغم الناتجين عن انقباض العضلة التي تحيطُ بالممراتِ الهوائية.
أسباب مرض الربو:
إنَّ بعضَ المرضى أصيبوا بالربوِ منذُ طفولتهم، بينما لم يعانِ آخرون المرضَ إلَّا في سنِّ المراهقةِ أو بعدها. كذلك فإنَّ بعضَ الأشخاصِ أصيبوا بنوباتِ الربو بفعلِ مواد مُحفِّزةٍ استنشقوها عن غير قصد، مثل: غُبارِ الطلعِ، أو الفطريات، أو فِراءِ الحيواناتِ، أو عثِّ الغبارِ.
إنَّ نتائجَ الأبحاثِ الجديدةِ فيها إحياءٌ لبعضِ الأفكارِ القديمةِ عن الربو، ولكن بصيغةٍ عصريةٍ. فقد نادى الخُبراءُ طيلةَ السبعين سنةً الماضية -على الأقل- بوجودِ فارقٍ بين الربو الخارجي (EXTRINSIC) الذي يظهرُ في سنِ الطفولةِ ويكون ناشئاً عن الحساسية، والربو الداخلي (INTRINSIC) الناشىء عن بعضِ الخللِ في المسالكِ الهوائيةِ للمريض. وكان هذا الرأي سائداً -كما قلنا- منذ حوالي السبعين عاماً، وحتَّى عهدٍ قريب؛ إلَّا أنَّ الباحثين تخلُّوا عن هذهِ الفكرةِ منذُ أواخرِ التسعينات، عندما لم يتمكَّنوا من العثورِ على خِلافاتٍ جسمانيَّةٍ في رئاتِ الأشخاص.
نستعرضُ فيما يلي بعضَ الأسبابِ المؤدِّيةِ إلى مرض الربو:
- الانفعال الشديد، والتوتر.
- ردود فعلٍ تحسسيٍّ لبعضٍ من أنواع الأغدية، مثل: الرخويات والفستق.
- الحساسيةُ من أدويةٍ معينةٍ، مثل: الأسبرين، حاصرات بيتا، بالإضافة إلى أدويةٍ أخرى مُضادةٍ للالتهاب التي لا تحتوي على ستيروئيدات.
- التلوث في مجاري التنفس، كما يحدثُ أحياناً في نزلاتِ البرد العادية.
- داء الجَزر المعدي المريئي، وفيه تعودُ بعضُ الأحماضِ من المعدةِ إلى الحلقِ.
- التمرينات الرياضيَّة الشديدة.
- الدورةُ الشهريةُ عند بعضِ النساءِ (بسبب التغيُّرات الهرمونية).
ومع أنَّ الإصابةَ بالربو هي شيء مُقدَّرٌ على المريضِ، إلَّا أنَّ هُناكَ عواملُ عدَّةٌ تزيدُ من نسبةِ الإصابةِ بالربو، منها:
- التدخين، أو تعرُّضُ الأطفالِ إلى التدخين السلبي، أو تدخينُ المرأة الحاملِ، الذي يؤثِّرِ سلباً على جنينها.
- السمنةُ وزيادةُ الوزنِ.
- الجينات الوراثية، وتاريخ العائلة الصحي.
- السكنُ في بيئةٍ ملوثةٍ.
- التعرُّضُ إلى بعضِ الأسبابِ المُهيِّجةِ للربو، مثل: المواد الكيمائية المُستخدمة في تصفيفِ الشعر، أو الموجودةُ في المُنظفاتِ.
ما هي أعراض الربو؟
تكونُ أعراضُ الربو مُتفاوتةً بين شخصٍ وآخر، وبينَ الكبارِ والصغارِ، وبينَ طفيفةٍ وحادةٍ. نذكر منها:
- عدمُ الانتظامِ في النومِ بسببِ ضيقِ التَّنَفُّسِ.
- سماعُ صوتِ صفيرٍ عندَ التَّنَفُّسِ.
- آلامٌ في الصدرِ وانقباضات.
- ضيقُ التَّنفُّسِ.
- نوبات سُعالٍ حادةٍ، وبخاصة في حالاتِ البردِ والإنفلونزا.
أعراضُ نوباتِ الربو الحادة:
غالباً ما تكونُ أعراضُ نوباتِ الربو الحادةِ كالتالي:
- التنفُّسُ بصعوبةٍ شديدةٍ، (بسببِ الهبوطِ الحادِ في معدلاتِ جريانِ الهواء القصوى).
- ارتفاعٌ في حدَّةِ ووتيرة أعراضِ المرض.
- الحاجة الدائمة لاستخدامِ المُوسعاتِ القصبية، وهذهِ الأدويةُ يَنتجُ عنها فَتح مجاري التنفسِ، وذلك بواسطةِ إرخاءِ العضلاتِ المحيطةِ بها ومنعِها من الانقباض.
كيف يُشخَّص مرض الربو؟
إنَّ الغالبيةَ العُظمى من مرضى الربو يقومون بعرضِ أنفسهم أولاً على طبيبٍ عامٍ قد لا يُجري الفحوصاتِ الضروريةِ، مثلُ: تقويم الحساسيةِ، أو فحصِ الوظيفةِ الرئوية. إنَّ الاكتفاءَ بوصفِ أداةٍ للاستنشاقِ، ليسَ كافياً لمُعالجةِ المشكلةِ. فمُعالجةِ داءِ السكري مثلاً، غير ممكنٍ قبل أن يُقاسَ مستوى سُكرِ الدم؛ وهذا شيءٌ يسري على الربو أيضاً، إذ لابدَّ من إجراءِ الفحوصاتِ اللازمةِ، والتي تتجلَّى في:
- معرفةِ التاريخ المرضي في العائلة.
- أن يُجري الطبيبُ اختباراتِ الرئتين، والتي تَشملُ ما يلي:
- فحص مقياسِ التنفسِ (Spirometer): يقومُ فيه باختبار مدى انقباضِ الشُعبِ الهوائيةِ، حيثُ يجري من خلالهِ قياسُ كميةِ الهواء التي يمكنُ إخراجُها بالزفيرِ بعدَ شهيقٍ عميق؛ وبأيِّ سُرعةٍ يحدث الزَّفير.
- فحصُ مقياسِ ذروةِ الجريان (Peak Flow): حيثُ أنَّ هذا المقياسِ عبارةٌ عن جهازٍ بسيطٍ يُمكنِ استعمالهُ في البيتِ، ويجري بواسطتهِ الكشفُ عن التغيُّراتِ الطفيفةِ التي من الممكنِ أن تحدثَ حتَّى قبلَ الإحساسِ بالأعراض.
فإذا كانتِ النتيجةُ أقلَّ من المُعتادِ، فتلكَ إشارةٌ على أنَّ نوبة الربو ستحدُثُ قريباً. في هذهِ الحالةِ، يُقدِّمُ الطبيبُ الإرشاداتِ لكيفيةِ التعاملِ مع النتائجِ المُنخفضةِ، ومُتَابعتِها. إنَّ اختباراتِ الأداءِ الوظيفي للرئتين تُجرَى قبلَ وبعدَ استعمالِ المُوَّسِعِ القصبِّي لفَتحِ المجاري التنفسية، فإذا طرأ تَحسُّنٌ على الأداءِ الوظيفي لرئتي الشخصِ الخاضعِ إلى الفحصِ نتيجةَ استخدامِ هذا المُوسِعِ القصبِّي، فإنَّ نسبة إصابتهِ بالربو تتجاوزُ 95%.
ولكن هناكَ فحوصاتٌ إضافيةٌ للتأكُّدِ من الإصابةِ بالربو، بالإضافةِ إلى ما ذُكِرَ آنفاً. وهذهِ الفحوصاتُ هي:
- فحصُ الميتاكولين: الميتاكولين مادةٌ مثيرةٌ للربو، يؤدي استنشاقها من قبلِ الشخصِ المُصابِ إلى توليدِ ضغطٍ خفيفٍ في مجاري التنفس. فإذا كانت نتيجةُ هذا الفحصِ إيجابيةً، فإنَّ المريض حتماً مُصابٌ بالربو. يقومُ الطبيبُ بإجراء هذا الفحصِ في حال كانت نتائجُ اختباراتِ الأداء الوظيفي للرئتين طبيعيةً.
- فحص أكسيد النتريك: هذا الفحصُ غير شائعٍ، ولكن تُقاسُ فيه كمية الغازِ المُسمَّى أكسيد النتريك في التنفس. في حالِ وجودِ التهابٍ في مجرى التنفسِ -وهذا من علاماتِ مرض الربو- يكون مستوى أكسيد النتريك أعلى من المُعتاد.
ما هي أنواع الربو؟ وما هي أعراض كلّ نوع؟
في الحقيقةِ، يَنقسمُ مرضُ الربو إلى الأنواعِ التاليةِ:
- ربوٌ خفيفٌ ومُتعاقِب: تكون أعراضَهُ خفيفةً، وتظهرُ ليومين من الأسبوع؛ وفي بعضِ الأحيانِ، قد لا تتجاوز ليلتين في الشهر.
- ربوٌ ثابتٌ خفيف: يمكن أن يحدث مرتين في الأسبوع، ولكن لا يتجاوز المرة الواحدة في اليوم.
- ربوٌ ثابتٌ معتدل: يحدث مرةً واحدةً يومياً، ولأكثر من ليلةٍ أسبوعياً.
- ربوٌ ثابتٌ شديد: تكون أعراضهُ على مدارِ اليوم، ويكونُ دائماً في الليل تقريباً.
طرائق مواجهة نوبة الربو:
- إذا كانت أول إصابةٍ حصلت للشخص إِبّان طفولتهِ، وكانت الاختباراتُ تُظهِرُ أنَّهُ مُصابٌ بالتهابٍ رئوي متوسطٍ؛ فتلكَ حالةٌ تُصيبُ حوالي 40% من مرضى الربو، وهي أسهلُ الإصاباتِ مُعالجةً.في هذه الحالةِ، يُوصَى بإجراء اختبار الحساسيةِ كخطوةٍ أولى. يمكن لمُضاداتِ الهيستامين أن تُساعد في حالات العُطاسِ وجريانِ الأنف، ولكن من الضروري في حالةِ الربو استعمالُ استيروئيداتٍ استنشاقيةً خفيفةَ الجرعةِ. وممَّا يُساعدُ أيضاً: تخفيضُ عددِ المواد المحسسة في المنزلِ، وذلكَ عن طريقِ تنظيفِ الحيوانات المنزلية باستمرارٍ -إن وجدت-، وغسل أغطيةِ فراشِ النومِ أسبوعياً، والامتناعُ عن التدخينِ داخل المنزل.
- في حالِ بدء الربو إِبّان الطفولة، وتبيَّنَ من الاختبارات وجودُ شيءٍ من الالتهاب الرئوي الخفيف؛ فإنَّ هذا يَزيدُ من صعوبة التَحَكُّمِ بالمرضِ، فقد تستدعي الحاجةُ قيام الطبيبِ المُعالِجِ بوَصفِ جُرعةٍ أقوى تأثيراً من الأدويةِ العادية.
- إذا حدثَ الربو عند الكِبَرِ، وكانَ مصحوباً بكثيرٍ من الالتهاباتِ: فإنَّ ذلكَ قد يتَسَبَّب بإلحاق الأذى بالمسالك التنفسية بسُرعة. على المريض من هذه الفئة الإسراعُ إلى طبيبٍ مختصٍ بالأمراضِ التنفُّسيةِ.
- إذا كان بِدءُ ظُهورِ الأعراضِ عند الكِبَرِ، ولم تكن مصحوبةً بالتهاب: فقد لا يكونُ ذلكَ نذير ربو. وعلى كلّ حالٍ، قد يَصِفُ الطبيبُ المُعالِج بخاخاً ستيروئيدياً في أوَّل الأمر؛ فإذا لم ينفع هذا العلاج، فقد تكونُ المُشكلةُ شيئاً آخر، مثل: عدوى الجيوبِ الأنفيةِ، أو "الجَزر المعدي الحامضي". والعقاقير المُضادة للحموضَةِ، بالإضافةِ إلى المُضاداتِ الحيويةِ؛ خيرُ طريقةٍ للراحةِ من هذه الأعراض.
اليوم العالمي للربو:
إنَّ الربو ليسَ من الأمراضِ الساريةِ، لكنَّهُ مرضٌ مُزمِنٌ. وقد أولت مُنظمة الصحة العالمية اهتماماً كبيراً بهذا المرضِ، وأعلنت أنَّ أولَ ثلاثاءٍ من شهر مايو هو اليومُ العالمي لمرض الربو، ويَهدِفُ هذا اليوم إلى تعزيزِ الوعي عن الربو، وكيفيةِ التَحكُّمِ به، حيثُ أنَّ عددَ المُصابينَ بالربو يفوقُ 235 مليون شخصاً، كما أنَّهُ المرضُ الأكثرُ شيوعاً بين الأطفال، والشيء المُحزِنُ أنَّ 80% من وفياتِ الربو تحدثُ في البلدان ذات الدّخل المُنخَفِض، والدَخل المتوسط الأدنى.
نصيحةٌ إلى كلِّ شخصٍ مُصابٍ بمرضِ الربو:
عندما تَشعرُ باقترابِ نوبةِ الربو، فإنَّ تناولكَ كوباً من القهوة، أو أيَّ شرابٍ يحتوي على الكافئين يؤدِّي إلى توَّسع القصبات الهوائية، ممَّا يُسَهِّلُ عليكَ التخلُّصُ من الإفرازات المُخاطية في الرئتين. كما يُنصَحُ بتناول ملعقةٍ كبيرةٍ من العسل كلَّ بِضع ساعات؛ فالعسلُ يُرقِّقُ المواد المُخاطية التي يُسَبِّبُها الربو، ممَّا يُسَهِّلُ عمليَّةَ طرحها. كما أنَّ تناولَ أغذيةٍ مُعيَّنةٍ يمكنُ أن يُقَلِّلَ فرصةَ الإصابةِ بالمشاكل التنفسيَّة، مثل: الأطعمةِ الغنيةِ بفيتامين C، كالبرتقال.
أضف تعليقاً