السمنة: أسبابها وأخطارها وكيفية التخلص منها

للأسف الشديد، لم يحرز العالم تقدماً ملحوظاً بشأن وضع علاج كامل فعَّال وكفيل بأن يقضي على السمنة بكل أعراضها وأخطارها ومسمياتها.



تعريف السمنة:

السمنة عموماً، واحدة من الظواهر غير الصحية الأكثر انتشاراً في المناطق الغربية، وفي الآونة الأخيرة، تدل الإحصائيات على أنَّها ظهرت بين الأحياء الأوروبية بشكل مرعب، حتى بات من الصعب تحديد خطة علاجية ناجعة أو إيجاد حل يقضي على السمنة المفرطة في الجسم.

تعريف الشخص المصاب بالسمنة:

يُعرَّف الشخص الذي يعاني من فرط السمنة (فرط الوزن) بأنَّه الشخص الذي يخزن في جسمه كتلاً شحمية ودهنية فائضة بكميات كبيرة لا يحتاج إليها الجسم؛ بل هو بغنى عنها.

تعريف مشعر كتلة الجسم (BMI):

هو مشعر يأخذ قياس الوزن إلى قياس الطول، ومن الضروري هنا، أن نشير إلى أنَّ مشعر كتلة الجسم عند الفرد الواقع تحت خطر السمنة المفرطة يبلغ أكثر من 30.

مخاطر السمنة:

لعلَّ أهم مخاطر السمنة، هي ما يتبعها من أعراض عديدة خطرة وشديدة منها:

حيث يُعطي الطبيب تشخيصاً واضحاً للمريض بأنَّه يعاني من سمنة مفرطة في حال كان مشعر كتلة الجسم لديه أكبر من 30.

كيف نحسب مشعر كتلة الجسم (BMI)؟

لمعرفة مشعر كتلة جسدك، احسب النسبة الآتية:

وزنك بالكيلوغرام إلى طولك بالمتر المربع، وهنا نناقش الحالات الآتية كنتائج:

  • وزن الجسم منخفض جداً: يكون مشعر كتلة الجسم أخفض من 18.5
  • وزن الجسم طبيعي:يكون المشعر 18.5-24.9
  • وزن الجسم زائد: يكون المشعر 25-29.9
  • شخص يعاني من السمنة: يكون المشعر 30 وما فوق.

أهم أسباب السمنة:

1. الكسل الجسدي:

نحن جميعاً نعلم أنَّ الأشخاص الذين يعانون من قلة نشاط يستهلكون طاقة أقل من الأشخاص النشيطين، وقد أظهرت نتائج المسح والدراسات الوطنية أنَّ هناك علاقة وثيقة بين الكسل الجسماني وزيادة الوزن عند الذكر والأنثى.

إقرأ أيضاً: أسباب الكسل والخمول وأهم النصائح للقضاء عليه

2. الإكثار من تناول الطعام:

إنَّ تناول كميات كبيرة من الدهون والحلويات والمعجنات، يؤدي إلى زيادة في الوزن بشكل تدريجي، وإن استمرت، تُفضي إلى نتيجة مزعجة على مستوى الصحة والجسم والنفسية.

3. الجينات:

تُعَدُّ السمنة من الأمراض الوراثية التي ينقلها الآباء إلى أولادهم نتيجة وجود الحاثات المشاركة في توزيع الدهون، ولعلَّ أهم الأسباب الوراثية للسمنة هو عوز الليبتن (Leptin)، وهو عبارة عن حاثة تُفرَز من الأنسجة الشحمية ومن المشيمة، عندما تكون كتلة الجسم أكبر؛ أي عندما تكون كمية الدهون أكبر في الجسم.

يعطي اللبتين رموزاً للدماغ لتناول مقادير أقل من الأطعمة الدسمة والسكرية، وفي حال لم يستطع الجسم تشكيل حاجة الخلية من اللبتين، أو بتعبير آخر، في حال لم يقدر اللبتين على إعطاء رموز للعضو المختص بالأوامر؛ أي الدماغ للتقليل من تناول الدهن؛ في هذه الحالة، يفقد الجسم السيطرة وتذهب السمنة باتجاه متسارع.

4. تطبيق برنامج غذائي يعتمد على تناول السكريات:

في الحقيقة، لقد بات أمراً غير واضح لماذا تصنف السكريات على أنَّها مواد تسبب بشكل أساسي زيادة الوزن وصولاً إلى السمنة المفرطة، لكن كلنا يعلم أنَّ السكريات تحث البنكرياس على إنتاج هرمون الأنسولين؛ وهذا يعطي الجسم وزناً زائداً.

يقول الخبراء، وهم غير متأكدين من مدى صحة هذا القول، إنَّ المواد الكربوهيدراتية (الحاوية على الكربون) الخفيفة مثل: السكريات، الفركتوز، المحليات، السكاكر، الكولا وغيرها من المشروبات، تسبب للجسم الكثير الكثير من الوزن الزائد؛ ذلك لأنَّه من السهل أن تُمتَص وتنتقل عبر مسار الدم، مقارنةً بالمواد الكربوهيدراتية المعقدة، والتي يصعب امتصاصها، مثل: المعكرونة، الأرز، الحبوب، الخضار.

5. نمطية تناول الطعام (عدد مرات الأكل):

هناك علاقة وثيقة بين كيفية تناول الطعام وزيادة الوزن، لكن على الرغم من الاعتقاد السائد بأنَّ الأشخاص ذوي الوزن الزائد يتناولون الطعام بنهم مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من خطر السمنة، إلا أنَّ هذا الاعتقاد خاطئ 100%؛ إذ إنَّ الأشخاص البدينين أقل تناولاً للطعام من الأشخاص الذين يتمتعون بالنحافة.

وقد توصل العلماء حديثاً إلى أنَّ الأشخاص الذين يتناولون ٤ أو ٥ أطباق خفيفة يومياً، يتمتعون بمنسوب منخفض من الكوليسترول في الجسم، وسكري أقل؛ بل وعلى العكس، يكون أكثر ثباتاً من أشخاص يأخذون طبقين أو ثلاثة من الغذاء يومياً فقط، كما دلت الإحصاءات والدراسات في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على أنَّ الأطباق القليلة التي تتكرر خلال اليوم الواحد تسبب منسوباً ثابتاً وصحياً من الأنسولين، على عكس الأطباق الضخمة المتناولة في اليوم مرة أو مرتين.

6. طريقة أخذ الجرعات الدوائية:

هناك العديد من الأدوية المسببة للسمنة، ومن جملة أهم أنواع هذه الأدوية نذكر: أدوية ضد الاكتئاب (سوء المزاج)، والأدوية التي تمنع الاضطرابات العصبية، كما يجب ألَّا ننسَ الحبوب التي تمنع الحمل وتؤخذ عبر الفم، بالإضافة إلى بعض الأدوية التي تؤخذ عند ارتفاع ضغط الدم، وأدوية ضد الهيستامين التي قد تسبب السمنة؛ إذ يتباين تأثير كل جرعة دوائية في زيادة الوزن بين كل جرعة من الجرعات المأخوذة.

في حال كنت تتناول أكثر من نوع واحد من أنواع الأدوية، وانتابك قلق بشأن تأثيراتها الجانبية، فبإمكانك مراجعة الطبيب في الحال؛ إذ إنَّ الاستشارة الطبية أمر صحي ومطلوب ويمنح الاطمئنان عند المريض ويشكل وقاية من انتكاسات قد تحدث لاحقاً.

7. الأمور المتعلقة بالنفس:

تؤثِّر المشاعر النفسية والعاطفية تأثيراً كبيراً وملحوظاً في طريقة تناول الطعام، وفي عدد مرات تناول الوجبة الغذائية في اليوم؛ إذ لا يأكل الناس بشكل متزايد في اليوم الواحد لأنَّهم جائعون فحسب؛ بل مرد ذلك لأسباب نفسية وعواطف جياشة يشعر بها الإنسان؛ إذ إنَّ الملل، والكسل، والخمول، والاكتئاب، والفراغ، واليأس وغيرها من مشاعر الكبت النفسي، قد تدفع صاحبها إلى تناول كميات رهيبة من الطعام؛ وهذا يعني أنَّه قد دخل في خطر السمنة.

8. عوامل مَرَضية:

هناك أمراض شائعة ومعروفة قد تعزز الإصابة بالسمنة، وتفتح للجسم مجالاً لأن تتراكم فيه المزيد من الشحوم والأنسجة الدهنية، ونذكر من هذه الأمراض: قصور غدة الدرق، متلازمة تكيس المبايض، متلازمة كوشينغ، فكل هذه المشكلات الصحية قد تكون سبباً رئيساً وعاملاً محفزاً لزيادة خطر السمنة.

9. عوامل متعلقة بالجوانب الحياتية والاجتماعية:

لا تتعلق زيادة خطر الإصابة بالسمنة بنوعية الغذاء وكميته ونسبة الدسم فيه فحسب، ولا بكميات الأطباق المتناولة في اليوم الواحد، ولا بنوع الأدوية وكيفية أخذها؛ إنَّما يمتد الموضوع ليشمل الأمور المعيشية والأوضاع الاجتماعية التي نعيشها.

كالافتقار إلى المال لشراء ما تستلذه النفس من الحلويات والمكسرات والفاكهة، وعدم توفر مكان واسع في البيت لممارسة اليوغا والتمرينات والمشي السريع، وعدم القدرة على الالتزام بدورات في المعاهد لتعلُّم الموسيقى والرسم والتمثيل والغناء وتنمية المواهب.

لذلك عوضاً عن هذه الأمور، يقضي الشخص معظم أوقاته في الأكل ليسد الفراغ الرهيب، وتعبيراً منه عن عجزه عن ممارسة أشياء أخرى أكثر أهمية، لعدم توفر أوضاع مناسبة.

بالإضافة إلى ما سبق، ثمة أسباب أخرى مساعدة لنمو وتطور السمنة؛ إذ إنَّ هنالك حالات معيَّنة تصاب بالسمنة، نذكر منها:

  1. المرأة الحامل: تعاني معظم النساء في فترة الحمل من وزن زائد، وبعد عملية الولادة، يصبح من الصعب التخلص من هذه المشكلة، ومع ذلك، تساهم عملية إرضاع الوليد من صدر الأم في تخفيف الوزن؛ لأنَّ الغذاء يذهب إلى الأم وطفلها معاً.
  2. الشخص الذي كان مدمناً على التدخين ثم أقلع عنه حديثاً: في الواقع، إنَّ مقاومة التدخين والانتصار على هذه العادة السيئة يرافقها زيادة في الوزن؛ إذ إنَّ المقلع عن التدخين، كان يتصور السيجارة مثل شيء شخصي ملازم له في مناسباته وأفراحه وأتراحه؛ لذا فمن الطبيعي، بعد أن تخلص من خندق الإدمان، أن يجد فراغاً مخيفاً من دون (سيجارة)، فيلجأ إلى تناول الطعام، ليس لأنَّه جائع؛ بل ليشبع وقته المكدس.
  3. الشخص الذي يعاني من قلة النوم: يُعَدُّ الأرق أو السهاد من أهم عوامل ازدياد خطر السمنة؛ إذ إنَّ الجسم يكون مستيقظاً في حالة الأرق الليلي، وكذلك ينشط الجهاز العصبي في الليل أكثر منه في النهار، فيعطي الأوامر إلى كل الأعضاء، ويضخ الطاقة إلى الدماغ، وفي أثناء الليل تُفرَز هرمونات تزيد الشهية للطعام وتحرك في جسد الإنسان غريزة الجوع؛ الأمر الذي يدفعه إلى أن يسرع نحو المطبخ ويأكل بنهم.

شاهد بالفيديو: 4 أسباب تزيد وزنك رغم الحمية

ماذا تعني مضاعفات السمنة؟

تسبب السمنة بمفهومها العام الخطير عوامل مَرَضية منها:

  1. السكتة الدماغية.
  2. أمراض القلب.
  3. ارتفاع ضغط الدم.
  4. ارتفاع نسبة الكوليسترول.
  5. مرض السكري.
  6. سرطانات الرحم وعنقه وبطانته، وسرطان الكلى، والقولون، والكبد، والمستقيم، والمريء، والبنكرياس، والمبايض، والمثانة، والبروستات، والثدي.
  7. صعوبات في الهضم وفي المرارة والمعدة والأمعاء والكبد.
  8. الأمراض النسائية والمشكلات الجنسية واضطراب الدورة الشهرية (الطمث) والعقم (فقد القدرة على الإخصاب والإنجاب)، وضعف الانتصاب وتأخُّر القذف عند الرجال.
  9. انقطاع النفس في أثناء النوم: ويقصد به توقف ترديد أخذ النفس خلال فترة النوم، وهو أمر في غاية الأهمية والخطورة.
  10. ترقُّق في العظام.

علاج السمنة وكيفية الوقاية منها:

  1. القيام بتمرينات رياضية تحرك أعضاء الجسم وتكسبه الطاقة، فالرياضة هي الحل الأفضل والأمثل والأقوى للقضاء على الشحوم المتراكمة في الجسم.
  2. شرب الماء يومياً بانتظام ست أو ثماني مرات في اليوم؛ إذ إنَّ الماء يعمل على إخراج عنصر الصوديوم بقوة، ومن ثمَّ يقلل من شهية الجسم نحو الأكل؛ وهذا يخفف من تراكم الدهون في الخلايا والأنسجة.
  3. تناول أغذية تكثر فيها الألياف: كالخضار والحبوب الكاملة والحبوب المعالجة؛ لأنَّها تحوي مقادير أقل من الدسم والحريرات، ولأنَّها بطيئة الهضم والتفكك في الأمعاء، ومن ثمَّ يطول انحلال المواد السكرية في النسيج الدموي؛ الأمر الذي يعطي الإنسان إحساساً بأنَّه شبعان مدة من الزمن، كما أنَّ هذه الأغذية غنية بعنصر المغنيسيوم وفيتامين B اللذين يُنصَح بهما في الحميات الغذائية.
  4. تناول الوجبة بمقادير مقبولة وسطية معتدلة ومنطقية، وعدم الأكل بشراهة ونهم.
إقرأ أيضاً: 8 نصائح سحريّة للتخلّص من الوزن الزائد بسرعة

في الختام:

نقول إنَّ السمنة داء مستشرٍ في المجتمع ومتغلغل فيه، وإنَّ كساد الدهون والشحوم في الجسم بشكل غير مقبول، يتبعه أمراض نفسية حادة؛ لذا كان لا بُدَّ من علاج السمنة والتصدي لها، فذلك من أهم الخطوات للحصول على رشاقة واكتساب سعادة تنعكس على الحالة النفسية.

الصحة جوهر الحياة والاعتناء بها حاجة ملحة.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة