حساسية الحليب عند الرضع: أعراضها، وأسبابها، وطرق علاجها

يُعَدُّ الحليب الغذاء الرئيس الذي يعتمد عليه الطفل حتى عمر السنة تقريباً، ولكن قد يواجه بعض الأطفال مشكلات وتظهر عليهم مجموعة من العلامات والأعراض بعد تناولهم الحليب؛ وهذا يدل على إصابتهم بحساسية الحليب؛ إذاً، ما هذه الحساسية؟ وما هي أعراضها وأسبابها؟ وكيف تكون طرائق علاجها؟ هذا ما سنتعرَّف إليه في المقال الآتي.



ما هي حساسية الحليب؟

بدايةً، علينا أن نعرف أنَّنا عندما نتحدث عن حساسية الحليب عند الرضع، فالمقصود بها حساسيتهم تجاه حليب البقر على وجه الخصوص، بغضِّ النظر عن أنَّه من المحتمل أن يُسبب الحليب من مصدر آخر الحساسية أيضاً.

يعاني 2% تقريباً من الأطفال الرضع من حساسية حليب البقر، وغالباً ما تختفي هذه الحالة عند 70% منهم عند بلوغهم العام الأول؛ لأنَّ جسم الطفل يبدأ بامتلاك القدرة على تحمُّل الحليب، وقد تستمر هذه الحالة في بعض الأحيان حتى ثلاث سنوات، وفي أحيان أخرى قد تستمر حتى خمس سنوات.

يوجد 25 نوعاً من البروتينات المختلفة في حليب البقر، وهذه الأنواع تُسبب ردود فعل مختلفة لدى المصابين بحساسية الحليب؛ إذ قد تكون الحساسية تجاه نوع واحد من هذه الأنواع أو تجاه عدد منها، كما توجد بعض أنواع هذه البروتينات في حليب الحيوانات اللبونة الأخرى؛ وهذا ما يفسر أنَّ معظم الأطفال الذين يعانون من حساسية الحليب البقري، يعانون من الحساسية تجاه أنواع الحليب الأخرى، إلا في بعض الاستثناءات؛ إذ يكون بعضهم قادراً على تحمُّل الحليب من مصادر أخرى.

يمكن تعريف حساسية الحليب بأنَّها استجابة غير طبيعية لجهاز المناعة في جسم الطفل تجاه الحليب أو أيِّ منتجات أخرى تحتوي عليه، ويحدث ردُّ الفعل التحسسي هذا بعد تناول الحليب؛ إذ تتراوح الأعراض المصاحبة لهذه الحساسية بين الخفيفة والمتوسطة إلى الحادة، وفي بعض حالات التحسس الحاد، قد يصل الطفل إلى حالة التأق، وهو ردُّ فعل تحسسي شديد يشكل تهديداً على حياة الرضيع.

تجدر الإشارة إلى أنَّه في حال تأخرت الأعراض بالظهور، نكون أمام نوع آخر من التحسس، وهو عدم احتمال الحليب، أو ما يسمى الحساسية من النوع الثاني، وغالباً ما تختفي هذه الحالة تقريباً عند 90% من الأطفال بحلول عامهم الأول، وفي حالة الحساسية من النوع الثاني، تتأخر استجابة الجسم للمسبب حتى بعد مرور 48 ساعة من تناوله.

تُعَدُّ حساسية الحليب أكثر أنواع الحساسية ظهوراً عند الأطفال الرضع، وتظهر لدى الأطفال الذين يتناولون حليباً صناعياً يحتوي على حليب بقر، أو لدى الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية، إذا ما تناولت الأم الحليب أو أحد منتجات الألبان؛ إذ إنَّ الحساسية لا تكون تجاه حليب الأم؛ بل بسبب بروتينات الحليب البقري التي تنتقل إليهم عبر حليب الأم.

شاهد بالفديو: 8 فوائد لحليب الأم تميزه عن الحليب الصناعي

أعراض حساسية الحليب عند الرضع:

تختلف الأعراض بين طفل وآخر من حيث الحدة، وأيضاً من ناحية الأعراض التي قد تظهر؛ إذ من الممكن ألَّا تظهر جميع الأعراض عند الطفل؛ ويعود ذلك لكمية الحليب التي تناولها الطفل، ولدرجة الحساسية التي يعاني منها بعد التعرض للعامل المسبب.

تبدأ الأعراض بالظهور عادة بعد دقائق عدة؛ إذ يبدأ الشعور بما يشبه اللسعات داخل الفم والدغدغة، وقد يحاول الطفل بسبب هذا الشعور بصق الحليب وعدم شربه، لتبدأ بعدها مجموعة من الأعراض الأخرى بالظهور، مثل:

  • طفح جلدي.
  • عطاس.
  • آلام في البطن وتقيؤ.
  • تورُّم اللسان والحلق، وشعور بالوخز حول الفم والشفتين.
  • فقدان الوعي في بعض الحالات الحادة.

قد تتأخر بعض الأعراض الأخرى بالظهور، كالإسهال الذي قد يصاحبه دم في البراز، أو سيلان الأنف والدموع والمغص الشديد في البطن.

وقد ذكرنا آنفاً أنَّه في حالات التحسس الحادة، يحدث التأق أو الصدمة الأرجية، والذي يُعَدُّ مهدداً لحياة الرضيع بسبب الضيق الذي يحدث بسببه في المجاري التنفسية، وهذا يمنع التنفس، كما يسبب احمراراً في الوجه وحكة وانخفاض ضغط الدم وفقدان القدرة على التوازن؛ إذ تُعالَج هذه الحالة بمراجعة الطبيب مباشرةً، لكي يقوم بحقن الرضيع بحقنة الإبينفرين (الأدرينالين).

أمَّا في حالة حساسية الحليب من النوع الثاني، فإنَّ الأعراض مختلفة؛ إذ لا علاقة لهذه الحساسية بالجهاز المناعي؛ لذا تظهر الأعراض على شكل مشكلات في جهاز الهضم، كالانتفاخ والغازات، من دون ظهور طفح جلدي أو حدوث تعب شديد أو ضيق تنفس، كما لا توجد أيُّ خطورة على الحياة.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ أعراض الحساسية تختلف من مرة إلى أخرى؛ إذ قد تكون خفيفة في بعض المرات، وتصبح أشد خطورة في المرة القادمة.

يُعَدُّ الأطفال الذين لديهم حساسية تجاه الحليب أكثر عرضة للإصابة بالحساسية تجاه الأطعمة الأخرى، كالحساسية تجاه الفول السوداني أو حساسية البيض، كما أنَّهم أكثر عرضةً للإصابة بحمى القش التي تُعَدُّ رد فعل مناعي من الجسم تجاه وبر الحيوانات والغبار وحبوب اللقاح، ومن الممكن في حالة المضاعفات الخطرة أن يسبب تحسس الحليب اضطرابات في التطور والنمو لدى الطفل.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تضمن الحفاظ على صحة الطفل

أسباب حساسية الحليب عند الرضع:

يمكن تلخيص أسباب إصابة الرضع بحساسية الحليب بالآتي:

  1. وجود خلل وظيفي في الجهاز المناعي، والذي يُعَدُّ سبباً للإصابة بجميع أنواع حساسيات الطعام الحقيقية؛ إذ يقوم الجهاز المناعي في هذه الحالة، بالتعرف إلى بروتينات الحليب على أنَّها مواد ضارة، ويتعامل معها تماماً كما يتعامل مع الفيروسات والبكتيريا؛ وهذا يحفز إنتاج أجسام مضادة للغلوبولين المناعي لمحايدة البروتين.

عندما تلامس هذه البروتينات مرة ثانية، تقوم الأجسام المضادة بالتعرف إليها وترسل إشارة إلى الجهاز المناعي الذي يطلق الهستامين ومواد كيميائية أخرى؛ الأمر الذي ينتج عنه سلسلة من علامات وأعراض الحساسية.

يوجد في الحليب البقري بروتينان رئيسان يسببان رد الفعل التحسسي وهما:

  • الكازين الموجود في الجزء الصلب من الحليب (الروب) بعد تخثُّره.
  • مصل الحليب الموجود في الجزء السائل من الحليب، والذي بقي موجوداً بعد تخثُّر الحليب.
  1. إصابة الطفل باضطراب تحسسي آخر؛ الأمر الذي يزيد احتمال إصابته بحساسية الحليب.
  2. الوراثة، فإذا كان أحد الوالدين مصاباً بالحساسية تجاه أحد أنواع الطعام، أو حتى مصاباً بمرض تحسس كالربو أو الأكزيما، فهذا يزيد من فرص إصابة الطفل بحساسية الحليب.
  3. معاناة الطفل من أمراض تحسسية مثل الأكزيما؛ وهذا يجعله أكثر تعرضاً للإصابة بتحسس الحليب.

تشخيص حساسية الحليب:

يقوم الطبيب بفحصٍ جسدي للطفل عندما يشك الأهل في إصابة الرضيع بحساسية الحليب، ويترافق هذا الفحص مع مجموعة من الأسئلة والفحوصات؛ وذلك لعدم وجود تشخيص محدد ينفي أو يؤكد الإصابة.

ومن بين الفحوصات التي يطلبها الطبيب تحليل البراز، وتحليل الدم، بالإضافة إلى فحص الجلد؛ إذ يقوم بحقن كمية من بروتين الحليب تحت سطح الجلد، وفي حال حدوث تورُّم يتأكد من الإصابة، وفي بعض الأحيان، قد يطلب توقُّف الأم عن إعطاء الحليب إلى الطفل، ثم إعادة إضافته مرة أخرى لمعرفة ما إذا كان الحليب هو المسبب للحساسية.

علاج حساسية الحليب:

إذا كان الطفل الذي يعاني من الحساسية، يعتمد على الرضاعة الطبيعية، يبدأ العلاج بتوقف المرضع عن تناول الحليب أو أيٍّ من مشتقاته ومنتجاته، واستبداله بمصادر أخرى للحصول على الكميات اللازمة من الحديد والكالسيوم.

وفي حال اعتماد الطفل على الرضاعة الصناعية، يجب الاعتماد على أنواع الحليب المخصصة للأطفال المصابين بحساسية الحليب، والتي تحتوي على بروتينات متحللة جزئياً، وفي بعض الحالات، قد يطلب الطبيب اختيار الحليب الذي أُزيل منه أيُّ بروتينات مسببة للحساسية نهائياً، كما قد يكون بعض الأطفال المصابين بحساسية الحليب، قادرين على تحمُّل أشكال الحليب كالتي تُسَخَّن في المخبوزات.

غالباً ما يطلب الطبيب البدء بإعادة إدخال الحليب إلى غذاء الطفل عند بلوغه العام الأول؛ إذ تختفي حالة التحسس في أكثر الحالات خلال أسابيع، وفي حال عدم حدوث ذلك، يجب مراجعة الطبيب.

ومع الأخذ في الحسبان أنَّه لا توجد طرائق مؤكدة للوقاية من هذه الحساسية، فالوقاية تعتمد على تجنب إدخال الأطعمة التي تحتوي على الحليب أو مشتقاته إلى غذاء الطفل، كما يجب على الأم المرضع الانتباه لغذائها، وتجنب تناول الحليب ومشتقاته، وقراءة الملصقات الموجودة على علب الطعام للتأكد من مكونات الأطعمة التي تتناولها في الخارج، حرصاً على سلامة طفلها.

إقرأ أيضاً: 6 أنواع من الأطعمة تجنّبيها أثناء الرضاعة الطبيعيّة

كيف يتم تعويض الحليب؟

ليس الحليب مصدراً غذائياً عادياً؛ بل هو غذاء غنيٌّ بالعديد من العناصر الغذائية المفيدة والهامة جداً؛ لذلك فالاستغناء عنه لا يحدث بسهولة؛ بل يجب استبداله وتعويضه بأنواع من الأطعمة القادرة على سد النقص الحاصل في العناصر الغذائية بسبب الاستغناء عنه في النظام الغذائي، كما يجب تناول المكملات الغذائية.

بالنسبة إلى الرضع، هناك العديد من أنواع الحليب التي تعوض غياب الحليب البقري، ويجب استشارة الطبيب بخصوص ذلك، أمَّا بالنسبة إلى الأم المرضع، فيمكنها الاعتماد على حليب الشوفان أو حليب الأرز، ويمكنها أيضاً استعمال هذه الأنواع في صناعة الأطباق التي تحتاج إلى الحليب.

إقرأ أيضاً: نصائح غذائيَّة مهمة للحفاظ على صحة الأطفال

في الختام:

تبقى الرضاعة الطبيعية أفضل أنواع الرضاعة وأكثرها ملاءمةً لطبيعة جسم الرضيع، فضلاً عن أنَّ الرضاعة الطبيعية قادرة على تزويد الطفل بكل ما يحتاج إليه من طعام وشراب، كما تنصح منظمة الصحة العالمية بالاعتماد على الرضاعة الطبيعية خلال الأشهر الستة الأولى من حياة الطفل.

وفي حال وجود حساسية الحليب لدى الطفل، يجب أن تتنبَّه الأم المرضع إلى نمط غذائها، وتستشير الطبيب لتزويدها بنظام غذائي صحي قادر على تعويض العناصر الناقصة بسبب تجنبها تناول الحليب ومشتقاته.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة