المشاكل النفسية في العمل وطرق التعامل معها

على الرغم من الفوائد النفسية والمعنوية التي يعود بها العمل على الإنسان، إلَّا أنَّ بعض بيئات العمل تسبب للعاملين الكثير من المشكلات النفسية، والتي تؤثر في إنتاجيتهم وطريقة تفكيرهم وتعاملهم مع الآخرين، وسنتحدث في هذا المقال عن المشكلات النفسية في العمل، وكيفية التعامل معها وتجنُّبها بأقل الخسائر الممكنة.



أضرار المشكلات النفسية في العمل:

إنَّ تعرُّض الموظفين لضغوطات عملية كبيرة من شأنه أن يعرِّضهم للإصابة بمشكلات نفسية في العمل، ويؤثر وجود المشكلات النفسية في الصحة النفسية للموظف ذاته؛ وهذا يسبب تراجعاً في أدائه العملي وتناقصاً في إنتاجيته.

والسبب في وجود مشكلات نفسية عند الموظفين هو بيئة العمل غير المريحة ووجود جو تنافسي سلبي، إضافة إلى شعور الموظفين بالظلم وعدم التكافؤ بين ما يقدمونه من جهد وما يتقاضونه من أجور.

من الأضرار التي تسببها المشكلات النفسية للموظفين في العمل:

  • عدم الاستقرار النفسي للموظفين وسوء حالتهم النفسية.
  • تراجُع إنتاجية الموظفين؛ مما يسبب تراجع أداء الشركة عموماً.
  • سيطرة جو التوتر على بيئة العمل فتصبح غير مريحة بالنسبة إلى الموظفين.
  • انعدام الحوافز الداخلية عند الموظفين، والتي تدفعهم إلى التقدُّم في مهامهم والارتقاء بالشركة.
  • غياب الأفكار الإبداعية وأداء المهام بشكل روتيني وتقليدي.

أسباب المشكلات النفسية في العمل:

1. العمل أكثر من اللازم:

من أسباب المشكلات النفسية في العمل هي العمل أكثر من ساعات العمل المحددة والمتَّفق عليها دون أي تعويض أو أجر إضافي، أو أداء مهام إضافية غير تلك المنصوص عليها للمسمى الوظيفي الذي يشغله الموظف، أو الحضور إلى العمل في أيام العطلة الرسمية دون تعويضات؛ إنَّ هذه الممارسات من شأنها أن تعرِّض الموظف لضغط نفسي شديد يساهم في نفوره من العمل وكرهه له؛ وذلك وفق استشاري الصحة النفسية الدكتور محمد هاني.

2. التأخير عن العمل:

إنَّ التشديد الصارم على مواعيد الحضور إلى العمل يخلِّف عند الموظفين الكثير من المشكلات النفسية؛ وذلك لأنَّ الموظفين الذين يضطرون إلى التأخير لأسباب قاهرة سيتعرَّضون إلى النقد اللاذع من مديريهم وزملائهم بأنَّهم غير جديرين بالقيام بالمهام المكلفين بها، وسيتحمَّلون اللوم والمسؤولية الكاملة في أي تقصير يلحق بالعمل؛ وهذا يعرِّضهم للإصابة باليأس والإحباط وانخفاض تقديرهم لذواتهم.

3. العمل تحت الضغط:

يُعَدُّ العمل تحت الضغط واحداً من أسباب المشكلات النفسية في العمل؛ وذلك لأنَّ الموظف فقد القدرة على اتِّخاذ القرارات، ويصيبه بتشتت الأفكار ويمنعه عن تطوير ذاته وتنمية مهاراته، ومن أسباب الضغط في العمل قيام الموظف بمهام تفوق طاقته ووقته وأكثر من المهام المكلَّف بها، والعمل لساعات أكثر من ساعات العمل المحددة، واضطرار الموظف إلى إكمال تنفيذ مهامه في حال اضطر إلى التأخير عن الحضور إلى عمله؛ وهذا ما يسبب ضغطاً كبيراً عليه يكون نواة إصابته بالمشكلات النفسية.

4. عمل في ساعات الليل المتأخرة:

إنَّ العمل الليلي في ساعات متأخرة على وجه الخصوص من شأنه أن يحفِّز الإصابة بالمشكلات النفسية في العمل؛ وذلك لأنَّه يسبب اضطراباً في الساعة البيولوجية، والذي يسبب بدوره إصابة الموظف بنوبات القلق والتوتر، ومن الممكن أن يؤدي إلى عدم الاتزان النفسي؛ وذلك بحسب أستاذة علم النفس في جامعة الأزهر الدكتورة جيهان النمرسي.

5. الإدمان على العمل:

توضِّح الدكتورة النمرسي أنَّ الإدمان على العمل هو واحد من الممارسات التي تسبب المشكلات النفسية في العمل؛ وذلك لأنَّ بعض الموظفين أصبحوا يبالغون في القيام بعملهم ويضعون لأنفسهم التزامات عملية صارمة تبقيهم تحت الضغط النفسي وفي حالة من عدم الرضى عن النفس تؤدي إلى الاكتئاب.

غالباً ما ينهمك الموظفون في أعمالهم متناسين جوانب الحياة الأخرى وخاصة الاجتماعية منها والترفيهية، فينعزلون عن أهلهم وأصدقائهم ويقتصرون على ممارسة هواياتهم.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح تساعدك على حلّ المشاكل في العمل

المشكلات النفسية التي يسببها العمل:

1. القلق:

يُعَدُّ القلق من أكثر المشكلات النفسية التي يسببها العمل، ومن أكثر الأعراض النفسية ظهوراً على الموظفين بكافة مستوياتهم الوظيفية، ويمكن تفسير انتشار هذه المشكلة النفسية بطول الوقت الذي يقضيه الموظف في العمل، مع ضيق مساحة الحرية التي يتمتع بها في أثناء قيامه بمهامه وكيفية قيامه بها، وتحمُّله مسؤولية تقصيره واضطراره إلى استكمال النقص في أعماله، فيصبح وجوده في الشركة مرهوناً بكمِّ العمل الذي يقدمه لها.

2. الانعزال:

في بعض المؤسسات يصبح الانعزال واحداً من المشكلات النفسية للموظفين في العمل، والسبب في تعرُّض الموظفين لهذه المشكلة هو عدم تلبية طلبات المساعدة التي يتلقاها الموظف من قبل زملائه، فيشعر بأنَّه يعمل على جزيرة منفردة لا يمتلك فيها متنفساً يعينه على مهامه.

وتُعَدُّ مشكلة الانعزال ناتجة بالدرجة الأولى عن غياب الدعم العاطفي والعملي الذي يحتاج الموظف إلى تلقِّيه من مديره وزملائه، وفي المقابل فإنَّ الآخرين ينتظرون منه سبلاً إبداعية ومتميزة في إنجاز المهام؛ لذا إنَّ المؤسسات التي يعاني موظفوها من سوء التواصل مع مديريهم وزملائهم تصنَّف في المراتب الدنيا على الدوام.

3. الإحباط:

يُصنَّف الإحباط بوصفه واحداً من المشكلات النفسية في العمل، ويكثر انتشاره بين الموظفين المستجدين الذين يحتاجون إلى مَن يُبدي رأيه في عملهم ويقيِّمه؛ الأمر الذي يدفعهم إلى بذل جهود أكثر من المطلوب، والسعي الجاد إلى أن يجعلوا مديريهم يشعرون بالفخر، حتى لو تطلَّب ذلك منهم عملاً دون علاوة أو ترقية، وقد يرتضون على أنفسهم بذل ذلك الجهد مجاناً دون مجرد كلمة شكر أو امتنان وعرفان من قبل المدير.

4. الكدح العاطفي:

يُعَدُّ الكدح العاطفي أيضاً من المشكلات النفسية في العمل؛ وينتشر بالدرجة الأولى بين الموظفين الذين يعملون في أقسام المبيعات وخدمة العملاء؛ وذلك نتيجة اضطرارهم المستمر إلى فصل مشاعرهم الحقيقية عن الهيئة التي يجب أن يبدوا عليها طيلة الوقت، فهُم مضطرون إلى امتصاص غضب العملاء، وتقبُّل كلماتهم الفظَّة والجارحة بسعة صدر ورحابة وابتسامة هادئة.

5. التوتر:

أصبح التوتر من أكثر المشكلات النفسية التي تسبب القلق في العمل؛ وذلك لأنَّ التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة سمحت للمديرين بالبقاء على اتصال مع الموظفين حتى خارج أوقات العمل؛ وهذا ساهم في تبديد أدوارهم الحياتية الخاصة والاجتماعية على حساب حياتهم العملية.

التعامل مع المشكلات النفسية في العمل:

1. التعامل مع مشكلة القلق:

يمكن التعامل مع مشكلة القلق عن طريق التحدُّث إلى المدير بوضوح وصراحة، والطلب منه بكل لطف تمرير المسؤولية بين الموظفين الزملاء، وترك هامش من الحرية لكل موظف في ترتيب أولوياته والتخطيط لمهامه، وتحمُّل مسؤولية هذه المهام بوضوح حتى لا تتحول إلى أعباء إضافية على الآخرين.

2. التعامل مع مشكلة سوء التواصل:

إنَّ أفضل طرائق التعامل مع مشكلة الانعزال هي بذل الجهود في سبيل إنشاء علاقات مع الزملاء خارج العمل؛ حتى يستطيع الموظف الانسجام مع زملائه في بيئة العمل، أما بالنسبة إلى التعامل مع المدير؛ فإذا تعذَّر على الموظف إقناعه بتقديم الدعم والمساعدة اللازمَين، فلا بدَّ إذاً من حضور الاجتماعات التي يبتُّ فيها أي أمر يخصه؛ وذلك لأنَّ وجوده يمكن أن يخفف حدَّة المشكلة على الأقل.

3. التعامل مع مشكلة الإحباط:

إنَّ طرائق التعامل مع مشكلة الإحباط في العمل تكون عن طريق الحديث الصريح بين الموظف والمدير، وتعبير الموظف لمديره عمَّا يجول في نفسه من انعدام التقدير لجهوده، ومناقشة الأهداف العملية معه؛ إذ إنَّ هذا الأسلوب يجعل المدير يضع في حسبانه الجهود التي يؤديها الموظف ولو لم تثمر مطالبه في اللحظة عينها.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح بسيطة للتخلص من الإحباط

4. التعامل مع مشكلة الكدح العاطفي:

إنَّ أفضل طرائق التعامل مع مشكلة الكدح العاطفي هي عن طريق اتِّباع الموظف لدورات تدريبية تساعد على أداء المهام الوظيفية دون التسبب بأذى نفسي ومعنوي، وتعلُّم مهارات الذكاء العاطفي الذي يساعد على فصل مشاعر العمل عن المشاعر الشخصية، كما أنَّ إِطلاعَ المدير على المشكلات التي يمر بها الموظف والاستفادة من نصائحه ونصائح ذوي الخبرة من شأنه أن يساعد على التعامل مع هذه المشكلة النفسية.

5. طرائق التعامل مع مشكلة التوتر:

إنَّ الطريقة الأفضل للتعامل مع مشكلة التوتر هي الانفصال عن كل وسائل وأجهزة التواصل انفصالاً كلياً من لحظة الخروج من العمل حتى الصباح التالي وموعد الذهاب إلى العمل؛ إذ إنَّ هذا التصرف من شأنه أن يساعد الموظف على التفرُّغ لحياته الاجتماعية والخاصة بعيداً عن التوتر الذي يسببه له التفكير في العمل ومشكلاته.

إقرأ أيضاً: ما هو التّوتّر، تعلّم كيف تخلق الهدوء في حياتك

نصائح لتخفيف المشكلات النفسية في العمل:

لا بد من اتباع هذه النصائح والتوجيهات إذا ما أردنا تخفيف حدة المشكلات النفسية في العمل، والحصول على بيئة عمل صحية ومريحة، ويمكن تقسيم النصائح لتخفيف المشكلات النفسية في العمل إلى قسمين: نصائح يقع على عاتق الموظف تنفيذها، وأخرى يقع تنفيذها على عاتق الجهة الموظفة.

نصائح لتخفيف المشكلات النفسية في العمل

1. نصائح لتخفيف المشكلات النفسية في العمل من جهة الموظف:

  • مارِس الرياضة؛ وذلك لما لهذا الأمر من نتائج إيجابية في تحسين الصحة النفسية وتخفيف التوتر.
  • كن واعياً للمشاعر التي يولدها العمل، واعمَل على تلافي آثار المشاعر السلبية ولا تنجر خلفها.
  • خصِّص وقت الفراغ لممارسة شيء تحبه؛ فهذا يولد في أنفسنا مشاعر إيجابية طيبة.
  • اعمل على إنشاء علاقات اجتماعية متوازنة وضَع الحدود لها بما يؤثر إيجاباً في صحتك النفسية.
  • افصل فصلاً حازماً بين أوقات العمل والأوقات المخصصة للعائلة والنشاطات الاجتماعية والشخصية.
  • اعمل على إيجاد حلول جدية للمشكلات التي تسبب قلقاً وتوتراً للموظف.

2. نصائح لتخفيف المشكلات النفسية في العمل من جهة الشركة:

  • اعمل على تقدير جهود الموظفين والثناء على إنجازاتهم.
  • أنشئ بيئة عمل آمنة وداعمة لجميع الموظفين تضمن ممارستهم لمهامهم بأمان وأريحية.
  • تدخَّل تدخُّلاً سريعاً وعادلاً وغير منحاز عند حدوث مشكلات بين الموظفين.
  • احترِم حياة الموظفين الشخصية والاجتماعية ولا تقيِّدهم بمهام تفوق طاقتهم.
  • أَشِرف على تأهيل وتدريب الموظفين وخاصة الموظفين الجدد؛ وذلك لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على إتقان مهامهم.
  • أنشئ جوَّاً من الراحة والشفافية في التواصل مع الموظفين، واعمل على الحد من المظاهر والممارسات التي تسبب القلق لديهم.

في الختام:

إنَّ المشكلات النفسية في العمل هي نتيجة وجود الموظف ضمن بيئة عمل غير مريحة بالنسبة إليه، وإنَّ وجود هذه المشكلات من شأنه أن يؤثر سلباً في أداء الموظف لمهامه ومن ثم أداء الشركة بشكل عام؛ لذا يجب على الموظفين والمديرين معرفة طرائق التعامل مع المشكلات النفسية في العمل، والتعاون على إنشاء بيئة عمل مريحة وآمنة ليتثنَّى للجميع أداء مهامهم بفاعلية وإيجابية لتعمَّ الفائدة على الجميع.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة