تأثير الملابس في الحالة النفسية

لا أحد ينكر الشعور المُبهج والابتسامة التي تعلو وجهنا عند الخروج من غرفة تغيير الملابس ورؤية أنَّ الملابس التي نقيسها جميلة وتُناسبنا؛ إذ تؤثِّر ملابسنا في حالتنا النفسية لا شعورياً، وحتى في سلوكنا، حتى لو لم نكن نعرف رأي الناس فيها.



هل يؤثِّر ما نرتديه حقاً في حالتنا النفسية؟

الجواب هو نعم؛ يؤثِّر ما نرتديه من ملابس في حالتنا النفسية، وهذا ما توصلَت إليه كثيرٌ من الدراسات والأبحاث، تم فيها مراقبة كثيرٍ من الأشخاص في كثيرٍ من المواقف والأماكن، فكانت النتيجة أنَّ الأشخاص الذين يرتدون ملابس يُحبونها وراضين عنها، كانوا أكثر ثقةً بالنفس، وقدرة على الخروج من المواقف المحرجة بسهولة وذكاء، وأكثر طلاقةً في التحدث والتعامل مع الآخرين.

تقول البروفيسور "كارولين ماير" -عالمة النفس السلوكي ومؤلفة كتاب "The Psychology of Fashion"-: "عندما نشعر بالرضا فيما نرتديه، فإنَّنا نميل إلى أن نكون أكثر ثقةً، وعندما نكون واثقين، نكون قادرين على التأثير في حياتنا".

بعض الحقائق عن الملابس:

  • تقول الكاتبة كاثرين أورميرود مؤكِّدة على أهمية الملابس: "ارتدِ ملابس العمل، حتى لو كنتَ ستعمل من المنزل على طاولة مطبخك فقط".
  • أظهرَت نتائج دراسة أُجريت حول تأثير الملابس النظيفة في نفسية الشخص، أنَّ الإنسان يكون أكثر سعادةً واسترخاء، عندما يرتدي ملابسَ نظيفةً، ويكون ذهنه أكثر نشاطاً.
  • تُولِّد الملابس الرياضية شعوراً بالحيوية والنشاط، في حين يجعلنا البقاء بلباس النوم (البيجاما) نشعر بالخمول والكسل.
  • توصَّلَت بعض الدراسات إلى أنَّ الملابس تحمل بُعداً لتحرير التوتر، فهي بما توفِّر من مشاعر إيجابية وشعور بالسعادة، تكون بمثابة درعاً يحمي من المشاعر السلبية والتوتر، خاصةً عند ارتداء قطعاً مفضَّلة لدى الشخص، أو قطعاً موجودة لديه وترتبط بذكريات جميلة لديه!
  • كما أظهرَت دراسات حديثة أنَّ معنويات الأشخاص تتأثر في ملابسهم وفي ملابس رفاقهم بالعمل، أو شركائهم في الحياة، حيث ترفع ثياب الرجل الأنيقة وثياب النساء الجذابة، من معنوياتهم ومعنويات من يُشاهدهم من زملاء العمل، ومن هنا تُصرُّ كثيرٌ من الشركات على ارتداء موظفيها لباساً رسمياً موحَّداً وأنيقاً.
  • يُعطي مثلاً اللباس الرسمي انطباعاً بالالتزام والجديَّة بالعمل، في حين يوحي الجينز والبلوزة (تي -شيرت) بالعملية والسرعة.
  • قامت البروفيسورة كارين باين، بالطلب من طلابها ارتداء قمصان سوبر مان، وذلك لمعرفة فيما إذا كانت الملابس تُؤثِّر بشكلٍ غير واعٍ في عمليات التفكير لدى الأشخاص، ووجدَت باين أنَّ هذه القمصان عززَت انطباع الطلاب عن أنفسهم، وجعلَتهم يشعرون أنَّهم أقوى جسدياً من غيرهم!
  • يتغير ذوق الإنسان بالنسبة للملابس كل 5 سنوات بتغيُّر نظرته للحياة.

شاهد بالفيديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

التأثيرات الإيجابية للملابس في حالتنا النفسية:

1. الشعور بالراحة:

كثيراً ما تمر علينا أوقاتاً نشعر فيها بالضيق، تكون هنا الملابس الفضفاضة والبسيطة هي الحل، فمن الأفضل في هذه الحالة ألا يُلامس جسدنا أي شيء.

2. الشعور بالقوة:

عندما يكون الإنسان راضياً عن ملابسه ينتابه شعوراً بالقوة، وهذا ما أكدَته دراسة نُشرت في "علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية"، أنَّ مَن يرتدون ملابس عمل رسمية وملائمة، كانوا أكثر قوة وسيطرة على الوضع، مُقارنةً بزملائهم الذين ارتدوا ملابس غير ملائمة.

3. التجديد:

يولِّد ارتداء ملابس جديدة الشعور بالتجديد وتغيير الروتين، وهذا ما أكدَته "شاكيلا فوربس" -أخصائية علم نفس الأزياء-: "يَشهد الأشخاص تغيُّرات في حالتهم النفسية، مع تغيير أسلوب ارتداء ملابسهم"، وتَعدُّ فوربس أنَّ ارتداء الملابس الجميلة ليس فقط لحصد مزيدٍ من تسجيلات الإعجاب على فيسبوك وانستغرام، أو الحصول على إطراءات من الغرباء خارج المنزل؛ بل ذلك مهم لنشعر بالثقة والسعادة والتمكين.

4. فكر إبداعي:

وجدَت الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يرتدون ملابس ملائمة، ويشعرون بالرضا عنها، يكون لديهم قدرة أكثر على توليد الأفكار الإبداعية، وحلُّ المشكلات بطريقة مبتكرة.

5. التدريب بشكل أفضل:

وجدَت دراسة نُشرت في دورية "ممارسة الرياضة وعلم النفس"، أنَّ الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بملابس حمراء، يُمكِن أن يرفعوا أوزاناً أثقل، وأنَّ لديهم معدلات أعلى في معدل ضربات القلب.

6. إظهار الذكاء:

تُعدُّ بعض الملابس أنَّها مُرتبطة بالذكاء؛ مثل: معاطف الأطباء، أو زي الطيارين، فوفقاً لدراسة نُشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي، ارتدى بعض المشاركون بالدراسة المعاطف المختبرية الخاصة بالأطباء (لم يكن أياً منهم طبيباً)، وطُلب منهم إجراء مجموعة من المهام المعقدة، وكانت نتيجة البحث أنَّ المشاركين الذين ارتدوا المعاطف البيضاء، جاءت أخطاؤهم أقل بكثير من الناس الذين لم يرتدوها.

7. إقناع الآخرين:

غالباً ما يكون لمظهرنا الخارجي، وما نرتديه من ملابس، تأثيراً في الآخرين وطريقة التعامل معهم، فالملابس المناسبة للمكان والظرف القائم، تُمكِّن الشخص من إقناع الآخرين بوجهة نظره، والفوز باستماعهم وإعجابهم.

8. فقدان الوزن:

عندما نشعر أنَّ ملابسنا المُفضلة لدينا، أصبحت ضيقة، أو لم نستطع شراء لباسٍ أعجبنا بسبب وزننا الزائد، سيُشجعنا هذا الأمر على اتباع الحمية، وممارسة الرياضة لإنقاص وزننا والوصول للوزن المثالي.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على إنقاص الوزن وضبط شراهتك على الطعام

علم نفس اللون (سيكولوجية اللون):

يوجد في علم النفس ما يُسمى "سيكولوجية اللون"؛ حيث عدَّ علم النفس القديم أنَّ للون لغة فطرية تؤثِّر في الإنسان، فعندما يصل ضوء اللون للعين بأطواله المختلفة، تمر منها إلى (الهايبوثلاموس)؛ وهو جزء الدماغ المتحكم بالغدد والهرمونات؛ لذا تتلَّون الاستجابة بما يُناسب دلالة ذلك اللون في غريزة الإنسان،

ولذلك فإنَّ لألوان الملابس تأثيراً قوياً في حالتنا النفسية:

  • إذ يُشير الدكتور (صلاح محمد) -اختصاص علم نفس- إلى أنَّ الملابس ذات الألوان المُبهجة تُساعد في علاج الاكتئاب، ويُضيف أنَّ العين البشرية تُميِّز 250 درجة من الألوان المختلفة، حيث يَنصح الدكتور الأشخاص الذين يُعانون من الاكتئاب، بارتداء ملابسَ ذات ألوانٍ مُبهجة كنوع من العلاج النفسي، لأنَّ النظر إلى الأشياء الزاهية يدفع المخ لإفراز هرمونات السعادة، ويحد من مشاعر التوتر والاكتئاب.
  • أيضاً بينَت إحدى الدراسات في إحدى مدارس رياض الأطفال، أنَّ الأطفال كانوا ينفرون من إحدى المعلمات، ولا يميلون للالتصاق بها لأنَّها كانت ترتدي ثوباً بنياً!
  • حيث أظهرت الدراسات أنَّ الأشخاص الذين يرتدون اللون الأحمر بكثرة في أزيائهم، يشعرون بالقوة والحماس المتجدد دائماً، كما نجد لفِرَق الرياضة الذين يرتدون اللون الأحمر يلعبون بحماس أكثر.
  • يجعل اللون الأبيض من يرتديه يشعر بالهدوء والطمأنينة، لأنَّه لون السلام.
  • يدل اللون الأسود على الشخصية القوية والهيمنة، والقدرة على التحكم في الأمور.
  • يرمز الأصفر لون الشمس الساطعة إلى الحياة والسعادة والإيجابية، ويعكس الروح الإيجابية على كل من يرتديه.
  • يُعدُّ اللون الأزرق من الألوان المريحة، نظراً لأنَّه يُمكِن أن يُخفض معدل ضربات القلب ويُقلل من القلق.
  • يُعدُّ اللون البنفسجي ضرورياً لخلق انطباع أولي عن الثقة بالنفس، إضافةً إلى أنَّه يُضفي شباباً على الوجه والإطلالة.
  • يجلب اللون الأخضر الهدوء والسكينة والتناغم مع المحيط.
  • تُعدُّ الملابس ذات اللون البرتقالي مثاليةً لتحفيز النشاط وإيقاظ الإبداع.

نصائح حول اختيار الملابس المناسبة:

1. احرص على نظافة الملابس:

يُؤثِّر ارتداء الملابس النظيفة التي تفوح منها رائحة النظافة المنعشة والعطور، بشكلٍ إيجابي في نفسية الشخص، ويولِّد شعوراً بالراحة والهدوء؛ إذ خلُصت بعض الدراسات إلى أنَّ الملابس النظيفة تنطوي على جانب يتعلق بالاسترخاء، مما يُوفِّر لمرتديها جرعة هروب من الواقع، تنعكس إيجاباً على صحتهم النفسية، حتى في الأوقات بالغة الصعوبة.

2. ارتدِ الملابس المناسبة للمكان والحدث:

فمثلاً ماذا لو ذهب شخص إلى دار الأوبرا بالسروال الرياضي، وكل مَن حوله يرتدون ملابسَ رسمية؟ من المؤكَّد أنَّه سيبقى في مقعده دون حراك، وسيشعر بالضيق والرغبة في مُغادرة المكان!

3. تجنَّب تقليد ملابس الآخرين:

يُنصح الشخص بالحفاظ على شخصيته الخاصة في اللباس، وتجنُّب تقليد ملابس الآخرين، فلكلِّ شخص شخصيته المنفصلة عن الآخرين.

4. اختر الملابس الملائمة لشكل الجسم:

يجب اختيار الملابس التي تُناسب شكل الجسم، فمثلاً أصحاب الجسم الممتلئ أو القصير، يجب أن يبتعدوا عن الخطوط العريضة، واختيار الملابس ذات الخطوط الطويلة، لإعطاء انسيابية للجسم.

5. ارتدِ اللباس الرسمي:

يعطي اللباس الرسمي في مكان العمل صاحبه شعوراً بالقوة والمهنية، ويُعطي مَن يتعامل معه من الآخرين إحساساً بجديَّة واحترافية هذا الشخص، مما يساعده في إقناعهم بوجهة نظره عند الدخول في نقاش ما، كما يُنصح بارتداء اللون الأبيض، عند الذهاب لمقابلة عمل؛ لأنَّه يوحي بالنقاء والوضوح، ويوحي بالراحة النفسية والشعور بالرضا عن الذات.

6. حافظ على راحتك:

مهما كان شكل الملابس التي نود ارتداءها، يجب أن نُحافظ على الشعور بالراحة فيها، حتى لا نشعر بالتقييد وعدم الحركة بكل حرية.

إقرأ أيضاً: فن اختيار الملابس في المناسبات الرسمية

هل تعكس الملابس شخصيتنا؟

يمكِن معرفة طبيعة شخصية الإنسان من خلال نمط ملابسه، فلكل شخصية نمط خاص بها في اللباس:

1. الشخصية الطبيعية:

يحبُّ صاحب هذه الشخصية البساطة وأن يكون كل شيء بشكلٍ طبيعي؛ فالطبيعة تعني الراحة؛ لذا نجدهم يرتدون الملابس الفضفاضة والمصنوعة من القطن، ويُواكبون الموضة لكنَّهم يختارون منها ما يُناسبهم ويكون مريحاً لهم.

2. الشخصية الكلاسيكية:

تميل الشخصية الكلاسيكية للملابس المُهندمة الشبيهة بالفورمال، فهي شخصية مُنظمة وجديَّة في كلامها وحتى ملابسها، تحب الملابس الكلاسيكية والألوان الكلاسيكية، مثل: بنطال بلون أسود مع قميص أبيض.

3. الشخصية الدرامية:

سُمِّيت الشخصية الدرامية بهذا الاسم؛ لأنَّها تحب إبراز نفسها والخروج عن المألوف؛ لذا نجدها ترتدي ملابسَ بألوان مُلفتة وتصميمات تُبهر الذي يراها.

4. الشخصية الرومانسية:

تعشق هذه الشخصية التفاصيل، فهي تدقِّق في قصة أو تفصيلة السُّترة أو البنطال، وحتى في الخيوط المحاكة بها الملابس.

5. الشخصية الهستيرية:

تميل هذه الشخصية إلى المبالغة والتهويل، وعدم تناسق الملبس مع مكان الحضور، والحب الشديد للتغيير السريع والمستمر للباس، وتتميَّز بولعها الزائد للفاقع من الألوان، وكثرة الإضافات على الملابس كالورد والاكسسوار.

6. الشخصية الاكتئابية:

تحتمي هذه الشخصية دائماً في الألوان القاتمة، وتميل إلى الثبات في اللباس دون تغيير.

7. الشخصية القلقة:

ينعكس قلق هذه الشخصية في عدم ثباتها على نظام واحد في اللباس، وتلجأ للتقلب الدائم بين الألوان، الفاقع منها والقاتم، وعادةً ما تنفر هذه الشخصية من الألوان الهادئة.

8. الشخصية الوسواسية:

من سمات الشخصية الوسواسية التحفظ والثبات والتكرار في اختيار الملابس، والألوان الثابتة القاتمة هي المفضلة لديها.

9. الشخصية الانطوائية:

لا تهتم الشخصية الانطوائية بموضوع اللباس، ترتدي ما يروق لها بغضِّ النظر عمَّا يناسب المكان، أو ما هو مطلوب لينال إعجاب من حولها.

في الختام، ما نرتديه هو هويتنا:

الشائع في مجتمعاتنا العربية أنَّ اللباس يكون من أجل الآخرين، لكنَّ هذه الفكرة خاطئة؛ لأنَّنا نرتدي من أجل أنفسنا أولاً وليس من أجل الآخرين، فهي لها تأثير كبير في حالتنا النفسية، وفي حياتنا الشخصية والمهنية، فارتداء ملابس نفضِّلها ونشعر أنَّها تضفي علينا جمالاً وأناقةً، سينعكس علينا سعادةً وراحة وثقةً بالنفس.

يقول وليم شكسبير: "إنَّ الملابس تصنع الإنسان"؛ لذا علينا أن نحرص على اختيار الأفضل والأنسب لنا دائماً.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة