استراتيجيات تساعد رواد الأعمال على التخلص من الإجهاد

إينا سيمينيوك (Inna Semenyuk) هي خبيرة تسويق عملَت قبل إطلاق شركتها لدى مؤسسات كبيرة في مجال العلاقات العامة. تقول سيمينيوك (Semenyuk) لمجلة رواد الأعمال (Entrepreneur): "لقد كنت أعمل ببيئة تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد والبقاء لفترة أطول في العمل وتقديم أكثر من اللازم، وهو أمر جيد، ولكن ذلك بنى بيئة يسودها التوتر والصراع والضغط".



لقد منحها بدء عملها الخاص المرونة التي تحتاج إليها، ولكنَّ الرغبة في تأسيس مشروع جديد كانت مصحوبة بالوحدة، وتقول إنَّ السنة الأولى على وجه الخصوص كانت دورة مكثفة حول كيفية حماية نفسها من الإرهاق.

تقول سيمينيوك (Semenyuk): "بصفتك رائد أعمال ستتعامل مع قضايا مختلفة تماماً، وسيكون لديك عملاء مختلفون تتعامل معهم تعاملاً مباشراً؛ لذلك هناك الكثير من الضغوطات المختلفة الآن التي أتعامل معها بنفسي".

عندما تبدأ نشاطاً تجارياً بمفردك، فإنَّ الطريقة الوحيدة التي ستنجح بها فعلياً هي ألا تستنفد كامل طاقتك في العمل؛ حيث وجدت دراسة مشتركة عام 2015 أجرتها جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو وجامعة ستانفورد (University of California San Francisco and Stanford University) أنَّ مخاوف الصحة العقلية تؤثر في 72% من روَّاد الأعمال، ووجد استطلاع أجرته مؤسسة جالوب (Gallup) في عام 2012 في الولايات المتحدة، أنَّ روَّاد الأعمال أكثر عرضة من غيرهم للإجهاد في نشاطاتهم اليومية؛ لذلك كان عليهم الاهتمام بصحتهم العقلية، على سبيل المثال يمكنك أن تبدأ بشيء بسيط مثل الذهاب في نزهة بالقرب من المنزل.

تقول الدكتورة وعالمة الاجتماع ورائدة الأعمال ومؤلفة كتاب "ابدأ حياتك: صارع واختبر طريقك إلى السعادة" (Startup Your Life: Hustle and Hack Your Way to Happiness)، آنا أكبري (Anna Akbari): "إذا لم تكن بصحة جيدة جسدياً، فأنت لست بصحة عقليَّةٍ جيدة؛ لذلك حدد أولوياتك كرائد أعمال لأنَّ وقتك محدود للغاية".

وأشارت أكبري (Akbari)، بالنسبة إلى الموظفين الذين يعملون من 9 إلى 5 ويفكرون في تحقيق نجاح وبدء أعمالهم الخاصة، فإنَّ امتلاك هذا النوع من التحكم بوقتك يمكن أن يبدو كأنَّه مبالغة، ولكن على الجانب الآخر، عندما يكون الشخص الوحيد الذي يتعين عليك الرد عليه هو أنت، يمكن أن تكون كل ساعة، هي ساعة عمل".

إقرأ أيضاً: 3 خطوات كفيلة بالقضاء على الإجهاد

لذا عندما تدرك أنَّ لديك وقتاً محدداً في العمل، يمكنك ضمان أنَّ مستوى التوتر لن يرتفع ارتفاعاً كبيراً، ويمكن للإجراءات الصغيرة التي تتخذها بناء شبكة أمان قوية.

بالنسبة إلى سيمينيوك (Semenyuk)، كانت الخطوة الأولى هي إيقاف تشغيل الإشعارات على هاتفها وإبقائه صامتاً في جميع الأوقات، كما حددت وقتاً لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي والرد على البريد الوارد، واستبعدت أي شيء لم تستفد منه، حتى الأشخاص الذين كانت تتابعهم أو كانوا يتابعونها والتي شعرت بأنَّهم يعكرون مزاجها ويستنزفون طاقتها، وقد حرصت على تحديد وقت للراحة يومياً للخروج إلى صالة الألعاب الرياضية؛ حيث تقول أكبري (Akbari): "بدأت أيضاً بالتأمل لمدة 10 دقائق فقط يومياً بمساعدة تطبيقات مثل كالم (Calm)".

وتقول سيمينيوك (Semenyuk): "يساعدك ذلك حقاً على التخلص من الأفكار السلبية والانتقادات، وفي الواقع يساعدك أيضاً على ملاحظة ذلك، ومراقبة مشاعرك والانتباه أكثر، ومواجهة المواقف العصيبة واتخاذ قرارات أفضل في العمل وفي الحياة لأنَّه لديك المزيد من الوضوح".

وأكبري (Akbari) أيضاً من محبي التأمل لأهميته عندما يتعلق الأمر بتغيير طريقة اتخاذك للقرارات في لحظات ضغط العمل، فتقول: "إذا كان هناك وقت تحتاج فيه إلى تحسين هذه العملية، فسأقول إنَّه وقت البدء بعملك الخاص والتوسُّع".

إذا سارت الأمور وفقاً للخطة، فلن تكون بمفردك لفترة طويلة، مع تقدم شركتك، يمكنك التأكد من أنَّك تقوم بوضع نموذج للسلوكات الصحية، وأيضاً إنشاء مكان عمل يشعر فيه موظفوك بأنَّهم مدعومون.

يقول الدكتور ديفيد بالارد (Dr. David Ballard)، رئيس مركز التميز التنظيمي التابع لمنظمة علم النفس الأمريكية (American Psychological Organization’s Center for Organizational Excellence): "إذا كنت مرهقاً كقائد، فهذا يؤثر في جميع الأشخاص الذين يعملون معك، وفي بيئة العمل، يكون معظم الأشخاص الرئيسين في أدوار مرهقة للغاية، وإذا كنت تضيف إلى ذلك ضغط العمل، فهذا في الواقع يضر بأداء شركتك، وبسلامة الأشخاص الذين تحتاج إليهم ليكونوا في أفضل حالاتهم.

وجد استطلاع جمعية علم النفس الأمريكية (APA) السنوي للقوى العاملة في العام الماضي أنَّ 42% فقط من الموظفين الأمريكيين قالوا إنَّ مكان عملهم يوفر لهم الأدوات التي يحتاجون إليها لإدارة الإجهاد، وذكر أكثر من الثلث أنَّهم تعرضوا لضغوط مزمنة في العمل، وعندما يتعرض الناس للتوتر، فإنَّهم يتطلعون إلى الانتقال إلى شركات أخرى، وإذا بقوا، فقد لا يقومون بأدوار جديدة تكون مناسبة لهم تماماً".

عندما يكون الموظفون بحالة توتر فلا يسعون إلى الحصول على الترقيات، يقول بالارد (Ballard): "إنَّهم لا يحاولون الانتقال إلى مناصب أعلى، إذا كانوا يعتقدون أنَّ الفرص لا تستحق العناء، وإذا كان مستوى الإجهاد مرتفعاً جداً بالنسبة إلى ما يحصلون عليه، فسوف يتجاهلون الفرص، وقد يكون هؤلاء في الواقع أشخاصاً مفيدين للغاية من حيث تقدم الشركة ونجاحها.

توجد بعض الأشياء الأساسية التي يتحكم بها أرباب العمل عندما يتعلق الأمر بالتوتر على وجه التحديد، مثل التحلي بالشفافية وفتح باب التحاور حول التعويضات والمزايا، وتوفير المرونة في جداول عمل الموظفين، ووضع مسارات للتقدم، وضمان أنَّ نوع العمل الذي يقوم به موظفوك يوفر قيمة لهم وللشركة ككل، حتى لو كان على المستوى الإداري".

من العوامل المؤثرة التي تصيب بيئة العمل عاملٌ يُدعى انخفاض العبء النوعي (qualitative underload)، ويعني أن يكون لدى الموظف ما يكفي من المهام، لكنَّ هذه المهام لا ترتقي إلى مستوى إمكاناته، فقد تكون مشغولاً، لكنَّك تشعر بالملل؛ حيث يشرح بالارد (Ballard) أنَّ العمل يصبح حينها غير مثيرٍ للاهتمام، ولا يمثل تحدياً ولا يُعَدُّ هامَّاً لك، فهذا يسبب ضغوطات للناس في الواقع، ونحن لا نميل إلى التفكير في الأمر بهذه الطريقة، لكنَّ هذا ما يحدث.

تقول أكبري (Akbari) "هناك ضغوطات أخرى خفية تتمثل في الشعور بالذنب الذي يمكن أن يتسلل إذا لم يكن التوازن بين العمل والحياة بالشكل الذي تريده تماماً، وتوصي بإنشاء نظام للبقاء يقظاً خلال اللحظات القاسية هذه، سواء كان ذلك من خلال ضبط المنبه أم تحديد موعد مع صديق أو شريك تجاري، ولكن بخلاف ذلك، لا بأس بالاستمرار في المسار الذي اتخذته.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح للتخلّص من التعب العقلي والجسدي

العديد من اللحظات الأكثر أهمية في حياتنا نحصل عليها في الواقع من القليل من عدم التوازن أو بعض القسوة، وسواء كنت منهمكاً بمشروعٍ ولا تريد التوقف أم كنت في طريق إبداعي أم كنت تطلق مشروعاً جديداً، فأحد الأشياء الهامة التي يجب على روَّاد الأعمال القيام بها هو تقبُّل غياب التوازن، وألَّا يثير فيهم ذلك الإحساس بالندم أو الذنب أو الرغبة في الاعتذار".

المصدر




مقالات مرتبطة