الروتين اليومي لـ 12 كاتب مشهور

كثيراً ما نفترض أنَّ الأشياء العظيمة يقوم بها أولئك الذين خصَّهم الله بالموهبة الطبيعية والعبقرية والمهارة؛ ولكن كم عدد الأشياء العظيمة التي قد يقوم بها أشخاص لم يدركوا إمكاناتهم الكاملة قط؟



يستطيع الكثير من الناس تحقيق إنجازات تفوق ما يحققونه عادة؛ لكن كيف يمكنك إخراج هذه الإمكانات ومشاركتها مع العالم؟

لعلَّ أفضل طريقة هي تطوير روتين يومي أفضل؛ فعندما تنظر إلى أفضل الأشخاص أداء في أي مجال، ترى شيئاً أعمق بكثير من الذكاء أو المهارة؛ فهم يمتلكون استعداداً مذهلاً للقيام بالعمل المطلوب، ويكونون سادة روتين حياتهم اليومية.

لنضرب لك مثالاً في هذا المقال على ما يميز الأشخاص الناجحين عن غيرهم، ونعرِّفك على بعض العادات اليومية للكتَّاب المشهورين من الماضي والحاضر.

1. إلوين برووكس وايت (E. B. White)، "الكاتب الذي ينتظر الظروف المثالية للكتابة، سيموت دون أن يكتب كلمة واحدة":

إلوين برووكس وايت

تحدث (إلوين وايت) -المؤلف الشهير لرواية "شبكة شارلوت" (Charlotte's Web)- في مقابلة مع مجلة "باريس ريفيو" (The Paris Review) عن روتين الكتابة اليومي خاصته، قائلاً:

"أنا لا أستمع أبداً إلى الموسيقى في أثناء الكتابة، ولا أمتلك هذه العادة، ولا أحبها على الإطلاق؛ رغم قدرتي على العمل بين مصادر الإلهاء العادية؛ حيث يحتوي منزلي على غرفة معيشة بمثابة مركز المنزل؛ فهي ممر إلى القبو، وإلى المطبخ، وإلى غرفة الهاتف؛ وبالتالي، توجد الكثير من الحركة حولها، لكنَّها غرفة مشرقة ومبهجة، وغالباً ما أستخدمها كغرفة للكتابة رغم الضوضاء التي تسودها.

بالإضافة إلى ذلك، لا يولي أفراد أسرتي أدنى اهتمام لكوني كاتباً، ويثيرون الضجيج كما يحلو لهم؛ ولكن إذا سئمت من ذلك، فتوجد بالتأكيد العديد من الأماكن الأخرى التي يمكنني الذهاب إليها؛ أمَّا الكاتب الذي ينتظر الظروف المثالية للعمل، فسيموت دون أن يكتب كلمة على الورق".

2. هاروكي موراكامي (Haruki Murakami)، "أصبح التكرار نفسه هو الشيء الهام":

هاروكي موراكامي

ناقش الكاتب الياباني هاروكي موراكامي (Haruki Murakami) في مقابلة أجراها عام 2004 بعض عاداته الجسدية والعقلية، قائلاً:

"عندما أكون في مزاج جيد يسمح لي بكتابة رواية، أستيقظ في الرابعة صباحاً، وأعمل لمدة خمس أو ست ساعات؛ وفي فترة ما بعد الظهر، أركض نحو عشرة كيلومترات أو أسبح لمسافة 1500 متر أو أفعل كلا الأمرين معاً؛ ثم أقرأ قليلاً، وأستمع إلى بعض الموسيقى، وأذهب إلى الفراش في التاسعة مساء؛ وأتابع هذا الروتين كل يوم دون تغيير.

