دور آراء الموظفين في نجاح العمل

يدرك المسوقون الأذكياء أنَّ استعمال استراتيجية مركزة وقوية لتجربة العملاء، يجب أن يكون أولوية، حيث ذكرت 67% من الشركات الكبيرة بأنَّها تتوقع زيادة الإنفاق على تجربة العملاء خلال عام 2017؛ فقد أدركت العلامات التجارية أخيراً أهمية الاستماع للعميل، واستعمال الأموال في أمر مفيد؛ لكنَّ هذا ما يزال غير كافٍ.



هل يتم تهميش الموظفين؟

على الرغم من أنَّ الشركات بدأت بالاستماع لعملائها، إلا أنَّها غالباً ما تتجاهل أهم الأطراف المعنية الذين يمتلكون معرفة وخبرة واسعة بالعلامة التجارية؛ الموظفون أنفسهم؛ إذ يتفق القادة معظمهم على أنَّ الموظفين المتفاعلين سفراء العلامة التجارية بحد ذاتهم، هم من يوفرون الرضى للعملاء.

لنأخذ متجر "نوردستروم" (Nordstrom) على سبيل المثال؛ ذاك المنافس القوي في مجال البيع بالتجزئة؛ إذ إنَّه يحافظ على ميزته التنافسية بالاستفادة من أثمن الموارد التي تفشل الشركات معظمها في الاستفادة منها: موظفوها. تنشر "نوردستروم" الآلاف من سفراء العلامة التجارية الذين يُعدُّون المفتاح لجعل شركتهم قادرة على المنافسة، عبر اتباع الاستراتيجية التنظيمية (خدمة العملاء) نفسها، لتطبيقها (عمل الموظفين في الشركة).

لا تتجاهل أفكار الموظفين:

تعَدِّ رواتب الموظفين من أكبر النفقات التي تتكبدها معظم الشركات، فإنَّه من غير المنطقي أن نتجاهل أفكار الموظفين التي غالباً ما تكون أكثر قيمة من آراء العملاء. لسوء الحظ، فغالباً ما يكون قسما الموارد البشرية والتسويق منعزلَين بشكل كامل في غالب الشركات؛ وهذا يدل على أنَّ قادة الأعمال ينظرون إلى الأمر من جانب واحد فقط، ومن ثمَّ يتخذون القرارات من دون الحصول على معلومات وافية عن حالة شركاتهم من الداخل.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لنجاح برامج اقتراحات الموظفين

لمَ لا يمكنك المخاطرة بتجاهل آراء موظفيك؟

بينما يُبلِّغ العملاء عن الأعراض؛ يكشف الموظفون عن سببها. لا شك في أنَّ صوت العميل أمر بالغ الأهمية؛ ولكن في حين يُبلِّغ العملاء عن النواحي الإيجابية والسلبية المتعلقة بالخدمة، فهم غالباً ما يُبلِّغون وحسب عن الأعراض الظاهرة لمشكلات أعمق؛ مشكلات لا يملكون النظرة الثاقبة ليتمكَّنوا من تحديدها.

تخيَّل أنَّك تاجر تجزئة؛ فقد تفيد إحدى العميلات بأنَّها تشعر بالإحباط بسبب مواجهة مشكلات مستمرة عند طلب المنتجات عبر الإنترنت واستلامها في موقع قريب من مكان سكنها.

إذ لربما لم تصل منتجاتها في الوقت المحدد، أو أنَّه أُرسِل لها إشعار بطريق الخطأ قبل أن يكون منتجها جاهزاً للاستلام.

في حين تسلط شكواها الضوء على مشكلة واضحة، إلا أنَّها لا تطرح أيَّ طريقة لحلها. هل عمليات الشحن بطيئة؟

وهل يوجد خطأ ما في عمل منصات التجارة الإلكترونية الحديثة؟ ربما لم يُدرَّب موظفو المتاجر بشكل فعَّال للتعامل مع الطلبات عبر الإنترنت.

مهما كانت المشكلة الأساسية، يمكن لموظفيك المساعدة في تحديد ماهيتها؛ ذلك لأنَّ موظفي الخط الأمامي بشكل خاص على دراية تامة بمشكلات الأنظمة والعمليات الداخلية والعمليات اليومية التي تبدو كصعوبات بالنسبة إلى العملاء. من الصعب إصلاح المشكلات بذكاء من دون الأخذ بآراء الموظفين؛ فبغضِّ النظر عن مجال العمل، العملاء والموظفون هم الأدرى بكيفية سير العمل.

إقرأ أيضاً: التسويق: تعريفه، ومراحله، وأهم قوانين التسويق الناجح

تقود رؤى الموظفين الأعمال نحو النجاح:

لا تقتصر أهمية فهم موظفيك على تحسين تجربة العملاء فحسب؛ بل إنَّها أمر لا بُدَّ منه لاتخاذ القرارات الصحيحة بهدف تحسين النتائج النهائية وتطوير الأداء إلى أقصى مرحلة. دعونا نواجه الأمر، يتمتع معظم الموظفين برؤية خط المواجهة التي لا تملكها الإدارة العليا؛ إذ تضع الإدارة العليا استراتيجية التشغيل والأعمال، ولكنَّ الموظفين هم الذين ينفذونها، وهنا يكمن النجاح أو الفشل.

من الأخطاء الشائعة أنَّ الأمر يتعلق بالتفاعل بحد ذاته، في حين أنَّ التفاعل وحده ليس كافياً. وهنا يكمن السؤال الجوهري:

  • ما الذي نتفاعل معه؟

يجب أن تكون مشاركة الموظفين هادفة وملائمة استراتيجياً لتحويل أنظار الموظفين إلى نتائج العمل الملموسة؛ أي:

  • خلق التمكين والملكية
  • تعزيز العلاقة.
  • توليد الثقة اللازمة لخلق مزايا تنافسية.

تحقق ثقافة التقييمات المفتوحة والتواصل الصادق الفائدة للشركات في كل مجالات العمليات، بدءاً من تحسين وتطوير استراتيجية تجربة العملاء إلى تحسين عمليات التدريب وزيادة الاحتفاظ بالموظفين؛ وهذا يشكل انتصارات سيحتفل بها كلٌّ من قسمي الموارد البشرية والتسويق.

شاهد أيضاً:5 طرق لبثّ روح الإبداع لدى الموظفين

لن تحسم الاستطلاعات وحدها الأمر:

على الرغم من الفوائد الواضحة لاستراتيجية "الموظف أولاً" بالنسبة إلى خدمة تجربة العملاء، فإنَّ إنشاء هذا النوع من الثقافة والحفاظ عليها، يتطلب العمل. تعتمد الشركات في كثير من الأحيان على المراجعات السنوية والأساليب غير الصحيحة لمعرفة شعور الموظفين؛ غير أنَّ هذه التقنية لا تناسب أيَّاً من العملاء أو الموظفين.

يعمد هذا النوع من الثقافة التي تعزز التقييم إلى إعطاء الأولوية للفرص المستمرة والشاملة لخوض حوار حقيقي في جميع الأصعدة؛ وهذا يعني تحقيق الاستفادة المستمرة من مجموعة الحلول المقدمة للتفاعل والتواصل مع الموظفين، سواءً على المستويات المطلوبة أم غير المطلوبة.

التقييم التقليدي أم الحوار؟

يجب أن يكون التقييم جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجيات والأهداف والغايات؛ وذلك بواسطة استخلاص فكرة من خلال مجموعة متنوعة من الطرائق التي تتعلق بعمليات تجارية محددة على نحو مستمر أو وفق نهج مجدول، وعلى أساس مخصص. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد.

وأخيراً، لكي تكون التقييمات فعَّالة، ينبغي العمل عليها؛ فلن يقدم الموظفون تقييمات للعمل أو يحققوا أيَّ فائدة مرجوة منها، ما لم يكونوا على يقين من أنَّ القيادة تأخذ آراءهم على محمل الجد. لا تضيعوا وقتهم وآراءهم القيمة إن لم تكونوا على استعداد لإظهار التزامكم بالتحسين.

تجربة الكاتب:

بصفتي رئيساً تنفيذياً، غالباً ما أُسأَل عمَّا إذا كان على القيادة التفاعل مع الموظفين. ومن الناحية العملية، غالباً ما تواجه القيادة تحدياً لإنشاء مؤسسة مبنية لغرض محدد ومعتمدة على التقييمات؛ لكنَّ إجابتي لن تتغير أبداً:

"عندما تغسل الدرج، فستبدأ دائماً من الأعلى، ينبغي على القيادة أن تكون متفاعلة".

والمشاركة الحقيقية قابلة للتحقيق فقط عند الاستثمار الصحيح للوقت والموارد. في حين بدأ العديد من القادة بإدراك قيمة وجهة نظر الموظف، إلا أنَّهم لم يتخذوا الخطوات اللازمة لتبنِّي هذه التقييمات، والقضاء على الأفكار البالية، والبدء بالتحسن بشكل فعلي. ولكنَّ أولئك الذين سيبادرون باتخاذ هذه الخطوة أولاً، سيكتشفون أنَّهم سيتفوقون على المنافسين الذين تجاهلوا آراء موظفيهم.

إنَّ إنشاء مؤسسة مبنية لغرض محدد، ومعتمدة على التقييمات، لا يحدث بين عشية وضحاها، ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين يخوضون الرحلة، سيكون الحصول على مزايا تنافسية لا مثيل لها أمراً يستحق العناء، بينما سيكافح الآخرون للحصول عليها سنوات وسنوات.

المصدر




مقالات مرتبطة