وسلامة الإطار المالي والاقتصادي العالمي؛ إذ تساعد على تخفيف العوامل التي تسهِّل الاستغلال المالي؛ ولذلك فإنَّ اتخاذ إجراءات لمنع ومكافحة غسل الأموال لا يحقق ضرورة أخلاقية فقط؛ بل يلبي احتياجاً اقتصادياً أيضاً.
إنَّ عمليات غسل الأموال قد هزَّت اقتصادات بعض الدول، كما أغلقت البنوك بسبب هذه العمليات وأعلنت إفلاسها، وأيضاً أعلنت شركات إفلاسها بعد المضاربة في البورصات التي اخترقتها عصابات غسل الأموال.
وحرصاً منَّا على توضيح هذه المشكلة نقدم لكم ما يلي:
- مفهوم غسل الأموال.
- مكافحة غسل الأموال.
مفهوم غسيل الأموال:
يعدُّ غسل أو تبييض الأموال جريمة اقتصادية، تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرَّمة؛ فهو إخفاء أو تمويه هوية العائدات التي حُصِّلَت تحصيلاً غير قانوني بحيث يبدو أنَّها تأتَّت من مصادر مشروعة، وذلك لغرض حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو استثمارها أو تحويلها أو نقلها أو التلاعب في قيمتها.
وتكون محصَّلة من جرائم مثل: زراعة وتصنيع النباتات المخدرة، والجواهر وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، واختطاف وسائل النقل، واحتجاز الأشخاص وجرائم الإرهاب وتمويلها، والنصب وخيانة الأمانة والتدليس، والغش، والفجور والدعارة، والاتجار وتهريب الآثار، والجنايات والجنح المضِرَّة بأمن الدولة من جهة الخارج والداخل، والرشوة، واختلاس المال العام والعدوان عليه، والغدر، وجرائم المسكوكات والزيوف المزورة والتزوير.
تعدُّ عملية غسل الأموال عملية مركبة من جرائم عديدة لا جريمة واحدة فقط، فهي:
- أموال محرمة لا يصح تملكها أو اكتسابها.
- تتحول بإجراءات معينة في الظاهر إلى أموال مشروعة ظاهراً والحقيقة أنَّها غير مشروعة.
- محاولة للتهرب من القانون والمسؤولية عن كسب هذه الأموال وحيازتها.
- كذب وغش وخداع للناس.
مكافحة تبييض الأموال:
تسعى الكثيرُ مِن دُولِ العالمِ إلى مُكافحةِ غسل الأموال بكُلِّ الطرائقِ والوسائل المُتاحةِ والمُمكنة؛ لذلك قامتْ أغلب هذه الدُّول بما يلي:
- إنشاء وحداتٍ جنائيَّةٍ مُتخصِّصة بذلك.
- إصدار قانون خاص بعقوباتِ جريمة غسل الأموال، ويطلقُ عليه اسمُ قانون مُكافحة غسل الأموال.
- فرضت على البنوك سياسات صارمة فيما يتعلق بمتطلبات معرفة العميل، والتي تشمل متطلبات تفصيلية للتعرف إلى والتحقق من هوية وبيانات العملاء.
- بناء القدرات من خلال ورش عمل لمكافحة غسل الأموال وتشجيع البرلمانيين على الاستيعاب الجيد لإطار الممارسات المتطورة لغسل الأموال، فضلاً عن المبادرات الدولية لمكافحتها وبخاصة الوسائل التي يمكن للبرلمانيين أن يستعينوا بها استعانةً فعالةً في تلك المعركة.
- إقامة علاقات تعاون مع وكالات دولية خبيرة للتيقن من الإلمام الجيد بما يستطيع أن يقدِّمه البرلمانيون من قيادة سياسية ودعم لمبادرات مكافحة غسل الأموال التي تنفذِّها تلك الوكالات.
- وضع خطط العمل؛ ومنها تطوير الخطط الدولية والإقليمية للبرلمانيين المهتمين بتحسين الممارسات ضد غسل الأموال في بلادهم ومناطقهم.
- الاستفادة من خبرات البرلمانيين الذين انخرطوا في مبادرات مكافحة الفساد لتحسين أدائهم في المجال ذاته.
- مواكبة التحقيقات العالمية في جرائم غسل الأموال.
- إشراك المجتمع المدني بالتوعية بخطر هذه الجرائم.
- إعطاء وكالات التحقيق سلطة تعقب الأصول المتأتية من الجرائم الجنائية وضبطها ومصادرتها في نهاية المطاف؛ وبناء الإطار اللازم للسماح للوكالات المعنية بتبادل المعلومات فيما بينها ومع نظيراتها في البلدان الأخرى.
نجد اليوم أنَّ غسل الأموال قد وصل إلى أبعادٍ مُرَوِّعة؛ وأنَّ زيادة كمية الأموال المغسولة كل يوم تزيد من قوة التنظيمات الإجرامية سياسياً وهيمنتها على مؤسسات الدولة، ومن ناحية أخرى فإنَّ غسل الأموال يؤثِّر سلباً في الاقتصادات الوطنية.
لذلك فإنَّ مكافحة غسل الأموال أمر حيوي، والجهات التنظيمية العالمية مثل مجموعة العمل المالي (FATF) والاتحاد الأوروبي (UE) لديها بعض الاحتياطات والتوجيهات، ومعظم البلدان مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة لديها أيضاً قوانين مكافحة غسل الأموال الخاصة بها.
ووفقاً للوائح المنظمين فإنَّ أي أنشطة مشبوهة يجب إرسالها إلى السلطة المسؤولة بعد اكتشافها والتقرير عنها.
أضف تعليقاً