لقد أصبح التكرار نفسه هو الشيء الهام، فهو شكل من أشكال تكوين العادة، أو ما يشبه التنويم المغناطيسي؛ لذا أقوم بذلك لكي أصل إلى حالة ذهنية أعمق؛ ولكن يتطلب التمسك بهذا التكرار لفترة طويلة قوة عقلية وبدنية هائلة؛ ومن هذا المنطلق، تشبه كتابة رواية طويلة التدريب على الحفاظ على الحياة، فالقوة البدنية ضرورية مثل الحاسة الفنية".

3. إرنست همنغواي (Ernest Hemingway)، "أكتب كل صباح":

إرنست همنغواي

في مقابلة أجراها الصحفي "جورج بليمبتون" (George Plimpton) مع الكاتب إرنست همنغواي (Ernest Hemingway)، كشف "همنغواي" عن روتينه اليومي قائلاً:

عندما أعمل على تأليف كتاب أو قصة، أحرص على الشروع في الكتابة مع شروق ضوء النهار الأول قدر الإمكان؛ إذ لا يوجد إزعاج ولا ضوضاء؛ كما يكون الجو بارداً قليلاً، ونسمات الهواء منعشة، فأشعر بالدفء في أثناء الكتابة؛ ثم أراجع ما كتبته، وأتوقف عن الكتابة دائماً عندما أكون قد بنيت رؤية لما سيحدث بعد ذلك، حيث يمكنني البدء من هناك مرة أخرى.

عادة ما أتابع الكتابة حتى الوصول إلى مرحلة أظل فيها محتفظاً بطاقتي وأعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك، ثمَّ أتوقف وأحاول التفكير في الأحداث حتى اليوم التالي، حيث أكرر الخطوات نفسها مرة أخرى.

أشرع في الكتابة في السادسة صباحاً تقريباً، وقد أستمر حتى الظهيرة أو أنتهي قبل ذلك؛ وعندما أتوقف عن الكتابة مؤقتاً، أشعر بالفراغ بداخلي، وأشعر أنَّني مُفعَم بالحياة في الوقت نفسه، تماماً مثل الوقوع في الحب.

في الكتابة، لا شيء يؤذيك، ولا شيء سيئ قد يحدث، وأصعب ما يمكنني الشعور به هو الانتظار حتى اليوم التالي لكي أستأنف الكتابة".

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لكتابة محتوى ناجح

4. هنري ميللر (Henry Miller)، "إذا لم يكن بوسعك أن تبدع، فاعمل":

هنري ميللر

ألهمنا الكاتب والرسام الشهير "هنري ميللر" (Henry Miller) في عام 1932 بوصاياه العشر التي يتبعها كجزء من روتينه اليومي، والتي نُشِرَت في كتاب "هنري ميلر والكتابة" (Henry Miller on Writing):

  • أنجز مهماتك واحدة تلو الأخرى.
  • لا تبدأ تأليف كتاب قبل أن تنهي تأليف الذي قبله.
  • لا تكن عصبياً، واعمل بهدوء وسعادة ومغامرة.
  • ضع خطة عمل، ولا تستسلم لمزاجك، وتوقف في الوقت المحدد.
  • إذا لم يكن بوسعك أن تبدع، فاعمل.
  • اعمل على تحسين نقاط الضعف في الكتابة ومراجعتها بدلاً من كتابة المزيد بجودة ضعيفة.
  • كن إنساناً، وتعامل مع الناس، واذهب إلى أماكن جديدة، واستمتع بالحياة.
  • لا تعمل بجهد مبالغ فيه، بل اعمل بسرور فحسب.
  • تجاهل خطَّة العمل عندما ترغب في ذلك، على أن تعود إليها في اليوم التالي؛ وركِّز، ولخِّص، واحذف.
  • لا تفكر في الكتب التي تريد كتابتها، بل فكر في الكتاب الذي تكتبه فحسب.

اكتب أولاً ودائماً؛ أمَّا الرسم والموسيقى والأصدقاء والسينما وكل هذه الأشياء، فتأتي لاحقاً.

