دور الحبوب المُنومة في الخرف

تُعَدُّ اضطرابات النوم حالة منتشرة، وغالباً ما يكون من الصعب إدارتها وتؤثر في ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وتُعَدُّ الحبوب المُنوِّمة واحدة من أكثر العلاجات الموصوفة شيوعاً لاضطرابات النوم؛ فيعتمد العديد من الأفراد على هذه الأدوية لتحسين نوعية النوم.



إلَّا أنَّ الدراسات الحديثة قد أشارت إلى أنَّ الحبوب المُنوِّمة قد تزيد من خطر الإصابة بالخرف وغيره من المشكلات الإدراكية؛ وهذا يؤدي إلى مخاوف بشأن سلامة وفاعلية هذه الأدوية؛ لذلك في هذا المقال سوف نستكشف دور الحبوب المُنوِّمة في الخرف؛ ومن ذلك عوامل الخطر المحتملة والآليات الأساسية والعلاجات البديلة، ومن خلال فهم الالتباسات المتعلقة بهذا الموضوع يمكن للأفراد اتِّخاذ قرارات صائبة بشأن صحة نومهم ورفاههم بشكل عام.

لمحة عن الحبوب المُنوِّمة ودورها:

الحبوب المُنوِّمة المعروفة أيضاً باسم المنومات هي أدوية مُصمَّمة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم على النوم والاستمرار في النوم لوقت جيِّد، وتأتي هذه الأدوية في أشكال مختلفة مثل الأقراص والكبسولات والسوائل، وعادةً ما يتم وصفها من قِبَل مقدمي الرعاية الصحية لعلاج حالات مثل الأرق وتوقُّف التنفُّس السريع في أثناء النوم.

في حين أنَّ الحبوب المُنوِّمة يمكن أن تكون فعَّالة في تعزيز النوم، إلَّا أنَّها تأتي أيضاً بمخاطر وآثار جانبية محتملة، فقد وجدَت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة JAMA Neurology أنَّ استخدام الحبوب المُنوِّمة قد يزيد من خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن، وأشارت دراسة أخرى نُشِرَت في المجلة الطبية البريطانية إلى أنَّ الأفراد الذين يستخدمون الحبوب المُنوِّمة هم أكثر عرضة للإصابة بالسرطان على الرغم من أنَّ ثمة حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد هذا الارتباط.

على الرغم من هذه المخاطر، لكنْ ما تزال الحبوب المُنوِّمة شائعة بين الأفراد الذين يعانون من اضطرابات النوم، ففي الواقع وجدَت دراسة استقصائية أجرتها مجلة Consumer Reports أنَّ 20% من البالغين في الولايات المتحدة أفادوا باستخدامهم لأدوية تساعد على النوم دون وصفة طبية خلال العام الماضي.

من الهام للأفراد الذين يفكرون في استخدام الحبوب المُنوِّمة أن يكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة وأن يتَّخذوا قرارات مستنيرة بشأن استخدامها، وقد يتضمن ذلك التشاور مع مُقدِّم الرعاية الصحية واستكشاف العلاجات البديلة مثل العلاج المعرفي السلوكي أو تقنيات الاسترخاء.

بشكل عام في حين أنَّ الحبوب المُنوِّمة يمكن أن تكون مفيدة لبعض الأفراد، لكنْ من الهام أن تزن الفوائد المحتملة مقابل المخاطر واتِّخاذ القرارات التي تعطي الأولوية للصحة والرفاهية على الأمد الطويل.

معلومات عن الخرف:

الخرف هو متلازمة تؤثِّر في الدماغ ويمكن أن تسبِّبَ مشكلات في الذاكرة والتفكير والسلوك والتواصل، إنَّها حالة تقدمية تزداد سوءاً مع مرور الوقت، ويمكن أن تؤثِّر بشكل كبير في نوعية حياة الشخص.

يمكن أن ينتج الخرف عن مجموعة متنوعة من العوامل؛ مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية، ويمكن أن تختلف أعراض الخرف اعتماداً على السبب الأساسي ولكنَّها غالباً ما تشمل النسيان والارتباك وصعوبة اللغة وتغييرات في المزاج والسلوك.

يُعَدُّ الخرف مصدر قلق متزايداً في جميع أنحاء العالم؛ فيعيش ما يُقدَّر بنحو 50 مليون شخص مع هذه الحالة على مستوى العالم، ومن المُتوقَّع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2050؛ وهذا يسلِّط الضوء على الحاجة إلى علاجات فعَّالة واستراتيجيات وقائية.

أَظهرَت الأبحاث أنَّه قد توجد صلة بين استخدام الحبوب المُنوِّمة وزيادة خطر الإصابة بالخرف، وقد وجدَت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة JAMA Neurology أنَّ الأفراد الذين استخدَموا بعض الأنواع المعينة من الحبوب المُنوِّمة - مثل البنزوديازيبينات - كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 51% مقارنةً بمن لم يستخدموا هذه الأدوية.

هذا الارتباط بين الحبوب المُنوِّمة والخرف مثير للقلق ويسلِّط الضوء على حاجة الأفراد إلى إدراك المخاطر المحتملة المرتبطة بهذه الأدوية، وكما يؤكِّد على أهمية إيجاد علاجات فعَّالة لاضطرابات النوم لا تحمل نفس مخاطر الحبوب المُنوِّمة.

يُعَدُّ فهم الخرف وأسبابه أمراً هاماً للأفراد ومقدمي الرعاية الصحية على حد سواء، فمن خلال فهم أفضل لهذه الحالة يمكننا العمل على تطوير استراتيجيات فعَّالة للوقاية والعلاج.

شاهد بالفديو: هل تنام أقل من سبع ساعات؟ هذه الأمراض تنتظرك

كيف تؤثِّر الحبوب المنوِّمة في الدماغ؟

تعمل الحبوب المُنوِّمة عن طريق تغيير كيمياء الدماغ لتعزيز الاسترخاء والنوم، وتستهدف عادةً الناقل العصبي حمض جاما أمينوبوتيريك (GABA) والذي يشارك في تنظيم النوم والقلق.

مع ذلك يمكن أن تكون لاستخدام الحبوب المُنوِّمة على الأمد الطويل آثار سلبية في الدماغ؛ فعلى سبيل المثال أشارت بعض الدراسات إلى أنَّ استخدام البنزوديازيبينات - وهو نوع من الحبوب المُنوِّمة - قد يؤدي إلى التدهور المعرفي وزيادة خطر الإصابة بالخرف مع مرور الوقت.

إضافة إلى ذلك يمكن أن تتداخل الحبوب المُنوِّمة مع دورات النوم الطبيعية للدماغ وتؤدي إلى مجموعة من الآثار الجانبية؛ مثل النعاس والدوخة وضعف التنسيق، ويمكن أن يكون هذا خطيراً بشكل خاص على كبار السن الذين قد يكونون أكثر عرضة للسقوط والحوادث الأخرى.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ الحبوب المُنوِّمة يمكن أن تتسبَّب بالإدمان مع مرور الوقت، وهذا يمكن أن يجعل من الصعب على الأفراد التوقُّف عن استخدام هذه الأدوية حتى لو كانوا يعانون من آثار جانبية سلبية أو يرغبون في استكشاف علاجات بديلة.

بشكل عام في حين أنَّ الحبوب المُنوِّمة يمكن أن تكون فعَّالة في تعزيز النوم، فمن الهام مراعاة الآثار طويلة الأمد المحتملة في الدماغ واتِّخاذ قرارات مستنيرة بشأن استخدامها، ويجب على الأفراد الذين يراودهم القلق بشأن تأثير الحبوب المُنوِّمة في صحة أدمغتهم التحدُّث إلى مقدِّم الرعاية الصحية الخاص بهم لمناقشة العلاجات أو الاستراتيجيات البديلة لتحسين نوعية النوم.

إقرأ أيضاً: 10 عادات تساهم في تدمير دماغك!

العلاجات البديلة لاضطرابات النوم:

بالنسبة إلى الأفراد المهتمين بالمخاطر المحتملة للحبوب المُنوِّمة؛ فتُوجَدُ مجموعة متنوعة من العلاجات البديلة التي قد تكون مفيدة في تعزيز النوم وتحسين نوعيته.

أحد الأساليب هو العلاج المعرفي السلوكي للأرق (CBT-I)؛ وهو نوع من العلاج بالكلام يساعد الأفراد على تحديد ومعالجة الأسباب الكامنة وراء مشكلات نومهم ويركِّز العلاج المعرفي السلوكي الأول في تغيير الأفكار والسلوكات السلبية المتعلقة بالنوم، إضافة إلى تطوير عادات وإجراءات نوم صحيَّة.

نهج آخر هو تقنيات الاسترخاء؛ مثل التأمُّل والتنفُّس العميق واسترخاء العضلات التدريجي؛ فيمكن أن تساعد هذه الأساليب على تقليل التوتر والقلق، وهما عاملان شائعان يساهمان في اضطرابات النوم.

إضافة إلى ذلك فإنَّ إجراء تغييرات في نمط الحياة مثل تقليل تناول الكافيين والكحول ووضع جدول نوم منتظم وإنشاء بيئة نوم مريحة؛ يمكن أن يكون مفيداً أيضاً في تحسين جودة النوم.

في حين أنَّ هذه العلاجات البديلة قد لا تكون سريعة المفعول مثل الحبوب المُنوِّمة، إلَّا أنَّها توفِّر نهجاً أكثر أماناً واستدامة لإدارة اضطرابات النوم، إضافة إلى ذلك يمكن استخدامها مع الأدوية بوصفها جزءاً من خطة العلاج الشاملة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح مهمة لتعزيز طاقة المخ والوقاية من الزهايمر

أهمية مناقشة أدوية النوم مع مقدم الرعاية الصحية:

نظراً للمخاطر والفوائد المحتملة لأدوية النوم؛ فمن الهام للأفراد مناقشة خياراتهم مع مقدم الرعاية الصحية قبل البدء بأي دواء أو علاج جديد.

يمكن لمقدمي الرعاية الصحية مساعدة الأفراد على فهم المخاطر والفوائد المحتملة لأدوية النوم المختلفة، إضافة إلى أيَّة تفاعلات محتملة مع الأدوية أو الحالات الصحية الأخرى، ويمكنهم أيضاً مساعدة الأفراد على استكشاف العلاجات البديلة وتغييرات نمط الحياة التي قد تكون مفيدة لتحسين نوعية النوم.

بالنسبة إلى الأفراد الذين يتناولون بالفعل أدوية النوم؛ فمن الهام مراجعة مقدم الرعاية الصحية بانتظام لمراقبة أيَّة آثار جانبية محتملة أو تغييرات في الصحة، ويمكن أن يساعد ذلك على ضمان استخدام الأدوية بأمان وفاعلية، ويمكن أن يساعد على تحديد وجود أيَّة مشكلات في وقت مبكر قبل أن تصبح أكثر خطورة.

من الهام أيضاً للأفراد التواصل بصراحة وصدق مع مُقدِّم الرعاية الصحية الخاص بهم بشأن أيَّة مخاوف أو أسئلة قد تكون لديهم عن أدوية النوم الخاصة بهم، ويمكن أن يساعد ذلك على تعزيز علاقة تعاونية بين الفرد ومقدِّم الرعاية الصحية، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل للنوم والصحة العامة.

بشكل عام تُعَدُّ مناقشة أدوية النوم مع مقدم الرعاية الصحية خطوة هامة في تعزيز الاستخدام الآمن والفعَّال لهذه الأدوية، إضافة إلى تحديد العلاجات البديلة وتغييرات نمط الحياة التي قد تكون مفيدة لتحسين نوعية النوم، ويجب على الأفراد الذين يشعرون بالقلق بشأن نومهم التحدُّث إلى مقدِّم الرعاية الصحية الخاص بهم لمناقشة الخيارات المختلفة المتاحة وإنشاء خطة علاج شخصية تلبي احتياجاتهم.

في الختام:

من الهام للأفراد التفكير في العلاجات البديلة وفي تغييرات نمط الحياة؛ مثل العلاج المعرفي السلوكي للأرق وتقنيات الاسترخاء وتأسيس عادات نوم صحيَّة؛ من أجل تعزيز جودة النوم على الأمد الطويل وتعزيز الصحة العامة، وإضافة إلى ذلك يجب على الأفراد مناقشة المخاطر والفوائد المحتملة لأدوية النوم مع مقدِّم الرعاية الصحية ومراقبة أيَّة آثار جانبية محتملة أو تغييرات في الصحة بانتظام، ومن خلال اتِّباع نهج شامل ومُخصَّص لإدارة اضطرابات النوم يمكن للأفراد تعزيز جودة نوم أفضل وتقليل مخاطر المشكلات المعرفية لديهم وفي نهاية المطاف عيش حياة أكثر صحة وسعادة.




مقالات مرتبطة