دليل القادة لعام 2021

غيَّر عام 2020 العالم والعمل إلى الأبد؛ إذ انتقلَت أماكن العمل من المكاتب التقليدية إلى العمل من المنزل، فتقبَّل أفضل القادة التغيير بِعَدِّه الثابت الوحيد في عالم دائم التطور، وتأقلموا معه حسب الحاجة على الفور، وعلى الرغم من كونها إحدى أكثر الفترات اضطراباً، لكنَّها أيضاً فرصة لتهيِّئ قادتك والقوى العاملة للمستقبل.



كثيراً ما ترتبط القيادة بمتطلبات عالية، فيتطوع القادة لخوض غمار المجهول ومقاساة الظروف قبل غيرهم، ويُقدِّمون التضحيات برحابة صدر من أجل الصالح العام؛ ولهذا يساعد القادة الذين يتقبَّلون التغيير بِعَدِّه فرصة ليُحقِّق موظفوهم وشركاتهم النجاح؛ لذا يجب عليك إعادة صياغة أسلوبك في القيادة لتضمن انطلاقة قوية في عام 2021 وما بعده، وإليك فيما يلي عشر استراتيجيات كي تبدأ بذلك:

1. قيادة نفسك أولاً:

تعلَّم كيف تضبط مشاعرك، وراقِب تصرفاتك حين تسمح لها بالتحكم بك مقابل تصرفاتك حين تردُّ بحيادية، وكيف تؤثر مشاعرك في وجهة نظرك ومتى تتغلب عليك، لأنَّ ذلك ما يتطلبه إعداد نفسك كي تصبح قائداً أفضل في عام 2021، وتشارك "سوزان ديفيد" (Susan David)، الحائزة على شهادة دكتوراه في علم النفس في كتابها "اللياقة العاطفية: كيف تُحرِّر نفسك، وتتقبل التغيير، وتنمو في العمل والحياة" (Emotional Agility: Get Unstuck, Embrace Change and Thrive in Work and Life)، كيف يستطيع القادة فهم مشاعرهم تجاه الظروف المحيطة بهم وكيف يستخدمون هذه المعرفة ليتأقلموا ويوفِّقوا بين قيمهم وأفعالهم؛ إذ إنَّ القادة الناجحين يحولون تلك المشاعر إلى فضول وتعاطف، ويضعون مسافةً بينهم وبين أفكارهم، ثمَّ يقرؤونها ويراقبونها كي يفهموها، ويجعلون قيمهم الجوهرية بوصلتهم التي تهديهم إلى الطريق الصحيح، ويجرون تعديلات طفيفة متعمَّدة على طريقة تفكيرهم ودوافعهم وعاداتهم.

2. تبنِّي تقنيات لتحقيق التوازن:

تختلف نفسية كل شخص عن غيره، ويجب أن تتضمن مهارات القادة استراتيجيات للتعامل معها جميعها؛ كما أنَّ الحصول على نصائح عالية الجودة بشأن القرارات الصعبة التي يجب عليك اتخاذها مفيد من وجهة نظر نفسية، لأنَّك تتفاعل مع أشخاص اضطروا إلى اتخاذ قرارات مماثلة؛ إضافة إلى ذلك يضع التعبير عن أفكارك الحالية عبر كتابة شرح مفصل عنها مسافة بينك وبين نفسيتك ليسهل عليك اتخاذ القرارات. 

يتدرب سائقو سيارات السباق على التركيز على الطريق عوضاً عن التفكير في الحاجز عند المنعطفات، لأنَّ احتمال اصطدامهم به يزداد حين يركزون عليه، وبالطريقة نفسها، إذا ركزتَ جهودك على الطريق، فسوف تكمل السير عليه؛ إذ تنطوي الأدوار القيادية على العديد من الأمور التي قد تحصل عكس ما خططتَ له؛ لذا حين تستثمر طاقتك في المكان الخطأ، سوف تعرقل سير تفكيرك ودورك، عوضاً عن ذلك ركِّز على وجهتك وليس على ما تريد تجنُّبه.

إقرأ أيضاً: فن القيادة ومهارات القائد الناجح

3. تغيير مكان العمل:

جعلَت الجائحة الوضع الطبيعي الجديد هو العمل من المنزل، ومع تغيُّر السياق يجب أن تُغيِّر طريقة إدارتك لوقتك وتنظيم أيامك تبعاً إلى طريقة عملك وأولوياتك فيما تعمل عليه ومع مَن تعمل؛ حيث يتطلب تكييف يومك مع نموذج وثقافة العمل الهجين عملاً دائماً، مثل: إعادة تحديد سبب وكيفية عقد الاجتماعات، ومن يجب أن يشارك فيها، ووضع خطة للاجتماع والقرارات التي يجب الوصول إليها والطلبات التي يجب دراستها.

4. تشجيع التطور والمناقشات الهادفة:

تقديم التغذية الراجعة المستمرة، سواء كانت لقاءات فردية أم الإشراف على مجموعات أم "تغذية راجعة بـ 360 درجة" (360 feedback)، هي أدوات تقوي التواصل وتعزز الإدماج في بيئة العمل الافتراضية، وكما توضح استطلاعات شركة "غالوب" (Gallup)، الموظفون المدمجون هم موظفون أفضل أداءً؛ حيث يعزز الاستثمار في فرص التطوير والتدريب مشاركة الموظفين، ويدعم وجود محتوى يسهل الوصول إليه عند الطلب ومتاح على أكثر من منصة التطور الفوري في العالم الواقعي، ويُحسِّن الأداء في العالم الافتراضي.  

تولِّد ثقافة التغذية الراجعة الصادقة، والقادة الذين يمثلون صفات القيادة الحسنة، أماكن عمل يشعر فيها الموظفون أنَّ صوتهم مسموع وأنَّهم موضع احترام وتقدير؛ إذ تقول "دونا موريس" (Donna Morris)، رئيسة قسم الموارد البشرية في شركة "أدوبي" (Adobe): إنَّ إجراء مراجعات فعَّالة يتطلب تدريب المديرين على التواصل والتحدث مع الموظفين عبر المشاركة في تفاعلات تدريبية توضِّح لهم كيف تبدو المراجعات الإيجابية في العالم الواقعي بين الموظف والمدير، ويتضمن تبنِّي أسلوب الكوتشينغ إجراء محادثات فعلية، يتلوها تقديم تغذية راجعة صادقة ومتكررة كلَّ أسبوع، حيث ينتج عنه ارتفاع احتمال إدماج الموظفين في العمل بمعدل 2.7 مرات.

5. تخيُّل نفسك في موقف الشخص الآخر:

تطرأ اليوم تغيرات مختلفة على روتين ونمط حياة ومستويات قلق الموظفين في أماكن العمل؛ لذا ممارسة التعاطف في العالم الافتراضي ومكان العمل جزء أساسي من التفاعلات الاجتماعية البنَّاءة؛ إذ يمكِنه زيادة تفهُّم الناس لظروف بعضهم، كما يحث على السلوك الاجتماعي الإيجابي مثل التطوع؛ وسيساعد تبنِّي تجربة الواقع الافتراضي في استراتيجيات التطوير والتعلم الموظفين على التعامل مع التغيرات المستقبلية، ويستكشف القادة الذين يفكرون قُدُماً كيفية تبنِّي التقنيات الحديثة، والتدريب على مهارات تفيد العمل، والتعاون بين القطاعات في المستقبل.

6. تنمية حس الانتماء والشمول والأمان النفسي:

القيادة الشاملة هي واقع العمل ونموذج المستقبل، وهي طريقة إصغاء الشركات إلى موظفيها بحيث يعلمون ذلك، وتظهر الأبحاث أنَّ القيادة الشاملة تعزز الإنتاجية، وترتبط ارتباطاً مباشراً بمشاعر الموظف في مكان عمله.

تؤثر شركة "سيلز فورس" (Salesforce) على التفاعلات اليومية في مكان العمل بواسطة الاجتماعات الشاملة ونشاطات الفِرق الشاملة والمحادثات الصادقة، كما وضعوا نموذجاً لممارسات القيادة الشاملة كي يساعدوا المحترفين الآخرين على النمو في هذا المجال، حيث أُطلِقت شركة "ماكدونالدز" (McDonalds) حملة "أفضل معاً: المساواة بين الجنسين واستراتيجيات التنوع" (Better Together: gender Balance & Diversity Strategy)، وشملَت مبادرات مثل: برنامج "إشراك المرأة في مجال التقانة" (women in tech) للتدريب على علوم البيانات والذكاء الاصطناعي؛ كما غيَّر قادة مخضرمون إضافة إلى المدير التنفيذي "ستيف إيستربروك" (Steve Easterbrook) صورهم الشخصية على شبكة "لينكد إن" (LinkedIn) إلى قوس شعار ماكدونالدز، لكن مقلوباً ليعبر عن التزامهم بإدراك التحيزات غير الواعية، وتغيير الوضع الراهن إلى المساواة بين الجنسين.

إقرأ أيضاً: 12 طريقة مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين

7. إطلاق العنان لقدرات الموظف:

قال 94% من الموظفين في "تقرير تعلم القوة العاملة" (Workforce Learning Report) لعام 2019 من شركة "لينكد إن" (LinkedIn):  إنَّهم مستعدون للعمل في شركة لمدة أطول إذا استثمرتَ في مساعدتهم على التعلم؛ إذ يطالب الموظفون من أماكن العمل أن تُقدِّم لهم المعلومات والكوتشينغ، وأن تدرجهم في برامج تعليمية بناءً على أدوارهم ومهاراتهم ومستوى خبرتهم؛ كما يساعد إدماج الفِرق في "يوم التغذية الراجعة" (Feedback Friday) عبر طرح بعض الأسئلة عليهم، الموظفين على فهم ما يجب إنشاؤه وتمكينه من أجل ضمان صحة فريقهم وعافيته وأدائه.

8. الاستعداد الدائم:

في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، يحتاج القادة إلى التفكير في مدى سرعتهم في التأقلم مع التغيرات على المستوى الفردي وعلى مستوى الفريق والشركة ككل، ويجب أن يفهم القادة المهارات والقدرات الفردية للقوة العاملة لديهم، حيث يتضمن الاستعداد الدائم جذب وتوجيه جهود الناس نحو تقديم نتائج جيدة بغض النظر عن التغيرات عبر مشاركة المعلومات بسرعة وسلاسة ودون تلاعب، وتحريرهم من براثن الخمول ومقاومة العمل ليتحملوا مسؤولية مهامهم؛ إذ يؤدي القادة دوراً جوهرياً في توجيه موظفيهم نحو الهدف، وتغيير تفكيرهم من طرح أسئلة مثل "هل من داعٍ؟ هل يجب علينا ذلك؟" إلى أسئلة مثل "كيف نفعل هذا؟ كيف يمكِننا أن نساعد؟" يمكِن للقادة أن يساعدوا الناس في الانتقال إلى دفع عجلة التغيير.

9. النظر إلى الموظفين كأشخاص وليس مواهب:

لا تميز الأمراض النفسية بين أحد عندما تصيبنا، والطريقة التي تقود بها بيئة عملٍ تخلق شعوراً بالأمان النفسي والثقة وتضع العافية ضمن أولوياتها أمر هام جداً اليوم؛ فحين تجعل الشركات خدمات الصحة النفسية متاحة أكثر، يتحسن أداء الموظف والشركة معاً، عبر التحدث عن الصحة النفسية واتِّخاذ إجراءات جدِّية يستطيع القادة كسر حاجز العار الذي يحيط بالأمراض النفسية من خلالها.

أطلقت شركة "إي واي" (EY) برنامج "وي كير" (WeCare) لتثقيف الناس عن الصحة النفسية وتشجيعهم على طلب المساعدة حين يحتاجونها ودعم الآخرين الذين يعانون من مشكلات؛ وكتب "Matthew Cooper" (ماثيو كوبر)، المدير التنفيذي لشركة "إرن آوت" (Earnout) رسالةً إلى موقع "كوارتز" (Quartz) يستقيل فيها من منصبه بسبب صراعه مع مشكلة نفسية؛ الأمر الذي تطلب دخوله المشفى للحصول على العناية، وفي حالة "ماثيو" هو اختار أن يضع صحته النفسية في أعلى أولوياته.

إقرأ أيضاً: 4 طرق يدعم بها القادة الرقميين موظفيهم

10. تقبُّل العالم الرَّقمي:

الحلول التي تُقدِّمها التقنيات الحديثة مثل الحلول النفسية الرقمية النشطة، وفي انتشار واسع، بدءاً من التواصل مع الأطباء عن بعد، ووصولاً إلى انتشار تطبيقات مثل: "كالم" (Calm)، و"هيدسبيس" (Headspace)، التي تساعد على التأمل والنوم، ويجب أن يتمتع القادة بعقلية منفتحة؛ حيث تدمج الشركات خدمات مثل: "جينجر" (Ginger)، التي تُقدِّم خدمة الصحة النفسية عند الطلب، لتضمن أنَّ الموظفين جميعهم قادرون على التواصل مع كوتشز مدرَّبين في الصحة السلوكية، ومعالجين نفسيين مرخصين، أو أطباء نفْس على الإنترنت عند الحاجة؛ فدمج الخدمات الرقمية ضمن بيئة شركتك يساعد القادة على تقديم أفضل الفرص والعناية لموظفيك، ليتمكَّنوا من العمل بأقصى استطاعتهم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة