الشخصية الدبلوماسية: صفاتها وميزاتها وعيوبها

إنَّ الإنسان الذي يسعى إلى النجاح في الحياة يحتاج إلى العديد من الصفات والميزات التي تجعله مختلفاً عن الآخرين؛ لأنَّ النجاح لا يأتي عن طريق الصدفة أو الحظ كما يعتقد بعض الناس؛ إنَّما يحتاج إلى الكثير من الاجتهاد والحكمة والمثابرة والإرادة القوية ومهارات التواصل أيضاً.



فمن خلال مهارات التواصل، يتمكن الإنسان من التكيف مع محيطه لأنَّه يصبح قادراً على تبادل الثقافات والخبرات مع الآخرين، وفهم مشاعرهم، واجتياز الصعوبات في العلاقات المختلفة وخاصة علاقات العمل؛ وذلك من خلال قدرته على التحدث والتعبير عن أفكاره بثقة كبيرة، ومن ثمَّ الوصول إلى الأهداف التي يسعى إليها.

تُعَدُّ الشخصية الدبلوماسية شخصية تمتلك مختلف مهارات التواصل في الحياة، والدبلوماسية هي صفة مطلوبة دائماً؛ لأنَّ الإنسان سوف يتعرض في حياته للكثير من المشكلات والعقبات التي عليه تجاوزها ليستطيع إكمال مشواره الذي بدأ به، وسوف يقابل الكثير من الناس المختلفين معه بوجهات النظر، وقد يضطر إلى العمل معهم أو العيش معهم في نفس البيئة، ومن ثمَّ لا بد أن تكون الدبلوماسية إحدى صفاته؛ لذلك سنوضح لك مفهوم الشخصية الدبلوماسية وكيف تكون شخصاً دبلوماسياً في هذا المقال.

مفهوم الشخصية الدبلوماسية:

هي الشخصية التي تمتلك العديد من الصفات الإيجابية التي تجعلها تنجح في تشكيل علاقات اجتماعية جيدة؛ إذ إنَّ كلمة دبلوماسية تعني الحرفية في إدارة الحوار، ومن ثمَّ الشخص الدبلوماسي هو من يستطيع إدارة حوار ناجح في مختلف مجالات الحياة؛ لأنَّه يعرف متى وكيف وأين يتحدث، ويعرف كيف يقول الحقيقة بطريقة تراعي مشاعر الطرف الآخر ليتجنب بذلك الخلافات المحتمل حدوثها، كما أنَّه قادر على تقبُّل مشاعر وأفكار ومعتقدات الآخرين دون تجريح؛ لذلك وجود الشخصية الدبلوماسية هام جداً لحل الخلاف وإيجاد نقاط مشتركة بين طرفين متنازعين.

صفات الشخصية الدبلوماسية:

للشخصية الدبلوماسية العديد من الصفات التي يمكن تصنيفها إلى صفات إيجابية (ميزات) وصفات سلبية، وسنوضح كلاً منها:

ميزات الشخصية الدبلوماسية:

نجاح الشخص الدبلوماسي في إنشاء العلاقات الجيدة أو إصلاح العلاقات السيئة يعود إلى امتلاكه للصفات الإيجابية الآتية:

1. الانفتاح على التجربة:

إذ يمتلك الإنسان الدبلوماسي عقلية منفتحة، فعندما يوضع في بيئة جديدة وذلك بحكم عمله أو دراسته أو غيرها من الظروف، يكون على استعداد للتعرُّف إلى البيئة الجديدة وفهمها من خلال التعرُّف الجيد إلى الناس الموجودين فيها.

ولا يكتفي فقط بمعرفة ثقافاتهم وتقاليدهم؛ إنَّما يحترم كل ما عرفه عنهم؛ لأنَّ ذلك هو السبيل إلى فهم طريقة تفكيرهم، ومن ثمَّ فهم وجهات نظرهم في مختلف الأمور حتى إن اختلفت مع وجهة نظره، فالعقلية المنفتحة هي أساس تكوين علاقات متينة مع الآخرين وهي أساس الصفات الإيجابية الأخرى التي سنذكرها لاحقاً.

2. الاستقرار العاطفي:

الشخص الدبلوماسي ذو مزاج هادئ دائماً، ففي مختلف المجالات والعلاقات لا بد من حدوث بعض الفوضى؛ أي يمكن القول إنَّ الفوضى حتمية في هذه الحياة؛ لذلك الهدوء ضروري جداً في الكثير من المواقف التي قد تؤدي العصبية فيها إلى إحداث فرق كبير في النتائج.

لكن لا يعني ذلك أنَّ الشخص الدبلوماسي لا يغضب لأنَّه من المستحيل وجود إنسان لا يغضب، لكنَّ الدبلوماسي يعرف كيف ينظم عواطفه ويديرها بالشكل المناسب للموقف الذي يتعرض له؛ أي يمكن أن نصف الشخص الدبلوماسي بأنَّه شخص صبور جداً ويتمتع بالكثير من الثبات الذي يجعله قادراً على تقبُّل الأحداث التي تجري، والتعامل مع التحديات والضغوطات والتغيرات الطارئة في الحياة التي لا يمكن توقعها أحياناً.

إقرأ أيضاً: 14 طريقة مُجرَّبة لتحسين مهارات التواصل

3. المسؤولية:

لا يمكن تحقيق الأهداف المرجوة من أيَّة علاقة أو عمل إن لم يكن الإنسان يمتلك إحساساً قوياً بالواجب يجعله على مستوى عالٍ من الصدق، وهذا ما يميز الشخص الدبلوماسي، فهو قادر على تحمُّل المسؤولية في الحياة اليومية بمختلف جوانبها، ويمكن الاعتماد عليه دائماً في أصعب الأمور وأبسطها أيضاً؛ وذلك لأنَّه لا يقلل من شأن أي أمر.

4. اللطف:

يحاول الشخص الدبلوماسي أن يجعل الآخرين سعداء قدر الإمكان؛ إذ نلاحظ أنَّه يهتم بتقديم يد العون والمساعدة إليهم، وربما تعاطفه مع الآخرين هو ما يجعله قادراً على فهم مشاعرهم، وإضافة إلى ذلك فهو يساعد الإنسان على فهم مشاعره الذاتية أيضاً، كما أنَّ إبقاء الطرف الآخر سعيد هو جزء أساسي من عمل الدبلوماسي في كسب ما يريد من أيَّة علاقة مع الآخرين، لكن بشرط أن يبقى صادقاً في أفكاره وسلوكه أيضاً؛ أي إنَّه لا يسعى إلى تحقيق أهدافه بالاحتيال أو الكذب أبداً.

5. الرغبة الدائمة في التواصل الاجتماعي:

قد تعتقد أنَّ هذه الصفة تشبه الانفتاح على التجربة الذي تحدثنا عنه آنفاً إلا أنَّهما مختلفان قليلاً؛ وذلك لأنَّ الشخص الدبلوماسي يميل بطبعه إلى التواصل مع الآخرين دائماً دون خجل في ذلك، فهو متحدث جيد ومستمع جيد أيضاً ومستعد دائماً للتعرُّف إلى الناس بمختلف مجالات عملهم أو اهتماماتهم في الحياة حتى إن لم يكن مضطراً إلى ذلك لأنَّه فضولي نوعاً ما، فإنَّ الانطوائية تمنع الإنسان من أن يصبح دبلوماسياً.

6. الموضوعية:

الشخص الدبلوماسي قادر على التعامل مع الآخرين بعيداً عن أيَّة اعتبارات سياسية أو دينية، ومن ثمَّ هو قادر على حل أيَّة مشكلة دون التحيز إلى طرف معين لمجرد الانتماء الديني أو غيرها من الاعتبارات التي تتسبب أحياناً في تهويل المشكلات بين الناس أو قد تكون هي سبباً للمشكلة.

عيوب الشخصية الدبلوماسية:

على الرغم من الصفات الإيجابية التي تحدثنا عنها إلا أنَّ لكل شخصية صفات سلبية أيضاً، وإليك أبرزها:

1. الشك الذاتي:

يسأل الشخص الدبلوماسي نفسه دائماً وخاصةً في الأزمات والمشكلات التي يحاول حلها؛ إذ يقوم بتحليل تصرفاته لمعرفة إن كانت صحيحة أو لا، ونتيجة خياله النشط فإنَّه يفكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار في الحياة وخاصةً القرارات المصيرية، وعلى الرغم من أنَّنا جميعاً نشك في ذاتنا، لكن يمكن أن يتطور الأمر ليصبح عائقاً أمام القيام بالمهام المطلوبة وتحقيق الأهداف التي يريدها في الحياة.

2. المشاعر السلبية:

يقوم الإنسان الدبلوماسي بتوجيه المشاعر السلبية المرتبطة بأشياء حدثت في الماضي أو بمخاوف من المستقبل إلى العالم الخارجي.

شاهد بالفديو: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة

كيف أصبح شخصاً دبلوماسياً؟

ليس من الصعب أن يصبح الإنسان شخصاً دبلوماسياً، فكل ما عليه هو اتباع النقاط الآتية:

1. التواصل الفعال:

يجب أن يمتلك الإنسان طريقة فعالة للتواصل مع الناس، ويتم ذلك من خلال ما يأتي:

الاختيار الدقيق للكلمات عند التحدث:

وخاصةً عند التحدث بالأمور الحساسة مع الآخرين، فلا يمكن التحدث عن حزن شخص ما دون التعاطف معه، فمثلاً عندما يفشل أحد ما في أمر يمكنك أن تقول له: "أنا واثق من نجاحك في المرة القادمة" بدلاً من أن تقول: "لا تحاول مرة أخرى فقد تكرر الفشل وتحزن مجدداً".
إن أردت رفض دعوة لحضور حفل مثلاً، فبدلاً من أن تجيب بكلمة "لا" فقط يمكنك أن تقول: "من اللطيف جداً أن تقوم بدعوتي، لكن لدي الكثير من العمل وأنا مضطر إلى الرفض، لكن سأحرص في المرة القادمة على الحضور".

اختيار أسلوب تواصل جيد:

فلكل موقف في الحياة أسلوب مناسب له ونجاح أي أمر يحتاج إلى ذلك، فمثلاً إن أردت إخبار زميل لك خبراً غير سار متعلق بالعمل، يمكنك الذهاب إليه وإخباره بعد تمهيد الموضوع قدر الإمكان وليس بإرسال رسالة قصيرة تحتوي على الخبر فقط.

اتباع آداب الحوار:

وذلك كي تضمن احترام الطرف الذي تحاوره واستماعه الجيد لآرائك، فمثلاً لا يجب مقاطعته في أثناء الكلام، أو الانتقال إلى حديث آخر قبل انتهاء النقاش السابق، أو رفع الصوت في أثناء التكلم.

الانفتاح على الأفكار الجديدة:

فلا يكفي الاستماع لما يقوله الطرف الآخر؛ إنَّما يجب إبداء الاحترام لرأيه والاهتمام أيضاً، فمثلاً خلال الحديث يمكن أن تقول للطرف المتحدث: "وماذا حدث بعد ذلك؟"، كما أنَّ بعض التصرفات تشير إلى عدم الاهتمام؛ لذا يجب الابتعاد عنها، مثل عقد الساقين وهز واحدة منهما، أو النظر إلى شيء آخر غير المتحدث.

تقبُّل الانتقاد:

لا بد من قيام الآخرين بتوجيه النقد لك مهما كان مستواك الوظيفي أو العلمي أو حتى الاجتماعي؛ لذلك عليك أن تكون هادئاً قدر الإمكان حتى إن كان النقد الموجه غير بنَّاء.

إقرأ أيضاً: 6 مفاتيح أساسية للتواصل بشكل فعّال مع الآخرين

2. القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة:

ويتم ذلك من خلال ما يأتي:

جمع المعلومات:

الإنسان الدبلوماسي يمتلك الكثير من الحقائق والمعلومات التي تجعله قادراً على الإجابة عن الأسئلة المحرجة، فمثلاً قبل حضورك لاجتماع ما عليك التحضير جيداً وجمع كافة المعلومات التي تتعلق بموضوع الاجتماع؛ وذلك من خلال اللجوء إلى أصحاب الخبرات أو الكتب العلمية أو الإنترنت كي لا تُحرَج عند توجيه الأسئلة إليك.

القدرة على النقاش:

وهذا الشيء هام جداً للوصول إلى حلول مُرضية مع الأشخاص المختلفين عنك في الرأي والتفكير، فلا يمكن ذلك إن لم تكن على استعداد للتفاوض دائماً.

اختيار الوقت المناسب:

يجب أن تدرك متى عليك التحدث ومتى عليك الصمت، فأحياناً يطلب الإنسان طلباً ما أو يتحدث بفكرة مع شخص بوقت غير مناسب فيتحول النقاش إلى خلاف، كأن تطلب من مديرك إجازة بعد انتهاء اجتماع سيئ أو عند تراكم الأعمال في الشركة، فيقوم بالرفض بشكل سيئ على الرغم من أنَّ الحصول على إجازة يُعَدُّ من الحقوق الطبيعية ولكنَّك لم تحسن اختيار الوقت.

3. القدرة على حل المشكلات:

ويتم ذلك من خلال ما يأتي:

الصبر:

فكما قلنا آنفاً إنَّ الصبر من ميزات الشخص الدبلوماسي، ويتجلى ذلك عند حدوث مشكلة ما أو عند التدخل لحل نزاع بين طرفين؛ إذ يجب أن تكون صبوراً لأقصى الدرجات مهما احتدم الخلاف بهدف إيجاد الحل المنطقي المُرضي للجميع.

التعاطف مع الآخرين:

يجب أن تكون قادراً على تفهُّم وجهات نظر الآخرين وعدم التقليل من شأن أحد لأنَّه مختلف معك بالرأي أو نتيجة لتحيزك لثقافة معينة أو سياسة أو دين، وعليك أن تتعاطف مع الجميع دون التفكير في اعتبارات معينة؛ لأنَّ جميع الناس سواسية.

القدرة على التحليل الجيد:

لا يمكن الوصول إلى حل مناسب دون التحليل الجيد للمشكلة ورؤية الأمر من مختلف الجوانب؛ وذلك لمعرفة إيجابيات وسلبيات كل وجهات النظر المطروحة لحل مشكلة ما.

في الختام:

إنَّ الدبلوماسية ضرورية جداً كي ينجح الإنسان في علاقاته بمختلف مجالات الحياة العملية والعاطفية والاجتماعية وغيرها أيضاً، وبالطبع نحن لا نقول إنَّ الدبلوماسية هي الشرط الأساسي للنجاح، لكن أن تكون شخصية دبلوماسية يعني أنَّ النجاح هو الاحتمال الوحيد الموجود أمامك دائماً،.

كما لاحظنا آنفاً، هذه الصفة ليست حكراً على شخص معين؛ إنَّما يمكننا جميعاً اكتسابها؛ وذلك من خلال اتباع النقاط المذكورة آنفاً، وقد تعاني من صعوبة في البداية، لكن مع مرور الوقت يصبح الأمر أسهل لتصبح في النهاية الدبلوماسية إحدى صفاتك التي لا يمكنك التخلي عنها أبداً.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة