الشلل الرعاشي (داء باركنسون): أسبابه، وأعراضه، وأهم طرق علاجه

لقد سمع أغلبنا عن داء باركنسون، أو شاهد كباراً في السن ترتعش أيديهم ولا يقدرون على الإمساك بكأس الماء، أو المشي بتوازن مثلاً، فيتبادر إلى أذهاننا الكثير من التساؤلات عن هذا المرض، وما هي أسبابه، وهل يوجد علاج له، دعونا نتعرف في هذا المقال إلى إجابات هذه التساؤلات.



ما هو مرض الشلل الرعاشي؟

  • يُعرَف مرض الشلل الرعاشي بـ "داء باركنسون"، نسبةً لمكتشفه وهو الطبيب الإنجليزي "جيمس باركنسون"، الذي نشر عام 1817 كتابا مؤلفاً من 66 صفحة عن هذا المرض.
  • يُعَدُّ الشلل الرعاشي من الأمراض العصبية المزمنة الشائعة، والتي تظهر عند كبار السن؛ حيث تبدأ أعراضه السريرية بالظهور بدءاً من سن 60 سنة، وهو عبارة عن تلف يُصيب جزءاً معيناً في الدماغ المُسمى بـ "المادة السوداء"، وهي المسؤولة عن إفراز "الدوبامين" الناقل العصبي الذي ينقل الإشارات من الدماغ إلى العضلات؛ لذا هو المسؤول عن تنسيق الحركات وتوازن الجسم، وأيَّة مشكلة في إفرازه ستؤدي إلى مشكلات في الحركة والتوازن.
  • يُعَدُّ الرجال أكثر عرضة من النساء للإصابة بداء باركنسون.
  • متوسط عمر مريض الشلل الرعاشي، هو متوسط عمر الشخص السليم نفسه، في حال شُخِّصَ الشلل الرعاشي في وقت مبكر، وعلاجه بشكل صحيح.
  • ومن أشهر الشخصيات التي أُصيبَت بالشلل الرعاشي: الممثل "مايكل جي فوكس"، والدراج الأولمبي "ديفيس فيني"، والملاكم الراحل "محمد علي".
  • يُعاني أكثر من 10 ملايين شخصاً حول العالم من مرض الشلل الرعاشي.

تشخيص مرض الشلل الرعاشي:

يحدث التباس بين أعراض الشلل الرعاشي مع أعراض اضطرابات أخرى؛ إذ قد تُفسَّر التغيرات على أنَّها علامات شيخوخة أو هشاشة عظام؛ لذا يحتاج التشخيص إلى طبيب مختص بالأمراض العصبية واضطرابات الحركة، الذي يقوم بجمع المعلومات التفصيلية عن التاريخ المَرَضي للمريض، والأدوية التي يأخذها، وهل تعرَّض للسموم خلال حياته، ويطلب منه إجراء بعض الاختبارات التصويرية كالتصوير بالرنين المغناطيسي.

إقرأ أيضاً: أمراض الشيخوخة الشائعة وطرق الوقاية منها

أسباب مرض الشلل الرعاشي:

أسباب الشلل الرعاشي غير معروفة حتى يومنا هذا، فهو مرض "ذاتي الاعتلال"، ولكن توجد مجموعة من العوامل التي تحرض على ظهوره لدى الإنسان، مثل:

1. العوامل الوراثية:

يزيد التاريخ العائلي والعوامل الجينية الوراثية لدى الإنسان، من احتمالية الإصابة بالشلل الرعاشي.

2. العوامل البيئية:

يزيد تعرُّض الشخص لأنواع معينة من السموم (كالمبيدات الحشرية أو مبيدات الأعشاب) أو استنشاقها، من احتمالية إصابته بالشلل الرعاشي.

3. الالتهابات الفيروسية:

إصابة الجهاز العصبي بالتهابات فيروسية.

4. نقص إفراز مادة الدوبامين:

المسؤولة عن توازن وحركة الجسم.

5. أدوية معينة:

قد يؤدي تناول بعض أنواع الأدوية النفسية إلى زيادة احتمال الإصابة بالمرض؛ حيث تؤدي إلى تقليل كمية الدوبامين أو تُسبب منع ارتباطه بالمستقبلات، وقد تكون رعشة اليدين من أعراض بعض أدوية الصرع والحساسية والكورتيزون.

علاج مرض الشلل الرعاشي:

حتى اليوم لا يوجد علاج جذري لداء باركنسون، ولكن يمكن تخفيف الأعراض وتطور المرض، من خلال:

1. العلاج الدوائي:

تُستخدَم أنواع معينة من الأدوية في تفعيل نظام الدوبامين، وتوازن إفراز مواد النواقل الكيميائية في المخ، وتخفيف أعراض المرض من رعاش ومشكلات في المشي والحركة، ومن هذه الأدوية:

  • ليفودوبا الذي يُعَدُّ من الأدوية الأكثر فاعلية في علاج الشلل الرعاشي؛ لأنَّه مادة كيميائية تتحول إلى الدوبامين الذي يحتاجه المريض.
  • يفيد استنشاق دواء كاربيدوبا وليفودوبا في السيطرة على أعراض الشلل الرعاشي.
  • مضادات الفعل الكوليني التي تزيد من إفراز مادة الأستيل كولين في المخ.
  • دواء أمانتادين.
  • دواء البارلوديل.

2. العلاج الجراحي:

يتم اللجوء للعلاج الجراحي عند زيادة الأعراض، وعدم الاستجابة للعلاج الدوائي؛ وذلك بإجراء عمل جراحي يُزرَع من خلاله أقطاب كهربائية في المخ، التي ترسل نبضات كهربائية، لتحفيز خلايا الدماغ وزيادة إفراز الدوبامين، وتثبيط المناطق التي تُنتج ناقلات عصبية مضادة للدوبامين، للتقليل من أعراض المرض.

3. العلاج الطبيعي:

يساعد العلاج الطبيعي على تحسين قدرات المريض الحركية، وزيادة قوة العضلات، وثقته بنفسه، من خلال ممارسة التمرينات الرياضية كالمشي والسباحة وتمرينات الإطالة، وأيضاً يُعَدُّ العلاج بالتدليك هاماً جداً لمريض الشلل الرعاشي، لتقليل شد العضلات وتعزيز شعور المريض بالاسترخاء والراحة.

4. اتباع نمط غذاء صحي:

أحد عناصر علاج الشلل الرعاشي هو اتباع نمط غذاء صحي، باعتماد غذاء غني بالحبوب الكاملة والألياف، وشرب كميات كبيرة من السوائل والماء؛ وذلك لتجنب الإمساك الذي يعاني منه، وتناول الخضار والفواكه الغنية بمضادات الأكسدة والمعادن والفيتامينات الضرورية لتغذية ودعم عضلات وأعصاب الجسم، والأطعمة الغنية بالكالسيوم لتقوية وصلابة العظام وتقليل الكسور، والبروتين لحماية العضلات وتقويتها، والأطعمة الغنية بأحماض الأوميغا 3 الدهنية المفيدة في حالات الشلل الرعاشي، مثل: السمك، والبيض، والجوز، بالإضافة إلى الأطعمة المفيدة في التحكم بمستويات السكر وضغط الدم والكوليسترول في الدم.

إقرأ أيضاً: نصائح لتحقيق نظام غذائي صحي ومتكامل

أعراض مرض الشلل الرعاشي:

من أبرز أعراض مرض الشلل الرعاشي:

  • ظهور رجفة ورعشة في الأطراف، كاليدين والذراعين والساقين والفك والوجه.
  • حركة جسم بطيئة.
  • فقدان التوازن في أثناء الوقوف والمشي.
  • جر القدمين في أثناء المشي.
  • صعوبة في النهوض واستئناف الحركة بعد توقفها.
  • تصلب في الأطراف أو الجذع.
  • انحناء القامة إلى الأمام أو الخلف.
  • البطء العام في الحركة، فتأخذ نشاطات بسيطة كارتداء الملابس أو الاستحمام ساعاتٍ عدَّة.
  • الخرف وتراجع القدرات العقلية.
  • جفاف العين والتهاب الملتحمة؛ إذ تؤثر قلة مادة الدوبامين في عضلات الجسم ومنها عضلات العين، فتضعف حركة فتح وإغماض جفن العينين.
  • فقدان السيطرة على التحكم في تعبيرات الوجه.
  • فقدان القدرة على الكتابة، ويصبح الخط أصغر ومرتعشاً.
  • اضطرابات في النوم.
  • الشعور بالدوخة عند الوقوف؛ بسبب انخفاض ضغط الدم الانتصابي.
  • ضعف حاسة الشم.
  • مشكلات الجهاز الهضمي والإصابة بالإمساك.
  • الشعور بالإرهاق وفقدان الطاقة.
  • الشعور بالألم في مناطق كثيرة في الجسم.
  • اضطرابات في النطق، والإصابة بالتهتهة في الكلام، وفقدان القدرة على تغيير نبرة الصوت؛ إذ يصبح الصوت ناعماً وبنغمة واحدة.

مضاعفات مرض الشلل الرعاشي:

قد تحدث مضاعفات للمرض، مثل:

  • صعوبة في البلع والمضغ؛ نتيجة تأثير المرض في عضلات البلع؛ الأمر الذي يؤدي إلى إبطاء عملية البلع، وزيادة خطر الشرقة في أثناء الأكل.
  • مشكلات في التبول، فقد يظهر لدى مرضى الشلل الرعاشي سلس بولي أو احتباس للبول.
  • الإصابة بالإمساك أو البواسير؛ بسبب بطء حركة عضلات الأمعاء.
  • الاكتئاب، فغالباً ما يُصاب مريض الشلل الرعاشي بالاكتئاب؛ نتيجة تأثره بأعراض المرض، وتراجع قدراته الحركية والعقلية.
  • يُعاني بعض المرضى من الضعف الجنسي.

علامات تحذيرية لمرض الشلل الرعاشي:

توصلَت بعض الأبحاث الأخيرة إلى وجود علامات تحذيرية لمرض الشلل الرعاشي، تحدث قبل وقت مبكر من ظهور أعراض تغيرات الحركة، وعَدُّوها كمؤشر للإصابة بالمرض لاحقاً، وهي:

1. فقدان حاسة الشم:

أظهرت الدراسات التي أُجرِيَت على مرضى الشلل الرعاشي، أنَّهم تعرَّضوا لتغيرات في حاسة الشم؛ وذلك قبل سنوات من ظهور مشكلات الحركة لديهم، وأشارت الأبحاث أنَّ نسبة 90% من المرضى كانوا قد فقدوا حاسة الشم في وقت مضى.

2. اضطراب النوم:

خلُصَت الكثير من الأبحاث إلى أنَّ معظم مرضى الشلل الرعاشي، عانوا من تغيرات في أنماط النوم في وقت مضى، وتحديداً ما يُعرَف بـ "حركة العين السريعة"؛ حيث يتحرك المصاب بهذا الاضطراب بشكل عنيف في أثناء النوم، لدرجة يؤذي بها نفسه، وغالباً لا يتذكر ما فعله عندما يستيقظ، وكانت النتيجة التي توصلَت إليها الأبحاث، أنَّ الذين عانوا من هذا الاضطراب، أُصيبوا بمرض الشلل الرعاشي خلال الـ 10 سنوات التالية من حياتهم.

3. الإمساك:

بحسب الدراسات فإنَّ أغلب مرضى داء باركنسون عانوا من مشكلات في الجهاز الهضمي والإمساك، قبل فترة طويلة من ظهور مشكلات الحركة.

إقرأ أيضاً: أمراض الجهاز الهضمي وكيفية تحصينه منها

4. القلق والاكتئاب:

يعاني أغلب مرضى الشلل الرعاشي من تغيرات الحالة المزاجية، وإصابة بالقلق والاكتئاب قبل 10 سنوات من تشخيص المرض، وسببها التغيرات في النشاط الكيميائي للدماغ.

شاهد بالفيديو: 6 استراتيجيات لتحفيز الذات عند الإحساس بالاكتئاب

الغناء الجماعي والشلل الرعاشي:

أجرى باحثون من جامعة ولاية "آيوا" للعلوم التقنية تجربة على مجموعة أشخاص مصابين بمرض الشلل الرعاشي، برئاسة الأستاذة المساعدة في علم الحركة بالجامعة "إليزابيث ستيجمولر"، وكانت غاية التجربة دراسة تأثير الغناء في مرضى الشلل الرعاشي.

  • توصلت التجربة إلى ملاحظة تحسُّن على مرضى الشلل الرعاشي بعد جلسات الغناء الجماعي والاستماع للموسيقى على مدار سنتين؛ إذ لوحظ تحسُّن في قدرتهم على التحكم بالجهاز التنفسي، وعلاج مشكلات النطق والبلع لديهم.
  • كما طُلِب من المرضى ملء استبيان عن مشاعرهم ومستويات الحزن والقلق لديهم قبل وبعد الجلسات، ولوحِظ تحسُّن حالتهم المزاجية، واتسامهم بالحماسة، وبالمعنويات المرتفعة.
  • كما ساهمت جلسات الغناء في تحسين معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ومستويات الكورتيزول لديهم.
  • وكانت النتيجة الأهم، هي ملاحظة تحسُّن ملحوظ في بعض الأعراض الحركية للمرضى؛ إذ تحسَّن البطء في حركة الأطراف، بالإضافة إلى تحسُّن المشي.
  • حاول العلماء في نهاية الدراسة تفسير تأثير الغناء الجماعي في مرضى الشلل الرعاشي، فتوصلوا إلى أنَّ الأمر غالباً ما يعود إلى هرمون الحب "الأوكسيتوسين"، الذي يُفرَز لدى المرضى في أثناء الغناء الجماعي، وهو ذاته الذي يُفرزه الجسم في أثناء العناق.
  • وخلُصَت هذه التجربة إلى إمكانية استخدام الغناء الجماعي كوسيلة علاجية فعالة وغير مكلفة، لعلاج مرضى الشلل الرعاشي.

هل يمكن الوقاية من الشلل الرعاشي؟

لا توجد أدلة كافية عن سبل الوقاية من مرض الشلل الرعاشي، خاصةً أنَّ السبب المباشر له ما يزال غير معروف، لكن قدَّم العلماء بعض السبل المفيدة في هذا الخصوص:

  • تُقلل ممارسة الرياضة والتمرينات الهوائية والمشي بانتظام، من احتمال الإصابة بمرض الشلل الرعاشي.
  • توصلَت بعض الأبحاث إلى نتيجة غريبة، وهي أنَّ استهلاك الكافيين (الموجود في القهوة والشاي والكولا)، يفيد في تقليل احتمال الإصابة بمرض الشلل الرعاشي.

في الختام:

في ظل عدم التوصل حتى الآن إلى علاج لمرض الشلل الرعاشي، تبقى الوقاية هي الوسيلة الوحيدة في تقليل خطر الإصابة به عند التقدم في العمر، المتمثلة باتباع نمط حياة صحي والالتزام بالرياضة والغذاء الصحي والنوم الكافي.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة