الشخصية العطوفة: تعريفها، وسماتها، وأسبابها، وطرق علاجها

تقودها عاطفتها وطيبة قلبها، وتسعى جاهدة إلى كسب رضا الآخرين ولو على حسابها، ولا تثق في مدى صحة أفعالها؛ الأمر الذي يجعلها ترضخ إلى أي انتقاد يوجَّه إليها حتى إن كان خاطئاً وغير موضوعي.



لا تفضل المواجهة والمصارحة، بل تنزع إلى الصمت وكبت المشاعر في حال استيائها من شخص ما؛ ذلك لأنَّ العلاقات الاجتماعية محور اهتمامها وغايتها الأساسية، وهي على استعداد لأن تتحمل الألم النفسي طمعاً في استمرار علاقاتها الاجتماعية.

تعتقد أنَّ المجتمع مكوَّن من نسخ كربونية عنها وعن قيمها، فهي لا تُدرِك وجود أشخاص مختلفين عنها وبعيدين عن قيمها بسبب طيبتها المفرطة، الأمر الذي يجعلها معرضة إلى الكثير من محاولات الاستغلال والتلاعب والنصب.

لم تعتد على الاستقلالية في قراراتها وحياتها، بل اعتادت على السماح للآخرين بالتدخل في كل مفاصل حياتها، الأمر الذي جعل من قدرتها على إدارة حياتها واتخاذ قراراتها المصيرية بمفردها أمراً في غاية الصعوبة، ويكاد يكون مستحيلاً؛ فهي تميل إلى إشراك الناس في اتخاذ قرارتها، ولا تحتفظ لنفسها بمعلومات معينة، ممَّا يجعلها عرضة إلى الابتزاز من قبل أشخاص عديمي القيم والضمير.

مَن هي الشخصية العطوفة؟

هي شخصية طيبة القلب، وودودة مع الآخرين لدرجة كبيرة، وعاطفية لدرجة الإدمان، ومسامحة لدرجة التنازل عن حقوقها، وكثيرة الكلام لدرجة الصراحة المفرطة والمؤذية، وواثقة بالآخرين لدرجة السذاجة، ومعرضة إلى الاستغلال والابتزاز من جراء مثاليتها في وسط مجتمع يرزخ تحت وطأة المصلحة والبطش والطمع.

صفات الشخصية العطوفة:

1. العاطفة المفرطة:

تترك الشخصية العطوفة مَهمَّة تقرير حياتها لقلبها وعواطفها، ولا تعتمد على تحليل الأمور واستنباط الحقائق؛ فهي شخصية بعيدة عن العقلانية في حياتها وسلوكاتها، الأمر الذي يجعلها عرضة إلى الابتزاز.

2. التردد في اتخاذ القرارات:

اعتادت الشخصية العطوفة على أخذ رأي الآخرين في كل أمر في حياتها، الأمر الذي أبعدها عن الاستقلالية في الشخصية، وجعل قدرتها على اتخاذ القرارات بمفردها منخفضة.

شاهد بالفيديو: نصائح للتخلّص من التردد في اتخاذ القرارات

3. الهروب من المواجهة:

لا تعبِّر الشخصية العطوفة عن مشاعر الغضب والاستياء التي تشعر بها نتيجة لتصرفات شخص ما، بل تعمد إلى الهروب من المواجهة، وتؤجِّل الحديث في الموضوع إلى أجلٍ غير مُسمَّى، ويؤدي كبتها المستمر للمشاعر وعدم إظهارها إلى تحويل الشخص العطوف إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار يوماً ما.

4. الصراحة المبالغ فيها:

لا تحتفظ الشخصية العطوفة بأي معلومات لذاتها، بل تسعى إلى مشاركة كل ما لديها مع الآخرين دون أن تتأكد من أمانتهم وحسن تفهمهم لها؛ ممَّا يوقعها في مشكلات عديدة وصدمات مؤلمة.

5. الثقة وحسن الظن المبالغ فيه:

تعتمد الشخصية العطوفة على إعطاء الطرف الآخر الكثير من الثقة، متوقعة أن يبادلها أفضل التصرفات والسلوكات، دون أن تُدرِك وجود اختلاف كبير في القيم والمعتقدات بين الناس.

6. التسامح إلى حد التنازل عن الحقوق:

لا تحمل الشخصية العطوفة الضغائن في قلبها؛ فهي كريمة جداً في أخلاقها، وتميل الى مسامحة كل شخص يؤذيها.

7. ضعف تقدير الذات:

تُرجِّح الشخصية العطوفة آراء الآخرين في كل أمر في حياتها، الأمر الذي يدفعها إلى الاستسلام لانتقادات الناس؛ فتجدها دائمة الشك في قدراتها، وتجعل كلام الآخرين قانوناً لحياتها، دون أن تُحلِّل إن كانت انتقاداتهم أو أفكارهم موضوعية أم لا.

إقرأ أيضاً: 8 صفات يتميّز بها أصحاب تقدير الذات المنخفض

8. العطاء دون مقابل:

تحب الشخصية العطوفة الآخرين من صميم قلبها، وتعطيهم الكثير دون انتظار مقابل، ودون أن تُدرِك أنَّ الحياة عبارة عن أخذ وعطاء.

ما أسباب تكوُّن الشخصية العطوفة؟

يعدُّ أسلوب التربية المتبع من قبل الأهل أهم سبب في تكوُّن الشخصية العطوفة، حيث يؤدي تبنِّي أسلوب الصرامة أو الدلال المفرط في التربية إلى خلق طفل ضائع لا يملك خطة واضحة لحياته، فقد اعتاد على عدم إعمال عقله وانعدام التخطيط والمسؤولية في حياته.

لن يتعلم الطفل الاعتماد على ذاته في كلتا الحالتين، وسيكون متردداً في اتخاذ القرارات وضعيف الثقة بنفسه، ويشكل الآخرون محور حياته وجوهرها، ويعوِّض بعاطفته الحارة عمَّا عاناه من ضياع وتشتت.

علاج الشخصية العطوفة:

  1. العمل على تنشئة الطفل على مهارات التواصل والسماح له بالتعبير عن رأيه بحرية لكي تزداد ثقته بنفسه، بالإضافة إلى تنمية مهارات التفكير التحليلي لديه والقدرة على اتخاذ القرارات وحل المشكلات، وذلك من خلال خلق مشكلة ما وطلب رأيه في معالجتها.
  2. على الشخصية العطوفة العمل على تنمية مهارات التفكير النقدي لديها، بحيث لا تقع ضحية ابتزاز أو عملية نصب من جراء ثقتها الزائدة بالآخرين.
  3. على الشخصية العطوفة العمل على تنمية مهارة التواصل مع الآخرين، ودراسة جميع أنماط الشخصيات، بحيث تدرك أنَّ الناس مختلفون جداً عن بعضهم بعضاً في القيم والمعتقدات والأفكار، وليس بالضرورة أن يتقاسموا معها قيمها ومبادئها.
  4. يستطيع المعالج النفسي تطبيق تقنية "المواقف الافتراضية" في علاج الشخصية العطوفة، بحيث يُعرِّضه إلى مواقف حياتية قاسية وافتراضية، ويقيس ردة فعله تجاهها؛ حيث يستطيع بذلك تحديد نقاط ضعفه، وتنمية آليات دفاعية لمواجهتها.

الخلاصة:

تُعطِي العاطفة والإحساس بمعاناة الآخرين والسعي إلى مساعدتهم قيمة مضافة وغنية تُثرِي حياة الشخص وتعطيها معنى وعمق؛ ولكن يجب أن تُعطَى هذه القيم بطريقة واعية ومدروسة، بحيث لا تؤدِّي إلى خسارة الشخص لحياته وهناء باله وراحته النفسية.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة