اخدم الآخرين لتحصل على ما تريد

ثق بأنَّ فيلم (Scrooged) المأخوذ عن رواية تشارلز ديكنز (Charles Dicken)، والذي كان بعنوان: ترنيمة عيد الميلاد (A Christmas Carol) يُشاهَدُ كلَّ 15 دقيقةً في مكانٍ ما من العالم. إنَّ هذا الفيلم سردٌ هزليٌّ لهذه الرواية التي كتبت في عام 1843، ولكن ما الذي يجعل قصةً كهذه تدوم لما يقارب 200 عام؟



في الواقع إنَّ أداء بيل موري (Bill Murray) الأسطوري قد ساعد في هذا، وذلك ينبع من اعتقاد الجميع أنَّ شخصية البخيل المعادي للمجتمع قد حصلت في القصة على القصاص الذي تستحقه.

ترنيمة عيد الميلاد، وأثر التعاطف في نفس الإنسان:

تروي هذه الرواية قصة الرجل المسن البخيل "إبنزر سكروج" (Ebenezer Scrooge)، الذي يتحوّل إلى رجلٍ طيبٍ ولطيفٍ بعد زيارة أشباح زملائه المتوفيين له عشية عيد الميلاد. تتمحوَّر مواضيع القصة الرئيسة حول مساعدة الفقراء، وقدرة الرجل الأناني على إنقاذ نفسه من خلال التحوِّل إلى شخصيةٍ أكثر تعاطفاً مع الآخرين.

وعلى الرغم من أنَّ "ديكنز" و"موراي" يشكلان ثنائياً غريباً، إلَّا أنَّهما يوصلان رسالةً خالدة: "كلُّ مشاكلنا تأتي من تفضيل أنفسنا على الآخرين".

الفقر، والمادية، وتدمير البيئة، والوحدة، والمشاكل التي تُعرَض على تلفزيون الواقع؛ لن تكون موجودةً إذا وضعنا خدمة الآخرين فوق حبِّنا لذواتنا.

والكاتب هنا لا يقدِّم حجةً أخلاقية، وسواءً أكانت خدمة الآخرين هي الشيء الصحيح الذي يجب عمله أم لا، إلا أنَّها ممارسةٌ فلسفيةٌ يمكن القيام بها من يومٍ إلى آخر.

ومن وجهة نظرٍ شخصية: "الصحيح هو ما ينجح"، والدليل: أنَّ أفضل طريقةٍ للحصول على ما تريده هي خدمة الآخرين.

الإيثار موجودٌ في حمضنا النووي:

"فقط من خلال العطاء يمكنك الحصول على أكثر مما لديك بالفعل" - جيم رون.

في إحدى حلقات مسلسل فريندز "Friends"، يناقش "جوي" و"فيبي" ما إذا كان هناك فعل خيرٍ يخلو من الأنانية؛ هل نتبرع للأعمال الخيرية بهدف المساعدة، أم لأنَّ ذلك يجعلنا نشعر بالرضا؟

من الأسئلة الشائعة الأخرى المتعلِّقة بهذا الموضوع: هل البشر بطبيعتهم طيبون أم أشرار؟

ويخوضُ علماء النفس هذه المناقشة منذ أربعة عقود: هل الإيثار أمرٌ حقيقي؟ أم أنَّه مجرد حيلةٍ أُخرى خدَّاعةٍ نستخدمها لنشعرَ بالرضا عن أنفسنا؟

يعتقد أحد الباحثين أنَّه قد حسم الأمر، إذ في بحثه الذي دام 30 عاماً، وجد الدكتور دانييل باتسون (Dr. Daniel Batson) أنَّ البشر مرتبطون "بقلقٍ عاطفي" - مشاعر مثل: التعاطف، والضيق، والحزن، وما إلى ذلك - وأنَّ هذا يخلق سلوكَ خيرٍ جيد.

لماذا فضَّل التطوُّر هذه السمة دون غيرها من السمات الإنسانية؟ حسناً، على مرِّ التاريخ، نجت الشعوب والمجتمعات التي اعتنت بأفرادها، إذ لم يتركوا بعضهم فريسةً للوحوش.

إنَّ خدمة الآخرين موجودةٌ -فعليَّاً- في حمضنا النووي، وإنَّ الأفعال الأنانية تشكِّل تهديداً حقيقياً لبقائنا.

إقرأ أيضاً: 9 علامات تدل على الشخص الأناني

قانون المعاملة بالمثل:

"من واجب كلِّ إنسانٍ أن يعيد إلى العالم -على الأقل- ما يعادل ما أخذه منه" - ألبرت أينشتاين.

إنَّ جنسنا لديه نزعةٌ لطيفةٌ بطبعه، فماذا إذاً؟ في الواقع إنَّ الأشخاص اللطفاء من المستحيل أن يكونوا قساةً وبلا رحمة دوماً. ربَّما تكون قد فقدت وظيفتك للتو، أو تعرَّضت شركتك إلى بعض الأمور السيئة، ولا يمكنك تقديم العطاء الآن. وفقاً للمؤلِّف براين تريسي (Brian Tracy)، ينصُّ القانون العالمي للمعاملة بالمثل على أنَّ البشر لديهم الدافع الذي لا يقاوَم لإسداء معروفٍ للشخص الآخر: هل ساعدتَ شخصاً ينتقل من منزله، أو رعيتَ حيوانه الأليف؟ افعل ذلك، وسيدين لك هذا الشخص بردِّ الجميل.

من المفهوم أنَّه في يومٍ من الأيام ستكون ميزة الإحسان بمثابة العودة إلى أصلنا، وستكون مكلفةً لنا.

إنَّ الحاجة إلى بطاقةٍ نُسجِّل عليها أداءنا والأمور التي نقوم بها للآخرين، حاجةٌ متأصلةٌ في الإنسان، حيثُ أنَّنا كبشرٍ مستعدون للقيام بأيِّ شيءٍ لمجرد أنَّ أحدهم طلب ذلك منَّا.

استخدم هذه القاعدة لتحصل على قدرٍ أكبر من المساعدات: اخدم شخصاً ما، وسوف يشعر أنه مُلزَم بردِّ الجميل إليك، وعادةً ما يكون ذلك أكثر ممَّا أعطيته. وهي الطريقة التي يتَّبعها التجَّار، فعلى سبيل المثال: حين يقومون بمجاملتنا، أو عندما يقدمون إلينا عيناتٍ مجانية؛ فإنَّهم يطبِّقون قانون المعاملة بالمثل.

وسواءٌ كانت دوافعك بهدف الإحسان فحسب، أم كنت تطبق القانون؛ فإنَّ خدمة الآخرين هي أفضل طريقةٍ للحصول على كلِّ ما تريد. وعليك أن تضع في الحسبان أنَّ الناس يمكنهم اكتشاف النوايا الخبيثة، فإذا كانت نواياكم الخفية شريرة، فإنَّ هذا التكتيك قد يؤدِّي إلى نتائج عكسية.

أربع طرائق تقدِّم إليك الفائدة من خدمة الآخرين:

في موسم الأعياد، من السهل أن تشعر أنَّ الأرض تمتلئ بالسكينة والسلام، حيث يمكنك أن تكتسب هذا الشعور بمجرد تبرعك ببعض القطع النقدية. ولكن من الصعب أن تتحوَّل هذه الحيل اللطيفة إلى عاداتٍ يومية، وخاصةً عندما يبدأ أطفالك بالتصرُّفات السلبية.

إنَّ الإيثار البحت لن يحمل أغلب الناس إلى مواجهة تحدياتٍ كبيرة، لذا فلنتبيَّن كيف تستفيد عندما تخدم الآخرين:

1. الفوائد المادية:

"ما نقص مالُ عبدٍ من صدقة" - حديثٌ شريف.

هل تريد الحصول على الأموال؟ يعرف رواد الأعمال الناجحون أنَّ الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي خلق عملٍ ذي قيمة، كما يدرك مندوبو المبيعات الفعَّالون أنَّ عملية البيع لا تحدث إلَّا عند حلِّ مشكلةِ العميل.

وماذا عن الإنجازات؟ إنَّ الإنجازات التي تحرزها في العمل تجعلُكَ تتقدَّم أميالاً إضافية:

  • العلامات العالية: أظهرت دراسةٌ شملت 3450 طالباً جامعياً أنَّ القيام بأيِّ نوع من العمل التطوعيِّ تسبَّبَ بارتفاع درجات الطلاب الذين يقومون بالأعمال التطوعية. وعلى نحوٍ غير متوقع، قضى أولئك الطلاب الذين أمضوا وقتاً في الخدمة المجتمعية، وقتاً أطول في الدراسة، وليس أقل. ولا شكَّ أنَّ هذا خلق فرص عملٍ إضافيةً بعد المدرسة.
  • تكرار الأعمال والكلمات الإيجابية: يوجد علاقةٌ وثيقةٌ بين جودة خدمة العملاء وزيادة المكاسب، حيث أنَّ الزبائن السعداء يبقون لفترةٍ أطول، كما أنَّهم يخبرون أصدقاءهم عن خدماتك.
  • تحسين أداء الموظفين: كان "روبرت ك. جرينليف" (Robert K. Greenleaf) رائداً في فكرة قيادة الخادم، وهو أسلوب الإدارة الذي قلب الخريطة التنظيمية للشركة. حيث أنَّ الرئيسَ التنفيذي أصبح يعمل لدى موظفي الخطوط الأمامية. وبعد مرور خمسين عاماً، لا يزال عمله مصوناً. حيث يبقى الموظفون الذين يشعرون بأنَّ قادتهم يخدمون احتياجاتهم مع الشركة لفترةٍ أطول، وتتحسَّن إنتاجيتهم، ويكونون أكثرَ ابتكاراً.
  • جذب عملاء جُدد: عندما تخدم عميلاً محتملاً بلا هوادة، كأن تمنحه شيئاً ما دون أن تتوقع عودته، فإنَّك تسهل عليه الشراء منك. عندما تكون الهدية الترويجية التي تقدِّمها شركتك ذات قيمة حقاً، فإنَّك تجعل من شركتك شركةً موثوقاً بها. وفي سوقٍ شديد التنافسية، يجب على العملاء أن يثقوا بأنَّك تهتم برفاهيتهم.
  • الحصول على مزيدٍ من مقابلات العمل: في إحدى الدراسات، أرسل الباحثون السير الذاتية المزيفة استجابةً لإعلانات الوظائف الحقيقية. فوجدوا أنَّ "مقدمي الطلبات" الوهميين الذين احتوت سيرهم الذاتية أعمالاً تطوعية، كانوا أكثر ميلاً إلى الحصول على مقابلةٍ من غير المتطوعين.
إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتكون ذكيّاً في التعامل مع الناس

2. الفوائد التي تتعلَّق بالحالة المزاجية:

"إنَّ أسعد الناس ليسوا أولئك الذين يحصلون على المزيد، بل أولئك الذين يقدِّمونه" - جاكسون براون الابن.

ربَّما ترى مزيداً من الأموال في جيبك، وتقوم بإنشاء شركةٍ مزدهرةٍ إذا كنت تخدم الآخرين، ولكن ما الهدف من الثروة إذا لم تكن سعيداً؟ إليك الأخبار الطيبة: يؤكِّد العلم أنَّ خدمة الآخرين تجعلك تشعر أنَّك شخصٌ رائع. وهذا يفسر سبب كون العديد من أغنى أغنياء العالم يتبرعون بالكثير من ثرواتهم عن طريق الهِبات. أعطِ، وهذا ما ستحصل عليه:

  • مزيدٌ من الثقة بالنفس: أظهرت الدراسة نفسها التي أجريت على الطلاب الجامعيين أنَّ المتطوعين يتمتعون بثقةٍ عالية بأنفسهم، وبقدرٍ أكبر من تقدير الذات، وهو أمرٌ يصارع الكثير من البالغين الأصحاء للحصول عليه. كما يمكنك تحسين أشياء تظهر في نفسك عن طريق تغيير الطريقة التي تتحدَّث بها إلى نفسك، واستثمار مزيدٍ من الوقت في الاعتناء بنفسك.
  • هرمونات جيدة: وفقاً لعلماء النفس فإنَّ الفعل البسيط المتمثل بمساعدة شخصٍ آخر يُنتِج هرموناتٍ عن طريق ناقلاتٍ عصبية مثل: هرمون الأوكسيتوسين - الهرمون نفسه الذي يجعلنا نشعر بالحبِّ تجاه شريكنا أو تجاه الأطفال. والخبر السارُّ أنَّه عندما تمتلئ أدمغتنا بالأوكسيتوسين، نطلب المزيد؛ لذا تصبح خدمة الآخرين نوعاً من الإدمان. يزيد الأوكسيتوسين أيضاً من الثقة والتعاون في التفاعلات التجارية، ولهذا السبب يشتري الناس من الشركات التي "يحبونها".
  • يجعلك الإنفاق على الآخرين سعيداً: وجد علماء النفس أنَّ البالغين الذين أنفقوا حتَّى 5 دولارات على الآخرين، قد خلقوا مشاعر أكثر إيجابيةً ممَّا كانوا عليه عند تلقِّي المال. ماذا عن الأطفال؟ لقد شعروا بمزيدٍ من السعادة عند التخلِّي عن الطعام مقارنةً بالحصول عليه، خاصةً عندما كان العطاء أكثر تكلفة. لاحظ الباحثون هنا "دورة الإحسان" نفسها التي تسبِّب الإدمان: الإنفاق الاجتماعي يشجعك على القيام بمزيدٍ منه.
  • التنوُّر: "ماذا سيحدث عندما نضع الناس في آلة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، ونجعلهم يتبرعون للجمعيات الخيرية لنراقب انفعالاتهم؟" يقول باحثٌ في إحدى الدراسات، حيث وجد أنَّ نظام ميزولمبيك -نظامٌ يستخدم في أجهزة الرنين المغناطيسي، بحيث يضيء مناطق معينةً في الدماغ عند حدوث انفعالاتٍ معينة- يضيء بالطريقة نفسها تماماً عند تلقيك الأموال، وهو النظام نفسه الذي يتنشَّط عن طريق الطعام والمخدرات والمال. لاحظ الباحثون أنَّ القشرة المخية الفرعية تتوهج أيضاً، وهو ما يحدث عندما ننظر إلى أطفالنا وشركائنا. إنَّه شعورٌ جيّدٌ أن تُعطي.

3. الفوائد الصحية:

 "من يخدم أكثر، يحصد أكثر" - روبن شارما.

لقد أكَّد العلم مؤخراً ما عرفه مجتمع تطوير الشخصية لفترةٍ طويلة: أنَّ العقل السليم يؤدِّي إلى جسمٍ سليم. وها نحن نكتشف الآن أنَّ عادات العطاء الجيدة تعمل أيضاً على تحسين صحتك البدنية:

  • العيش لفترةٍ أطول: هناك إحصائياتٌ تُظهِر فرصَ وفاةٍ أكبر بنسبة (89٪) لمن يتقاعدون مبكراً، وبنسبة (66٪) لمن توفيَّت زوجاتهم. ولكن ليس من المفاجئ أن تفكِّر في أنَّ إرادة شخصٍ ما في العيش مرتبطةٌ بوجود شيءٍ يعيش من أجله. أولئك الذين يتطوَّعون بأكثر من 100 ساعةٍ في السنة (حوالي ساعتين في الأسبوع) هم أقلُّ عرضةً إلى الوفاة، ولديهم صحةٌ أفضل بشكلٍ عام. هذا لا ينطبق على كبار السن؛ لأنَّ المزايا تكون أكبر إذا بدأتَ بالعطاء في وقتٍ مبكرٍ من حياتك. يمكنك ملاحظة الآثار الإيجابية للعطاء بغضِّ النظر عن الدخل أو التعليم أو الجنس أو العرق أو الحالة الزوجية. نعم، يمكن للعمل التطوعي مساعدتك في العيش لفترةٍ أطول بغضِّ النظر عن كلِّ هذا.
  • ترويض الألم: تُبيِّنُ الأبحاث أنَّه عندما يتطوَّع شخصٌ يواجه آلاماً مزمنةً لخدمة الآخرين الذين يعانون من تحدياتٍ تشبه ما يعانيه -لنفرض العلاج الكيميائي مثلاً- فإنَّ ألمه الخاص يقل. وقد لوحظ أنَّ الفائدة العائدة على الشخص الذي يقدِّم الخدمة هي أكبر من تلك العائدة على الأشخاص الذين يتلقونها، كما وأنَّ الفائدة التي يتلقاها المرضى من الخدمات التي يقدِّمها الآخرين إليهم أكبر من تلك التي يتلقونها من الرعاية الطبية. نحن نخفف من معاناتنا عن طريق تقديم الشيء نفسه للآخرين.
  • تجنُّب المرض: أظهرت دراسةٌ أُجرِيت في الولايات المتحدة أنَّ زيادة معدلات الأعمال التطوعية قد رافقها انخفاضٌ ملحوظٌ في نسبة الإصابة بأمراض القلب. كما أنَّ خدمة الآخرين هي طريقةٌ رائعةٌ لمحاربة مرضٍ رهيبٍ آخر، وهو: الاكتئاب. يعزِّز العطاء غير الأناني علاقاتنا الاجتماعية، ويعطي حياتنا معنى، ويزيد من ثقتنا بأنفسنا؛ وتقتلع كلُّ هذه الأشياء الاكتئاب من جذوره.

4. فوائدُ تخصُّ العلاقات الاجتماعية:

"يمكنك الحصول على كلِّ شيءٍ تريده في الحياة، إذا كنت ستساعد الآخرين في الحصول على ما يريدون" - زيغ زيغلار.

ماذا تريد من الحياة أكثر من أن تمتلك المال وتكون بصحّةٍ جيدة؟ في الواقع، إنَّ مشاركة كلِّ ذلك الفرح مع شخصٍ آخر سيكون أمراً عظيماً؛ وهذا شيءٌ سيساعدك؛ لأنَّ خدمة الآخرين تعمل على تحسين علاقاتك:

  • حبُّ الحياة المزدهرة: يريد الكلُّ أن يعرف ما الذي يجعل العلاقات ناجحةً للغاية. عندما سعى الباحثان ليندا وتشارلي بلوم لاكتشاف الأمر، وجدوا قاسماً مشتركاً واحداً: العطاء المتبادل. وإنَّ كتابهما "أسرار الزواج العظيم" (Secrets of Great Marriages) يصف دوافع كلِّ شريكٍ بكونها "مصلحةٌ ذاتية مستنيرة"، حيث نعطي لشريكنا لأنَّه يجلب لنا السعادة.
  • تحسين السمعة: وفقاً لقانون المعاملة بالمثل: عندما تساعد شخصاً ما، فإنَّه يرغب بمساعدتك، والعكس صحيح. فعندما نساعد، ونثبت بأنَّنا جديرون بالثقة بما يكفي للالتزام بالاتفاقية، تتحسَّن سمعتنا، ونصبح مُعطين موثوقين، وليس مجرد آخذين دائمين.
  • الحصول على الأفضل دائماً: أليس من الممكن أن نتفق جميعاً على هذا؟ نعم. كان طلاب الكليات الذين أدُّوا خدمة المجتمع، أكثر قدرةً على العمل بشكلٍ تعاوني، وحلُّوا المشاكل بسرعةٍ أكبر. وحتَّى في الحالات التي لا يحبُّ فيها اثنان من الناس بعضهما كثيراً، فبوسعنا في كثيرٍ من الأحيان أن نقرِّب بينهما بأن نحثَّهما على تقديم معروفين لنا من خلال القيام بمعروف من أجلهم أولاً، أو منحهم هدية.

الإيثار هو الفائز:

"خُلِق جميع الناس من أجل بعضهم بعضاً" - ماركوس أوريليوس.

إنَّ وسائل الإعلام تعشق الزعيم الشهير مثل: جاك ويلش (Jack Welch) من شركة جنرال إلكتريك (General Electric)، والذي أبهر عالم الأعمال بالثورة التقنية التي قام بها.

لكنَّ المساهمين يقدِّرون أيضاً القائد الخادم والهادئ والمتواضع مثل: "جيم سينغال" (Jim Sinegal)، ففي هذه العقود الثلاثة، كانت عائدات شركته كوستكو (Costco) في السوق، ضِعف عائدات جنرال إلكتريك. وهذا ليس بالأمر الغريب.

وبنسبٍ تتراوح من جيدٍ إلى عظيم، درس "جيم كولينز" أداء 1435 شركةٍ على مدى أربعين عاماً لإيجاد الأفضل، ولقد لاحظ أنَّ الشركات الأكثر نجاحاً كانت لديها قيادات تضع الآخرين -وليس أنفسهم- في المقام الأول.

قادةٌ متواضعون، ويتقاسمون الثناء، ويتقبَّلون اللوم، ويظهرون خلفاءهم بمظهر مزدهر.

إنَّه لمن الصعب أن نجادل فيما هو طبيعي. فلقد ولِدنا ونحن نحمل الإيثار بالفطرة، وتطوَّرنا عن طريق معاملة الآخرين بالمثل، ويتحسَّنُ هذا الكون الذي نعيش فيه بتفضيل الجماعة على الفرد.

بالتأكيد، ليس هناك ما يعيب المنافسة السليمة أو المصلحة الذاتية المستنيرة. ولكن هناك مسارٌ واحدٌ واضحٌ للحصول على ما نريد حقاً، وهو: خدمة الآخرين من دون مقابل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة