استراتيجيات في العلاقات العاطفية

بصرف النظر عن مدى سعادتكما بوصفكما زوجين، فإنَّ معظم الناس - إن لم يكن الجميع - يواجهون بعض المصاعب والخلافات في مرحلة ما، ففي الواقع تُعَدُّ الخلافات جزءاً طبيعياً من كل علاقة، ووجود خلافات ومشاجرات لا يعني بالضرورة أنَّ علاقتك محكوم عليها بالفشل.



التمتع بالعزلة يجعل علاقاتك المستقبلية صحية:

لهذا السبب من الهام تنمية مهارة التمتع بالعزلة، ففي الثقافة الحديثة غالباً ما يتم ربط الشعور بالوحدة بمشاعر الحزن، لذلك قد لا يكون تقدير العزلة بالأمر السهل، إضافة إلى ذلك قد يكون البقاء وحدك ومع نفسك أمراً مخيفاً إذا لم تعالج المشكلات والصدمات العميقة.

لكن مع الممارسة والصبر وبعض الاستشارات يمكنك تعلُّم الاستمتاع بوقتك وحدك، ففي الواقع قد تجد أنَّك تعفي نفسك بشكل متكرر من الالتزامات من أجل أن تكون وحيداً أو تتأمل الغروب من شرفتك، فهذه القدرة والرغبة في أن تكون وحيداً مع نفسك ستعمل على تقويتك عندما تكون في علاقة؛ وذلك لأنَّك لن تشعر بالحاجة إلى الاتكاء على شريكك دائماً وأنت غير خائف في حال أراد الرحيل.

نهاية أيَّة علاقة هي مجرد بداية جديدة:

"شخص ما أحببته ذات مرة أعطاني صندوقاً مليئاً بالظلام، واستغرق الأمر مني سنوات لأفهم أنَّ هذه كانت هدية أيضاً". – "ماري أوليفر"؛ إذ تحدث الكثير من الصدمات خلال العلاقات، ومن خلال تلميحات خفية في شعرها، كشفت الشاعرة الحائزة على جائزة بوليتزر "ماري أوليفر" أنَّها عانت من صدمات كثيرة، وربما هذا هو "صندوقها المليء بالظلام".

مع ذلك كانت صدمة العلاقة هذه مجرد بداية حياتها المهنية الجميلة والنابضة بالحياة، لقد تحولت إلى الطبيعة بوصفها مصدراً للسلام والفرح، حتى إذا كانت قد تعرضت لصدمة في العلاقة سواء كانت إساءة جسدية أم عاطفية متعمدة أم أخطاء غير مقصودة، يمكنها التعافي وتطوير علاقات جديدة وصحية مع الآخرين.

ما هي أهم الاستراتيجيات للحفاظ على علاقة قوية؟

عندما يشتد خلافك مع الشريك، إليك أهم الاستراتيجيات لمساعدتك على تجاوزها وبناء علاقة قوية:

1. إنشاء بيئة مريحة:

يشعر كلا الشريكين في العلاقات الصحية بالراحة في التعبير عن كل الأفكار والمشاعر، فإنَّهما منفتحان وصادقان، ويعرفان أهمية الاستمرار في الانفتاح على الرأي الآخر حتى عندما تحدُث الخلافات أو الشجارات، وهذا يعني إنشاء بيئة مريحة مع إعطاء الأولوية للاحترام والامتناع عن إطلاق الأحكام، وحتى عندما تكون في خضم جدالك مع شريكك، تذكر أنَّ له الحق في أفكاره ومشاعره وآرائه.

تدرب على الاستماع لوجهة النظر المخالفة لوجهة نظرك دون إصدار حكم أو مداخلة أفكارك في أثناء الحديث، فعندما يعطي كلاكما الأولوية للثقة والاحترام، ستكونان قادرين على التعامل مع الخلاف عند حدوثه بسرعة.

إقرأ أيضاً: سايكولوجيا العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة وسر نجاحها

2. تحديد مشاعرك بدقة:

الخلاف أمر مرهق والشعور بمجموعة متناقضة من العواطف أمر طبيعي؛ لذا قبل البدء بمناقشة الخلاف مع شريكك، خذ وقتاً لتجميع أفكارك وتحديد مشاعرك بدقة واسأل نفسك: "ما هي المشاعر التي تشعر بها؟ ولماذا تشعر بهذه الطريقة؟".

كن واضحاً عندما تشارك أفكارك ومشاعرك مع شريكك، واذكر بوضوح سبب شعورك بالضيق، وأخبره بما تشعر به، وتجنب تعميم موقف أو سلوك شريكك، وتجنب استخدام كلمات مثل: "دائماً" أو "أبداً"، واستخدم لغة لطيفة، وتذكر أن تركز على ما تشعر به بسبب الموقف دون اتهام أو لوم شريكك.

3. الإصغاء إلى مشاعر شريكك:

دائماً يوجد وجهان للحقيقة، وفهم وجهة نظر الشريك لا يقل أهمية عن التعبير عن وجهة نظرك، وعندما تجد نفسك دخلت في جدال، استمع لكلام شريكك، واحرص جيداً على سماع ما يقوله وفهمه والاحتفاظ به، وحاول ألا تتخذ موقفاً دفاعياً، واطرح أسئلة إذا لم تفهم كلماته، لكن تجنب مقاطعته أو تصحيح كلماته حتى لو كنت تعتقد أنَّك على صواب.

4. السعي إلى التوصُّل إلى حل وسط:

في أثناء الاستماع لكلام شريكك، احرص على فهم وجهة نظره، واطلب منه أن يفعل الشيء نفسه، وتذكَّر أنَّ كليكما في الفريق نفسه، ولستما عدوين أبداً، وغالباً ما يتطلب حل النزاع إيجاد حل يجعلكما تشعران بالراحة والتقدير والاحترام.

ناقش جميع الخيارات الممكنة، واجتهد للحفاظ على بيئة مفتوحة ومرحة طوال المحادثة، وإذا وجدت أنَّ الخلاف لن يصل إلى حل، فلا بأس في أن تأخذا قسطاً من الراحة وتتفقا على وقت لإعادة النظر في المشكلة عندما تصبحان في حالة ذهنية أفضل، ففي الكثير من الحالات، يمكن للأزواج الاتفاق بعد أخذ قسط من الراحة، وهذا يسمح لهم بالمضي قدماً.

5. طلب المساعدة:

قد يساعد الحوار على حل العديد من الخلافات، ولكنَّ بعض المشكلات تكون أكبر من طاقتكما؛ لذا عندما تفشل أنت وشريكك في إيجاد أرضية مشتركة أو تتكرر المشكلات نفسها دائماً، قد يكون الحل الأمثل هو استشارة خبير العلاقات أو الطبيب النفسي.

شاهد بالفديو: 10 أمور تزيد من سعادة الزوجين

6. المودة الجسدية:

أظهر المودة الجسدية مع شريكك، مثل التقبيل أو إمساك اليدين أو العناق فقط لإخبار شريكك أنَّك تحبه وتهتم به؛ إذ أظهرت دراسة أجرتها جامعة ولاية "أريزونا" أنَّ مثل هذه المودة الجسدية تزيد من هرمونات الشعور بالسعادة، وتحسن الحالة المزاجية وتخفف التوتر.

7. تقديم الدعم:

لا يوجد إنسان كامل، فعندما يرتكب شريكك أخطاء أو يمر بوقت عصيب في العمل، أظهر دعمك الجسدي والعاطفي، وتحدَّث إليه وجامله كثيراً، واستمع له عندما يكون غاضباً، وساعده على إنجاز عمله إذا استطعت، وفي الوقت نفسه لا تكن متسلطاً أو واعظاً.

8. مشاركة الأهداف:

عندما تعمل أنت وشريكك على نفس المشكلة، فمن المرجح أن تركزا على الجانب الإيجابي، فضعا أهدافاً مشتركة مثل الادخار من أجل إجازة؛ إذ يعزز العمل بانسجام من العلاقة العاطفية.

9. عدم إهمال التزاماتك:

تأتي العلاقات بالكثير من الالتزامات، فكن على دراية بأهميتها، واعمل على تحقيقها لجعل شريكك سعيداً، وفي الوقت نفسه تأكد من أنَّك لا تضحي بمساحتك الخاصة لأنَّك يجب أن تكون سعيداً أيضاً، وإذا لم تكن مرتاحاً لفعل بعض الأشياء، فتحدث عنها مع شريكك.

إقرأ أيضاً: 10 أسباب تجعل التكنولوجيا تدمر العلاقات العاطفية!

10. التواصل:

التواصل هو حاجة فطرية لأي إنسان؛ لذا تحدث وأرسل رسائل نصية لشريكك دائماً لبناء علاقة قوية، وكن مستمعاً جيداً عندما يريد شريكك مشاركة تفاصيل يومه معك.

اهرب من العلاقة السامة:

قد يكون من الصعب الهروب من العلاقات غير الصحية أو السامة؛ وذلك لأنَّ الشريك المسيء يمكن أن يكون مسيطراً على كل شيء، لكن إذا كنت في علاقة سامة، فأنت بحاجة إلى الحصول على مساعدة من معالج نفسي سواء عبر الإنترنت أم وجهاً لوجه في أقرب وقت ممكن، وطلب الدعم من العائلة والأصدقاء الموثوق بهم.

سآخذك فقط إذا كنت أجمل من وحدتي:

تقول "ورسان شاير": "أشعر وحدي أنَّني على ما يرام، سآخذك فقط إذا كنت أجمل من وحدتي"، إنَّها شاعرة أمريكية من أصل أفريقي؛ إذ تشير من خلال كتاباتها إلى أنَّها امرأة قوية ومستقلة لا تحتاج إلى أن تكون في علاقة حتى تكون سعيدة.

يقع الكثير من الناس رجالاً ونساءً في فخ الشعور وكأنَّهم غير لائقين أو وحيدين عندما لا يكونون في علاقة، ولكنَّ الاعتماد على علاقة من أجل الشعور بالإنجاز هو أمر كارثي؛ وذلك لأنَّه لا يوجد أحد مثالي، فلا بد أن يتخلى الجميع عن شريكه في مرحلة ما.

في الختام:

في نهاية هذا المقال تذكَّر أنَّ العلاقات القوية لا تحدث في يوم وليلة؛ بل عليك أن تبنيها بالحب والعاطفة والتفاهم والتسامح والقبول والتقدير، فابدأ بناءها من اليوم لتصبح شريكاً محباً طوال الحياة.




مقالات مرتبطة