ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة "سامانثا برودي" (Samantha Brody)، وتُحدِّثنا فيه عن أهمية معرفة قيمنا الأساسية.
ما تريد تحقيقه في الحياة هو مزيج من قيمك الأساسية، وكيف تريد أن تشعر عاطفياً وجسدياً، وإليك مقتطف من كتابي الذي يحمل عنوان التغلب على الإرهاق: "إزالة الضغط من داخلك" (Overcoming Overwhelm: Dismantle Your Stress from the Inside Out)؛ إذ يقدم سبب أهمية تحديد قِيَمك.
قوة القيَم:
تُعرَّف القيم بأنَّها "رأي الفرد فيما هو هام في الحياة"، إنَّ القيم الأساسية هي القيم الأكثر أهمية بالنسبة إلينا، فإذا لم تتوافق الخيارات التي نتخذها كل يوم مع الأمور التي نعدُّها هامة، فسنعيش حياة لا تتوافق مع قيمنا الخاصة، وهذا لا يتعلق بالخيارات الكبيرة فقط مثل من سنتزوج؟ وأين سنعيش؟ بل يتعلق أيضاً بالخيارات الصغيرة التي نتخذها كل يوم مثل ما الطعام الذي نتناوله؟ وما هي مدة استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي؟ وما هي الكتب التي نقرؤها، ومع من نتواصل؟ وما إلى ذلك، كلُّ هذه الخيارات الصغيرة هي التي تشكل مجمل حياتنا.
يبني بعضٌ من الناس قيمهم الأساسية على المعتقدات الدينية أو الروحية حصراً، وبعضهم الآخر يبنيها على معايير المجتمع حصراً، وبعضٌ من الناس أيضاً يشكلون قيمهم وفقاً لقواعد الأخلاق الفردية الخاصة بهم، لكن بالنسبة إلى معظمنا، إنَّها مزيج من هذه الأشياء، موزعة بالتساوي، ولا أحد يملك ذات القيم الأساسية التي يمتلكها أيُّ شخص آخر.
لا تختلف قيمنا الأساسية عن قيم الآخرين فحسب؛ بل إنَّها تختلف أيضاً بمرور الوقت؛ إذ يمكن أن تتغير قليلاً، أو تتغير تغييراً كبيراً، أو قد تبدو مختلفة بحَسَب ما يجري في حياتنا، خذ على سبيل المثال المرأة التي لا تريد إنجاب الأطفال على الإطلاق إلا حينما تتزوج شخصاً يلهمها لتكون أماً، أو خذ المحامي الملتزم بعمله، والذي يصاب بمرض السرطان فجأةً، ويقرر أنَّه يريد السفر حول العالم بدلاً من إكمال عمله.
إنَّ تغيير القيم هو ليس علامة على الضعف؛ بل إنَّه علامة على العقل والقلب المنفتح، نحن نقيِّم ونعدِّل قيمنا عندما نجمع معلومات جديدة، وعندما يصبح لدينا تجارب جديدة، وعندما نتغير وننمو أيضاً، وهذا يعني أنَّنا بحاجة إلى إعادة تقييم قيمنا باستمرار.
شاهد بالفيديو: 5 أسباب تجعلك تمتلك هدفاً في الحياة
تصميم الحياة التي تريدها:
إذا لم تكن صحتك كما تريد، وطاقتك كما تريد، وإذا لم تنعم براحة البال، ولا تعيش الحياة التي تريدها، فإنَّ الوضوح بشأن قيمك الأساسية هو الخطوة الأولى لمعرفة كيفية الوصول إلى حيثما تريد، ويمكن أن يساعدك فحص أفكارك ومعتقداتك واتخاذ الخيارات وفقاً لقيمك على التخلص من الإرهاق وتكوين الحياة التي تريدها.
إذا لم تمحِّص أفكارك ومعتقداتك، فقد تحدُث لكَ عدة مشكلات:
أولاً، قد ينتهي بك الأمر في عيش حياتك وفقاً لقواعد شخص آخر:
ولن تختار الأشياء التي ستقودك إلى المكان الذي تريد أن تكون فيه في حياتك.
ثانياً، إذا كان لديك تناقض بين قيمك الأساسية والخيارات التي تتخذها كل يوم:
فسيكون لذلك تأثير عميق في حالتك المزاجية وصحتك وطاقتك وسيزيد من إرهاقك، ويمكن أن ينطبق هذا الأمر على الأشياء الصغيرة، مثل الخلود إلى النوم في الوقت المحدد، أو على الأشياء الكبيرة، مثل الزواج من شخص قد يبدو شخصاً جيداً، لكنَّه لا يلبي رغبات قلبك.
ثالثاً، يؤدي اتخاذ خيارات لا تتناسب مع قيمك إلى تنافر يلاحظه عقلك الباطن تدريجياً:
وسيؤدي هذا التنافر بعد ذلك إلى الشعور بالانزعاج والقلق والاكتئاب والضيق العام، والذي يمكن أن يتغلغل في أيِّ قرار تتخذه ويؤثِّر تأثيراً كبيراً في حالتك الذهنية وفي جميع جوانب صحتك وعافيتك.
يمكن أن يكون الضغط الناجم عن هذا التنافر، وما يترتب عليه من حوار للنقد الذاتي أمراً بالغ الأهمية؛ إذ يقلِّل من الضغوطات الأخرى التي ترهقك كل يوم، وقد يكون الأمر مزعجاً للغاية، وفي الواقع، سيدفعك عقلك الباطن إلى اتخاذ خيارات للتخفيف من الانزعاج؛ أي الخيارات التي تؤدي إلى إفراز هرمون الدوبامين (Dopamine)، مثل الإفراط في تناول الطعام، أو تناول السكر أو التسوق بلا هدف أو أياً كان الشيء الذي تفضله، وعلى الرَّغم من أنَّ ممارسة أحد هذه الأنشطة يشعرك بالارتياح في تلك اللحظة الحالية، إلا أنَّه في النهاية سيبعدك عن الحياة الأقل إرهاقاً والأكثر راحة.
أنا لا أقول إنَّ اتخاذ الخيارات التي تتوافق مع قيمك الأساسية سوف يعالج صحتك، أو سيؤدي إلى عدم شعورك بالإرهاق أبداً، ولا أقول إنَّنا لا نحتاج إلى التنازل في الحياة في بعض الأحيان، لكن فهم ما هي قيمك هو الأساس لفهم ما يمكنك وما لا يمكنك التخلي عنه، وما يمكنك وما لا يمكنك التحكم فيه، وما يمكنك وما لا يمكنك فعله لتعيش حياة تتوافق مع ما هو هام بالنسبة إليك، الأمر الأساسي هو أن تكون مُدرِِكاً في كل لحظة لما هو هام حقاً بالنسبة إليك، ولماذا تتخذ الخطوات التي تختار اتخاذها.
في الختام:
إليك ما شاركه الكوتشز المحترفون مارك شيرنوف (Marc Chernoff) وآنجل شيرنوف (Angel Chernoff) في صحيفة نيويورك تايمز (New York Times): "إذا كان لديك أمر يسلِّيك الآن؛ لكنَّه سيؤذيك يوماً ما، فهذا الأمر عبارة عن تشتيت لا يتوافق مع قيمك؛ لذا لا ترضَ بالأمر، ولا تستبدل ما تريده حقاً بما تريده في الوقت الحالي، ادرس عاداتك وطقوسك، واكتشف أين يضيع وقتك وطاقتك، وتخلَّص من المشتتات التي لا قيمة لها، فقد حان الوقت للتركيز على ما يهم".
أضف تعليقاً