القلق الامتحاني: مفهومه وأبعاده ومكوناته ومظاهره وعلاجه

في غمرة الليل الساكن وعلى مقربة من موعد الامتحان، يقف الطالب وحيداً في غرفته يتصارع مع جيش من الأفكار والتساؤلات التي تدور في عقله، ويشعر بنبض قلبه يتسارع وبتوتر ينمو تدريجياً يعرفه جيداً ويخشى مواجهته؛ إنَّه القلق الامتحاني.



هذا المصطلح الذي يختزن في طياته مشاعر وتجارب تتشابك في عقول وقلوب كثير منا، ولحظات تتلاقى فيها مشاعر الحماسة والتحدي مع رياح القلق والتوتر، وخليطاً غامضاً يمزج بين الطموح والخوف من الفشل، فتلك اللحظات الحرجة التي يواجهها الطلاب في حياتهم الدراسية جزء لا يتجزأ من رحلتهم التعليمية.

إنَّها لحظات تمتزج فيها الآمال الكبيرة بالتحديات النفسية الصعبة، وهنا ستجد كل المعلومات التي ترتبط بالقلق الامتحاني ومفهومه وأبعاده ومكوناته ومظاهره، وسوف نقدِّم لكم أهم الطرائق والاستراتيجيات لعلاجه والتعامل معه وتحويله إلى طاقة إيجابية تساعد على تحقيق النجاح.

المرافق الخفي لمرحلة الامتحانات:

القلق الامتحاني مصطلح يشير إلى حالة من التوتر والقلق النفسي التي يعاني منها الأفراد قبل أو في أثناء الامتحانات والاختبارات الأكاديمية، وإنَّها ظاهرة شائعة تؤثر في كثير من الأشخاص في جميع الأعمار، بدءاً من الأطفال في المدارس وصولاً إلى الطلاب في الجامعات وحتى في مراحل الحياة الاحترافية، وغالباً ما يكون القلق الامتحاني ذا تأثير سلبي في أداء الشخص وصحته النفسية.

أبعاد القلق الامتحاني:

قلق الامتحان له أبعاد متعددة وله تأثير كبير في أداء الطلاب ونجاحهم الأكاديمي، وهذه الأبعاد تتراوح بين القلق المحفز إلى القلق الزائد، وفيما يأتي شرح لكل منهما:

1. القلق الامتحاني المحفِّز (الميسِّر):

هو نوع من القلق الذي يكون له تأثير إيجابي في أداء الطالب في الامتحانات، وإنَّه الشعور بالتوتر بشكل معتدل وبالشكل الذي يدفع الطالب للانخراط في الدراسة بشكل جدي والاستفادة القصوى من المواد، فهو نوع من التوتر الذي يلهم الشخص للتحضير بجدية والسعي نحو تحقيق أداء مميز، ويُعَدُّ القلق المحفز دافعاً قوياً يساعد الفرد على الاستفادة القصوى من فرص الامتحان والتفوق فيها.

2. قلق الامتحان المعسِّر (الزائد):

التوتر الامتحاني الزائد هو نوع من القلق الذي يكون له تأثير سلبي في أداء الطلاب في الامتحانات، ويتميز بارتفاع مستوى التوتر والقلق بشكل مفرط، وقد يؤدي إلى زيادة الخوف والقلق والانزعاج، وينتج عن ذلك استجابات نفسية غير مناسبة تعوق قدرة الطالب على التركيز والفهم في أثناء الامتحان، ويكون الأداء ضعيفاً، وهذا ما يستدعي الضرورة للتعامل معه وتقليله.

على سبيل المثال، خلال فترة الامتحانات الجامعية الهامة مثل الامتحانات النهائية، قد يعاني الطلاب من توتر زائد بسبب أهمية النجاح فيها، وهذا التوتر قد يؤثر في قدرتهم على التركيز والأداء الجيد.

مكونات القلق الامتحاني (كيف يتشكل القلق الامتحاني؟):

1. المكون المعرفي:

يتعلق هذا المكون بالأفكار والمعتقدات التي يحملها الشخص حيال الامتحانات وتبعاتها، فيشعر الفرد بالقلق نتيجة تفكيره في تبعات الفشل في الامتحان، وهذا قد يشمل القلق بشأن فقدان المكانة أو التقدير من قِبل المعلمين أو الزملاء أو الأهل، فتلك الأفكار السلبية قد تسيطر على ذهن الشخص وتزيد من مستوى التوتر النفسي.

2. المكون الانفعالي:

يتعلق هذا المكون بالمشاعر والانفعالات التي يشعر بها الشخص تجاه الامتحانات، فقد يشعر الفرد بالتوتر والضيق والهلع عند التفكير في الامتحانات وعند موعدها، وقد يرافق هذا المكون أيضاً تفاعلات فيزيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب، والتعرق الزائد، والارتعاش.

ما يقف وراء القلق (دراسة أسباب القلق الامتحاني):

القلق الامتحاني له تأثير كبير في الأداء الأكاديمي والصحة النفسية للأفراد، ولهذا إنَّ فهم أسبابه وآثاره يُعَدُّ خطوة أساسية نحو التغلب عليه وتطوير استراتيجيات فعالة للتعامل معه، وهنا سنذكر أسباب القلق الامتحاني المختلفة:

1. الرغبة في التفوق:

يميل الأفراد عادةً إلى الرغبة في تحقيق أداء ممتاز في الامتحانات، سواء لتحقيق الدرجات العالية أم لإثبات قدراتهم، فهذه الرغبة في التفوق تزيد من الضغط على الشخص نفسه.

2. التوقعات الشخصية:

يضع الشخص في بعض الحالات توقعات كبيرة لنفسه بشأن الأداء في الامتحان، فقد يشعر الفرد بأنَّه يجب عليه أن يكون مثالياً وأن يحقق النجاح الكامل.

3. التوقعات العائلية:

الضغط من الأهل أو الأسرة لتحقيق النجاح في الامتحانات.

4. الوقت المحدود:

الشعور بأنَّ الوقت غير كافٍ للتحضير الجيد، فالشخص يشعر بأنَّ لديه كثيراً من الدراسة ليقوم بها في وقت قصير.

5. الضغط الزمني:

يحدث عندما يكون لدى الفرد عدد من الامتحانات في نفس الفترة الزمنية أو جدول دراسي مكثف، فهذا الضغط قد يزيد من التوتر والقلق بسبب الحاجة إلى تقديم أداء جيد في جميع الامتحانات في وقت محدود.

6. عدم الاستعداد الجيد:

عندما يشعر الفرد بأنَّه لم يراجع المواد بشكل كافٍ ولديه القليل من الوقت قبل الامتحان، وهذا الشعور بعدم الاستعداد قد يزيد من القلق.

7. مشكلات في التعلم:

وجود صعوبات في فهم المواد أو الدروس، مثلاً إذا كان الشخص يعاني من صعوبة في فهم الرياضيات ويجد صعوبة في حل المسائل الرياضية، فإنَّه قد يشعر بالقلق قبل الامتحانات في هذا الموضوع.

شاهد بالفديو: 6 نصائح يحتاج إليها الطلاب استعداداً للامتحان

8. القلق من الفشل:

هو الشعور بالقلق بسبب مخاوف من عدم تحقيق النجاح في الامتحان، فقد يخشى الشخص تداعيات الفشل على مستقبله وفرصه القادمة.

9. المناخ الامتحاني:

البيئة في أثناء الامتحانات قد تكون مثبطة، فإذا كانت البيئة في قاعة الامتحانات مزدحمة وصاخبة، فإنَّ ذلك قد يزيد من مستوى القلق ويصعِّب على الشخص التركيز.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلَّص من التوتر خلال فترة الامتحانات؟

10. التفكير السلبي:

يتعلق هذا بالأفكار والاعتقادات السلبية التي قد يحملها الشخص تجاه أدائه في الامتحان، على سبيل المثال، إذا كان الشخص يفكر بأنَّه لن يكون قادراً على النجاح في الامتحان، فإنَّ ذلك قد يزيد من مستوى القلق.

11. منافسة الزملاء:

في بعض الحالات، قد يتعرض الفرد لضغط إضافي بسبب المنافسة مع الآخرين، مثل الأصدقاء أو الزملاء.

12. المقارنة بالآخرين:

قد تزيد مقارنة أدائه بأداء الآخرين من القلق.

13. قلة النوم:

يؤدي نقص عدد الساعات الكافية من النوم قبل الامتحان إلى زيادة القلق والتوتر وانخفاض التركيز والأداء خلال الامتحان.

14. التوتر العائلي:

يشير إلى التوتر الذي قد ينشأ في الأسرة ويؤثر في الأفراد خلال فترة الامتحانات.

15. التوقعات الاجتماعية:

تتعلق بالضغوطات والتوقعات التي يفرضها المجتمع أو الثقافة بشأن الأداء الأكاديمي، فقد يشعر الفرد بالقلق بسبب الحاجة إلى تحقيق هذه التوقعات الاجتماعية.

16. الصحة الجسدية:

الإصابة بمشكلات صحية قد تؤثر في الأداء وتتضاعف بسبب قلق الامتحان.

17. قلة التقنيات الدراسية:

عدم معرفة كيفية التعامل مع المواد الدراسية بفاعلية.

18. المخاوف المستقبلية:

الشعور بعدم اليقين بشأن اختيار المسار المهني المناسب.

19. التحفيز الضعيف:

قد يشعر بعض الأشخاص بعدم وجود دوافع كافية للنجاح.

20. القلق من الامتحانات الهامة:

الشعور بالقلق الزائد أمام امتحانات هامة مثل الامتحانات الوطنية.

21. الضغط الاقتصادي:

يشير هذا السبب إلى الضغط الذي قد تفرضه التكاليف المالية المرتبطة بالتعليم والامتحانات، ويشمل ذلك رسوم الدراسة وكتب الدراسة ومصاريف العيش إذا كنت تعيش بعيداً عن المنزل.

قد يكون من الصعب على الطلاب تحمُّل هذه التكاليف، وهذا يزيد من مستوى الضغط على الأداء في الامتحانات، فيمكن للقلق بشأن المال أن يشتت الانتباه ويؤثر سلباً في التحصيل الدراسي.

22. الخوف من الرسوب:

عادةً ما يكون الامتحان هو الفرصة الوحيدة للطلاب لإظهار مدى فهمهم للمواد، فإذا لم ينجحوا في الامتحان، فإنَّهم يخشون من أن يتعين عليهم إعادته وتأخير تقدُّمهم في الدراسة، وهذا يضيف الضغط عليهم.

23. الشخصية القلقة:

الأشخاص الذين يعانون من شخصيات قلقة قد يكونون أكثر عرضة للقلق الامتحاني، وقد يتجلى هذا القلق في تجاربهم اليومية ويزيد خلال فترات الامتحان.

24. عادات الاستذكار:

قد يمتلك بعض الطلاب عادات استذكار غير فعالة أو غير ملائمة، مثل تأجيل الدراسة حتى اللحظة الأخيرة أو عدم التخطيط للامتحان بشكل جيد، وهذه العادات قد تزيد من القلق الامتحاني.

25. طريقة إجراء الامتحانات:

يشعر بعض الطلاب بالقلق بسبب الطريقة التي يتم بها إجراء الامتحانات، مثلاً، إذا كانت الامتحانات تتضمن أسئلة مفتوحة أو كبيرة الحجم، فقد يشعر الطلاب بعدم القدرة على التعبير بشكل جيد أو الرد على هذه الأسئلة بنجاح، وهذا يزيد من مستوى القلق.

26. تعلُّم التلميذ من الآخرين، فقد يكون القلق الامتحاني مكتسباً:

عندما يسمع الطلاب عن تجارب الفشل أو القصص المخيفة عن الامتحانات من الآخرين، قد يبدؤون بتطوير قلق عن أدائهم في الامتحانات، وهذا قد يكون صحيحاً إذا كانوا يعتمدون على تقديم النصائح والتجارب السلبية لمن لم ينجحوا في الامتحانات.

شاهد بالفديو: 10 نصائح حياتية لتنشيط العقل وتقوية الذاكرة

مظاهر القلق الامتحاني:

يتجلى القلق الامتحاني في مجموعة من المظاهر والأعراض التي تؤثر في الأداء والصحة النفسية للأفراد، منها التوتر، والارتباك، والأرق، والنوم السيئ، وفقدان الشهية، وسيطرة الأفكار الوسواسية قبل وفي أثناء الامتحان، وكثرة التفكير بالامتحانات ونتائجها، وجفاف الحلق، وتسارع ضربات القلب، وتشتت الانتباه، وضعف التركيز، والرعب الانفعالي الذي يدفع الطالب للتفكير بأنَّ عقله صفحة بيضاء، ومحاولة تجنُّب إجراء الامتحانات.

طرائق تساعدك على التخلص من القلق الامتحاني:

  1. التحضير بوقت مبكر للامتحانات لمنح نفسك الوقت الكافي لاستيعاب المواد بشكل جيد وتلافي الصعوبات.
  2. إنشاء جدول زمني لتنظيم وتوزيع مراجعتك على مدار فترة الامتحان.
  3. تعلُّم تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل للتقليل من التوتر.
  4. تناول طعام صحي وشرب كمية كافية من الماء.
  5. ممارسة الرياضة بانتظام تساعد على تحسين المزاج وتقليل التوتر.
  6. الحصول على قسط كافٍ من النوم قبل الامتحان.
  7. عدم التردد في طلب المساعدة من معلميك أو زملائك في الدراسة عندما تواجهك الصعوبات.
  8. تغيير الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية حيال قدرتك على النجاح.
  9. البدء بدراسة المواد الأكثر أهمية بالنسبة إليك أولاً.
  10. دراسة الأسئلة السابقة للامتحانات قد تساعدك على التعرف إلى نمط الامتحان والأسئلة المتوقعة.
  11. استخدام تقنيات المذاكرة الفعالة، مثل إعداد ملخصات أو ملاحظات، والاستفادة من الرسوم التوضيحية.
  12. المشاركة في نشاطات ترفيهية تساعد على تقليل التوتر مثل الرياضة أو الرسم.
  13. تعيين هدف واضح لنفسك في الامتحان والتركيز عليه.
  14. تجنُّب الأشخاص السلبيين أو المثيرين للقلق قبل الامتحان.
  15. في حالة القلق الشديد، يجب التعاون مع محترفين في مجال الصحة النفسية.
  16. أخذ استراحات قصيرة خلال فترات الدراسة لتجنب التعب الزائد.
  17. الابتعاد عن الخوف وتذكُّر أنَّك قمت بالتحضير بشكل جيد وأنَّك قادر على التفوق في الامتحانات.

إقرأ أيضاً: 8 إرشادات تساعدك على حفظ الدروس بسرعة

كيف تساعد ابنك على التخلص من القلق الامتحاني؟

  1. يجب أن تكون الأسرة مصدراً للتشجيع والدعم النفسي، ويجب على الأهل التذكير بأنَّ القلق الامتحاني هو شيء طبيعي، وأنَّه يمكن التغلب عليه.
  2. توفير بيئة دراسية مناسبة.
  3. من الضروري أن يكون الآباء والأمهات على دراية بتقدُّم دراسات أبنائهم وأن يقدِّموا المساعدة عند الحاجة.
  4. تشجيع الابن على التحدث عن مشكلاته ومخاوفه دون خوف من الانتقاد.
  5. يجب على الأهل تشجيع الأبناء على تطوير مهاراتهم الشخصية وإدارة وقتهم بشكل فعال.
  6. يمكن للأهل مساعدة أبنائهم على وضع خطة دراسية تتضمن مواعيد محددة للمراجعة والاستراحة.
  7. خلال فترة الامتحانات، يجب أن تكون الأسرة قريبة لتقديم الدعم العاطفي والراحة.
  8. يجب تعزيز الاستقلالية والتحفيز لتطوير مهارات الحلول الذاتية.

في الختام:

يرى رجل الأعمال الناجح "بيل غيتس" أنَّ القلق هو شيء طبيعي في حياتنا، لكن يجب ألا نجعله يمنعنا من القيام بأشياء نريد تحقيقها، فالقلق الامتحاني من التحديات الشائعة، ويواجهه بعض منا خلال مراحل حياتنا الأكاديمية.

إنَّ فهم أسبابه ومظاهره والعمل على معالجتها أمر ضروري لتحقيق النجاح والتطوير الشخصي، فعلاج القلق الامتحاني ليس مهمة صعبة، وقد يتضمن تبنِّي استراتيجيات دراسية أفضل وتعلُّم تقنيات التفكير الإيجابي واستراتيجيات إدارة الضغط، ويجب ألا ننسَ أنَّه من الهام دعم الآخرين، سواء كانوا أهلاً أم أصدقاء، والبحث عن المساعدة الاحترافية إذا كان القلق شديداً ومستمراً.




مقالات مرتبطة