زيادة الإنتاجية: الدليل الكامل لإحداث طفرة في حياتك

معظم الناس دائمو الانشغال؛ ولكنَّ نسبة صغيرة منهم فقط منتجون بالفعل؛ فالأشخاص المنتجون ينجزون الكثير من المهام مقارنة بالآخرين، كما أنَّهم يواجهون ضغوطات أقل ويكونون أكثر قدرة على إدارة وقتهم وطاقتهم؛ ونتيجة لذلك يُحقِّقون المزيد من النجاح ويحصلون على المزيد من الفرص.



إذاً، ما هو الشيء المختلف الذي يفعلونه بالضبط دوناً عن معظم الناس الآخرين؟ وكيف يمكنك استخدام استراتيجيات تعزيز الإنتاجية هذه؟ في دليلنا هذا ستتعلم المهارات الأساسية لتبلغ إنتاجيتك أقصاها، وتنخفض نسبة الضغط والإرهاق اللَّذَين تعاني منهما.

ما هي الإنتاجية؟

لدينا جميعاً مقدار الوقت ذاته في اليوم والسنة، ومع ذلك، الطريقة التي تستخدم بها وقتك هي التي تُحدِث فارقاً كبيراً في جودة حياتك؛ حيث تُشير الإنتاجية عموماً إلى زيادة إنتاجك خلال إطار زمني مُعيَّن؛ مما يعني أنَّك إذا كنتَ منتجاً بدرجة عالية، فيمكنك ببساطة إنجاز المزيد ضمن هذا الإطار الزمني.

على الرغم من نجاح هذا التعريف من قبل، إلَّا أنَّه يفتقر اليوم إلى عامل إضافي هام، فبما أنَّنا ابتعدنا على مر السنين عن المهام الرتيبة ونقوم الآن بالعديد من الأمور المختلفة، فقد أصبح لدينا المزيد من العمل الذي يتعيَّن علينا إنجازه؛ ونتيجة لذلك بِتنا أكثر انشغالاً، ولكنَّ الانشغال لا يعني أبداً أنَّك مُنتِج.

لذا، التعريف الأفضل للإنتاجية هو إنجاز المزيد من الأمور الهامة بالفعل، فكلَّما أصبحنا أكثر انشغالاً، ازدادت أهمية التركيز في الأمور الهامة، ويبدو أنَّ هذا هو التحدي الأكبر لزيادة الإنتاجية في وقتنا الحاضر، ولفهم كيفية زيادة إنتاجيتك إلى أقصى حد، عليك أن تُحيط علماً بالعوامل الهامة التي تؤثر فيها.

العوامل الرئيسة للإنتاجية:

لماذا يكون بعض الناس أكثر إنتاجية من غيرهم؟ إنَّه من الأسئلة التي يُعَدُّ طرحها على النفس جيداً؛ حيث يكمن فيه العديد من الإجابات لتحسين الإنتاجية الشخصية.

1. الدافع:

تحديد الأسباب التي تدفعك إلى القيام بالأمور التي تفعلها هو عامل هام لتعزيز الإنتاجية؛ حيث يؤدي ذلك إلى مزيد من المشاركة والتفاعل في المهام التي تُنجزها، كما أنَّه سببٌ آخر لفعل شيء تشعر بالشغف تجاهه، أو على الأقل العثور على شيء يمنحك شعوراً بالرضى.

بالإضافة إلى ذلك، تُعَدُّ المكافآت عاملاً آخر من العوامل التي تمدك بالدوافع الشخصية؛ إذ تُظهِر إحدى الدراسات أنَّ هناك علاقة إيجابية تربط بين المكافآت وتحفيز الموظفين، بالطبع، يمكنك أيضاً استخدام المكافآت في حياتك الشخصية لتحسينِ إنتاجيتك.

إقرأ أيضاً: 6 طرائق بسيطة لإيجاد الدافع في حياتك اليومية

2. الطاقة:

تُعَدُّ الطاقة من أهم العوامل عندما يتعلق الأمر بالإنتاجية؛ فإذا كنت تشعر غالباً بالتعب، وتعاني من انخفاض مستويات الطاقة، فلن تنجز الكثير من المهام؛ لذا إدارة طاقتك من أهم الأمور التي تعزز الإنتاجية، لا سيما في عالم يغدو أكثر انشغالاً؛ فهذا هو السبب الذي يجعل أخذ إجازة أكثر الأمور إنتاجية التي يمكنك القيام بها.

3. الشخصية:

تؤثر بعض سمات الشخصية في الإنتاجية، على سبيل المثال: تُظهِر تجربة أُجرِيَت أنَّ التمتُّع بمستويات عالية من الوعي يؤدي إلى إنتاجية أفضل، كما يُظهِر هذا البحث كيف تؤثِّر العصابية سلباً في الأداء.

4. بيئة العمل:

من أكبر الأسباب التي تجعل الناس غير قادرين على التركيز هي مصادر التشتيت، وتوجد الكثير من الأدلة التي تُثبِتُ أنَّ عوامل التشتيت تدمر إنتاجيتك، على سبيل المثال: يستغرق المرء 23 دقيقة و15 ثانية للعودة إلى الإنتاجية الكاملة بعد تشتُّت انتباهه؛ مما يؤدي إلى تضييع الكثير من الوقت، على الرغم من أنَّك ربما لم تقضِ سوى دقيقتين فقط في مراسلة صديقك أو قراءة بريد إلكتروني "هام".

كما يُفقِدُك التشتيت لذة معايشة حالة "التدفق الذهني" (flow state)، والتي تُشير إلى التجربة التي تشعر بأنَّ كل شيء يسير فيها بيُسر ومرح؛ لذا أَعِدَّ بيئتك بطريقة تنخفض فيها نسبة تشتت انتباهك إلى أقصى حد، وهذا يشمل جميع النوافذ المنبثقة على أجهزتك.

5. التخطيط:

يؤدي التخطيط دوراً هاماً في تحقيق المستويات المثلى للإنتاجية؛ فكلَّما نظمتَ نفسك ومهامك بصورة أفضل، كان من السهل عليك الحفاظ على تركيزك وإنتاجيتك، كما يُعَدُّ التخطيط للمكافآت وإعداد بيئة العمل جزءاً من التخطيط، ولكن عليك أيضاً ترتيب المهام وفق الأولويات كي تتمكن من التركيز في أهمها.

إقرأ أيضاً: التخطيط الفعال: ما هي خطواته؟ وكيف يمكن تحقيق النجاح من خلاله؟

6. الفردية:

أكبر اعتقاد خاطئ ينتشر بين معظم الناس هو أنَّ النصيحة التي تناسب شخصاً، لا بدَّ وأن تناسب الآخرين أيضاً، ولسوء الحظ يستسلم الكثير من الناس فور إحساسهم بأنَّ الأمر لا ينجح، فتراهم يقولون: "ألا ليته كان أسهل!" فنادراً ما تجد الاستراتيجية المناسبة لتعزيز الإنتاجية على الفور؛ لذا عليك تجربة بعضها واختبارها للعثور على الاستراتيجية المثالية التي تتناسب مع ما تفضله.

دليل عمل سهل لتعزيز الإنتاجية:

ما هو الفارق الأكثر أهمية بين الأشخاص ذوي الإنتاجية العالية وغيرهم من الناس؟ الإجابة سهلة للغاية؛ فالأشخاص الناجحون يتبعون مجموعة أفضل من العادات والأنظمة لمساعدتهم على التركيز فيما هو أكثر أهمية، كما يتَّخذون إجراءات روتينية تساعدهم على إدارة وقتهم والحفاظ على طاقتهم؛ أي بعبارة أخرى، إذا حسَّنتَ نفسك وجرَّبت أنظمة وعادات مختلفة، فسوف تصل إنتاجيتك قريباً إلى أقصاها.

سيساعدك هذا النظام السهل المكون من 5 خطوات على البدء بتلك الرحلة:

1. تحديد ما عليك التركيز فيه:

الخطوة الأولى هي تحديد ما يهم؛ وللقيام بذلك بفاعلية حدِّد النتائج التي تريد تحقيقها بدقة، ثم اسأل نفسك عن سبب أهمية هذه النتائج بالنسبة إليك، فكلَّما اتَّضح ما تريده ولماذا تريده أكثر، كان من السهل أن تحافظ على حماستك وإنتاجيتك.

أما بالنسبة إلى حياتك الشخصية، فأفضل نقطة لتبدأ بها هي أهدافك وأحلامك ورغباتك؛ فهي أكبر الدوافع الشخصية التي يمكن أن يمتلكها المرء، وبالنسبة إلى المهام الصغيرة واليومية يمكن أن يساعدك إنشاء مصفوفة على تحديد الأولويات وما يجب التركيز فيه؛ حيث يمكنك من خلالها تصنيف المهام وفق أهميتها ودرجة إلحاحها، ثم تقضي 80% من وقتك في إنجاز مهام هامة وعاجلة في الوقت ذاته، وتذكَّر أنَّ تحديد ما يجب التركيز فيه يعني أيضاً أنَّك تعرف ما لا يجب التركيز فيه، فإذا كان تحديد تلك النشاطات سيساعدك، فمن الجيد القيام بذلك؛ فكلَّما ركزت فيما هو هام أكثر، ازدادت قدرتك على إدارة وقتك.

2. الاستعداد ليومك:

يساعدك التخطيط ليومك على تخفيف التسويف والتخلُّص من المشتتات؛ إذ إنَّ معرفة ما يجب فعله بالضبط يوفر طاقتك الذهنية، والتي يمكنك الاستفادة منها بعد ذلك في إنجاز المهمة بدلاً من ذلك.

إحدى طرائق التخطيط هي تحديد أهدافك لليوم التالي في الليلة السابقة؛ كإعداد مكتبك حيث يمكنك المباشرة بالعمل في اليوم التالي على الفور أو تجهيز ملابسك إذا كنتَ تنوي الخروج في الصباح.

كما يُعَدُّ تخصيص وقت للعمل على مهمة طريقة أخرى للاستعداد؛ أولاً ضع هاتفك في وضع الطيران خلال هذا الوقت، ومن ثم استخدم تطبيقات لتعزيز الإنتاجية إذا وجدتَ ذلك مفيداً؛ فإذا تمكنت من تطوير هذه العادة بمفردك، فستلاحظ ارتفاعاً كبيراً في إنتاجيتك بالفعل.

3. إنجاز المهام:

الفكرة من هذه الخطوة سهلة جداً؛ فبعد تحديد تركيزك والاستعداد المناسب حان الوقت للعمل على المهمة؛ لذا خصِّص بعض الوقت واعمل عليها حتى تنتهي منها؛ حيث لا يستطيع أن يركز معظم الناس في مهمة ما أكثر من 45 دقيقة؛ لذا إذا كانت مهمتك ستستغرق وقتاً أطول من ذلك، فاحرص على جدولة بعض فترات الراحة القصيرة.

لقد ذكرنا آنفاً أهمية المكافآت في التحفيز؛ إذ يمكن أن تكون تلك الاستراحة القصيرة بمنزلة المكافأة، وتأكَّد أيضاً من أخذ فترات راحة أكبر إذا كنت تعمل لمدة تزيد عن 3 ساعات على المهمة؛ حيث تساعدك على الحفاظ على طاقتك حتى تنجز المزيد.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لمكافأة موظفيك دون أي تكلفة

4. التفكُّر والتعلُّم:

يبدأ معظم الناس ويتوقفون عند الخطوة الثالثة؛ وعندما لا يبدو أنَّ الأمر ينجح - بما في ذلك استراتيجيات تعزيز الإنتاجية - تراهم يستسلمون، والأسوأ من ذلك أنَّهم قد يقنعون أنفسهم بأنَّهم غير منتجين، لكنَّ ذلك ليس صحيحاً؛ حيث يمكن أن يصبح الجميع أكثر إنتاجية.

كما ذكرنا آنفاً، على الرغم من نجاح العديد من استراتيجيات تعزيز الإنتاجية، إلَّا أنَّك لا تزال بحاجة إلى تعديلها وفقاً لاحتياجاتك، على سبيل المثال: يمكن لشخص التركيز في مهمة لمدة 45 دقيقة فقط، ثم يحتاج إلى أخذ استراحة قصيرة بعد ذلك، ولكن قد تجد أنَّك تستطيع الاستمرار في العمل لـ 75 دقيقة وتأخذ استراحة بعدها؛ فالناس يختلفون ولكن ينسى الكثير منا ذلك طوال الوقت؛ ففي الحياة عليك اختبار وتجربة الأمور دائماً، لتلتزم بعدها بتلك التي تنجح، وتتخلص من الباقي.

5. إعادة شحن طاقتك:

أحياناً يكون أكثر الأمور إنتاجية هو عدم القيام بأي شيء على الإطلاق؛ إذ إنَّ السعي الجاد إلى تحقيق أحلامك شيء رائع، وقد يتطلب الأمر العمل الدؤوب على مدار الساعة في بعض الأحيان، ولكنَّ العمل الجاد باستمرار دون تجديد طاقتك أمر كارثي؛ فدون خلق التوازن المناسب بين العمل والراحة ستنفد طاقتك، وتبقى مُرهَقاً طوال الوقت؛ مما قد يؤدي إلى إصابتك بالاكتئاب.

إذا كنتَ تريد السيطرة على وقتك وإنتاجيتك، فأَدِر طاقتك؛ حيث تزيد إنتاجية المرء كلَّما أخذ فترات راحة مناسبة أكثر، على الرغم من أنَّ الراحة قد تبدو غير مثمرة إلَّا أنَّ لها تأثيراً معاكساً، فوجود توازن بين العمل والراحة يجعلك أكثر سعادة؛ مما يساعدك على تحقيق المزيد على الأمد الطويل.

أفضل 3 استراتيجيات لتعزيز إنتاجيتك:

الآن بعد أن علمتَ الخطوات الأساسية لتبلغ إنتاجيتك أقصاها، حان الوقت لمناقشة بعض الاستراتيجيات الشائعة، ولكن ضع في الحسبان أنَّه عليك أن تمنح نفسك الوقت لاختبارها وتعديلها بما يناسبك، وعندما تجد استراتيجية فعالة، عدلها بما يناسب احتياجاتك الخاصة وحسِّنها لجعلها أفضل بالنسبة إليك.

دعنا نناقش الاستراتيجية الأولى:

1. التهام الضفدع:

"التهم هذا الضفدع" (Eat That Frog) هو كتاب شهير عن الإنتاجية من تأليف "براين تريسي" (Brian Tracy)، ويشرح مفهوماً سهلاً: إنجاز أصعب مهمة وأكثرها تأثيراً أولاً في الصباح، وهذه النصيحة سهلة لكنَّها فعالة من نواح مختلفة.

أولاً: إذا كنتَ شخصاً يحب الاستيقاظ باكراً، فيمكنك العمل على أهم مهمة لديك بينما لا يزال بقية الناس نيام، وليس هناك من يشتتك عموماً، وثانياً: تتمتع بكامل طاقتك وقوة إرادتك في الصباح الباكر، وتُستَنفد هذه الطاقة مع مرور اليوم، وبالطبع يختلف وضع كل شخص عن غيره؛ لذا من الهام أن تضع وضعك واحتياجاتك في الحسبان.

إذا كنتَ تعمل في وظيفة تتطلب منك الإبداع، فقُم بعملك الأكثر إبداعاً أولاً، أو إذا كنتَ تعمل بصورة أفضل في المساء، فاستفد من ذلك الوقت للعمل على أهم مهمة لديك؛ لذا حدد ما تُفضِّله، وخصِّص يومك بطريقة تفيدك.

2. تخصيص وقت معيَّن للتركيز:

الاستراتيجية الثانية هي تخصيص إطار زمني محدَّد للقيام بعملك الأكثر إنتاجية؛ فإذا كنتَ شخصاً يستيقظ باكراً، ستتوافق هذه الاستراتيجية مع سابقتها، ولكنَّ الأمر الجيد هو أنَّه يمكنك جدولة هذه الفترة في أي وقت من يومك أو حتى في أوقات مختلفة؛ فالأمر يتوقف على ما هو أفضل بالنسبة إليك.

ننصحك بجدولة فترة التركيز في الوقت ذاته دائماً؛ فبهذه الطريقة يمكنك أيضاً اكتساب عادة الإنتاجية؛ مما يوفر عليك نصف عملية التحضير تلقائياً، فكلَّما استعددت أكثر، زادت إنتاجيتك.

كما سيسهل على الآخرين معرفة متى تريد التركيز؛ فإذا كنتَ تخصص كل يوم وقتاً من الساعة 8 وحتى 11 صباحاً مثلاً، فسيعتادون على ذلك.

3. تقنية الطماطم:

ربما سمعت عن تقنية الطماطم أو "بومودورو" (Pomodoro) وعلى الرغم من أنَّها تقنية سهلة لإدارة الوقت، إلَّا أنَّها قد تضاعف إنتاجيتك؛ الفكرة هي اختيار مهمة، ثم ضبط مؤقِّت لمدة 25 دقيقة؛ حيث تعمل خلالها على مهمتك دون التعرُّض إلى أيِّ عوامل تشتيت، وبعدها تأخذ استراحة قصيرة لمدة 5 دقائق، وهو الوقت المناسب لتناولِ كوب من الشاي أو قضاء حاجة أو القيام ببعض تمرينات التمدد، ولنفترض أنَّها بمنزلة جولة أولى.

ما إن تنتهي من ثلاث جولات، خذ استراحة أطول لحوالي 30 دقيقة، ثم كرر العملية؛ حيث يُحقِّق الكثير من الأشخاص نتائج رائعة بهذه الطريقة، ولكن كما ذكرنا عليك تجربة الأمر بنفسك، على سبيل المثال: استخدمَ كاتب المحتوى التسويقي "يوجين شوارتز" (Eugene Schwartz) طريقة مماثلة، ولكنَّه ضبط المؤقت على 33 دقيقة و33 ثانية، فهل يمكننا عَدَّه أفضل أسلوب؟ بالطبع لا، لكنَّه ينجح معه.

تطرَّقنا في هذا المقال إلى التعاريف المتوفرة لمفهوم الإنتاجية، وذكرنا خطوات تساعدك على تعزيزها، وتعرَّفنا إلى أفضل الاستراتيجيات التي يتبعها الناجحون لزيادة إنتاجيتهم، في النهاية يجب أن تعلم أنَّ المسألة نسبية، وأنَّ ما ينفع الآخرين قد لا ينفعك، والعكس صحيح، فكن طبيب نفسك واختر ما يناسبك.

المصدر




مقالات مرتبطة