طرق لتعليم الأطفال الادخار وتوفير المال

التربية المالية هي واحدة من أهم المحطات التي يجب التوقف عندها في تربية الأطفال، ولعلَّ عملية الادخار وتوفير المال هي العمود الفقري لتربية طفل مستقل مالياً، ولأنَّ الاستقلال المالي هو عماد الاستقلال الشخصي، فلا بد من الاهتمام بتعليم الأطفال كيف يكونون مستقلين، ومن ثمَّ كيف يدخرون المال ويوفرونه بعيداً عن مغريات الشراء الكثيرة، والتي تُبذَل في سبيلها آلاف الدولارات في سبيل الدعاية والتسويق.



فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال:

إنَّ فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال تتجلى على عدة أصعدة، منها ما ينعكس على تفكيره المالي، ومنها ما ينعكس على تطور شخصيته؛ لذا يمكن تلخيص فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال بما يأتي:

1. إكساب الطفل العادات المالية الصحيحة:

من فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال أنَّه يساعد على غرس هذه العادة في سلوكهم، وكلما كان تعويد الأطفال على الادخار في سن أبكر، كانت النتائج أفضل، فالطفل المعتاد على ادخار ماله منذ الصغر من أجل غاية أو هدف يضعه بنفسه، لن يواجه صعوبة في مقاومة إغراء السوق وتوفير المال من أجل الوصول إلى مبلغ محدد يستثمره في مشروع ما يهمه ويعنيه، ومن ثمَّ فإنَّ تعلُّم الطفل لمفهوم الادخار المالي منذ الصغر سيجعله يعي قيمة المال وطريقة الحصول عليه وأصول إنفاقه.

2. إدراك مفهوم التخطيط:

إنَّ إدراك الطفل لمفهوم التخطيط يُعَدُّ من أهم فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، ويتعلم الطفل من خلال ذلك كيف يبني استراتيجيات للوصول إلى هدفه المنشود، بالإضافة إلى تعلُّمه تحمُّل مسؤولية كل قرار يتخذه، وصعوبة التراجع عنه، وعدم جدوى التردد وأهمية حسم الأمور، وستنعكس قراراته المالية على قرارات حياته كافة، فينشأ ملتزماً ومسؤولاً.

3. تعلُّم أصول الإنفاق الصحيح:

في العصر الذي تنفق فيه الأموال إنفاقاً كبيراً على التسويق والترويج، تبرز ميزة الإنفاق السليم بوصفها واحدة من أبرز فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، وهذه الميزة تساعد الطفل على تقرير احتياجاته الشرائية، وإنفاق ماله على الأساسيات، وتُعلِّمه شراء حاجياته فقط، وتجنُّب هدر المال على الأشياء الثانوية التي قد يبتاعها دون أن يستخدمها، وتسمى هذه السلسلة من السلوكات "عادات الإنفاق السليمة".

4. تأمين الحماية المالية في سن متقدمة:

من فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال أنَّه يجنبهم الوقوع في الإفلاس في سن الشباب؛ وذلك بسبب اكتسابهم للعادات المالية الصحية، واعتيادهم على الادخار والتوفير كأسلوب حياة، فلا ينفقون كل ما في أيديهم دفعة واحدة دون وعي ولا حكمة، ويتعلمون أصول الإنفاق الصحيح في شراء احتياجاتهم، وادخار الفائض لاستثماره في المستقبل.

شاهد: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه

5. تحقيق الاستقلال المالي:

يُعَدُّ تحقيق الاستقلال المالي مستقبلاً واحداً من أعظم فوائد تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، وبحسب الدراسات، فإنَّ التثقيف المالي للأطفال في سن مبكرة يساعدهم كثيراً على تحقيق النجاح المالي بعد بلوغهم؛ فهو يُعَدُّ حجر الأساس في تكوين شخصيات تعي دور المال وأهميته، وتتقن أصول التعامل معه واستثماره في مشاريع هادفة وناجحة، بعيدة عن التسرع والتهور.

طرق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال:

توجد عدة طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، وتصب جميعها في مصلحة واحدة؛ وهي إعداد طفل مثقف مالياً يعرف كيف يخطط، وكيف يكبح جماح رغبته الشرائية، وكيف يفصل بين ما يرغب في شرائه وما يحتاج إلى شرائه.

وفيما يأتي أفضل طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال:

1. تعريف الأطفال بمفهوم المال وأساسياته:

إنَّ التعريف بمفهوم الأموال ودواعي استخدامها يُعَدُّ واحداً من طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، وهنا يظهر دور المربين في تقديم مفهوم المال للأبناء في سن مبكرة، وتعريفهم بكيفية التعامل معه وطرائق استخدامه.

ويمكن تعريف الأطفال بهذه المفاهيم عن طريق عرض الأوراق النقدية أو النقود المعدنية عليهم مع ذكر قيمة كل منها، إضافة إلى اصطحابهم في عملية التسوق وإخبارهم ثمن كل سلعة مشتراة، وإشراكهم في عملية تقديم المال أو البطاقة البنكية للمحاسب، ويمكن تعليم الأطفال عن المال بطريقة اللعب، وتمثيل دور البائع والزبون في شراء أدوات المنزل كالكتب والألعاب والحلوى.

وفي طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، لا بد للمربي أن يوضح لطفله الفرق بين الاحتياجات الرئيسة من طعام ولباس ومأوى، وبين الاحتياجات الثانوية التي تحتمل الانتظار والتأجيل، والتي تستدعي ادخار المال من أجل الحصول عليها في وقت لاحق.

2. مساعدة الأطفال على تحديد ميزانياتهم وادخار أموالهم:

إنَّ تقديم المساعدة في عملية تحديد الميزانية يُعَدُّ من طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، ويتم ذلك عن طريق شراء حصالات للأبناء، وتحفيزهم في عملية ملئها بالنقود الورقية والمعدنية، ويمكن تصنيع حصالة في المنزل عن طريق الاستفادة من العلب القديمة وتزيينها ليتعلم الأطفال بذلك أيضاً مفهوم إعادة التدوير.

ولا بد في خضم هذه العملية من تعليم الطفل تقسيم ماله إلى ثلاثة أقسام؛ قسم للإنفاق يشتري به أمراً يحتاج إليه أو شيئاً ما يرغب فيه، وقسم آخر للادخار يضعه في حصالته، وقسم أخير للعطاء يقوم بمنحه لجهة خيرية أو طفل محتاج.

ويُفضَّل أن يمنح الطفل بنفسه القسم الذي خصصه للعطاء ليرى بعينه وقع العطاء الجميل في نفوس الآخرين، ويتشجع على المشاركة كل مرة، ومن الضروري أن نذكِّر الطفل بأنَّه إذا ما قام بإنفاق ماله كله على المشتريات، فلن يبقى له مال للادخار أو العطاء؛ وهذا يشجعه على التفكير بحكمة في الكيفية التي سينفق بها مصروفه.

شاهد أيضاً: 6 طرق تساعد في التعامل مع الطفل الكاذب

3. المال في مقابل العمل:

إنَّ تقديم المال في مقابل الأعمال المنزلية أو المساعدة للوالدين يُعَدُّ من طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال؛ فبهذه الطريقة يدرك الطفل مشقة الحصول على المال، وضرورة بذل الجهد في سبيل الحصول عليه؛ وهذا يجعله أكثر إدراكاً للمشقة التي يبذلها الآخرون في سبيل تحصيل المال.

ويمكن تطبيق هذه السياسة عن طريق كتابة لائحة بالأعمال المنزلية الأسبوعية التي يُكلَّف بها الطفل، وتحديد مبلغ مالي معين مقابل إنجازه لها، وسيضيف له هذا السلوك - إلى جانب شعوره بالفخر والمسؤولية - شعوراً بأنَّه منتج وإدراكاً لقيمة المال؛ وهذا ينعكس على حرصه على طريقة إنفاقه.

4. التعاون مع الطفل من أجل تحديد أهداف الإنفاق ورسم خطط الادخار:

إنَّ الاشتراك مع الطفل في عملية التخطيط المالي يُصنَّف أيضاً من طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، وهنا يكون دور المربي في الإشراف على رغبة الطفل الشرائية والتأكد منها، عن طريق إعطائه مهلة يوم أو يومين بين إبداء رغبته في شراء حاجة معينة، وبين شرائها فعلياً؛ وذلك لأنَّ معظم الأطفال يرغبون في لحظات معينة بشراء شيء ما، وبعد مدة قصيرة من شرائه يملُّون منه أو يشعرون بأنَّ قرارهم كان متسرعاً، وهنا تبرز مهمة الأهل في تعريف أطفالهم بمفهوم الرغبة الشرائية والفرق بينها وبين الحاجة إلى الشراء.

وأما في موضوع الادخار، فيكون دور الأهل مساعدة الأطفال على رسم الخطة التي توصل نحو الهدف المنشود، فإذا كانت غاية الطفل شراء لعبة، فيجب على الأهل إخباره كم يجب أن يدخر من المال ليحصل عليها، وتتيح التكنولوجيا عدة تسهيلات لترغيب الأطفال بمفهوم الادخار وتحفيزهم على توفير المال؛ وذلك عن طريق استغلال ميلهم نحو اللعب واستخدام الأجهزة الذكية، بواسطة تطبيقات تُمكِّنهم من إدخال مقدار المال الذي حصلوا عليهم من ذويهم، أو مقابل إنجاز واجباتهم المنزلية؛ وهذا يضيف لهم مهارات حسابية هامة، ومتعة في عملية الادخار.

5. تشجيع الطفل على الادخار وتحفيزه:

إنَّ تحفيز الطفل على الادخار عن طريق تقديم التسهيلات له يمكن تصنيفه بوصفه طريقة من طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال، ويكون ذلك عن طريق تقديم مبلغ إضافي له ليدخره كلما نجح في ادخار مبلغ معين، كتشجيع له على الاستمرار في عملية الادخار.

إقرأ أيضاً: ما هي أهداف تربية الأطفال؟

6. قدوة الطفل أهله:

في حقيقة الأمر، إنَّ الطفل لن يمتلك الحكمة المالية وثقافة الادخار ما لم يكن أهله يتمتعون بها؛ لذا فإنَّ أسهل طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال على الأهل، هي كونهم قدوة لأطفالهم في هذا المجال؛ لأنَّ الطفل الذي يرى والديه يشترون احتياجاتهم فقط دون أن يبذروا المال، سيتعلم بطريقة الاكتساب هذا السلوك، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الطفل الذي يشاهد والديه يقتنون الأغراض بغير حاجة حقيقية لها.

وإنَّ الحديث مع الأطفال عن السلع والمقتنيات التي تَطلَّب الحصول عليها عمليات ادخار مستمرة كالسيارة مثلاً، من شأنه أن يشجع الأطفال على عملية توفير المال، ورسم أهداف بعيدة تستحق منهم الانتظار والمواظبة على الادخار؛ وذلك لأنَّهم عاشوا مواقف حياتية واقعية تثبت صحة سلوكهم.

إقرأ أيضاً: أهم 10 نصائح في تربية الأطفال تربية سليمة

7. الإيجابية وتقبُّل الأخطاء:

إنَّ زراعة سلوك الادخار في شخصية الطفل هو عملية كغيرها من العمليات التربوية، تتطلب صبراً وهدوءاً وحكمة، فالأطفال مترددون بطبيعتهم؛ وهذا يجعلهم يفشلون في الادخار أول الأمر، ويضعفون أمام رغباتهم الشرائية، وهنا يبرز دور المربي في أن يكون صبوراً ويتقبل طفولة أبنائه، ويكون دائناً لطيفاً يقرضهم في حال فصل بينهم وبين أهدافهم مبالغ ضئيلة، وإنَّ هذا الصبر والاحتواء يُعَدُّ من أفضل طرائق تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال؛ بل ويُعَدُّ أفضل أساليب التربية الإيجابية.

إنَّ تعليم الأطفال الادخار وتوفير المال أمر ضروري وهام في بناء الثقافة المالية، والتي من شأنها أن تربِّي طفلاً مدركاً لاحتياجاته، وقادراً على الشراء بحكمة، ومستوعباً لأهمية الادخار وتوفير المال ودورهما في التخطيط السليم، وبناء شخصية مستقلة مادياً وعاطفياً.

المصادر: 1،2،3،4،5




مقالات مرتبطة