الأحلام ماهيتها وبعض المعلومات عنها

على الرغم من أنَّ الأحلام ليست حقيقة وإنَّما تطريز للواقع المملوء بالمآسي والأحزان والمآتم وقصص الغدر والخيانة وغياب العلاقات النقية في زمن صارت الطيبة فيه أمراً مغشوشاً، تُعَدُّ الأحلام وسيلة لشفاء الروح من خيانات الأصدقاء والأزواج والشركاء ومحاولة حقيقية للبحث عن شريك حقيقي يحمل مواصفات تشبه المثالية؛ إذ يُعَدُّ الحلم مادة دسمة للإحساس بالأمن والأمان والسعادة المفقودة.



ما هو تعريف الأحلام؟

الأحلام كلمة عربية فصيحة وهي في صيغة الجمع، ومفردها حلم، وقد عرَّف بعض من الفلاسفة كلمة أحلام على أنَّها مجموعة متسلسلة من التخيلات والتكهنات التي ترتبط بالوهم أو بالخيال يراها الشخص في أثناء نومه وتسمى في هذه الحالة حلماً أو مناماً وقد تسمى كابوساً، وبعضٌ من الفلاسفة عرَّفوها على أنَّها نشاط فكري وعقلي يحصل نتيجة التفاعل أو الاستجابة إلى أمر مثير للانتباه أو الاهتمام أو لمنبه ما أو غريزة ما أو سلوك ما أو دافع ما.

على الرغم من الاختلافات بين الفلاسفة وفئة معينة من الناس حول صياغة تعريف شامل كامل ومتكامل وموحد حول كلمة حلم أو كلمة أحلام، إلَّا أنَّ الجميع يتفق على أنَّ الأحلام لا تحصل إلَّا في أثناء نوم الإنسان أو استغراقه في النوم أو في وقت القيلولة الصغيرة بعد الغداء أو في أثناء الغفوة، وتأتي الأحلام عادة كنتيجة مبررة أحياناً أو غير مبررة لعدة مواقف وعدة أحداث تتداخل فيما بينها وتتفاوت وتترابط بطريقة أحياناً ليست منطقية، ولا يكاد يصدقها العقل أو لا يمكن أن تحدث في الحقيقة.

لكنَّ هذه الأحداث والمواقف والأفعال والحركات تبدو منطقية ومبررة وعقلانية وقابلة للتصديق في أثناء الحلم أو ما يُسمى بالرؤيا التي تحصل للإنسان في أثناء النوم وخاصة حين ينام بعمق، وهذه المنطقية بين الأحداث والمواقف والأفعال والحركات تنتهي صلاحيتها بعد أن يستيقظ المرء من حلمه ويبدأ باسترجاع الأحداث والمواقف والحوارات والأفعال التي رآها أو قام بها في الحلم أو المنام؛ إذ يبدو هذا الترابط غير المنطقي غير قابل للتصديق في الحقيقة ويُفسَّر على أنَّه أمر وهمي أو ضرب من ضروب الخيال.

من ناحية أخرى فقد اختلف العلماء ومحللو الطب النفسي اختلافاً كبيراً حول السبب الذي يدفع الإنسشان إلى مشاهدة حلم في أثناء نومه بعمق، فمثلاً الفيلسوف وعالم النفس الشهير فرويد قال إنَّ الإنسان يستخدم الحلم كوسيلة لإشباع رغبة النفس البشرية وتلبية غرائزها وشهواتها التي لا تتمكن من إشباعها وتحقيقها على أرض الواقع؛ نتيجة الكبت والحرمان ورفض المجتمع والشرع والقانون ممارسة الغريزة التي فُطِر الإنسان عليها، وخصوصاً غريزة الحب أو ما يُسمى الغريزة الجنسية أو الشهوة الجنسية.

شاهد بالفيديو: 6 أسباب مسؤولة عن إصابتك بالكوابيس

كيف قُسِّمت الأحلام؟

ضمن هذا السياق يحضرنا حديث نبوي شريف للرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقول فيه عن الأحلام وأطوارها وتقسيمها وماهيتها ودرجاتها ومراحلها وأنواعها:

(إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثاً، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنْ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ؛ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ؛ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ).

إذا تأملنا المعاني العظيمة في هذا الحديث النبوي الشريف سوف يتبيَّن لنا بشكل جلي وواضح أنَّ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد قسَّم الأحلام إلى ثلاثة أقسام مختلفة؛ وأول قسم سماه عليه الصلاة والسلام بالرؤيا، ويقصد بالرؤيا أي الرؤية الصالحة وهي نعمة وهدية ومَكْرُمة من عند الله سبحانه وتعالى، تزور الإنسان وتنور حياته في الحلم وفي أثناء النوم أو الغفوة القصيرة، وفيها يشاهد الحالم أو الرائي أمراً يحبه ويشتاق إليه ويسعى إليه في يقظته ويتمناه ويشتهيه، فيشعر كأنَّ أنهار السعادة تنسكب عليه وينابيع الحب تتدفق في قلبه وسماء الأماني تحلق فوق رأسه وهو يتابع الحلم في أثناء منامه أو غفوته، والغرض من الرؤيا إما التبشير بأمر ما أو بشرى سارة أو خبر يفرح القلب، ويكون في هذه الحالة هدية سماوية من عند الخالق عز وجل.

يمكن أن يكون الغرض من الرؤيا هو التحذير من مكروه ما أو الإنذار بوقوع مصيبة ما أو كرب ما، وأيضاً في هذه الحالة تكون هدية من عند الله سبحانه وتعالى ومكرمة إلهية وسماوية وإشارة واضحة بأنَّ الله موجود في أي مكان وفي أي زمان إلى جانب العبد المؤمن القوي الذي يسلم أمره لربه فلا ينساه الخالق؛ وإنَّما يحتضر في منامه وفي قلبه وروحه وعقله ونفسه وجسده وتفكيره، ويبشره، وينذره، ويحذره، ويعلمه الطريق الصواب.

والقسم الثاني من الأحلام قد اشتُقَّ من نفس كلمة الأحلام حسب ما رُويَ عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنَّه بعد الرؤيا يأتي الحلم، ويُقصد بالحلم ما يراه الحالم في منامه من مكروه أو كرب أو شؤم أو مصيبه أو مشهد أسود يثير الهم والحزن والكرب والبلاء والغم والبؤس.

أما القسم الثالث من الأحلام، فأسماه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بحديث النفس، ويمكن تعريف أحاديث النفس على أنَّها إسقاطات أو انعكاسات تأتي كنتيجة فورية وحصيلة لما جرى خلال النهار من أحداث ومواقف وحكايات هامة مفصلية غيَّرت مجرى حياة الإنسان وقلبت تفكيره ودماغه وعقله، فتزوره في أثناء النوم على شكل حلم أو منام، وتكون أحاديث النفس إما عبارة عن أحلام أو رغبات مكبوتة أو حسرات لا يمكن لها أن تتحقق على أرض الواقع أو مخاوف من وقوع أمر معيَّن أو من عدم وقوعه؛ فتحدث في المنام فيظن الحالم بأنَّها حصلت في الحقيقة أو يظن بأنَّها حقيقة فعلاً.

إقرأ أيضاً: 8 أمور لا تعرفها عن الأحلام

ما هي الأسباب التي تدفعنا إلى رؤية الأحلام المخيفة أو ما يسمى بالكوابيس؟

1. المواد الدوائية:

قد يحدث أن يتناول الشخص أنواعاً من الأدوية التي تسبب الكوابيس؛ وحينها يجد نفسه في ورطة حقيقية فلا يستطيع أن ينام، ومن جملة الأدوية التي تسبب الكوابيس هي الأدوية التي تحوي مواد كيميائية في تركيبتها تؤثر في صحة وتوازن وعمل الدماغ، ومن هذه الأدوية نذكر: الأدوية المضادة للاكتئاب، الأدوية المخدرة، كما تؤدي الأدوية غير النفسية دوراً في رؤية الشخص للكوابيس مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم.

من ناحية أخرى يقول الطب البشري بشكل عام والطب النفسي بشكل خاص: إنَّ الانقطاع المفاجئ التام أو شبه التام عن تناول الأدوية والمخدرات والمهدئات وأدوية ارتفاع ضغط الدم التي وصفها الطبيب؛ يؤدي حتماً إلى الكوابيس، وفي حال التعرُّض إلى الكوابيس عدة مرات متتالية وفي أكثر من يوم؛ فيجب عليك أن تراجع الطبيب وتستشيره وتأخذ برأيه.

2. الأرق:

إنَّ أهم أسباب رؤية الكوابيس في الليل هو الأرق أو كثرة السهر أو فقدان المقدرة على النوم بعمق، وغالباً ما تكون اضطرابات النوم هي السبب الرئيس وراء الكوابيس المرعبة التي تهاجم الإنسان في حياته وتحرمه من لذة النوم، ويترافق مع الأرق أو مع اضطرابات النوم حدوث مشكلات عديدة وظهور علامات جديدة مثل متلازمة تململ الساق الشهيرة، ومتلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه أو تشتت الانتباه، والرغبة المستمرة والدائمة في الحركة، والحركة الزائدة، وفقدان التركيز سواء في الأشياء أم في الأشخاص أم في المسائل الحياتية والشخصية.

إضافةً إلى ذلك قد تواجه الإنسان الكثير من العقد والإصابات والاضطرابات والمشكلات النفسية المرافقة لحدوث ظاهرة الكوابيس أو المسببة لها أو الناجمة عنها كالقلق والاكتئاب والوسواس واضطراب التفكير والتوتر الشديد وغيرها من الأعراض النفسية الحادة والمؤلمة.

إقرأ أيضاً: أحلام اليقظة: سلبياتها وإيجابيتها، وطرق التعامل معها

3. تناول الطعام مباشرة قبل النوم:

قد يعاني الإنسان من كوابيس حادة بصورة لا توصف؛ وذلك نتيجة أمر بسيط قام به وهو أنَّه تناول الطعام قبل النوم مباشرة؛ إذ إنَّ تناول الطعام قبل النوم مباشرة هو أمر خاطئ قطعاً من الناحية العلمية وغير صحي ولا ينصح به الأطباء واختصاصيو علم التغذية؛ وذلك لأنَّه يساهم في زيادة عمليات الاستقلاب والتمثيل الغذائي للحصول على الطاقة التي تبعث في الجسم النشاط والحيوية، كما أنَّ تناول الطعام قبل النوم مباشرة يزيد من نشاط الدماغ ويُبقي المخ في حالة يقظة.

4. التوتر:

لا يقل التوتر أهمية عن الأسباب التي ذكرناها؛ إذ له دور هام في موضوع الكوابيس ورؤيتها في الساعات المتقدمة في الليل، ومعظم الكوابيس تعزى إلى التوتر والاضطرابات النفسية وتزاحم مشاعر الخوف والرعب والحذر وعدم الطمأنينة.

شاهد بالفيديو: رحلة إلى عالم الأحلام

في الختام:

لا يمكن للإنسان أن يستغني عن الحالم، وإلا سيفقد الأمل حتماً ولن يستمر، وأحلامنا ليست إلَّا انعكاساً لواقعنا المرير أحياناً والمضحك أحياناً أخرى؛ لذا فالأحلام تمنح خصوصية لكل إنسان يحلم بها في أثناء الليل.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة