رهاب فقدان الهاتف المحمول (النوموفوبيا): أعراضه، وطرق علاجه

لعلَّنا سمعنا كثيراً من الجمل التي تدل على تعلق الشخص بهاتفه المحمول، ممَّن يُصنِّفون أنفسهم على أنَّهم من أنصار عصر التكنولوجيا والتغيير، من دون أن ينتبهوا لإصابتهم بحالة خطيرة من الرهاب، تدعى برهاب فقدان الهاتف المحمول، والتي تجعلهم بحالة من المشاعر السلبية والضياع والتشتت.



وتدل على هذه الحالة عبارات من قبيل:

  • "آه، اعذرني عليَّ العودة إلى المنزل حالاً، لا أستطيع الاستمرار في هذه النزهة؛ إذ إنَّي قد نسيت هاتفي الجوال في المنزل، وعليَّ العودة لأجله".
  • "هل أنت منطقي؟ هل من المعقول إدخال جهازك المحمول إلى الحمام؟".
  • "أشعر بالضياع، وعدم التركيز، والتشويش، في حال نسياني هاتفي المحمول في المنزل".
  • "لا أشعر بمتعة الحديث الذي يدور بين الناس في أثناء تواجدي بينهم، ولكنِّي أكون في قمة سعادتي عندما أتواصل مع أصدقائي من خلال شاشة الهاتف المحمول".
  • "أول فعل أقوم بعد الاستيقاظ، هو التقاط هاتفي المحمول، وتصفح الرسائل وإشعارات مواقع التواصل الاجتماعي الواردة إليَّ".
  • "لا أجد متعة لشيء ما لم يكن هاتفي المحمول بحوزتي وبين يديَّ".

هذه الجمل وغيرها الكثير تدل على تعلق قائلها بهاتفه المحمول إلى حد الإدمان، لذا فإنّ مدار حديثنا في هذا المقال سيكون حول النوموفوبيا أو ما يعرف برهاب فقدان الهاتف المحمول.

النوموفوبيا:

هي اختصار للجملة (NO MObile phone Phobia)، وهي حالة نفسية يمرُّ بها الشخص المتعلق بالهاتف المحمول تعلُّقاً مرضياً، بحيث يخاف بشدة ويضطرب ويصاب بالفزع في حال فقدانه هاتفه المحمول، وكأنَّ استقراره النفسي والشعوري مرتبط ارتباطاً وثيقاً به، فقد اكتشفت شركة الأبحاث ودراسات السوق "يوجوف" البريطانية في عام 2008 هذا الرُّهاب، وذلك في أثناء إجرائها لبحث معيَّن يدرس مدى المعاناة النفسية التي تصيب مستخدمي التكنولوجيا، في حال ابتعاد الوسائل التكنولوجية عنهم.

ماهي أعراض النوموفوبيا؟

1. الذعر الشديد في حال اختفاء الهاتف المحمول:

يخسر مريض النوموفوبيا هدوءه وسلامه الداخلي، ويدخل في حالة شعورية غاية في السوء، في حال فقدانه الفعلي لجهازه المحمول، أو لمجرد تفكيره في احتمالية اختفاء جهازه المحمول أو ضياعه، كما يكون على استعداد لإيقاف أي نشاط يقوم به، مهما كانت درجة أهميته ومتعته، والعودة إلى منزله في حال اكتشافه نسيان جهازه المحمول في المنزل.

2. اصطحاب الجهاز المحمول إلى كل مكان:

يصطحب مريض النوموفوبيا جهازه المحمول معه إلى كل الأماكن، حتى إلى الأماكن التي لا يجوز إدخال جهاز محمول إليها؛ كالمرحاض أو غرفة الاستحمام.

3. عدم مقاومة الإشعارات:

لا يستطيع مريض النوموفوبيا مقاومة إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي، فيكون على استعداد للتخلي عن أي عمل يقوم به في سبيل الرد على الإشعارات والرسائل الواردة إليه.

4. التأكد من البطارية:

يعيش مريض النوموفوبيا في حالة قلق دائم على بطارية الجهاز المحمول خاصته، فتجده دائم المراقبة لها، بحيث يضطرب ويصاب بالهلع الشديد في حال نفادها بينما يكون خارج المنزل؛ الأمر الذي يعني انقطاعه عن العالم الافتراضي الذي يعشقه، ولا يستطيع التنفس من دونه، وغالباً ما يلجأ مريض النوموفوبيا إلى شراء بطارية إضافية لهاتفه المحمول، من أجل عدم تعرُّضه لأيِّ موقف من المواقف التي يصنفها على أنَّها صعبة وقاسية.

5. عدم الإصغاء:

يميل مريض النوموفوبيا إلى عدم الإصغاء والاستماع إلى حديث الناس من حوله، ويواظب على استخدام جهازه المحمول في أثناء وجوده مع الناس؛ الأمر الذي يصنع حاجزاً بينه وبين الآخرين.

6. الالتزام الكبير بالهاتف المحمول:

يبدأ مريض النوموفوبيا يومه بالتقاط جهازه المحمول، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يُنهِي يومه بذاك التصرف نفسه، كما ويواظب خلال يومه على الفعل نفسه، ويكون محور أحاديثه عن الهاتف المحمول، وما تحمله مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار.

شاهد بالفديو: 8 طرق للتخلص من إدمان الهاتف الذكي

ماهي مضاعفات أعراض النوموفوبيا؟

1. التوتر والقلق الدائمان:

تؤدي حالة الخوف من فقدان الجهاز المحمول، والحرص الشديد عليه، والتأكد من البطارية والإشعارات والرسائل على مدار الساعة، إلى الإصابة بحالة من التوتر الدائم، فيخسر المريض الراحة والهدوء.

2. الانعزالية والانطوائية:

يتعرَّض مريض النوموفوبيا إلى حالة من الانعزالية؛ وبسبب بعده عن العلاقات الاجتماعية الطبيعية، وتركيزه على العلاقات الافتراضية من وراء شاشات الهاتف المحمول.

3. تدهور الصحة:

يتعرَّض جسد مريض النوموفوبيا لكثير من الأمراض، مثل السكري والضغط والقولون العصبي، وذلك بسبب تراكم التوتر والضغط العصبي، ووجود حالة من اضطرابات النوم؛ حيث يستيقظ المريض خلال ساعات الليل لرؤية المستجدات الحاصلة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن جهة أخرى، يصاب دماغ المريض بالأذية؛ وذلك بسبب الموجات الكهرومغناطيسية الناتجة عن الهاتف المحمول، الذي يبقى بقربه على مدار الساعة، وفي وقت النوم.

إقرأ أيضاً: 8 إرشادات للحفاظ على الصحة والتمتع بجسم سليم

ماهو علاج النوموفوبيا؟

1. الوعي:

على مريض النوموفوبيا استبصار حالته المرضية، والانتباه لتعلُّقه المرضي بالهاتف المحمول، والذي يُخسره صحته النفسية والجسدية، ويؤثر سلباً في علاقاته ومحيطه الاجتماعي.

2. النشاطات:

على مريض النوموفوبيا السعي إلى إملاء وقته بالأنشطة المفيدة، كأن يخضع لدورات تدريبية تعمل على صقل مهاراته في مجال ما، أو يشارك في أنشطة مجتمعية سياحية؛ حيث يساعده هذا الأمر على التخفيف من حدة إدمان الجهاز المحمول.

إقرأ أيضاً: 9 نشاطات تستطيع ممارستها في العطلة لتنعم ببداية أسبوع حافلة بالإنتاجية

3. المنبه الطبيعي:

يجب على الشخص وضع الجهاز المحمول في غرفة أخرى خلال وقت نومه، وذلك كي يبتعد عن التأثير السلبي لموجاته الكهرومغناطيسية، ويمكن له أن يستخدم المنبه الطبيعي للاستيقاظ بدلاً من منبه الجهاز المحمول.

4. التنظيم:

على الشخص وضع نظام معيَّن لاستخدام الهاتف المحمول؛ وذلك من خلال تخصيص أوقات محددة لاستخدامه، كأن يستخدمه خمس دقائق كل ساعة، ويقوم الشخص بمعاقبة نفسه في حال خرق المدة المسموحة، أو يطلب مساعدة شخص مقرب يثق به في هذه الحالة.

5. العمق:

اسأل نفسك: "ما الأهم الآن، مستقبلي ورسالتي في الحياة وتحقيق شغفي، أم الرد على رسائل أصدقائي في مواقع التواصل الاجتماعي؟"؛ سيشعر عقلك بالخجل وسيجيب الجواب الأكثر منطقية وتوازناً، ويقول لك: "بالتأكيد شغفك هو الأهم"؛ الأمر الذي سيساعدك على العودة لعقلانيتك وهدوئك.

6. المواجهة:

يعاني أغلب مدمني الأجهزة المحمولة من صعوبة التصالح مع الذات؛ إذ يهربون من ذواتهم عبر التعلُّق المرضي بالعالم الافتراضي، وكان لزاماً على أولئك، مواجهة مخاوفهم وأحزانهم، والعمل على تحليلها وتجاوزها، بدلاً من الهروب منها وإنكارها.

7. التدريب، التعرض التدريجي لفقدان الجهاز:

درِّب نفسك على الخروج من المنزل من دون جهازك المحمول، كأن تخرج إلى الرياضة من دونه؛ أي إنَّ عليك أن تتحرر من ارتباطك المرضي به.

8. المفاضلة، العلاج المعرفي السلوكي:

فاضِل ما بين النتائج التي تحصل عليها من جراء استخدامك المفرط لهاتفك المحمول وخوفك الشديد على فقدانه، وما بين التكاليف التي تدفع ثمنها جراء إدمانك المرضي هذا؛ ستجد أنَّ التكاليف التي تدفعها باهظة جداً، ولا تتناسب مع ما تتلقاه، فأنت تخاطر بصحتك العقلية والجسدية، وتخاطر برسالتك في الحياة وأهدافك، في سبيل الحصول على متعة مؤقتة وهمية لا معنى لها.

9. السيناريو الأسوأ:

تخيَّل السيناريو الأسوأ، وهو فقدان جهازك المحمول، وقل: "لا بأس، يكفي أنَّني بخير، أمَّا عن هاتفي فباستطاعتي البقاء من دونه ريثما أحصل على هاتف جديد".

الخلاصة:

لا تكن عبداً لأي شيء في الحياة، إلَّا لله عزَّ وجلَّ، فحالة العبودية تُضعِفك وتُخسِّرك نفسك ورسالتك، وتُرهِقك نفسياً وجسدياً؛ أمَّا عبادة الله فترفعك، وتصقل شخصيتك، وتنمِّي داخلك، وتطور قيمك.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة