الصداقة والطفل: لماذا يحتاج الطفل إلى الأصدقاء؟

الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، ويحتاج إلى الآخرين في كل مراحل حياته، بدءاً من طفولته، ومروراً بالشباب، وصولاً إلى الشيخوخة، ولا يمكن إغفال أهمية الصداقة في أيَّة مرحلة من هذه المراحل وخاصةً مرحلة الطفولة؛ لذا سنتناول في السطور القادمة الصداقة في مرحلة الطفولة.



مفهوم الصداقة لدى الطفل:

  • تُعَدُّ علاقات الصداقة لدى الأطفال من أصدق العلاقات، فهي لا تعرف المصلحة؛ وإنَّما هي مبنية على الحب الخالص والانسجام، وهي من أهم أساسيات بناء شخصية الطفل، والتي تتكون خلال السنوات العشر الأولى من حياته.
  • يكتفي الطفل في السنوات الثلاث الأولى من عمره باللعب وحده، ومع من يلاعبه من الكبار؛ حيث يكون الطفل في هذه المرحلة أنانياً، ولا يحب أن يشاركه ألعابه أحد؛ لذا فإنَّ جمعه مع أطفال من عمره أمر مفيد له في هذا السن؛ وذلك لتطوير مهاراته وخياله، وتعليمه المشاركة لتقليل الأنانية لديه.
  • يبدأ الطفل في الرابعة والخامسة من عمره إبداء ميل ورغبة في وجود أصدقاء له، فنلاحظ اندفاعه إلى اللعب مع الأطفال، والاجتماع معهم أغلب الأوقات، مع بقاء قليل من صفة الأنانية لديه.
  • تظهر في سن السادسة من عمره عند دخوله في المدرسة، حاجة الطفل الحقيقة إلى الأصدقاء، خاصةً أنَّه انفصل عن أبويه للمرة الأولى، وأصبح بحاجة إلى من يُشعره بالأمان، إضافة إلى ميله إلى وجود أطفال من عمره يتكلم معهم ويلعب، ويتشاركون الاهتمامات نفسها.

لماذا يحتاج الطفل إلى الصداقة؟

يحتاج الطفل إلى الصداقة لما لها من فوائد وإيجابيات كثيرة، مثل:

  • رسم شخصية الطفل في مرحلة الطفولة، وبناء تكوينه النفسي والاجتماعي.
  • تطوير مهارات الطفل الاجتماعية من تواصل وتفاعل مع الآخرين.
  • اكتساب الطفل مهارة الذكاء العاطفي؛ حيث يعرف كيف يُعبِّر عن مشاعره وغضبه وحزنه من صديقه.
  • اكتساب الطفل مهارة اتخاذ القرار في أثناء لعبه مع أقرانه.
  • زيادة ثقة الطفل بنفسه، من خلال الشعور بأنَّه طفل محبوب، ولديه أصدقاء يحبونه ويفضلونه.
  • اكتشاف الطفل ذاته؛ كيف يتفاعل، وكيف ينفعل، وماذا يحب، وماذا يكره.
  • تطوير مهارات الطفل العقلية والفكرية؛ وذلك من خلال تبادل الأفكار والمحاججة والمجادلة التي تحصل بين الطفل وأصدقائه، والتفاوض بينهم حول أمر أو لعبة ما.
  • اكتساب الطفل مهارة التعبير عن نفسه وعن رأيه والمطالبة بحقوقه في أثناء صداقاته مع غيره من الأطفال.
  • تقليل استخدام الطفل للأجهزة والألعاب الإلكترونية؛ ممَّا يحميه من آثارها السلبية.
  • تعليم الطفل روح الفريق، والتعاون، والمشاركة، والابتعاد عن الأنانية.
  • توسيع آفاق الطفل وخياله، من خلال اللعب مع أقرانه وتبادل الأدوار وتخيل الشخصيات.
  • مساعدة الطفل على التخلص من الخجل الاجتماعي، فضلاً عن زيادة قدرته على الكلام والتعبير عن نفسه.
  • منح الطفل التوازن النفسي والسعادة والحيوية والنشاط.
  • تنمية مهارات القيادة لدى الطفل، من خلال قدرته على التأثير في أصدقائه.
  • تنمية مفهوم الاستقلال لدى الطفل؛ إذ يصبح له عالمه الخاص المكوَّن من الأطفال الذين اختارهم بنفسه.
  • إتاحة الفرصة للطفل للاطلاع على بيئات وثقافات مختلفة.
  • اكتساب الطفل مهارة التعامل مع الشخصيات المختلفة.
  • تحسين حالة الطفل من الناحية الصحية والبيولوجية؛ وذلك من خلال اللعب وممارسة النشاطات الجماعية مع أصدقائه.
  • تشجيع الطفل على الاجتهاد والتقدم بوجود الأصدقاء، من خلال المنافسة الإيجابية، ومشاركة همومهم الدراسية، والاتفاق حول خططهم الدراسية.
  • مساعدة الطفل على الاندماج في مجتمعه، وفي مدرسته، وتخليصه من مشاعر الوحدة وقلق الانفصال عن أبويه.
  • تعليم الطفل الأمانة والإخلاص؛ وذلك من خلال حفظ الأسرار التي بين الأصدقاء، ناهيك عن العهود التي يجب الوفاء بها.
  • منح الطفل الشجاعة والقوة؛ وذلك من خلال شعوره بأنَّه ليس وحيداً؛ بل لديه أصدقاء يحبونه ويقفون إلى جانبه ويدافعون عنه عند تعرضه لأيِّ أذى.
  • رسم أجمل الذكريات قد يمتلكها الطفل عن علاقات الصداقة في الطفولة، عندما يكبر.
إقرأ أيضاً: 12 طريقة لزيادة ثقة الطفل في نفسه

ما هي أسباب عدم امتلاك الطفل للأصدقاء؟

توجد أسباب عدَّة قد تمنع الطفل من تكوين الصداقات، منها:

  • الخجل: يمنع الخجل الطفل من التعرف إلى الأطفال وتكوين الصداقات؛ إذ إنَّنا دائماً ما نجد الطفل الخجول لا يتفاعل مع أقرانه، وغير مبادر.
  • المهارات الاجتماعية: قد يفتقر الطفل إلى المهارات الاجتماعية، كإلقاء التحية، واحترام الآخر، والاستماع له، واحترام الدور في الحديث.
  • عدم الثقة بالنفس: قد يُعاني الطفل من عدم ثقته بنفسه لسبب ما في شكله، أو بسبب تعامل الأهل معه وتوبيخه دائماً؛ ممَّا يُؤثِّر سلباً في تفاعله مع الآخرين.
  • العدائية: يعاني الطفل العدائي والأناني من مشكلة في تكوين الصداقات، وكسب محبة أقرانه.

دور الآباء في بناء صداقات الطفل:

يؤدي الأب والأم دوراً أساسياً في تشجيع الطفل ودفعه تجاه تكوين الصداقات؛ وذلك من خلال:

  • تعليم الطفل مهارات التواصل الاجتماعي منذ صغره (المبادرة، وإلقاء التحية، والاعتذار، والشكر).
  • ترسيخ قيم التعاون والمشاركة لدى الطفل.
  • توفير فرص لقاء الطفل بأقرانه من خلال دعوتهم إلى المنزل دائماً.
  • إشراك الطفل في نوادٍ رياضية أو فنية، لجمعه مع أطفال لديهم اهتمامات مشتركة.
  • تعريف الأب والأم طفلهما إلى أصدقائهما، كالقول له: "انظر هذا صديقي العم فلان، وأنت عرِّفني إلى صديقك".
  • مراقبة الأهل طفلهم، ومعرفة أصدقائه ومن هم أهاليهم، وكيف هي تربيتهم وسلوكهم.
  • تحبيب الطفل بالصداقة وامتلاك الأصدقاء؛ وذلك من خلال التركيز على مكاسب أن يكون للطفل صديق يلعب معه، ويتحدث إليه، ويُساعده وقت الحاجة.
  • عدم مبالغة الأهل في تحذير الطفل من مرافقة أصدقاء السوء، حتى لا يتشكل خوف لدى الطفل وحاجز بينه وبين أقرانه.
  • تعليم الطفل تقبُّل اختلاف أقرانه عنه، وألَّا يجعل هذا الاختلاف سبباً لعدم صداقتهم.
  • إبراز الأهل أنفسهم قدوة للطفل في تكوين الصداقات والتعامل بلطف ورحابة صدر مع الآخرين.
  • مدح الطفل والثناء على كونه محبوباً وناجحاً في تكوين الصداقات.
  • عدم مقارنة الطفل بغيره من الأطفال، واحترام خصوصيته، فإن كان بعض الأطفال يمتلكون عشرات الأصدقاء، فليس بالضرورة أن يمتلك الطفل هذا العدد، فلكل طفل شخصيته الخاصة ومزاجه.
  • تعليم الطفل مهارة حل المشكلات مع أصدقائه، والحفاظ على الأصدقاء وعدم تركهم عند حدوث مشكلة.
  • شرح صفات الصديق الجيد للطفل، حتى يعرف كيف يختار أصدقاءه.
  • احترام الأهل خيارات الطفل، فحتى لو لم يعجبهم صديقه، لا يفرضون عليه تركه؛ وإنَّما إقناعه بأنَّه صديق غير مناسب، من خلال تقديم الأدلة إلى الطفل على سلوكات صديقه الخاطئة.
  • تنبيه الطفل إلى ضرورة الابتعاد عن الأصدقاء المتنمرين الذين قد يؤثروا في ثقته بنفسه، والتركيز على ألَّا يسمح لهم بإيذائه نفسياً.
  • توعية الطفل لمفهوم الاستغلال، وكيف يحذر الصديق الذي يقوم باستغلاله، ويبتعد عنه.
  • تجنُّب الآباء الضغط على الطفل إذا كان خجولاً، ومنحه الوقت الكافي حتى يتخلص من خجله، وتشجيعه على تكوين الصداقات.
  • مراقبة الأهل تعامل الطفل مع أصدقائه؛ كيف يتعامل، وما هي ردات فعله؛ وذلك لاكتشاف شخصيته ونقاط ضعفه وقوَّته.
  • تعليم الطفل التعبير عن المشاعر تجاه أصدقائه، من حب وغضب وعتاب.
  • دعم الطفل نفسياً في حال تعرُّضه للرفض أو التخلي من أحد أصدقائه، وإشعاره أنَّه أمر طبيعي، فليست كل الصداقات تدوم، وأنَّه لو خسِر هذا الصديق، فهو ما زال لديه أصدقاء آخرين، وأنَّه سيتعرف إلى أصدقاء جدد يحبهم ويحبونه.
  • تعليم الطفل الاعتراف بالخطأ، وثقافة الاعتذار من أصدقائه عندما يُخطئ في حقهم.
  • توعية الطفل بقواعد الصداقة الحقيقية، من صدق وإخلاص وتسامح واحترام.
  • تعليم الطفل التكلم بطريقة لطيفة ومهذبة، حتى يكون محبوباً من أصدقائه.
  • تشجيع الطفل على مساعدة غيره من الأطفال؛ ممَّا يجعله محبوباً ويساعده على تكوين العلاقات.

من هو الصديق الجيد للطفل؟

يجب أن يحرص الأبوان على متابعة أصدقاء طفلهم، وتقوية علاقته بالطفل الذي يتمتع بالصفات الآتية:

  • أن ينتمي إلى عائلة محترمة متمتعة بأصل طيب وأخلاق حميدة.
  • أن يتمتع بالقيم والمبادئ الحسنة، كالصدق والأمانة.
  • أن يرفض التلفظ بألفاظ بذيئة أو نابية وخادشة للحياء.
  • أن يتمتع بالأمانة؛ لأنَّه سيدخل المنزل.
  • أن يتمتع بالصدق، ولا يكذب، حتى لا يتعلم الطفل الكذب منه.
  • أن يحترم والديه ولا يعاندهما أو يسيء احترامهما.
  • أن يكون مجتهداً ومهتماً بالدراسة، حتى يحفز الطفل على الدراسة.
  • أن يكون صديقاً وفياً، لا يستغل الطفل، ويقف إلى جانبه عند الحاجة.
  • أن يكون قريباً من سن الطفل، أو أكبر أو أصغر بسنة أو سنتين كحد أقصى.

قواعد الصداقة:

يجب على الأبوين توعية الطفل أنَّ هناك قواعد للصداقة ويجب احترامها والالتزام بها، مثل:

  • التعامل هو وصديقه بشكل جيد مع بعضهما بعضاً، دون سخرية ولا تنمر ولا استهزاء من قِبل أحدهما بالآخر.
  • الوفاء لبعضهما، وأن يقف كل منهما إلى جانب الآخر وقت الضيق، ولا يتخلى عنه.
  • المحافظة على أسرار بعضهما، وعدم إفشائها مهما حصل بينهما من خلافات.
  • رفض الكذب والغش واستغلال أحدهما للآخر.
  • تمنِّي الخير لبعضهما، وخوف كلٍّ منهما على مصلحة الآخر.

في الختام: كن الصديق الأول لطفلك

يُخطئ العديد من الأهل في إبعاد أطفالهم عن إقامة العلاقات والصداقات مع غيرهم من الأطفال، من باب الحرص الزائد، وخوفهم من رفاق السوء، لكنَّهم لا يعلمون أنَّهم بتصرفهم هذا يُؤذون طفلهم، ويحرمونه من تطوير قدراته العقلية والفكرية ومهاراته الاجتماعية، ومن التوازن النفسي، ويجعلونه هشاً ضعيفاً غير قادر على مواجهة مجتمعه.

لذا أطلِق العنان لطفلك في التعرف إلى من يريد، وتكوين الصداقات مع من يحب، ولكن تحت إشرافك ومتابعتك لكل تفاصيله، وتقديم المشورة والنصح إليه دائماً، فتكون النتيجة طفلاً اجتماعياً قوياً لا يخاف أو يخجل، وقادراً على إدارة عواطفه وعلاقاته بذكاء وخبرة.

وآخر نصيحة نقدمها إليك كأب وإليكِ كأم، هي: "أن تكونا الصديق الأول لطفلكما قبل أيِّ صديق خارجي".

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة