تعريف الثقافة والمثقف:
للثقافة تعريفات كثيرة ومتشعبة ولكن كلها تصب في معنى واحد فهي:
سلوك اجتماعي يُمارس ضمن المجتمع من خلال التعلم من التجارب، وقراءة ما هو مفيد من كافة الجوانب؛ وتنقسم الثقافة إلى:
- ثقافة مادية مثل: التقنية، والهندسة المعمارية، والفنون.
- ثقافة غير مادية مثل: مبادئ التنظيم الاجتماعي، والفلسفة، والأدب (المكتوب والشفوي على حد سواء).
يتكون العلم من التراث الثقافي غير المادي للمجتمع، وتختلف المجتمعات باختلاف الثقافة التي تسود فيها؛ أي ما دامت الثقافة من صنع الإنسان، فمن الطبيعي أنَّها تختلف من مجتمع إلى آخر؛ لأنَّ من الواضح أنَّ ما يفعله الناس، وما يعتقدونه وما يعطونه قيمة، يختلف من مجتمع إلى آخر، وإنَّ أسلوب استجابة الفرد للمتغيرات في بيئة ما، وإنَّ اعتقادات هذا الفرد وأفعاله تعتمد على الثقافة التي يشب في ظلها؛ إذ تؤدي الثقافة دوراً هاماً في حياة الفرد والجماعة، وبالتالي لا يمكن وضع تفسيرات وإجراء المناظرات عن سلوك الفرد أو الجماعة، أو حتى عن مجتمع كامل دون الرجوع إلى الثقافة السائدة في هذا المجتمع.
كما أنَّ علماء الاجتماع عرَّفوا الثقافة تعريفاً دقیقاً، ومن أشھر التعریفات وأكثرھا شمولاً؛ القول: بأنَّ الثقافة ھي المُركَّب الشامل الذي یضم المعارف البشرية بما في ذلك العقيدة، والأخلاق، والقوانين، وكل ما يكتسبه الإنسان من المجتمع الذي يعيش فيه؛ وبذلك يُمكن أن تكون الثقافة لدى شعب معين ھي كل ما يرتبط بأسلوب معيشته الاجتماعي، والفكري، والمادي، وليس فقط الإنتاج الفني والأدبي المرتبطَين بفئة محدودة للغاية من فئات المجتمع.
ويُمكن تعريف المثقف بأنَّه: ھو الشخص الذي يستخدم الذكاء والتفكير النقدي، بطریقة عملية أو بصفة شخصية؛ والمثقفون هم الأشخاص الذين یشغلون كل أوقاتھم بدراسة نوع معین من العلوم سواءٌ كانت آداباً أم كيمياء؛ إذ يشغلون أغلب أوقاتھم بالمطالعة والكتابة.
شاهد بالفيديو: كيف يقرأ الأذكياء؟ 5 نصائح تساعدك على القراءة بذكاء
فوائد الثقافة:
للثقافة فوائد جمَّة على صعيد الفرد وعلى صعيد المجتمع، ويُقاس رقيُّ الأمم ورقيُّ حضاراتها بمقدار امتلاك مجتمعاتها وأفرادها الثقافة بشقَّيها المادي وغير المادي، وإليكم فوائد الثقافة:
- تُكسِب أفرادَ المُجتمع الواحد شعوراً بالوحدة، وتُنمِّي لديهم الشعور بالانتماء والوَلاء، وتُتيح لهم العمل باتِّساق.
- تُمِدُّ أفراد المجتمع بالأنماط السُّلوكية، التي تُشبع حاجاتهم البيولوجية من مأكل ومشرب وملبس لِتضمن لهم الاستمرار والبقاء، كما تُمِدُّهم بالقوانين والأنظمة اللازمة لِلتعامل مع مواقف الحياة المختلفة دون اضطِراب.
- تَجعل الفرد يقدِّر دور الثقافة التربوي؛ وذلك بِالتعرُّف إلى ثقافات أخرى غير ثقافته ولحظ الفروقات التي قد تطغى على وجوده.
- تُقدِّم للفرد الحُلول المناسبة لِلمشكلات التي قد تُواجهه، وبالتالي توفِّر عليه الوقت والجُهد في أثناء البحث عن حُلول لِمشكلاته.
- تُعطي الفرد تفسيرات مألوفة بالنسبة لثقافته؛ كي يُحدِّد سلوكه وطريقة معيشته على ضوء تلك التفسيرات، وتوفِّر له المعاييرَ اللازمة للتمييز بين الأحداث صحيحها وخاطئها.
أنواع الثقافة:
1. الثقافة العامة:
هي مجمل الآداب والفنون والعلوم في إطارها العام والخاص.
2. الثقافة المحلية:
هي كُل ما يرتبط بحضارة البلد ويُميِّزها عن غيره؛ من فنٍ، وأدبٍ، وعلوم وعادات وتقاليد.
3. الثقافة الأساسية:
هي مجموع الصفات الثقافية الموجودة في زمان ومكان مُعينَين.
4. الثقافة المهنية:
هي الثقافة التي يهتم بها من هُم على درجةٍ عاليةٍ من التمدُّن أو التعليم.
5. الثقافة الشعبية:
هي التي تُميِّز شعباً عن غيره بامتثالها لِعادات وتقاليد وأشكال تنظيمية خاصة بها.
6. الثقافة المضادة:
هي التي تُعبِّر عن اتجاه ثقافي يُحاوِل أن يحل محل الثقافة التقليدية المألوفة.
مُعوِّقات الثقافة:
هناك معوقات كثيرة للثقافة خصوصاً في البلاد العربية سنذكر أهمها:
- غلاء الكتب: من الأمور التي تُعيق الفرد والمجتمع عن التثقُّف غلاء الكتب، وبسبب هذه المشكلة لا يستطيع كثير من الأفراد اقتناء هذه الكتب.
- شح المكتبات العامة.
- ضعف الأنشطة الثقافية: إنَّ الأنشطة الثقافية تزيد من وعي الأفراد، ومن خلال هذه الأنشطة يُمكن تسليط الضوء على أهمية الثقافة بالنسبة للمجتمع والفرد على حدٍ سواء.
- قلة دور النشر وغلاء تكاليف الطباعة.
- عدم الاهتمام بالمثقفين: للمثقف حاجات ومتطلبات ومشكلات؛ لكنَّه لا يَلقى لها أذناً صاغيةً ولا يداً ممتدة.
مصادر اكتساب الثقافة:
يعتقد الكثير أنَّ الكتب هي فقط مصدر الثقافة، وهذا الاعتقاد خاطئ فهناك مصادر كثيرة يُمكن الاعتماد عليها في الثقافة ومنها:
- السفر: السفر من الأمور التي تجعل المرء يكتسب الثقافة، فالسفر يوسع من آفاقه، ويزيد من مداركه؛ وذلك من خلال التعرف إلى ثقافات أخرى ولغات أخرى وعادات البلاد التي يمر بها وتقاليدهم وحضارتهم.
- الشبكة العنكبوتية (الإنترنت): "أصبح العالم قرية صغيرة"؛ إذ يمكن الاستفادة من الشبكة العنكبوتية في تلقي ما هو مفيد في كافة المجالات فالشبكة العنكبوتية مصدر شامل؛ ولأنَّ الشبكة تضم الكثير من المعلومات الخاطئة؛ لذا يجب علينا البحث عن المصادر الموثوقة والاعتماد عليها.
- القراءة: من الأمور المُسلَّم بها أنَّ القراءة تزيد من ثقافة المرء؛ إذ تُطلعه على آفاق وأبعاد لا يُمكن الوصول إليها سوى بالقراءة.
وهناك الكثير من المصادر الأخرى كالمسرحيات والموسيقى والأفلام والندوات.
صفات المثقف:
- المثقف حسن التعامل: يُدرك المثقف أصناف البشر وكيفية التعامل معهم، ويرجو الخير للإنسانية، ويَعدُّ أنَّ كل البشر إخوة في الانسانية.
- المثقف مُتسامح: من الطبيعي أن يكون المثقف متسامحاً كونه يملك من الوعي ما لا يملكه غيره، كما أنَّ اختلافه مع غيره هو اختلاف بالرأي، ويحاول قدر الإمكان البقاء ضمن مسافة الاختلاف لا الخلاف.
- المثقف لا يكذب: يَعدُّ المثقف نفسَه حامل رسالة سامية، فهو ينبذ كل ما هو مخالف أخلاقياً لذلك، ويُعدُّ الكذب إحدى الأمور غير الأخلاقية.
- المثقف متواضع: يَمقت المثقف الغرورَ والكبر؛ لأنَّه مؤمن بأنَّه كان يوماً ما لا يعلم شيئاً، وهو الذي يحاول توعية الفئة غير المثقفة ومساعدتها فكرياً؛ فكيف له أن يتكبر عليهم؟
لقد ذكرنا مجموعة قليلة من صفات المثقف، ونحن نتكلم هنا عن المثقف الحقيقي بسلوكه وفكره، وليس مثقف الصفحات الأولى أو هاوي الثقافة، فلهذين المثقَّفين الكثير من الصفات السلبية.
بعض النصائح المهمة كي يكون المرء مثقفاً:
هناك الكثير من النصائح المُهمَّة على طريق الثقافة، ومنها:
- اقرأ الموسوعات العلمية: اقرأ الموسوعات العلمية من المصادر الغنية جداً بالمعلومات، والمتنوعة في محتواها التي تُثري القارئ وتزيد من مداركه.
- لا تكن مثقفاً مدرسياً: لا تعتمد على المناهج التي تُدرَّس في المدارس والجامعات فقط، فهي تَحدُّ رؤيتك وتُحجِّم فكرك، بل يجب أن تُكثر من المطالعة خاصةً خارج مجالك، كن على ثقة بأنَّ ما في الخارج أفضل.
- شاهد الأفلام الوثائقية: فمن خلالها تستطيع التعرف إلى عادات الشعوب وتقاليدها، وإلى أشخاص عظماء غيروا مجرى التاريخ، هي أشبه بالموسوعة لكنَّها مصورة.
- متابعة المجلات العلمية: تُفيد المجلات العلمية بكل ما هو جديد في العالم من تغيُّرات وأبحاث واكتشافات علمية، كما أنَّها تجعلك مواكباً الحركات العلمية التي تحصل في المختبرات في كافة أصقاع الأرض.
- الالتقاء بالمثقفين: يُقال: "اقدح عقلَك بالعقول النيِّرة لعلَّك تقتبس نوراً منها"، فالاجتماعات الدورية بالمثقفين تُفيد في تناقل المعلومات بين الأشخاص وتُعدُّ محفِّزاً مُهمَّاً لهم.
- الاستماع إلى البرامج الثقافية ومشاهدتها.
- حضور الندوات الثقافية: للندوات الثقافية أهمية كبيرة في زيادة الثقافة، والتعرف إلى الشخصيات المثقفة، وتكوين شبكة علاقات معهم، والاستماع إلى المشكلات التي يُعاني منها المثقفون.
أهم الكتب التي تُفيد القارئ العربي:
1. كتاب "مقدمة ابن خلدون":
يُعدُّ من الكتب الموسوعية التي تضم الكثير من التخصصات، كالجغرافيا والتاريخ والسياسة والاقتصاد والطب والعمران.
2. كتاب "عصر القرود":
كتاب عصر القرود من مؤلفات الدكتور مصطفى محمود والذي نُشر عام 1992، ويناقش الحب بين الرجل والمرأة، وعلى وجه الخصوص بين الزوجين.
3. كتاب "قواعد السطو":
وهو للمؤلف روبيرت غرين، يدور الكتاب حول فكرة أنَّ الناس عمومًا لديهم ميل لكسب السلطة بأي صورة كانت؛ ففي بعض الأحيان يحاول شخص ما انتزاع السلطة منك، وهنا لك الحق بأن تدافع عن نفسك، والكتاب يعينك على هذا بأسلوبه الرائع جداً، وطرائقه التي بلغت الغاية في الذكاء والدهاء.
4. كتاب "فن الخطابة":
يطرح الكاتب ديل كارنيجي من خلال هذا الكتاب طرائق اكتساب الثقة بالنفس، وتحديداً في المواقف التي تتعامل فيها مع أناس من حولك، ويُعدُّ كتاباً مفيداً جداً.
5. كتاب "العادات السبع للناس الأكثر فعالية":
للكاتب "ستيفن آر كوفي"، والذي يطرح من خلاله سبع عادات يومية يجب أن تتحلى بها كي تكون ناجحاً.
أهم الشخصيات العربية المثقفة:
1. مصطفى محمود:
وهو الطبيب العلَّامة، والكاتب والأديب، وُلد عام 1921، بشبين الكوم، له العديد من المؤلفات منها: رحلتي من الشك إلى الإيمان، ورائحة الدم، وله العديد من المسرحيات.
2. عباس محمود العقاد:
الأديب المفكر والشاعر، ولد عام 1889 في محافظة أسوان، مر بالعديد من الظروف القاسية، ما دفعه للعمل مترجماً في بعض الصحف، من أهم كتاباته: عبقرية محمد، وعبقرية عمر، وعبقرية المسيح.
قطفُ ثمرةٍ من كل شجرةٍ، وأخذُ شيء من كل شيء وكل شيء من شيء، هذه هي المعادلة باختصار يجب أن تكون مُلِمَّاً بكافة الجوانب؛ ففي مقالنا هذا حاولنا تغطية كافة الأمور التي تحتاج إلى معرفتها كي تكون مثقفاً، يُمكن القول أخيراً إنَّ الثقافة هي سلوكات يجب أن تُمارس في المجتمع كي تُزيد الوعي فيه.
أضف تعليقاً