5. كورت فونيجت (Kurt Vonnegut)، "أمارس تمرينات الضغط وتمرينات المعدة طوال الوقت":

كورت فونيجت

كتب "فونيجت" في عام 1965 رسالة إلى زوجته جين حول عاداته الكتابية اليومية، والتي نُشِرت في كتاب "رسائل كورت فونيجت" (Kurt Vonnegut: Letters):

"أستيقظ في الساعة الخامسة والنصف صباحاً، وأعمل حتى الساعة الثامنة، ثم أتناول الفطور في المنزل، وأعمل حتى الساعة العاشرة، وأسير لعدَّة أمتار، وأقوم بمهماتي، ثم أذهب إلى المسبح المجاور للمنزل وأسبح لمدة نصف ساعة؛ وبعدئذٍ، أعود إلى المنزل في الساعة 11:45، وأتصفح البريد الإلكتروني، وأتناول الغداء عند الظهر؛ وبعد الظهيرة، أقوم بالعمل المدرسي، سواء كان التدريس أم التحضير؛ وبعد عودتي من المدرسة وأخذ قسطاً من الراحة، أطبخ العشاء، ثم أقرأ وأستمع إلى موسيقى الجاز، ومن ثمَّ أنام في تمام الساعة العاشرة؛ كما أنَّني أمارس تمرينات الضغط وتمرينات المعدة طيلة الوقت، وأشعر كما لو أنَّني أصبحت قوياً وحسَن القوام، ولكن ربَّما أكون مخطئاً".

6. جودي بيكولت (Jodi Picoult)، "لا يمكنك تعديل صفحة فارغة":

جودي بيكولت

لقد حققت الكتب السبعة الأخيرة التي كتبتها "جودي بيكولت" (Jodi Picoult) المرتبة الأولى في قائمة أفضل الكتب مبيعاً في نيويورك تايمز، وتحدثت في مقابلة لها مع "نوح تشارني" (Noah Charney) عن نهجها في الكتابة والإبداع قائلة:

"أنا لا أؤمن بما يُسمَّى عوائق الكتابة. فكِّر في الأمر، عندما كنت في الكلية واضطررت إلى كتابة مقال جديد وفي وقت محدود، ألم تفعل ذلك، ومن ثمَّ عدلت عليه في ليلة تسليم المقال؟

إذا كان وقتك محدوداً ولا يمكنك الكتابة، فكل ما عليك فعله هو الاسترخاء والشروع في الكتابة فحسب؛ فقد لا تكتب بصورة جيدة وإبداع كبير كل يوم، ولكن بوسعك دائماً تعديل صفحة سيئة، لكن لا يمكنك أبداً تعديل صفحة فارغة".

7. مايا أنجيلو (Maya Angelou)، "إنَّ القراءة السهلة في الأصل كتابة شاقة للغاية":

مايا أنجيلو

تحدثت الكاتبة والشاعرة الأمريكية "مايا أنجيلو" (Maya Angelou) في مقابلة عام 2013 مع صحيفة "دايلي بيست" (The Daily Beast) عن حياتها المهنية وعاداتها اليومية في الكتابة قائلة:

"أستأجر غرفة فندق في بلدتي وأدفع ثمنها شهرياً، وأذهب في نحو السادسة والنصف صباحاً إلى هذه الغرفة المكوَّنة من فراش ومنضدة وحمام. أمتلك معجم روجيه، وقاموساً، وأوراق لعب وبعض ألغاز الكلمات المتقاطعة؛ إذ أعتبرها شيئاً يحفِّز عقلي الصغير.

لقد علمتني جدتي ذلك المصطلح دون قصد؛ إذ كانت تتحدث دائماً عن "عقلها الصغير"؛ لذا، ترسخ في عقلي منذ الطفولة أنَّ ثمَّة عقل كبير وآخر صغير؛ حيث سيتيح لك العقل الكبير التفكير في الأفكار العميقة، في حين سيشغلك العقل الصغير؛ لذلك أتجنَّب تشتيت الانتباه بلعب ألغاز الكلمات المتقاطعة أو لعبة سوليتير (Solitaire)، بينما يتعمق العقل الكبير في الموضوعات التي أردت الكتابة عنها.

أزيِّن الغرفة باللوحات والديكور، وأطلب من الإدارة وخدمة الغرف عدم دخول الغرفة أو تنظيفها قط؛ فحتى إذا ألقيت بعض الأوراق على الأرض، فلن أرغب في التخلص منها؛ ونتيجة لذلك، تُرسَل إليَّ ملاحظة من تحت الباب كل شهرين تقريباً يقولون فيها: "عزيزتي السيدة أنجيلو، دعينا نبدِّل المفارش أرجوكِ. نعتقد أنَّها تعفَّنت".

لكنِّي لم أنَم هناك قط، وعادة ما أغادر إلى المنزل بحلول الساعة الثانية، وأقرأ بعد عودتي ما كتبته في الصباح، وأحاول التعديل عليه.

إنَّ القراءة السهلة هي في الأصل كتابة شاقة للغاية، والعكس صحيح؛ فإذا كُتِب النص بطريقة سيئة، ستصعب قراءته، ولن يمنح القارئ ما قد يقدِّمه له الكاتب المتأني الحريص.

8. باربرا كينج سولفر (Barbara Kingsolver)، "أكتب مئات الصفحات قبل أن أصل إلى الصفحة الأولى":

باربرا كينج سولفر

لقد كتبت "باربرا كينج سولفر" (Barbara Kingsolver) التي رُشحت لجائزة "بوليتزر" (Pulitzer) أكثر من عشرة كتب، ويندرج أحدث تسعة كتب لها في قائمة الأكثر مبيعاً وفقاً لنيويورك تايمز (New York Times)؛ وقد تحدثت خلال مقابلة أجرتها عام 2012 عن روتينها اليومي ككاتبة وأمٍّ قائلة:

"أميل إلى الاستيقاظ في الرابعة فجراً تقريباً؛ ورغم محاولتي لعدم الاستيقاظ قبل شروق الشمس، إلَّا أنَّني أفعل ذلك؛ إذ يكون عقلي ممتلئاً بالأفكار والكلمات التي تجعلني أتوق إلى الذهاب إلى مكتبي وتفريغ الأفكار في أسرع وقت؛ فأنا أستيقظ دائماً والجمل تتدفق في رأسي؛ لذا يبدو الوصول إلى مكتبي كل يوم وكأنَّه حالة طارئة.

إنَّه لأمر مضحك أن يسألني الناس عن كيفية ضبط نفسي على الكتابة، وهو سؤال غريب بالنسبة إلي؛ فالواقع أنَّ إغلاق الحاسوب وترك مكتبي لأفعل شيئاً آخر هو التحدي الحقيقي.

عادةً ما أكتب الكثير من الهوامش والمسودات التي أعلم أنَّني سوف أرميها؛ ولكن هذا جزء من عملية الكتابة، أي يجب أن أكتب مئات الصفحات قبل أن أصل إلى الصفحة الأولى.

لقد كنت أماً أيضاً طوال مسيرتي المهنية كروائية، كما عُرِض عليَّ توقيع عقد لطباعة كتابي الأول أشجار الفاصولياء (The Bean Trees) فور عودتي من المشفى بعد إنجاب طفلي الأول، فأصبحت روائية وأماً في اليوم نفسه. لطالما كانت هذه حياتي، وأهم أمرين بالنسبة إلي، وأقوم بهما في آنٍ واحد؛ لذلك كانت ساعات كتابتي مقيدة دائماً برعاية أطفالي والاهتمام بهم، وكان ذلك صعباً للغاية عندما كانوا صغاراً، وكانت كل ساعة أقضيها في الجلوس على مكتبي من أجل الكتابة بمثابة جائزة وليست عملاً؛ ولكن مع مرور الوقت وذهاب أطفالي إلى المدرسة، أصبحت حياة الأم العاملة أسهل تدريجياً، إلى أن كبر الأطفال وأصبح أصغرهم يبلغ من العمر 16 عاماً؛ ولكنَّها كانت عملية تدريجية؛ لذا كان وقت الكتابة دائماً ثميناً، وشيئاً أنتظره وأتوق إليه وأستخدمه على أفضل وجه، وربَّما هذا هو سبب استيقاظي مبكراً لكي أكتب في ساعات الفجر الهادئة عندما لا يحتاجني أحد.

كما كنت أقول أنَّ الحافلة المدرسية هي مصدر إلهامي؛ فعندما تأتي لتأخذ الأطفال، يصبح هذا وقت الكتابة خاصتي؛ وعندما تعود بالأطفال، أعود إلى دوري كأم مرة أخرى.

كان وقت عملي محدوداً كأم عاملة؛ ومع ذلك، أنا ممتنة للغاية لعائلتي التي ساعدتني على تنظيم حياتي، وكانت السبب الرئيس في انتهاء يومي عند نقطة ما والذهاب لتناول العشاء.

إنَّه لشيء صحي أن نضع العمل جانباً ونعِدَّ العشاء ونتناوله، ومن الصحي أيضاً أن تتضمن حياتي هؤلاء الأشخاص الذين يساعدونني في الحفاظ على روتين متحضر، ويربطونني بالعالم الأوسع والمستقبل.

لقد علمني أطفالي كل شيء عن الحياة وعن الشخص الذي أريد أن أكون عليه في هذا العالم؛ لذا، جعلتني أمومتي كاتبة أفضل، ويجب أن أقول أنَّ كتابتي أيضاً جعلتني أماً أفضل".

إقرأ أيضاً: إلى هواة الكتابة بالإنكليزية: 11حساب على تويتر ستجعلك كاتباً أفضل

9. ناثان إنجلندر (Nathan Englander)، "أغلق هاتفك":

ناثان إنجلندر

ناثان إنجلندر (Nathan Englander) هو كاتب قصة قصيرة حائز على العديد من الجوائز، وقد تحدَّث في إحدى مقابلاته الصحفية عن سعيه إلى القضاء على كل مصادر الإلهاء كجزء من روتينه في الكتابة، قائلاً:

"أغلق هاتفك؛ فإذا كنت ترغب في إنجاز العمل، فيجب أن تتعلم إغلاقه؛ إذ ينبغي عليك التركيز دون وجود أي انقطاعات من الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني أو فيسبوك (Facebook) أو إنستغرام (Instagram).

أيَّاً كانت مصادر الإلهاء، يجب أن تتوقف في أثناء الكتابة؛ لذا أضع في كثير من الأحيان سدادات الأذن في أثناء الكتابة، حتى لو كان الوضع هادئاً في المنزل".

10. كارين راسل (Karen Russell)، "استمتع بالكتابة السيئة":

كارين راسل

لقد كتبت كارين راسل (Karen Russell) كتاباً واحداً فقط، ورُشِّحَ كتابها لجائزة بوليتزر (Pulitzer)، وتحدثت في مقابلة أجرتها مع مجلة "دايلي بيست" (The Daily Beast) عن كفاحها اليومي للتغلب على الإلهاء والتمكُّن من الكتابة، قائلة:

"أعرف العديد من الكتَّاب الذين يحاولون كتابة عدد كلمات محدَّد كل يوم، ولكنَّ مقدار الوقت الذي أقضيه داخل عالم خيالي هو أفضل مقياس ليوم الكتابة المثمر بالنسبة إلي.

أعتقد أنَّ بإمكاني ككاتبة كتابة الكثير من الكلمات، ولكنَّ العدد ليس هو أفضل مقياس من وجهة نظري، فالأسئلة الأكثر أهمية هي: "هل كتبت لمدَّة أربع أو خمس ساعات دون مغادرة مكتبي أو الاستسلام لأي مُشتِّتات تخرجني من عالم القصة التي أرويها؟"، "هل التزمت بالكتابة دون التوقف للتحقق من بريدي الإلكتروني أو البحث عن أي شيء عبر الانترنت؟"؛ فأنا أعتقد أنَّ الفكرة تكمن في الاستمرار في العمل، بغض النظر عن تقييمك المتذبذب لكيفية سير الكتابة؛ فالبقاء حاضراً هو مقياس الكتابة الجيد.

أعتقد أنَّ الأمر ليس سهلاً دائماً؛ فالفترات التي أكتب فيها بسهولة وبلا مجهود نادرةٌ بالنسبة إلي، لكنِّي أعتقد أنَّ الشعور بالسعادة واليأس أمرٌ شائعٌ بالنسبة إلى معظم الكتَّاب، وأنَّه إذا تمكَّنت من قبول حقيقة أنَّك قد تضطر إلى التخلص من 90% من مسودتك الأولى، فستتمكَّن من الاسترخاء والاستمتاع حتى بالكتابة السيئة".

11. أ. جاي. جاكوبز (A. J. Jacobs)، "أجبر نفسك على ابتكار العديد من الأفكار":

أ. جاي. جاكوبز

تحدث أ.جاي. جاكوبز (A.J. Jacobs) في مقابلة أجراها عن روتينه اليومي في الكتابة، وقدَّم بعض النصائح للكتَّاب الشباب قائلاً:

"يوقظني أطفالي يومياً؛ وبعد أن أتناول قهوتي، وأعد لهم الفطور، وآخذهم إلى المدرسة، أعود إلى المنزل وأحاول الكتابة. لقد أخفقت كثيراً في بدء الكتابة إلى أن أجبرت نفسي على إيقاف تشغيل الإنترنت لأتمكن من التفكير والعصف الذهني.

أحب دائماً كتابة الموجز والخطوط العريضة أولاً، ثم أضع بعض التفاصيل القليلة، ثم مزيداً من التفاصيل؛ فتتكوَّن العبارات، وتُضاف علامات الترقيم، حتى يتحول كل هذا إلى كتاب.

كما أكتب في أثناء التمرين على جهاز المشي، وقد بدأت هذه الممارسة عندما كنت أعمل على كتاب "مت وأنت بصحةٍ جيدة" (Drop Dead Healthy)؛ إذ قرأت الكثير من الدراسات التي تتحدث عن مخاطر الحياة قليلة الحركة، فالجلوس سيئ للغاية، حيث أخبرني أحد الأطباء أنَّ الجلوس يُعدُّ نوعاً آخر من التدخين؛ لذلك اشتريت جهاز المشي ووضعت حاسوبي أعلاه. لقد استغرق الأمر مني نحو 1200 ميل لإنهاء كتابي؛ وإنَّه مفيد حقاً، فهو يبقيني مستيقظاً على الأقل".

كما نصح "جاكوبز" الكُتَّاب الصاعدين قائلاً:

"أجبر نفسك على ابتكار العديد من الأفكار، واعلم أنَّ معظم هذه الأفكار ستكون سيئة، ولكن ستُنتج أفكاراً رائعة أيضاً؛ لذا حاول أن تخصص 20 دقيقة في اليوم من أجل العصف الذهني فقط".

إقرأ أيضاً: 3 طرق تستمدُّ الإلهام منها

12. خالد حسيني (Khaled Hosseini)، "عليك أن تكتب سواء كنت ترغب في ذلك أم لا":

خالد حسيني

تحدث "خالد حسيني" في مقابلة أجراها معه "نوح تشارني" عن روتينه اليومي في الكتابة والأشياء الأساسية التي يتعين على جميع الكتَّاب القيام بها، قائلاً:

"أنا لا أحدِّد الخطوط العريضة إطلاقاً، ولا أجدها مفيدة حتى، فهي تُشعرني بالملل، وأنا أحب عنصر المفاجأة والتلقائية في ترك القصة تجد مسارها الخاص؛ لذا أجد أنَّ كتابة المسودة الأولى أمر صعب ومرهق للغاية، كما أنَّه كثيراً ما يكون مخيباً للآمال وأقل من الصورة المثالية التي كانت موجودة في ذهني عندما بدأت أكتب؛ مع العلم أنَّني أحب إعادة الكتابة.

المسودة الأولى في الواقع ما هي إلَّا مخطط أُضِيف عليه ترتيب وأبعاد وفروقات دقيقة؛ أمَّا الكتابة الجيدة من وجهة نظري، فتنبع من الإعادة إلى حدٍّ كبير؛ حيث أكتشف خلال هذه العملية معاني خفية وارتباطات وإمكانات قد تفوتني في المرة الأولى، وآمل في إعادة الكتابة أن أرى القصة تقترب من الصورة الأصلية التي كانت في ذهني.

لقد قابلت الكثير من الأشخاص الذين يقولون أنَّهم يعملون على كتاب ولم يخطُّوا حرفاً فيه بَعد؛ ولكن لكي تكون كاتباً، عليك أن تكتب بالفعل؛ إذ ينبغي عليك الكتابة يومياً، سواء كنت ترغب في ذلك أم لا؛ والأهم من ذلك، أن تكتب لجمهور واحد أولاً، وهذا الجمهور هو أنت.

يتعيَّن عليك كتابة القصة التي تريد سردها وقراءتها؛ إذ من المستحيل معرفة ما يريده الآخرون؛ لذا لا تهدر الوقت في محاولة التخمين، بل اكتب عن الأشياء التي تريدها فحسب، والتي تحفِّزك على الدوام".

كيف تطبِّق هذا في حياتك؟

تُعدُّ هذه الروتينات اليومية مفيدة جداً للقدرة على الكتابة، ولكن بإمكانك تطبيقها على أي هدف آخر تأمل في تحقيقه.

على سبيل المثال:

  1. تؤهلك التمرينات الجسدية لتحفيز عقلك وتُعدُّك للعمل الصعب ذهنياً: يقوم "كورت فونيجت" بتمرينات الضغط كاستراحة من الكتابة، ويركض "موراكامي" 10 كيلومترات كل يوم، ويكتب "جاكوبز" في أثناء المشي على جهاز المشي؛ ويمكنك أنت تحديد ما يناسبك، ولكن يجب أن تدفع جسدك إلى التحرُّك.
  2. افعل أهم شيء أولاً: لاحظ كم عدد الكتَّاب الماهرين الذين يبدؤون الكتابة في الصباح، وهذا ليس من قبيل المصادفة، بل يتعمَّدون العمل على تحقيق أهدافهم قبل أن يُهدَر بقية اليوم ويخرج الوقت عن السيطرة؛ فهم لا يتساءلون متى سيكتبون، ولا يعانون من أجل تنسيق وقت الكتابة مع أنشطتهم اليومية؛ ذلك لأنَّهم يقومون بأهم شيء أولاً.
  3. كافح واعمل بجِد: هل رأيت كم عدد الكتاب الذين ذكروا معاناتهم من أجل الكتابة؟ لقد قال "الحسيني" أنَّ مسوداته الأولى "صعبة" و"شاقة" و"مخيبة للآمال"، ووصفت "كارين راسل" كتاباتها بأنَّها "سيئة"، وتكتب " باربرا" مئة صفحة قبل أن تشرع في الصفحة الأولى من الكتاب.

قد يكون ما يبدو فشلاً في البداية هو أساس النجاح؛ لذا، ينبغي عليك بذل مجهود كبير قبل أن تستطيع الاستمتاع بأفضل أعمالك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة