عالم الأزياء والموضة: نشأته وميزاته وتطوره عبر الزمن

عالم الأزياء هو عالم واسع ومتجذِّر ومنتشر بين شعوب العالم؛ لذا سوف نستعرض في هذا المقال مفهومه ونشأته وبعض مميزاته.



مفهوم عالم الأزياء والموضة:

إنَّ عالم الأزياء والموضة هو عبارة عن أمر يجري الحديث عنه دائماً دون انقطاع، ويشمل هذا العالم جميع نواحي حياة الناس؛ إذ أصبح عالم الأزياء والموضة موقع تحليل لآثارها في الأجيال الحالية، فيوجد العديد من المعاهد والجامعات التعليمية المتخصصة بهذا العالم المتجدد، وأيضاً إنَّ الموضة تقوم بشكل أساسي على التبديل الدائم؛ وبذلك نجد أنَّ الدلائل الاقتصادية عليها أن تجعل تغيير شكل ونوع الأزياء هدفاً لها بشكل دائم مع تحقيق أذواق الشعوب المتلقية ومعرفة طلباتهم واتِّخاذ أجدد أشكال الأزياء؛ وبذلك هذه هي السبُل الأفضل لاستقطاب الزبائن، ولطالما تقدَّمت صناعة وإعداد الأزياء مع مرور الزمن من بدايات تجهيز وخياطة الأنماط البسيطة من الملابس إلى وقتنا الحالي.

نشأة عالم الأزياء والموضة:

يدل تاريخ إعداد الموضة على سبيل الخصوص على تحديث الغاية والمراد من الألبسة والأنماط المُختلفة والمتعددة منها مع إعدادها وتصنيعها، وقد ابتدأت الصناعة الجديدة باعتمادها على المؤسسات أو تأثير الموضة التي يعمل عليها معدُّون متخصصون في هذا المجال، والجدير بالذكر أنَّه في القرن التاسع عشر كان المصمم تشارلز فريدريك والمصمم وورث أوَّل مَن يضعان ملصقاً مخيطاً لتفريق الألبسة التي صنعاها.

بدأ الإنسان ارتداء الألبسة فيما بين 100,000 إلى 500,000 عام مضت، ولقد كان للألبسة أثر في تثبيت الحالة الاجتماعية والوجدانية، وفي الغالب نشأت هذه الألبسة من أوراق النباتات وجلود الكثير من الحيوانات ومن عظامهم حتى. وقُبيل منتصف القرن التاسع عشر لم يكن هناك فارق بين هوت كوتور "الخياطة الراقية" والألبسة الجاهزة بشكل موجود، لكن أحذ صانعو الألبسة والخياطات مقاسات جميع القطع الرئيسة من الألبسة الخاصة بالنساء من قِبل زبوناتهم بشكل مباشر.

في أغلب الأوقات أُعِدَّت الألبسة وحيكت ونُقشت في المنزل فقط، وعندما نشرت واجهات الدكاكين تجارة الألبسة الجاهزة سلبت هذه الحاجة من مسؤولية العمل المنزلي.

ولقد أَصبح إعداد هذه الألبسة يتزايد اعتماداً على الأزياء المطبوعة، وبشكل خاص من العاصمة الفرنسية باريس، وانتشرت في العديد من أنحاء أوروبا ولاقت شغفاً كبيراً في المقاطعات، وصنَّعت الخياطة بعد ذلك هذه الأنواع بأحسن ما يكون، وكان أساس التصاميم هو الألبسة التي وجدتها الناس الأكثر ترتيباً وجاذبية، وعادة هؤلاء هم العاملون في القصر مع الخياطين والخياطات.

ومع أنَّ نشر أزياء الدمى من باريس كان منذ القرن السادس عشر، وإصدار إبراهام بوسي نقشات الأزياء كان في عشرينيات القرن السابع عشر، إلَّا أنَّ سرعة التبديل قد تزايدت في بداية ثمانينيات القرن الثامن عشر مترافقاً مع ازدياد إصدار النقوش الفرنسية التي تُبيِّن أجدد أعمال الموضة في فرنسا، تعقبتها محلات الأزياء مثل كابينت دي مودس، ومع بداية سنة 1800 كان الكثيرون من الأوروبيين الغربيين يرتدون الملابس غير المختلفة، ولقد باتت الفروقات المحلية بشكل تقريبي دلالة على الثقافة المحلية.

ومع بدايات القرن العشرين ابتدأت العديد من المجلات التي تهتم بالموضة في توفير صور توضيحية وباتت أكثر فاعلية، وقد طلبت هذه المجلات في العديد من دول العالم وغيَّرت بشكل واسع في الذوق العام، وقد تفنَّن الرسامون الكبار - من بينهم بول إيريبا وجورجس ليبابي وإريه وجورج باربييه - في رسم لوحات أزياء ذات جاذبية عالية للجمهور أضيفت إلى هذه المجلات، والتي واكبت أجدد التحديثات في الأزياء والجمال، ولطالما كانت أهم هذه المجلات لاجازيت دون بون تون التي أنشأها لوسيان فوغل في عام 1912 وبقيت تنشر بشكل منتظم حتى سنة 1925.

شاهد بالفيديو: 6 أمور جيّدة ستحدث عندما تتوقّفين عن وضع المكياج

عالم الأزياء والموضة قبل سنة 1900:

في السنين الأولى من القرن الثامن عشر ميلادي ظهر مصنعو الموضة السباقون في القمة كرواد للأزياء والموضة، وفي عشرينيات القرن الثامن عشر ميلادي أصبحت الخياطة الخاصة بالأميرة فرانسواز لوكليرك مشهورةً من جهة نساء الطبقة الأرستقراطية الغنية والحاكمة الفرنسية، وفي النصف من القرن الثامن عشر الميلادي نال كل من ماري مادلين دوشاب ومدموزيل ألكسندر ولي سيور بولارد شهرة محلية ووسعوا دائرة زبائنهم من الطبقة الأرستقراطية الغنية والحاكمة الفرنسية إلى الطبقة الأرستقراطية العالمية ورغم كل ذلك، وتُعَدُّ روز بيرتين بشكل عام أول مصنِّعة أزياء لقيت شهرة على الصعيد الدولي والمحلي.

ولا بدَّ من ذكر مصممة الأزياء روز بيرتين التي كانت تُدعى باسم "وزيرة الموضة"، لطالما كانت مُعدَّة ألبسة لملكة فرنسا ماري أنطوانيت؛ إذ إنَّ بيرتين أقامت دكاناً في مدينة باريس الفرنسية وكان لها أثر بالغ في الأداء المتبع في باريس، إلى أن استبعدتها الثورة الفرنسية إلى مدينة لندن.

وقد اعتادت الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت - الغريبة عن القصر الفرنسي - على منتجات بيرتين التي تشتهر بدقتها لإعانتها على محاربة أعدائها في مجال الأزياء، وقد اختلف ذوق ماري أنطوانيت المنفرد للموضة؛ على سبيل المثال السروال المُعَد لركوب الحصان للذكور أو الفساتين المصنوعة من القماش غير المعقد بشكل كبير مع الملابس الدقيقة ذات التقنية العالية، فقد قامت الملكة بمحاولات تأسيس شخصية تجعل السكان الفرنسيين على اتصال معها ومع طرائق عيشها.

ومع أنَّ المحاولات التي قامت بها الملكة ماري أنطوانيت كان مصيرها الفشل إلى درجة واسعة، فإنَّ الأسلوب الذي قامت به بيرتين ساهم في مساعدة الملكة ماري أنطوانيت على التعبير عن ذاتها عبر الموضة التي كانت مصنوعة وحققت قفزة كبيرة للعواهل ومصنعي الأزياء الذين واكبوها، على سبيل المثال لويس هيبوليت ليروي، ومع بدايات أوائل القرن التاسع عشر وسَّع المصنعون مثل آن مارغريت لانشيستر وماري آن بيلتم أشغالهم ونشروا تصاميمهم المنتقاة في مجلات الأزياء.

يُعَدُّ المصمم الإنجليزي الذي سكن في مدينة باريس الفرنسية تشارلز فريدريك وورث مصنِّع الأزياء الأول بالمضمون الجديد للمصطلح، مترافقاً مع استعمال واسع للكثير من الخياطين والخياطات غير المعروفين إلى درجة كبيرة، ولقد استطاع النجاح الذي حققه وورث - والذي كان يعمل كتاجر للملابس في وقت مضى - فرضَ ما يجب على العملاء أن يرتدوه من الملابس، وقد وُضِعَ في حيز الضوء كمصنِّع أزياء رئيس للإمبراطورة أوجيني، ولقد استخدم وورث اتصالاته الملكية لأخذ الشهرة.

وقد أخذت ملابس وورث شعبية عالية جداً وصارت ماحقة بالتزامن مع إصدار نابليون الثالث إعلاناً في 1 فبراير 1853 والذي يتضمن بأنَّه لن يسمح بدخول أي أحد إلى قصره دون أن يرتدي اللباس الرسمي، وقد زُخرِفَت الملابس بتخطيطات عالية الجمال وأُعدَّت من أفضل المواد على الإطلاق، وقد عرفت ملابس وورث باستعمال الكرينولين.

خلال العقود الأولى من القرن العشرين صُنعت الأزياء المتحضرة في مدينة باريس، وبكمية أقل في مدينة لندن، وقد بعثت مجلات الأزياء من بلدان أخرى محررين إلى معارض الموضة في مدينة باريس، وقد بعثت أيضاً المتاجر الكبيرة مدينة باريس؛ إذ أخذ السكان الفرنسيون الألبسة من أجل صنع ما يشبهها، وقد أبدت كل من متاجر الملابس المفصلة والملابس الجاهزة أجدد الوجهات لمدينة باريس.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لاختيار الملابس يقدمها خبراء الأزياء والموضة

عالم الموضة والأزياء في القرن العشرين الميلادي:

وبعد مرور الحرب العالمية الثانية بدت مدينة باريس كمقرٍّ دولي للموضة بالأدنى، وقد برز شكل حديث من الشبَّان في الخمسينات من القرن الذي مضى، وهذا ما بدَّل مسار الموضة، ففي الدول الغربية تمت مقاومة التفريق التقليدي بين الطبقة الراقية والطبقة العاملة.

وبشكل خاص قرر الجيل الحديث من الشباب قطف نتائج البيئة المستهلكة الراقية، وقد تضاءلت جودة الإعلان عن التقدُّم بشكل كبير وواضح عن الوضع الذي كانت عليه في السابق وغُضَّ البصر عن الاختلاف بشكل عام.

وفي الوقت الذي اختفى فيه التسلسل الهرمي في الأعمال الأوروبية اختفت معه أيضاً دلالات التفريق الخارجية، وفي الفترة التي أُرسِلَت فيها أولى المركبات إلى الفضاء الخارجي، كانت الدول الأوروبية الأكثر جاهزية لاستعمال ألبسة مُعدَّة للارتداء على طول الوقعة الأمريكية.

شاهد بالفيديو: 5 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية

أهم ميزات عالم الأزياء والموضة:

  1. قابل للتجديد بشكل دائم؛ إذ نلاحظ أنَّه لكل عصر موضة خاصة به، فلا يوجد تكرار في الموضة؛ بل تبهرنا كل يوم بشيء جديد.
  2. الموضة مخالفة للعرف السائد في المجتمع؛ فالعُرف السائد هو غير قابل إلى التجديد أو التغيير بل يتسم بالجمود، أمَّا الموضة فهي شيء متجدد بشكل دائم.
  3. استطاعت الأزياء أن تفرِّق بين الأحزان والأفراح؛ إذ أوجد المصممون ملابس خاصة بالفرح وأخرى خاصة بالحزن.
  4. قد تدل الموضة على تحضُّر الشعوب؛ إذ إنَّ الشعوب التي تواكب الموضة يمكن القول عنها إنَّها غير جامدة تقبل التغيير والاختلاف.
  5. قد افتتح مصنعو الأزياء المعارضَ لأبرز التصاميم؛ إذ أصبح مجالاً فنياً ثقافياً في معظم دول العالم وتوجد معارض تفتتح سنوياً لهذا الأمر.
إقرأ أيضاً: 8 نصائح هامة لتنظيف الملابس المتسخة

في الختام:

بذلك نكون قد تعرَّفنا إلى مدى أهمية عالم الأزياء والموضة، وأهميته في دفع الشعوب إلى التجديد الدائم.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة