التأمل الموجه: ما هو؟ وكيف يعزز الطاقة؟ الجزء (2)

لقد تَحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن تعريف التأمُّل الموجَّه وعدَّدنا فوائده، وسنتابع الحديث في الجزء الثاني منه عن أبرز الطرائق المُتَّبعة لممارسة التأمُّل المُوجَّه بطريقةٍ صحيحة.



عملية التأمل المُوجّه:

ربَّما تتساءل كيف تبدو عملية التأمُّل المُوجَّه؟ التأمُّل المُوجَّه هو حجر الأساس الذي من الضروري أن يكون موجوداً قبل الإحساس بأنَّك مستعدٌّ للانتقال إلى التأمُّل غير المُوجَّه، وإذا كنتَ لا ترغب أبداً في الانتقال إلى التأمُّل غير المُوجَّه؛ فهذا مقبولٌ تماماً أيضاً، وسيَظلُّ في إمكانك الحصول على معظم الفوائد المذكورة في الجزء السابق - إن لم تكن كلها - بمساعدة المُوجِّه. أوَّلاً، استرخِ واتَّبِع الخطوات الآتية:

1. اختيار نوعٍ محدد من أنواع التأمُّلِ المُوجَّه:

يوجد اليوم عبر الإنترنت أو في تطبيقات الهواتف الذكية العديدُ من أنواع التأمُّل المُوجَّه المفيدة التي تُوفِّر لك العديدُ من هذه المواقع الإلكترونية أو التطبيقات أنواعاً من التأمُّل التي تُركِّز الاهتمام على العديد من الأهداف المحددة التي تسعى إلى تحقيقها، وإذا كنتَ تعاني التوتر أو الأرق على سبيل المثال؛ فستجد عديداً من أنواع التأمُّل المُوجَّه التي تتفاوت من حيث مُدَدِها وتتطرق إلى هذين الموضوعين، وتستطيع في البداية البحث في يوتيوب أو أي تطبيقات تأمُّل، مثل: هيدسبيس (Headspace).

من الهام هنا أن تختار مُوجِّهاً يمتلك صوتاً مُهدِّئاً ومُريحاً؛ فهذا الصوت سيقودك إلى أعمق درجات الاسترخاء الذي ستشعر به، ويجب عليك أن تضمن أن يجعلك تشعر بالارتياح.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: كيف تتأمل يومياً وتجعل من يقظة عقلك عادة يومية

2. البحث عن مكانٍ مريحٍ للجلوس وإغماض العينين:

من أجل ممارسة التأمُّل، ليس من الضروري أن تجلس وساقاك متشابكتان، ولا أن تتفوَّه بأيَّة عبارات؛ يكفي أن تعثر على كرسيٍّ أو مكانٍ مريحٍ تجلس فيه وظهرك مشدود، وبعد ذلك أغمِض عينيك وحاوِل تركيز الاهتمام على عملية التنفس، وراقِب شهقاتك وزفراتك حتى تبدأ تركيز الانتباه على لحظات الحاضر، وبعد بضعة أنفاس عميقة، ابدأ ممارسة التأمُّل المُوجَّه.

3. تركيز الانتباه على الصوت الذي يُقدِّم إليك التوجيه واتِّباع تعليماته بحذافيرها:

الهدف هو أن تدع - وأنت بكامل وعيك - أفكارك وعواطفك تأتي وتذهب دون الاستسلام للرغبة في التجاوب معها؛ حيث يُعَدُّ تنفيذ هذه المَهمة عملاً عسيراً، حتى بالنسبة إلى الأشخاص الذين لهم بالٌ طويلٌ في التأمُّل، ناهيك عن المبتدئين.

هنا يُعَدُّ التأمُّل المُوجَّه مفيداً؛ إذ إنَّ التوجيه الذي تتلقاه في أثناء التأمُّل هو بمنزلة مصدر تشتيت إيجابي تُركِّز اهتمامك وانتباهك عليه، كما تُؤدَّى العملية غالباً عن طريق تعليمات التخيُّل، وتساعدك في الوقت نفسه في تركيز الاهتمام على إيقاع التنفس.

4. الاستسلام الكامل:

قد تكتشف أنَّ العديدَ من قصص التأمُّل المُوجَّه تروي غالباً قصصاً خيالية لا تَمُتُّ للواقع بِصِلة، حيث يُعَدُّ هذا أمراً مقبولاً تماماً، ويجب عليك أن تحذو حذوه؛ فوظيفتك ليست أن تُقرِّر ما هو منطقيٌّ أو غير منطقيٍّ في أيَّة رواية؛ بل وظيفتك هي الاستسلام استسلاماً تامَّاً للصوت الذي يُقدِّم إليك التوجيهات، وأن تدعه يأخذك إلى أجزاء العقل والخيال غير المُكتشَفة.

لا تشغل بالك بأي شيء؛ فمعظم المُوجِّهين هم ممارِسون مُدرَّبون يعرفون بدقة ما الذي يفعلونه ليساعدوك.

5. عدم العودة إلى الأحاسيس الجسدية:

في إمكان التأمُّل المُوجَّه الذي يُمارَس للحصول على الطاقة أن يأخذك إلى حالةٍ عميقةٍ من الاسترخاء والتخيُّل، فقد تشعر بالانفصال عن الأحاسيس الجسدية، وهذا يُعَدُّ شعوراً رائعاً، وبعد أن يعيدك المُوجِّه إلى جسدك، احرص على أن تقضي دقيقتَين مع نفسك قبل العودة إلى الواقع.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب "8 دقائق تأمل" لــ فيكتور ديفيتش

في الختام:

بعد أن تغوص في عمق جوانب الوعي وتجرب ارتفاع مستويات الطاقة، ستجد أنَّ العودة إلى الإحساس المُوهِن بالتوتر والاحتفاظ به باتَ أمراً صعباً، فلماذا لا تستمتع يوميَّاً بتجربةٍ إيجابيَّةٍ من تجارب التأمُّل المُوجَّه إذاً؟

تُعَدُّ ممارسة التأمُّل المُوجَّه 15 دقيقة فقط كل يوم كافيةً للحصول على الفوائد المذهلة التي ذكرناها، وأفضل وقتٍ لممارسة العادة الجديدة هو إمَّا بعد الاستيقاظ، أو قبل الذهاب إلى النوم مباشرةً.

مثل معظم أدوات تطوير الذات، يُعَدُّ التأمُّل المُوجَّه عمليَّةً تستمر طوال الحياة؛ لذا لا تتوقَّع الحصول على الفوائد كلها مباشرةً، ولكن مع الصبر والإصرار ستتخذ رحلتك وجهةً إيجابيَّةً جديدة لن ترغب بعدها في العودة أبداً إلى الوراء.

 

المصدر




مقالات مرتبطة