الخجل الزائد: أسبابه، وأعراضه، وطرق التخلص منه

يُعاني بعض الأشخاص من مشاكل، وصعوبات في الاندماج الاجتماعي؛ إذ إنَّ خوفهم من الأحكام المسبقة عليهم من قِبل الآخرين يولِّد فيهم شعوراً كبيراً بالرهبة من التواجد في أيِّ وسط اجتماعي، وهذا ما يجعلهم يميلون إلى الانعزال وعدم الاختلاط؛ إنَّه الخجل.



 سنتحدث في مقالنا هذا عن الخجل الزائد لدى الأفراد سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، أطفالاً أم شباباً، وما هو التعريف الصحيح للخجل، كما أنَّنا سنذكر أهم أسباب الخجل الزائد، وسنُبين في مقالنا هذا الفرق بين الخجل والحياء، وما هي طرائق التخلص والعلاج من الخجل الزائد لدى الأفراد، والأمور التي يجب التركيز عليها من أجل وقاية الأطفال من الخجل الزائد الذي سينعكس مستقبلاً على أدائهم سواء على مستوى الدراسة أم الحياة الاجتماعية.

الخجل:

هو حالة نفسية (سلبية) من الشعور بالخوف والارتباك وعدم الراحة تسيطر على الشخص عند تواجده في وسط اجتماعي ما، ويكون تأثيره على الشخص بمستويات مختلفة منها ما هو طفيف يسهل التخلص منه من خلال بعض النصائح والإرشادات والتمارين النفسية، ومنها ما يكون ذو تأثير كبير يعرقل ويشلُّ سير حياة الشخص على كافة المستويات ممَّا يستدعي علاجاً فورياً من قِبل أهل الاختصاص.

وهنا علينا أن نفرق بين مصطلحي الخجل والحياء لشدة الخلط الحاصل بينهما في مجتمعاتنا، رغم أنَّهما صفتان مختلفتان كُليَّاً؛ فبينما يُصنَّف الخجل على أنَّه خلق مذموم في أغلب حالاته لا سيَّما المتقدمة منها، ويعطي انطباعاً ليس بالجميل نحو الشخص المُتَّصف به، يصنَّف (الحياء) على أنَّه خلق حميد يقدِّره المجتمع ويعظِّمه الدين ويعلي من قَدْره، حتى عُدَّ علامةً على كمال الإيمان والفضيلة عند الرجال والنساء.

والآن وقد أصبح الفرق جلياً لنا بين الحياء والخجل، لنتعرف على أهم الأعراض والأسباب والحلول الممُكنة للخجل.

أعراض الخجل:

  • قلة الحديث أمام الآخرين سواء أكانوا من المقربين أو الغرباء بسبب خوفه من ردة فعل الآخرين، ونظرتهم نحوه.
  • تجنُّب التواجد في الاجتماعات العائلية وغيرها من التجمعات، فإنَّ ذلك يدخله بحالة من القلق والتوتر الشديدَين.
  • عدم الرغبة في البدء بالحديث واستلام زمام المبادرة به.
  • ضعف التواصل البصري مع الآخرين عند التحدث إليهم؛ حيث يتجنَّب النظر إلى عين محدِّثه.
  • تسارع في نبضات القلب.
  • ألم في المعدة.
  • احمرار ملحوظ في الوجه.
  • رجفان اليدين.
  • جفاف في الحلق.
  • التأتأة وعدم القدرة على الكلام.
  • ارتفاع حرارة الجسم.
  • فقدان التوازن.
  • الشعور بعدم الأمان، والرغبة في مغادرة المكان.

أسباب الخجل:

بحسب ثاليا إيلي، وهي أستاذة جامعية متخصصة في علم الوراثة السلوكي القابل للتطور في جامعة كينغز كوليدج لندن، إنَّ الاتصاف بالخجل يعود بنسبة  30% فقط إلى الجينات الوراثية، بينما يعود في ما عدا ذلك إلى تأثيرات البيئة المحيطة بنسبة 70%.

  1. أكد الكاتبان بريت وكايت ماكاي في تقرير نشره موقع "أرت أوف مانليناس" الأميركي أنَّ ربط تفاعلاتنا الاجتماعية مع المعتقدات الخاطئة يسهم في زيادة الشعور بالخجل.
  2. البيئة في البيت والمدرسة والمجتمع الذي يعيش الفرد داخله أثر بالغ في تشجيع الفرد على الاندماج والتأثير في بيئته أو إلى الخجل والانطواء بمعزل عنها.
  3. تعرُّض الأم للإرهاق في فترة الحمل وسوء التغذية يؤثر سلباً في تكوين الجنين وأعصابه ممَّا قد يكون سبباً لذلك.
  4. كثرة الملاحظات السلبية والانتقاد من قِبل الكبار للصغار بشكل متكرِّر علانيةً يسهم في توليد الخوف في نفوسهم، لأنَّهم يتلقَّون إشاراتٍ سالبة من الراشدين، فيُصبِحون غيرَ متأكِّدين وخجولين، وهذا عكس ما يعتقده بعض الآباء بأنَّ النقد والتوبيخ هو الأسلوب الأمثل لتربية الأبناء، بينما النتيجة لذلك هي طفل خجول.
  5. الحماية الزائدة: فإنَّ الَّذين يتلقون حماية مبالغ فيها من الوالدين يُصبِحُون أكثر اتكالية، ولا يعتمدون على أنفسهم، وذلك بسبب الفرص المحدودة لديهم للمغامرة، ممَّا يقلل من شعورهم بالثقة تجاه أنفسهم ويراودهم الشك حول إمكاناتهم، فلا يتعاملون مع بيئتهم أو مع الآخرين، وهذا من أكثر الأسباب المباشرة التي تولِّد الخجل.
  6. افتقاد الشخص لتقدير ذاته، وعدم ثقته بنفسه حيث يعدُّ فقد الثقة بالنفس وشعور النقص من العوامل الأساسية التي تحدُّ من تفاعل الشخص مع محيطه؛ فقد يعتقد الأشخاص الخجولين بأنَّهم غير مُسليين أو يفترضون أنَّه إذا أراد الآخرون التحدث معهم سيخبرونهم بذلك، لكن في الحقيقة قد يكون هؤلاء الآخرون متوترين أو خجولين أيضاً؛ لذلك عليك في بعض الأحيان أن تأخذ بزمام المبادرة لبدء المحادثة.
إقرأ أيضاً: الخجل الاجتماعي: الأسباب، الأعراض، وأهم النصائح لعلاجه

كيف تتخلص من الخجل؟

  1. أوَّلُ ما عليك فعله هو أن تقوم بتحديد أسباب شعورك بالخجل.
  2. تصرَّف كما لو أنَّك غير خجول.
  3. ثق بنفسك، وتقبَّل ذاتك وقدِّرها بكل ما فيها من عيوب ومحاسن مع الابتعاد عن مقارنتها بالآخرين، فالثقة بالنفس مِن الأمور المهمَّة للتغلُّبِ على الخجل والرهاب الاجتماعي، والثقة بالنفس تجعل الشخصَ مطمئنَّاً إلى ما يفعل، وواثقاً من مواقفه، وهي مِفتاحٌ مهم لتطوير الذات وتنميتها، وقد تُشكِّل هذه المسألةُ أمراً جوهريَّاً بالنسبة للمصاب بالخجل الزائد.
  4. التنفس العميق: استنشق الهواء بعمق وبطء حتى يمتلئ القفص الصدري مع إبقاء الفم مغلقا وحبس نَفَسِك بضع ثوان، ما يساعدك على وصول الأكسجين إلى الدم بشكل أفضل، ثم أَخرِج هواء الزفير ببطء خلال العد 10 مرات متتالية.  
  5. اخرج من منطقة الأمان والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، وتحدث مع الأشخاص الغرباء دون خوف من العواقب الوخيمة التي لا توجد إلَّا في ذهنك أنت.
  6. الجأ إلى أهل الاختصاص لطلب المشورة والمساعدة.
  7. شارك بالأعمال التطوعية والاندماج في المجتمع.
  8. ابتعد عن منصَّات التواصل الاجتماعي (واتساب، فيسبوك،..الخ) وتواجد واندمج على أرض الواقع.

الخجل الزائد لدى الأطفال:

نشرت صحيفة لافانجوارديا الإسبانية تقريراً قدمت فيه بعض الحلول لمساعدة الأطفال للتغلب على الخجل لديهم. وبدأت ذلك بطرح سؤال عن سبب خجل الأطفال عندما يكونون مع أصحابهم، وإذا ما كان هذا أمراً طبيعياً أم يستوجب المعالجة والاهتمام. كما أكدت الصحيفة إلى أنَّ هؤلاء الأطفال بحاجة إلى تدخُّلٍ من قِبل الأهل والمدرسة لإيجاد حل يساعدهم. أهم النقاط التي يجب التركيز عليها:

1. استثمار وجودك في البيت مع طفلك:

تعد هذه من الطُّرق المريحة للطفل الخجول حيث يكون وسط عائلته. فيقوم الأهل بتدريب طفلهم على بعض المهارات الاجتماعية كردِّ التحية، والتأكيد على أن يكون ذلك بصوت واضح والنظر إلى عين محدِّثه، ولا بأس من أن يشاركه هنا أحد أصدقاءه المقربين أو إخوته. فهذا من شأنه أن يسهِّل عليهم الاندماج في الأوساط الاجتماعية التي تُعد بالنسبة لهم أمراً شائكاً للغاية.

2. التدرج مع الطفل في علاقاته:

نبدأ العلاج خطوةً خطوة، حيث سيكون من الأسهل على  الطفل أن نضعه بدايةً في وسط اجتماعي قليل الكثافة؛ فمثلاً دمج الطفل مع صديق واحد يشعر معه بالراحة والطمأنينة دون شعوره بالخوف من التنمر أو غيره، ويمنحه مساحة كافية لممارسة مهاراته الاجتماعية في بيئة آمنة. 

3. قبول طفلك دون شروط:

سيساهم إشباع العاطفة عند الطفل وإشعاره بأنَّه محبوب من قِبل أهله دون أيِّ شروط في زيادة ثقته بنفسه، على العكس ممَّا لو قام الأهل بالضغط على طفلهم وتوجيه الملاحظات المستمرة له وتوبيخه للتخلي عن خجله ممَّا سيكون له نتائج عكسيَّة تماماً.

4. التحدث معه عن تجاربك:

شعورنا أنَّ هناك من يمر بنفس ظروفنا ولسنا الوحيدين سيُخفِّف من شعورنا بالوحدة ويجعلنا أكثر إصراراً على التغلب عليها؛ لذلك شارك طفلك باللحظات التي كنت تشعر فيها بالخجل، فذلك سيجعل طفلك يحذو حذوك، ولا بأس هنا من استخدام القصص والرسومات لإيصال الفكرة له.

5. الابتعاد عن التوكيدات السلبية:

ممَّا يعرف في علم النفس أنَّ التوكيدات التي يستخدمها الفرد مع نفسه والآخرين لها أثر كبير في تشكيل فكرته عن نفسه، لذلك عليك أن تتجنب تماماً نعت طفلك بالخجول بين أقرانه، فإنَّ ذلك سيفاقم المشكلة.

6. اكتشاف الأسباب التي تدفعه للخجل:

راقب تصرفات ابنك وحاول أن تكتشف خلال ذلك أسباب خجله أو تحدث معه بود وحاول أن تسأله عن الأمور التي تدعوه للخجل وعدم الرغبة بالتواجد في الأوساط الاجتماعية.

إنَّ إدراكك الكامل لهذه النقاط التي تم عرضها وحرصك على تطبيقها سيساعدك في  التغلب على الخجل سواء لديك أو لدى أطفالك. لذلك، كل ما عليك فعله هو أخذ الأمر على محمل الجد والسعي للتخلص من هذه الصفة.

إقرأ أيضاً: الخجل عند الأطفال وكيفيّة التخلّص منه

تحدثنا في مقالنا هذا عن الخجل الزائد وتعريفه، وعن الأسباب المؤدية له، كما أنَّنا تحدثنا عن طرق التخلص من الخجل الزائد، وعن الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار كي تتم الوقاية منه خصوصاً للأطفال.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة